أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنان بكير - الحيوان بين ثقافتين!














المزيد.....

الحيوان بين ثقافتين!


حنان بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 09:10
المحور: كتابات ساخرة
    


كنت لمّا أزل حديثة العهد في بلاد الفايكنغ، ولم تغادرني بعد الدهشة الأولى.. فهذه العوالم الأسطورية لم نكن لنراها، الا في بطاقات المعايدة في فترة عيد الميلاد... مشهد البيوت الخشبية الغارقة في الثلوج، والاشجار التي تجللت واختبأت في البياض الذي محا كل الالوان من الطبيعة..
كان يومي حافلا، ورشة عمل استهلكت نهارا كاملا. القاعة الكبيرة احتوتنا من جنسيات والوان ولغات وثقافات مختلفة، وبأزياء وطنية متباينة. ما أثارني هو التركيز على الفروقات الثقافية، فيما انبريت ابحث عن المشترك بين هذه الثقافات المتباعدة والتي اختارت النرويج ملاذا لها..
عدت مساء الى البيت، كانت حاجتي لفنجان قهوة امام وجاق النار كبيرة ومثيرة.. جلست ارقب ألسنة اللهب تتراقص ولا تجرؤ على مغادرة مكانها.. ومن واجهة زجاجية كبيرة في غرفة الجلوس ، أرقب كيف تحولت الحديقة الى بستان ثلوج، وأغصان شجرات التفاح تنقر نقرا متقطعا على زجاج نافذتي كلما هبت الريح..
هاتفي الجوّال يعلن استلامي رسالة.. أخذت الهاتف بكسل وبلادة.. " ماما.. انا تعبانة جدا فقد عملت طوال النهار، ومضطرة ان اعمل ليلا، كل ما أحلم به هو الاسترخاء في سريري، أين انت الآن؟" انها رسالة من ابنتي.. " انا في البيت احتسي قهوتي واسترخي امام وجاق النار!" أجبتها.
مرة ثانية يعلن جوالي وصول رسالة. قرأتها، فانتفضت مذعورة كمن لسعتني أفعى.. غادرني التعب، وهجرني النعاس الذي كان قد بدأ بالتسلل الى عيني... أعدت قراءة الرسالة، علّني اكون قد اخطأت في القراءة.. لا القراءة صحيحة.. م م م.. اسرعت الى اكبر قاموس لدي، أعلل النفس بايجاد خطأ ما، لا فقد فهمت الرسالة جيدا.. ألا يمكن ان تكون الرسالة قد وصلتني عن طريق الخطأ.. أعدت قراءتها.. انها من ابنتي !!
تلك الليلة لم اعرف النوم، قضيت الليل أجوب البيت طولا وعرضا ، صعودا وهبوطا بين الطابقين.. ولا اتوقف عن التفكير، برسالة من كلمتين قد أخذتني الى حالة شبه هستيرية! هل يعقل ان تخاطبني ابنتي الصغرى ودلوعتي بمثل هذه الالفاظ!! فقد كانت رسالتها فقط " هيلدي غريس" اي " خنزيرة محظوظة"، الم تجد اجمل من صورة الخنزير لتشبهني بها؟
في الرابعة صباحا حضرت ابنتي منهكة، واستغر بت بقائي مستيقظة ومتوترة.. أفهمتني ان هذا تعبير نرويجي شائع، وكثير الاستعمال في الحالات التي نغبط اصحابنا على حظ او نجاح يصيبونه، ولا يحمل اي معنى للاهانة ! عقدنا حوارا مطولا، حول الفروقات الثقافية مجددا !
قالت لي، ان ثقافتي تمارس ازدواجية في المعايير! صفاتنا الجمالية نستعيرها من الحيوانات.. ألا نقول ان عيونها جميلة كعيون المها؟ والمها حيوان.. الا نقول انها رشيقة كالغزال، اليس الغزال حيوانا؟ وطويلة الرقبة كالزرافة.. جميلة كالطاووس.. ونشبه الاصوات الجميلة بصوت الكروان والبلبل.. وحتى صفاتنا الجميلة هي مستمدة من الحيوان.. ألا نقول في تشبيهاتنا انه نشيط كالحصان، ووفي كالكلب، وصبور كالجمل، وقوي كالأسد، ويعمل بكد كالحمار، وانه في صراعه عنيد كالتيس؟ فاذا كانت كل صفاتنا الجسدية والنفسية، نستمدها من الحيوانات، فلماذا نغضب ونثور ونعتبرها اهانة، اذا ما قيل لنا يا حيوان؟؟ شهقت ودهشت كيف كبرت تلك الصغيرة في غفلة مني، واصبحت تعطيني دروسا في اختلاف الثقافات؟؟



#حنان_بكير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابحار في الذاكرة
- رحلة شاعر عبر التاريخ والشعر
- أعداء الحياة يغيّرون وجهة الصراع
- جغرافية الهوس الديني
- جامعة بيروت العربية... صرح علمي يتألق التغيير بين الرؤية وقو ...


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنان بكير - الحيوان بين ثقافتين!