أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - في الذكرى الأربعين لرحيله : عبد الناصر...نفتقدك الآن أكثر















المزيد.....

في الذكرى الأربعين لرحيله : عبد الناصر...نفتقدك الآن أكثر


محمود سعيد كعوش

الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم تكن الكتابة عن القائد العربي التاريخي جمال عبد الناصر في يوم من الأيام مجرد تكريم لذكرى ميلاده أو تمجيد لذكرى ثورته أو تأبين له أو تعبير عن حزن في ذكرى غيابه، بل هي أولاً وأخيراً استرجاع لدروس حقبة زمنية عاشت فيها مصر والأمّة العربية معاني العزة والكرامة والإباء والشموخ والإرادة الوطنية الحرة. حقبة نشتاق لها أكثر كلما ازداد بعدنا عنها زمنياً وسياسياً وعسكرياً كما هو حاصل الآن في فلسطين والعراق ولبنان وغيرهم من الأقطار العربية التي تُحاك ضدها المؤامرات الأميركية – الصهيونية الشرسة والمتواصلة.
لا شك في أن حدث رحيل جمال عبد الناصر كان وسيبقى دائماً أحد أبرز وأهم الأحداث العربية التي تفرض نفسها في أوقات استحقاقاتها على كل كاتب سياسي عربي شريف لا بل على كل عقل أو قلب عربي شريف وتستدعي منه التوقف عندها ملياً وطويلاً، إن لم يكن الحدث الأبرز والأهم بينها.
فعبد الناصر كان وسيبقى الزعيم العربي بل العالمي الوحيد الذي أحرص على التوقف في رحاب ذكراه ككاتب سياسي ثلاث مرات في كل عام، في ذكرى مولده المبارك في الخامس عشر من شهر يناير/كانون الثاني "1918" وفي ذكرى قيام ثورته المجيدة في الثالث والعشرين من شهر يوليو/تموز "1952" وفي ذكرى رحيله المفجع في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول "1970".
ولما كانت ذكرى رحيله تستحق هذه الأيام، فإنني أرى أن مقاربتها والكتابة عنها يستدعيان بالضرورة الحديث عن ثورة يوليو/تموز، بكل ما حفلت به من تجربة فكرية وسياسية غنية ومثمرة كان لها الأثر الأكبر والأقوى في تشكيل التيار الشعبي الناصري المتنامي بشكل متواصل في الوطن العربي حتى لحظتنا الراهنة، كما يستدعيان بالضرورة أيضاً الربط المنطقي والعملي فيما بين هذه الثورة وبين شخصية قائد مسيرتها جمال عبد الناصر، الذي كان له ولنفر من ضباط مصر الأحرار فضل القيام بتفجيرها والإطاحة بالملكية البائدة وإعادة السلطة لأبناء الشعب، أصحابها الحقيقيين، لأول مرة في هذا القطر العربي العريق الضاربة جذوره الحضارية والعلمية والثقافية في عمق أعماق التاريخ.
فبرغم مرور ثمانية وخمسين عاماً على تفجر الثورة وأربعين عاماً على غياب قائدها، لم تزل عقول وقلوب المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج مشدودة إليهما وتنبض بحبهما والوفاء لهما. ويدلل على ذلك التهافت الجماهيري المتنامي بشكل مدهش وملفت للنظر على أدبيات الثورة والفكر الناصري والدراسات والأبحاث التي تعرضت لسيرة عبد الناصر كقائد عربي تجاوز بفكره وزعامته الوطن العربي ومحيطه الإقليمي. كما ويدلل على ذلك أيضا تصدر شعارات الثورة وصور القائد جميع الحشود والتجمعات الشعبية التي تشهدها الأقطار العربية في المناسبات الوطنية والقومية والمظاهرات التي تنطلق بين الحين والآخر في هذه العاصمة العربية أو تلك للتعبير عن رفض الجماهير العربية للتدخلات الخارجية وفي مقدمها التدخلات الأميركية وعدم رضاها عن حالة الخنوع التي تتلبس النظام الرسمي العربيالمسلوبة إرادته والمستسلم للمشيئة الأميركية ـ الصهيونية المشتركة ورفضها القاطع للسياسات الاستعمارية - الاستيطانية التي تستهدف الأمة والتي تعبر عن ذاتها يومياً بشتى صور وصنوف العدوان، وبالأخص في فلسطين والعراق.
هذه الحقيقة تستوجب طرح السؤال الأهم: ترى لما كل هذا الحب والوفاء لثورة يوليو/تموز وشخص القائد العظيم، برغم كل ما تعرضا له من مؤامرات ودسائس وعمليات شيطنة وتلويث وتشويه متعمدة ومقصودة من قبل القوى العربية المضادة والأجنبية الاستعمارية - الاستيطانية وبرغم مضي ردح طويل من الزمن على ولادة الثورة وغياب القائد؟ ولماذا تجمدت جميع التجارب العربية الفكرية والسياسية عند أقدام أصحابها وانتهت مع تهاياتهم، في حين بدل أن تنتهي تجربة يوليو/تموز الناصرية مع غياب صاحبها اتسعت رقعة مناصريها وتضاعف الزخم الجماهيري الذي يشد من أزرها ويطالب ببعثها من جديد في جميع الأقطار العربية بلا استثناء؟
بعد قيامه بثورته العظيمة، أظهر عبد الناصر تميزاً لافتاً فن محاكاة عواطف وأحلام الجماهير العربية في الإطار العام والمصرية في الإطار الخاص، وذلك من خلال عرضه للشعارات الرنانة التي رفعتها، تماما مثلما أظهر إتقانا مدهشاً لفن محاكاة أحلام وحاجات وضرورات هذه الجماهير على الصعيدين القومي والوطني وذلك من خلال عرض الأهداف التي حددتها. فقد كان عبد الناصر ابن تلك الجماهير والمعبر عن آمالها وآلامها، مثلما كانت الثورة حلما لطالما راود خيال تلك الجماهير ودغدغ عواطفها. فكل شعارات وأهداف الثورة التي تم عرضها والإفصاح عنها في العلن والتي تفاوتت بين المطالبة بالقضاء على الاستعمار والإقطاع والاحتكار وسيطرة رأس المال وإرساء العدالة الاجتماعية والحياة الديمقراطية ورفع مستوى المعيشة وزيادة الإنتاج وإقامة جيش وطني قوي يتولى الدفاع عن مصر والأمة العربية، جاءت بمجملها متناغمة مع أحلام وحاجات وضرورات المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج، خاصة وأن هؤلاء كانوا لا يزالون تحت وطأة الهزيمة العربية الكبرى التي تمثلت بنكبة فلسطين التي حدثت في عام 1948 والانعكاسات السلبية لتلك النكبة والإفرازات التي نجمت عنها.
وإن لم يقيض للثورة أن تحقق جميع الشعارات والأهداف التي رفعتها وبالأخص في مجال ديمقراطية الأفراد والمؤسسات، لاعتبارات كانت بمعظمها خارجة عن إرادتها وإرادة القائد، مثل قصر عمريهما وتكالب القوى العربية المضادة والأجنبية الاستعمارية - الاستيطانية عليهما، إلا أنه كان لكليهما الفضل الأكبر في التحولات القومية والوطنية التي شهدها الوطن العربي عامة ومصر خاصة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والروحية، وبالأخص في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حيث عرف المد القومي العربي أوج مجده. ولعل من العدل والإنصاف أن نسجل لثورة يوليو/تموز وعبد الناصر نجاحهما في إعلان الجمهورية وإعادة السلطة لأصحابها الحقيقيين وتحقيق الجلاء وإرساء دعائم الاستقلال وتطبيقالإصلاح الزراعي وتقوية الجيش وتسليحه وإقامة الصناعة الحربية وتأميم قناة السويس وتحقيق الوحدة بين مصر وسوريا وبناء السد العالي وإدخال مصر معركة التصنيع وتوفير التعليم المجاني وضمان حقوق العمال والضمانات الصحية والنهضة العمرانية. ولاشك أن هذه منجزات ضخمة وقيمة جدا، إذا ما قيست بالعمر الزمني القصير لكل من الثورة والقائد وحجم المؤامرات التي تعرضا لها.
فالتجربة الثورية الناصرية لم تكن بعد قد بلغت الثامنة عشرة من عمرها يوم اختطف الموت على حين غرة عبد الناصر وهو يقوم بواجبه القومي في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته وثورته. لكنها وبرغم ذلك تمكنت من إثبات ذاتها وفرض نفسها على الجماهير العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج، من خلال طرحها المشروع النهضوي القومي العربي الحقيقي المنشود، الذي لطالما حلمت به وأحست بحاجتها الماسة إليه، ومن خلال حمل القائد أعباء قضايا الأمة والتعبير عن آمالها وآلامها وشجونها حتى لحظات حياته الأخيرة.
لقد كانت ثورة 23 يوليو/تموز نتاج مرحلة تاريخية بالغة التعقيد، عصفت بمتغيرات إقليمية ودولية فرضتها نتائج الحرب الكونية الثانية مثل بروز الولايات المتحدة وروسيا "الاتحاد السوفيتي في حينه" كقوتين عظميين وحدوث نكبة فلسطين وولادة "إسرائيل" قيصريا في قلب الوطن العربي. لذا كان بديهيا أن تتشكل معها الحالة النهضوية القومية الوحدوية البديلة للواقع العربي القطري المفكك والمشرذم. وكان بديهيا أن تتشكل معها الحالة الثورية الوطنية التقدمية البديلة لحالة التخلف والإقطاع والاستبداد والرأسمالية الغربية والشيوعية الشرقية، من خلال بروز عبد الناصر كقطب من ثلاثة أقطاب عالميين كان لهم شرف تشكيل معسكر الحياد الإيجابي الذي تمثل بمجموعة دول عدم الانحياز. والقطبان الآخران كما نعلم كانا زعيم الهند الأسبق الراحل جواهر لال نهرو وزعيم يوغوسلافيا السابقة الراحل جوزيف بروز تيتو.
فعلى امتداد أربعة عقود أعقبت رحيل عبد الناصر، مُنيت جميع التجارب الفكرية والسياسية العربية بالفشل الذريع، لأنها بدل أن تشكل البديل الذي يحظى بثقة الجماهير العربية وتأييدها قادت الأمة من خيبة إلى خيبة أخرى أكبر وأدهى وأمر. وقد أخذ على تلك التجارب منفردة ومجتمعة أنها بدل أن تتناول التجربة الناصرية بحالتها الثورية وشخصية صاحبها الفذة بالتقييم المنطقي المجرد والنقد الموضوعي البناء على ضوء ما حققته من إنجازات وما وقعت به من سقطات وعلى ضوء الظروف الداخلية والإقليمية والدولية لغرض تصحيحها والبناء عليها، اختارت مصادمة الجماهير من خلال طرحها مفاهيم جديدة اتسمت بروحية انقلابية عدائية وتغيرية، الأمر الذي أدى إلى لفظ الجماهير لها ولتلك المفاهيم وبقائها على وفائها للثورة والتجربة والقائد.
الآن وبعد كل ما أصاب الأمة وألم بها من نكسات ونازلات ومصائب وكوارث وبعد أن باتت المخاطر تتهدد كل قطر عربي وبيت عربي ومواطن عربي في الوطن الكبير من محيطه إلى خليجه في وجوده واستمراره، ترى ألم يحن الوقت بعد ليقر ويعترف القادة العرب بحالة التميز التي شكلتها ثورة 23 يوليو/تموز، بتجربتها وشخص قائد مسيرتها، بحيث نتوقع في قادم الأيام أن يخطوا خطوة إلى الأمام تحفزهم على تقييم التجربة ونقدها بشكل بناء وموضوعي لأخذ العبر من مواقع نجاحها وتصحيح مكامن إخفاقها، ووضعها موضع التطبيق العملي والبناء عليها، لإخراج الأمة مما هي عليه من تفكك ووهن وضعف واستكانة؟ أظنه عين الحكمة!!
كوبنهاجن في 2010
محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني
[email protected]
[email protected]



#محمود_سعيد_كعوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة صبرا وشاتيلا : وصمة عار تتجدد ذكراها في كل عام


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - في الذكرى الأربعين لرحيله : عبد الناصر...نفتقدك الآن أكثر