وليد الجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 3151 - 2010 / 10 / 11 - 17:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدأت مشكلة الكهرباء منذ شهر كانون ثاني عام 1991بسبب القصف المتواصل على العراق من قبل القوات الأمريكية و الأجنبية لإخراج العراق من الكويت... كانت محطات الطاقة الكهربائية في العراق تعمل باستمرار وتغطي أغلبية مناطق العراق رغم تهالكها..
لقد حذر جيمس ببكر وز يرخارجية أمريكا طارق عزيز وزير خارجية العراق في حينها في اجتماع بينهما إن الحرب القادمة ستعيد العراق إلى عصور ماقبل التاريخ فسخر عزيز من كلام ببكر واعتبره نوعا من الغرور السياسي والعنجهية الأمريكية وانه للاستهلاك العراقي .. ولكن في الحقيقة أن السيد عزيز لم يكن يمتلك الشجاعة بالاعتراف بالحقيقة وكان يطغى على شخصيته غشاوة الانقياد الأعمى للقيادة العراقية آنذاك ..كانت السياسة العامة للعراق لم تكن محسوبة في أدق تفاصيلها وكان القرار السياسي الخطير والبسيط بيد صدام حسين ولا يمتلك إي سياسي أو قيادي في الدولة العراقية إي نسبة مهما كانت يسيرة جدا في التعامل مع الأزمات الدولية والمحلية وحتى تصريحه الإعلامي مقتضب و وفق إرادة ومنهجية قيادة الحزب والثورة التي في الحقيقة هي رأي صدام حسين وحده ولا احد غيره .. وهذه شان كل الأنظمة السياسية في العالم الثالث ..لم يجول في حسبان تلك القيادة إي بعد نظر سياسية لمصلحة الشعب العراقي في التعامل مع الإحداث وبالتحديد في كلام ببكر الذي اتضح وبالأدلة ان ماذكره كان مخططا إستراتيجيا بعيد المدى رسمه دهاقنة الساسة الأمريكان وا لصهاينة ومن لف لفهم لتدمير العراق وإرجاعه إلى ماقبل الثورة الصناعية وهذا ماتحقق فعلا كون الكهرباء احد الأوراق الإستراتيجية لتقدم البلد او تخلفه وضياعه وهذا مايعانيه العراقيين منذ عام 1991 إلى يومنا هذا..وانطلاقا مما ذكرنا عانى الشعب العراقي الويلات والآهات وقاد الانتفاضات ودفع الشهداء والجرحى والمعتقلين سبقا وحاليا على طريق تحقيق طاقة كهربائية مستديمة ومستقرة وكانت الانتفاضات المتوالية منذ عام 2003بداية الإحباط واليأس من شفاء الكهرباء الذي أصبح في نظر الشعب مريضا مزمنا وفي غيبوبة دائمة ويمر مرحلة الموت ألسريري...
انتفاضة الكهرباء لم تبدأ من الصفر...كانت انتفاضة شعبية عفوية لكنها فتية ومستديمة ..انتفاضة واقعية التهبت شرارتها في عروق العراقيين من شدة حرارة الصيف التي لاتطاق والتي وصلت الى أكثر من 52 درجة مئوية و كان وقودها عمق معاناة المواطن العراقي و تذمره ويأسه من إعادة الحياة إلى الكهرباء يتلظى وما لهيب الصيف القاتل الذي يتلظى ب هالا دافعا ومحركا لتلك الانتفاضة فكان تأثيرها في الشارع العراقي من الشمال إلى الجنوب كالنار الملتهبة في الهشيم اليابس .. تحولت أحلام العراقيين إلى يأس محبط وكوابيس مظلمة فاستفاقت نفوسهم على هراوات البوليس المتقاطرة على رؤوس المنتفضين تحت وهج شمس الصيف القاسي وأزيز الرصاص المتطاير من الجهات الأربعة لالشيء لأنهم طالبو بجزء يسير جدا من حقوقهم المشروعة ..من حاجاتهم الإنسانية في الحياة والتي أصبحت لامشروعة في عراق اليوم
اليوم يتمنى العراقي ان يشرب ماء بارد... ان يتمتع ببرامج التلفاز وهو يصارع شدة الحر اللاهب يريد الطالب نسمة هواء كي يستقر عقله وفكره ويتمكن من مواجهة شراسة الامتحان والأعيب المصححين
وعندما يخرج المواطن في تظاهرة سلمية فتتحول الى انتفاضة عارمة وساخنة تستمد سخونتها من سخونة الأوضاع ومن سخونة الجو و النفوس والعقول المرهقة ..وتصطبغ الانتفاضة بالدم المسال... الدم الساخن بمرارة القلوب المدماة من الحزن والبأس واليأس والإحباط...ولكن بدلا من ان يراجع المسئولون عن الكهرباء سياساتهم تجاه المواطن وكيفية صرف المليارات دون جدوى وبدلا من ان يهدئ المسئولون من روع الغاضبين نجد أنهم تعاملوا مع المواطن على انه مدفوع لخلق البلبلة وتهديد الاستقرار...وكل مافعلوه اسقطوا وزيرا لكهرباء وجعلوه كبش فداء وشماعة علق عليها أخطاء وفشل السياسة الحكومية تجاه الكهرباء...
وبدأت المأساة...بالتعامل مع انتفاضة الكهرباء... ليعودا لمواطن إلى أهله محمولا على تابوت الموت أو مضرجا بدمائه ليرقد في المستشفى أيام وأسابيع وقد يعتقل وهو على سريرا لمستشفى..
لقد شكلت انتفاضة الكهرباء ثالوثا مقدسا في عرف الشعب... مزعجا في عرف السلطة كانت منعطفا فاصلا بين الاثنين بين من استشهد فيها ومن جرح ومن اعتقل ولا زال قابعا في دهاليز المعتقل ...هذا هو سرانتشار الانتفاضة وديمومتها في أذهان أصحاب القرار..فيخطئ من يتصوران الديمقراطية هي استرضاء الجماهير على مكاسب السلطة ..ويخطئ من يتصور إن الشعب العراقي قد يدجن ولا حول له ولا قوة وانه قد وضع في جيب الساسة لأنه مقتنع بشعاراتهم البراقة ..ومن يتصور ذلك عليه مراجعة التاريخ جيدا ليرى مصير من سبقوه بعدان توهم ان شعب العراق من الشعوب المد جنة ولكن ماذا كانت النهاية ...
لنقف احتراما وإجلالا... لنبكي حسرة .. لنهتف بأعلى أصواتنا...تحيى ديمقراطية الكهرباء.. لاننا لم نشارك في إيصال صوتنا عسى إن يستحي مسئولي الكهرباء ويؤبنوننا ويشاطروننا مصابا ويسعون مشيا في جنازة شهيد وزيارة مجروح والاسراع في الإفراج عن معتقل كانت مطالبته المشروعة بسويعات من الكهرباء سببا في ذلك ..
لعل المسئول يتذكر خلق العقل الجماعي انتفاضة الكهرباء مستمرة وإذا كانت سابقا نتاج إرادة عشرات أو مئات من المتظاهرين ..فستكون هذه المرة نتاج عقل جماعي واحد من زاخو إلى الفاو وعندها أم يشيع الكهرباء أو يشيع مسؤولية عن المسؤولية ..
#وليد_الجنابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟