أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن جاسم الحلو - اضاءات في الترجمة ...اليات واساليب














المزيد.....

اضاءات في الترجمة ...اليات واساليب


مازن جاسم الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 3159 - 2010 / 10 / 19 - 11:50
المحور: الادب والفن
    


تشبه الترجمة بأنها عملية نقل من وعاء إلى آخر ، والمترجم كالفلاح الذي ينقل نباتا من تربة إلى أخرى ، يشترط فيه أن يستوعب ذلك النبات ويوفر له مناخا مشابها لتربته الأصلية . لذلك يشترط فيمن يتصدى للترجمة أن يكون ملما بأسرار لغته الأم فضلا عن اللغة التي يروم النقل إليها ، متوافرا على دراسة متخصصة في أصول الترجمة وقواعدها العلمية ، فالترجمة تسهم بدرجة كبيرة في ردم الهوة الفكرية بين الشعوب وتخطي الحواجز اللغوية بينها ، الأمر الذي يمهد لتلاقح حضاراتها وإيصال نتاجها الفكري في شتى الميادين إلى بعضها البعض .. وشاهدنا على ذلك اللغة العربية التي انصهرت في بوتقتها ثقافات وعلوم الأقدمين لما تميزت به من قدرة كبيرة على النحت والاشتقاق وخزين ثر من المفردات والاستعمالات المجازية .
لسنا هنا بصدد الخوض في تاريخ الترجمة عند العرب ، فذلك موضوع يطول شرحه وقد تصدى له الكثيرون وأوفوه حقه من الدراسة والبحث .. ما يعنينا هنا نقطتان أود التطرق لهما في موضوع الترجمة ، وهما ترجمة التعابير الاصطلاحية idiomatic expressions وترجمة الشعر . ولعل من نافلة القول أن الترجمة مهما حاولت جاهدة أن تتوافر على درجة كبيرة من الدقة والصدق ، فأنها ولاشك سوف تلحق ضررا بالنص الأصلي source text المنقول عنه . وهنا يعن في خاطري درس الترجمة الذي كنا ندرسه ضمن مقررات قسم اللغة الإنكليزية في الجامعة المستنصرية وضمن أحد الأسئلة الأمتحانية التي كان يتوجب الإجابة عنها وردت الجملة التالية It is raining cats and dogs وإذا بأحدي زميلاتنا تترجمها على أنها : ( تمطر قططا وكلابا !! ) في حين أن الترجمة الدقيقة لها ( تمطر بغزارة ) أو المجازية ( تمطر كأفواه القرب ) ، إذ أن غزارة المطر قد شبهت بالقطط والكلاب .. ولعمري أن الترجمة الأولى تستمطر اللعنات الجسام وتفرغ الجملة من محتواها .. وأتذكر التعبير التالي : to face the music والذي شاهدت ترجمته في أحد الأفلام من على شاشة التلفاز على أنه ( مواجهة الموسيقى ! ) الأمر الذي يجعله مدعاة للسخرية في حين أن ترجمته المناسبة هي : ( وجوب تقبل النقد الموجه من قبل الآخرين) وهنالك الكثير من التعابير الاصطلاحية التي تفرغ من محتواها إذا ما تمت ترجمتها بصورة حرفية literal في حين ينبغي تعلمها بوصفها وحدة واحدة إذا ما أردنا إيصال ما تحمله من مضمون إلى المتلقي في اللغة الأخرى.فإذا استعصت هاتان العبارتان على إدراكنا ، فكيف الحال بالشعر الذي يعج بالخيال والاستعارات واللامعقول ويستنفر اللغة ويفجر مكنوناتها وأصواتها وما إلى ذلك ؟!! فالشعر كيان ذو سياقات تاريخية وأدبية وأنثروبولوجية وسيميائية ونفسية وفلسفية وغيرها من عوامل تدخل في صلب تكوينه وتشكل جزءا لا يتجزأ من كينونته ، وعلى الترجمة أن تكون معنية بها كلها ( 1 ).
هنالك من لم يجوز ترجمة الشعر كالجاحظ الذي رأى في ترجمته قتلا لموسيقاه ومحسناته البديعية ، وهو قول يصدق إلى درجة كبيرة لأن على المترجم أن يتفهم ما يعتمل في نفس الشاعر من أحاسيس ومكنونات دفينة يصعب نقلها بكل إرهاصاتها ، فضلا عما يتميز به الشعر من موسيقى وأوزان دونا عن غيره من الأجناس الأدبية الأخرى . وهنالك من أجاز تلك الترجمة شريطة أن يكون من ينبري لتلك المهمة شاعرا كيما يتمكن من أدواته بأحسن ما يرام ، بعبارة أخرى ( ولا يترجم الشعرالا شاعر ) ، وعلى المترجم الذي يتصدى لترجمة الشعر أن يلم بمستويات القصيدة المعجمية والدلالية ، وفوق هذا كله ، أن يحسن الإصغاء إلى منظومة الإيقاع حيث يكمن المعنى الأعمق ؛ إذ أن مهمة المترجم عسيرة في ميدان الأدب ، والشعر تحديدا ! حين تنفتح أمامه دوال تحيله إلى مدلولات شتى ، وتخرج اللغة من شرنقة الاستخدام الاعتيادي لتدخل في دهاليز البديع والمجاز ، مما يتحتم على المترجم في هذه الحال الحرب على جبهتين : الشكل والمضمون (2).
و ينبغي أن نضع نصب أعيينا ونحن نخوض عملية الترجمة وجود بعض التقاليد والفوارق الثقافية بين اللغة الأم المنقول منها واللغة الهدف المنقول اليها التي تكون مقبولة لشعوب ومرفوضة لأخرى مما يحتم على المترجم الجيد أن يكون ذا ثقافة ترقى إلى الموسوعية . من هنا ، نرى أن بعض النصوص التي قام بترجمتها أدباء وشعراء متمرسون تنبض بالحياة وتحلق فينا إلى فضاءات رحبة وصور شعرية خلابة تشعرنا بسحرها كما لو كان النص المترجم مكتوبا بلغته الأم source language ويقف في هذا المجال الأديب الكبير جبرا إبراهيم جبرا وأستاذنا الكبير الدكتور سلمان الو اسطي في طليعة هؤلاء الأدباء الذين قربت ترجماتهم بين النص الأصلي والمترجم ، وانتهت في النهاية إلى تدعيم وترسيخ القصيدة وأغنائها بكل مقومات الانتشار .

(1) ينظر : سيلفانا الخوري : http:// http://www.jozoor.net/main / modules.php?name=News&File=article&sid=688


(2) ينظر : رمضان مهلهل سدخان : http://www.doroob.com/?author =677



#مازن_جاسم_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن جاسم الحلو - اضاءات في الترجمة ...اليات واساليب