أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جمعية اطاك المغرب لمناهضة العولمة الرأسمالية مجموعة طنجة - في خلفية النضال والمناهضة للعولمة الرأسمالية















المزيد.....



في خلفية النضال والمناهضة للعولمة الرأسمالية


جمعية اطاك المغرب لمناهضة العولمة الرأسمالية مجموعة طنجة

الحوار المتمدن-العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 22:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في خلفية النضال والمناهضة للعولمة الرأسمالية

تقديم:

في ظل التراكم الميداني الذي حققته جمعيتنا أطاك لمناهضة العولمة الرأسمالية بفعل ارتباطها ودعمها لكل الاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون ضحايا العولمة وسياساتها ومخططاتها، من عمال مسرحين، شباب معطل، ضحايا الغلاء والخوصصة..الخ أصبح من الضروري شرح منطلقاتنا وأهدافنا وسبل عملنا في الميدان، بشكل أوسع وأعمق، لكي تتضح الصورة لكل المتعاطفين والمساندين والمقدرين لحركتنا.

تعريف للجمعية أطاك:

جمعية أطاك جمعية مناهضة للعولمة الرأسمالية، تنخرط في النضال العام الذي تخوضه الطبقات العاملة وحلفائها والغالبية الساحقة لسكان الأرض، فقراء وضحايا النظام الرأسمالي من فلاحين، وحرفيين، ومهمٌشين، ومحدودي الدخل من الموظفين والمستخدمين، والعاطلين، والمعطلين المسرحين من معاملهم وشركاتهم ومقرات عملهم بالإدارات، وحاملي الشهادات الذين لم ينعموا قط بشغل بعد التكوين والكد والجهد المضني، والمتقاعدين، وسكان القرى والبوادي والمناطق النائية..الخ
جمعيتنا جمعية مكافحة، صدامية، تتخذ من الاحتجاج، التشجيع، والتربية على الاحتجاج من أجل تنظيمه والرقي به إلى مستوى الأدوار التي من المفروض أن يشارك بها ضمن وسائل النضال الأساسية، يعني السياسية والاقتصادية والفكرية.
والجمعية جزء لا يتجزء من حركة التثقيف الشعبي المقاومة للسوق وشروطه وقوانينه الطبقية المجحفة، حركة مقاومة ومناهضة للخوصصة والبطالة والغلاء والإجهاز على قطاع الخدمات العمومية.. حركة مناهضة للعولمة الرأسمالية، للبرالية بوجهيها الكلاسيكي والحديث، للإمبريالية ومخططاتها، في آخر المطاف والتحليل.
وبالتالي فمساهمتنا الميدانية عبر المشاركة في الاحتجاج، وعبر التنديد لما تتعرض له الاحتجاجات الشعبية من حصار وقمع ومنع ومتابعة ومحاكمة المحرضين والمنظمين للاحتجاجات.. لا تشكل سوى التجسيد العملي لهويتها التقدمية والكفاحية.

أطاك الميلاد والنشأة:

تأسست جمعية أطاك بفرنسا في يونيو 1998، ليبلغ عدد منخرطيها بعد سنتين 28 ألف عضو إضافة للجمعيات المؤسسة و180 لجنة محلية، تم تأسيسها على يد عدد من الشخصيات، تنتمي لمنظمات مختلفة الاهتمامات ومتباينة الطبيعة، كالفدرالية النقابية للأجراء، وحركات العاطلين والمعطلين، والكنفدرالية الفلاحية، وبعض هيئات التحرير الخاصة ببعض الصحف والمجلات التقدمية وكذا بعض الجمعيات الحقوقية المحلية والأممية..الخ
في البداية، انخرطت الجمعية في حركة النضال من أجل المطالبة بإخضاع حركات المضاربات الرأسمالية للضريبة ومراقبتها، بما يشكله ذلك من مقاومة لدكتاتورية الأسواق.
ويمكن الإشادة في هذا الصدد بالدور البارز الذي لعبته هيئة تحرير جريدة "لوموند دبلوماتيك" الفرنسية، بعد افتتاحية صاغها مديرها "راموني" في شهر دجنبر 1997، والتي اقترحت ضرورة تنظيم وتجميع وتوحيد القوى لمقاومة الأسواق المالية الدولية على نحو أفضل وبشكل جدي.
تمت الاستجابة لدعوته هذه، وكان التعاطي إيجابيا مع مقترحه، مما دفع بهيئة التحرير بالدعوة لاجتماع موسع يحضره جميع المهتمين، فانطلق المشروع كالنار في الهشيم بوتيرة فاقت ألف عضو شهريا بفرنسا، لتتلقفها البلدان الأخرى بنفس الحماسة.
إلى جانب الدور الإيجابي والمحفز المشار إليه أعلاه، والذي لعبته هيئة تحرير جريدة "لوموند دبلوماتيك"، لا يمكن إغفال الشروط الموضوعية التي انبثقت في ظلها حركة المناهضة للعولمة الرأسمالية بشكل عام، فظروف الانهيار التي عرفتها منظومة أوربا الشرقية كمنظومة "اشتراكية" اختار حكامها بدائل ادٌعوا أنها نقيضة ومنافسة لنمط الإنتاج الرأسمالي.. أثرت على مجرى الأحداث وسرٌعتها بانتشار مفاهيم وخطابات مفكري وإيديولوجيي الإمبريالية حول "نهاية التاريخ" و"انتهاء عصر الإيديولوجيات" وبروز "النظام العالمي الجديد"..الخ مما ساهم بشكل كبير في تراجع الوعي الجماهيري، وبالتالي تقلص مساحة النضال النقابي والسياسي والفكري في أوساط العمال والشبيبة التعليمية وجماهير الكادحين بشكل عام.
في هذا الإطار استحوذ القطب الرأسمالي الإمبريالي على زمام الأمور بقيادته للعالم وبتحكمه بالحديد والنار في مصير البشرية باسم "النظام الجديد" و"حقوق الإنسان" و"التنمية البشرية"..الخ وهو ما دفع بحركات المناهضة للرأسمالية والحركات السياسية اليسارية التابعة والذيلية للمنظومة "الاشتراكية" ولـ"منظومة عدم الانحياز" إلى التراجع والارتباك والتقهقر في أكثر من ميدان، وفي أكثر من موقع ويمكن في هذا الصدد تسجيل تراجع النضال النقابي وتقلص الانخراط في الاتحادات الشبيبية والطلابية والنسائية التقدمية، إضافة للمنحى الذي اتخذته العديد من الأحزاب والمنظمات الشيوعية واليسارية الاشتراكية.. باختيارها التحلل الذاتي، وفي أدنى الحالات تغيير الهوية والاسم، وكذا البرامج للبعض منها! ناهيك عن فرار وانسحاب المفكرين والمثقفين والصحافيين التقدميين من ساحة الصراع السياسي والثقافي الإيديولوجي الذي كانت لهم فيه الريٌادة إلى حدود بداية التسعينات، لتنطلق تنظيرات وتبريرات "الاستقلالية" و"المهنية" و"خصوصية المجال"..الخ
ردا على الجزر الكاسح هذا، انطلقت بعض الحركات الاجتماعية، وحركات الأقليات، والمطالبين ببعض الحقوق لرفع التهميش عنهم، وبشكل خاص حركة المعطلين والنساء وجميع المتضررين من انعكاسات الأزمات والهزات الاقتصادية التي عرفتها بلدان شرق آسيا، البرازيل، الأرجنتين، روسيا وأمريكا..الخ بقوة في الميدان.
انطلقت الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية وللشروط الجديدة التي أطلقتها السياسات اللبرالية الجديدة وضواريها المنفلتة من عقالها، في شكل إضرابات واحتجاجات ومسيرات وملتقيات أممية، نذكر منها إضرابات فرنسا وحركة الزباطيين بالمكسيك سنة 96، هذه الحركة التي كان لها دورها في انعقاد التجمع الأممي تحت شعار، "مواجهة اللبرالية الجديدة" التي أسفر بعدها عن دعوة حركة الشعوب للوحدة من أجل مقاومة هذه الأوضاع.
ضمن هذه الحركة انطلقت حركة المنتديات الاجتماعية الشبيهة إلى حدٌ ما بحركة أطاك، وعقدت العديد من الملتقيات وأقامت المسيرات والاعتصامات بكل من بانكوك، بورتو أليكري، جنيف، سياتل، جينوا، بومباي، الرباط، باماكو..الخ صدرت عنها عدة مواثيق وبيانات وتوصيات لم تتأخر أطاك عن المساهمة فيها والتوقيع عليها.. وأبرز المواثيق كانت، ميثاق بورتو أليكري وبيان بومباي، وأبرز حدث كان هو نسف مؤتمر منظمة التجارة العالمية بسياتل، واستشهاد المناضل جوليانو بمظاهرات واعتصامات جينوا.

أطاك النشأة والمسار:

منذ الانطلاقة والتأسيس، عرفت الحركة هيمنة ملموسة للاتجاهات الديمقراطية اللبرالية المعروفة بمواقفها وشعاراتها التي لا ترى في العولمة سوى "الجناح المتوحش" الذي يرفض اتفاقية كيوطو، وضريبة طوبين، ويشجع دكتاتورية الأسواق، والجنات الضريبية واتفاقيات التبادل الحر، وبرامج التقويم الهيكلي وما تحتويه من خوصصة وتفويت لمؤسسات الخدمة الاجتماعية بالنسبة لدول المديونية..الخ
وهو الوضع الذي لا ينفي وجود ومساهمة التيارات اليسارية الماركسية بكل ألوانها وتعبيراتها، وكذا الاتجاهات النقابية الثورية والتيارات الراديكالية والفوضوية، وحركات الخضر البيئوية وبقايا الهبيين والمهمشين..الخ
تطورت الحركة المناهضة للعولمة، وتطورت ضمنها قاعدة أطاك وأفكارها، وتنوعت التجارب بالاحتكاك مع حركات ذات نفس المضمون، ولعبت في هذا الإطار، التنسيقيات الجهوية والقارية والمنتديات العالمية المناهضة لدكتاتورية السوق، الدور البارز في نشر ثقافة الاحتجاج على أسس جديدة، وتحت قيادات جديدة، ومن خلال آليات وقواعد جديدة أعطت نفسا جديدا لكل الحركات المناهضة لمضاعفات السياسيات الرأسمالية على واقع ومستقبل الغالبية الساحقة من المواطنين ساكنة الأرض.
بالنسبة لأطاك المغرب، فقد تأسست بمبادرة من مجموعة من المناضلين التقدميين المنتسبين لمختلف الحساسيات اليسارية الاشتراكية. تأسست بداية كجمعية لتضريب المعاملات المالية لصالح المواطن وفق ما تعنيه حروفها اللاتينية ATTAC، وكان ذلك يوم 15 يونيو 2000، لتعقد مؤتمرها التأسيسي يومي 14/15 يوليوز 2001 بالبيضاء تحت شعار "لنناضل جميعا ضد العولمة اللبرالية" لتتحول بعدها إلى حركة تتجاذبها الصراعات والاجتهادات حول المفاهيم والبرامج وأساليب العمل والتنظيم..الخ حركة تتشكل الآن في شكل جمعيتين بنفس الاسم أطاك وفروع ومجموعات عمل متباينة من حيث القاعدة والأداء، ومختلفة من حيث الأنشطة والبرامج وأولوياتها في الميدان..الخ
وعلى العموم، وبالرغم من شح الوثائق والتوصيات الصادرة عن مؤتمرات الجمعيتين، فيمكن تسجيل الصدى الإيجابي للحركة، وبشكل خاص مجموعة طنجة وبعض المجموعات الأخرى بكل من الرباط، البيضاء، سيدي إفني، أكادير، وزاكورة وآسفي..الخ من خلال الحضور الميداني الذي يسجله نشطاءها إلى جانب حركة المعطلين من حاملي الشهادات، وحركة المناهضة للغلاء، والحركة الطلابية، والحركات المساندة لنضالات الشعبين العراقي والفلسطيني، والحركات المناهضة لخوصصة قطاعات الماء والكهرباء والنقل الحضري والصحة والتعليم.. والحركات المساندة لنضالات الطبقة العاملة ضد التسريحات وإغلاق المعامل والشركات..الخ كلها حركات سجلت خلالها حركة أطاك حضورها الميداني والمبدئي المتميز مما خلف لنشطائها سمعة إيجابية داخل الأوساط الجماهيرية المناضلة.
على مستوى الأوضاع الداخلية، حملت الحركة في قلبها وما بين طياتها جميع خلافات اليسار الاشتراكي المعارض، وبالإضافة للأوضاع التنظيمية المهترئة، انتصب الصراع واحتد حول من سيفوز بالهيمنة على أول تجربة منظمة مناهضة للعولمة، ما بين تيارين سياسيين، تيار يعتبر نفسه الوريث الوحيد لحركة اليسار الاشتراكي الجذري ـ النهج الديمقراطي ـ وبين تيار جديد يعتبر نفسه البديل لحركة اليسار الاشتراكي بالمغرب، تيار أممي/الأممية الرابعة، عمل جاهدا ومنذ انطلاق تجربة أطاك لتحويلها بوقا سياسيا وفكريا له، واستعمالها قنطرة لحشد الأعضاء واستقطاب المنخرطين الجدد لمصلحته ـ تيار المناضلة التروتسكي ـ
انتهى الصراع كما هو معلوم لدى الجميع، إلى تشكيل أطاك جديدة أو موازية تحمل نفس الاسم، أو بمعنى أصح تم التأسيس لأطاك على مقاس الرفاق من أنصار الأممية الرابعة/تيار المناضلة، ليستمر نفس الصراع بوتيرة أقل حدة من السابق لكنه ساهم مع ذلك في تعطيل عمل وهياكل الجمعيتين سواء بسواء، على الرغم من احتفاظ بعض الفروع القليلة من التجربتين، بتواجدهم العملي والميداني داخل الساحة الاحتجاجية.
وإذا كانت الصراعات في جلها اتخذت المسألة التنظيمية واجهة لها، فلا يمكن إغفال بعض الممارسات الانتهازية التي كانت محط خلاف وانتقاد، والتي كانت تطفو بين الفينة والأخرى، ونخص بالذكر الاهتمام الملفت والمريب بالسفريات المبرمجة لبعض اللقاءات الأممية.. والتي تبين فيما بعد فواح رائحة مدبريها، الذين تم التشهير بهم على صفحات الجرائد وعبر المنتديات الالكترونية، استعمالها الزبوني الحزبوي كقنطرة لتهجير الشباب العاطل نحو أوربا وفقط.

منطلقات أطاك في النضال ضد العولمة الرأسمالية:

يجتذب الحركة تيارين أساسيين، تيار يعتبر أن أصل البؤس والفقر والبطالة والتهميش.. في عصرنا الحالي وفي بلادنا بالأساس، هو الرأسمالية وأنظمتها السياسية وكل المؤسسات الاقتصادية والمالية المرتبطة بها.. بعدا أن زادها غطرسة وعجرفة وطغيان، انهيار أنظمة أوربا الشرقية ونهاية عصر التقاطبات وعهد سياسة الرعاية الاجتماعية التي كانت تنفذها بقوة أنظمة أوربا الشرقية وأنظمة دول عدم الانحياز والغالبية الكبرى من دول "الرفاهية الرأسمالية"..
أما التيار الآخر، فينصب نفسه مناهضا لتأثيرات ومضاعفات اللبرالية في نسختها الجديدة، أي ما يسمى بالنيولبرالية أو اللبرالية المتوحشة، مما يرهنه ويدفع به للالتزام ببرامج وأجندة الجهات المقررة والموجٌـِهة للحركة من قلب دول "الرفاهية الرأسمالية" المفتقدة، وأساسا فرنسا، كالنضال ضد الحروب، والجنات الضريبية، والمديونية، والضرر البيئي، ومناطق التبادل الحر..الخ نضالات لا نرفضها ولا نؤجلها بقدر ما لا نعطيها الأولوية على حساب الملفات المهمشة عن وعي أو عن غير وعي، الملفات الاجتماعية ذات الأولوية، الملفات الشائكة التي تنخر مجتمعنا وتمنعه من الانطلاق نحو التحرر والقضاء على نظام الاستبداد والاستغلال الرأسمالي المتعفن، ملفات البطالة والغلاء والحرمان من التعليم وضرب مجانية الاستشفاء، وخوصصة النقل العمومي وخدمات الماء والكهرباء والهاتف..الخ
فماذا نعني بالعولمة؟ وهل العولمة حديثة العهد، مرتبطة بظهور الاتجاه المتوحش داخل الخطاب والسياسة اللبرالية، أم هي متأصلة في النظام الرأسمالي من أساسه؟ ذلك ما سنحاول توضيحه والإجابة عنه.
فمنذ بداية السبعينات، أسدل الستار على مرحلة أنظمة الرفاهية والرعاية الاجتماعية، وانتصب الخطاب النيولبيرالي ضدا على الخطاب الكينزي المتهاوي، الذي عاش فترة ازدهاره بعد نهاية الحرب الإمبريالية الثانية، والذي ينص على تدخل الدولة لضبط التوازنات الاقتصادية من جهة، وعلى ضرورة سهرها على حماية اجتماعية لمصلحة الشغيلة وصغار ومتوسطي الموظفين وغالبية المواطنين من ذوي الدخل المحدود، من أجل بناء وتوطيد السلم الاجتماعي داخل المجتمع.. تكرست هذه السياسة بشكل قوي وبارز، أواخر السبعينات على عهد زعيمي القطب الإمبريالي، تاتشر وريغان.
خلال التسعينات سيطر مصطلح العولمة وفرض نفسه على الساحة، وانطلقت استعمالاته في المجال الاقتصادي لتشمل بعدها جميع الميادين الأخرى، السياسية والعسكرية والثقافية..الخ وسارعت حينها العديد من الأقلام اليسارية للدلو بدلوها في هذا الاتجاه، محاولة شرح المصطلح وما يرتبط به من مفاهيم ظلت ولحدود الآن محط نقاش وخلاف واجتهاد في صفوف اليساريين والاشتراكيين الماركسيين وغيرهم من التيارات التقدمية الأخرى.
وبالرجوع إلى البدايات من عهد الفكر اليساري الاشتراكي العلمي، عهد القادة الشيوعيين الأوائل ماركس وإنجلز وبيانهم الشهير، البيان الشيوعي، سنجد الكلام عن اتجاه الرأسمالية نحو العالمية والتدويل، بالرغم من جنينيتها آنذاك بحيث ما زالت سيطرة الإقطاع وجميع أنماط الإنتاج السابقة عن الرأسمالية، سائدة مهيمنة على غالبية المناطق والشعوب.
فمنذ أن تقدم ماركس وإنجلز ببرنامجهما لرفاقهم الشيوعيين ولكافة الطلائع البروليتارية آنذاك، والمناضلة من أجل القضاء على الرأسمالية، ومن أجل تشييد المجتمع الاشتراكي بديلا عنها، تناولا طبيعة النظام الرأسمالي المتجه بالضرورة نحو "العولمة" أو "التدويل".
لقد أشارا من خلال بحثهما وتحليلهما لنمط الإنتاج الرأسمالي ولكافة مراحل تطوره واتساعه آنذاك، إلى هذا الاتجاه، معتبرين أن الدولة القومية تشكل عرقلة وكبح واضح لدينامية الإنتاج الرأسمالي بما تشكله حدودها وحدود الدول بشكل عام من حماية ضد توسع الرأسمال والإنتاج والمبادلات وغزو الأسواق "خلقت الصناعة الكبرى السوق العالمية، هذه السوق التي ساعد اكتشاف أمريكا على خلقها. سرٌعت هذه السوق العالمية نمو التجارة والملاحة وطرق المواصلات تسريعا مذهلا" ويضيف البيان "أعطت البرجوازية، باستغلالها للسوق العالمية، طابعا عالميا لإنتاج جميع البلدان واستهلاكها.. ورغم أسى الرجعيين العميق انتزعت البرجوازية من الصناعة قاعدتها القومية. فالصناعات القوية القديمة دُمٌرت، ويلحق بها مزيد من الدمار، وحلت محلها صناعات جديدة أصبح تبنيها، من جميع الأمم المتحضرة مسالة حياة أو موت. ولم تعد هذه الصناعات تستخدم المواد الأولية المحلية، بل مواد أولية آتية من أكثر المناطق بعدا، وتستهلك".
فقرتين من البيان الشيوعي ما زالت تؤكد على راهنيته، وعلى عمق التحليل المعتمد، وعلى مدى علمية الأفكار، وقوة المهام التاريخية التي نادى بها.
لقد عبرت أفكار البيان بجلاء على انسجام ووضوح الأفكار المؤسسة للفكر الشيوعي الحديث، الفكر البروليتاري المناهض للرأسمالية ولجميع الأفكار البرجوازية والرجعية.. لم يكن ماركس مجرد فيلسوف مثقف يعمل جاهدا لتفسير العالم وطبيعة المجتمع والنظام الرأسمالي وفقط، بل كان مواظبا على العمل الثوري الميداني والمساهمة السياسية والفكرية والتنظيمية من أجل تغييره.
لقد باشر تحليل المجتمع الطبقي الرأسمالي في العديد من مؤلفاته، مفسرا التناقض والتعارض بين البرجوازية والبروليتاريا.. درس المجتمع والقوانين الأساسية لوجوده وتطوره، وتوصل للإجابة عن أسئلة من أين يأتي الرأسمال؟ وكيف تتراكم الأرباح؟ وكيف يستغل الرأسمالي العامل؟ ومن أين يتشكل فائض القيمة؟ وبأية صورة يمكن تغيير المجتمع؟ ومن هم المعنيون بالتغيير؟ ومن هي الطبقة المؤهلة لقيادة المطالبين بالتغيير؟..الخ
لقد عالج حينها جميع الظواهر المرتبطة بالرأسمالية، ولن يستعصي الأمر على المناضلين الماركسيين الآن متابعة نفس المنهجية العلمية، فإذا كان المقصود بـ"العولمة" هو التدويل وعالمية الإنتاج والتجارة والمبادلات.. فذلك من طبيعة الرأسمال والرأسمالية، ولن يختلف عنه ماركسيان، أما إذا اتجهت التحاليل لاعتبار "ظاهرة العولمة" ظاهرة جديدة، تستوجب الانغلاق والتقوقع حول "الدولة القومية"، وهو خطاب رجعي تستعمله الآن وبقوة جميع الحركات الشوفينية والعنصرية الأوربية لتبرير عدائها للعمال الأجانب، عمال الشرق والجنوب وأمريكا اللاتينية، وتقديمهم كمتسببين رئيسيين في البطالة، ولا يقفون عند هذا الحد، بل يحمٌلونهم مسؤولية الأزمة الاقتصادية لما يأتي من بلدانهم من منتوجات رخيصة من جهة، أو بسبب النزيف الذي تعرفه الاستثمارات في اتجاه بلدان الجنوب والشرق، فتلك آراء يجب ردعها وفتح الصراع ضدها لقطع الطريق عنها ومنعها من الانتعاش داخل حركة أطاك المناهضة للعولمة، وفي قلب الجماهير المتضررة من سياسات ومخططات العولمة.
بعض التحاليل ذهبت لأبعد من هذا لتعتبر أن العولمة مرحلة جديدة في تطور النظام الرأسمالي تجاوزت بمعطياتها المرحلة الامبريالية، بعد أن هيمن الرأسمال المضارباتي أو رأسمال "الكازينو" المقامر، صاحب مبدأ "الاستنكاف عن الإنتاج أفضل من إنتاج غير مربح"، على مسار وتطور جميع أشكال الرأسمال، أي بما فيها الرأسمال المالي المهيمن ضمن المرحلة الامبريالية، وهو ما لا نتفق معه كتحليل وكنتائج.
أقرب التحاليل لمجموعتنا، تعتبر العولمة جزءا من العولمة الرأسمالية الامبريالية لما تشكله من امتداد لعملية التطور الرأسمالية التي لم تعرف التوقف عن الحركة والصراع والتوسع والنمو.. على اختلاف المراحل، وتجارب الشعوب، ومناطق الانتشار، من المركز إلى المحيط ومن الشمال إلى الجنوب، ومن الغرب إلى الشرق..الخ
فمنذ المرحلة الجنينية لنمط الإنتاج الرأسمالي التي انطلقت خلال القرن الخامس عشر، مرورا بالقرنين الثامن والتاسع عشر التي رسخ خلالها أقدامه مناديا باللبرالية والمزاحمة الحرة، لم يعرف هذا النظام الاقتصادي سوى التطور والاتساع. وخلال نهاية القرن التاسع عشر انطلق بحماسة إلى مرحلته النهائية الممتدة إلى الآن، المرحلة الامبريالية وعصر الاحتكار، أو عشية الثورة الاشتراكية، كما سماها حينها الرفيق لينين، وهو ما نعتبره بديلا وحيدا وأوحد، قادرا على تجاوز نظام العولمة الرأسمالية التي أرخت بظلالها على مجموع الكرة الأرضية لحد خنق الغالبية الساحقة من ساكنتها، مهددة النوع البشري بالانقراض.
وقد تميزت عطاءات لينين الفكرية، بالمناسبة، أعظم الإنتاجات في هذا المضمار عبر تحليله للمرحلة الامبريالية التي اعتبرها، عن حق وعن تحليل وبعد نظر، أعلى مرحلة في تطور الرأسمالية.
وبالرجوع لمؤلفه القيٌم هذا "الامبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية" والذي يعتبر من أروع مؤلفاته التي تحظى بالإجماع والتأييد داخل صفوف جميع الماركسيين، اللينينيين وغير اللينينيين، ووسط الغالبية الساحقة من اليساريين الاشتراكيين، يكفينا إلقاء الضوء على بعض من أفكاره لنجدها بمثابة تلخيص مركز لميكانيزمات الرأسمالية ونظامها خلال مرحلتها الامبريالية التي ما زلنا نعيش أطوارها الآن، بالرغم من تغيير الشكل والخطابات والخطط والبرامج..الخ
"لقد آلت الرأسمالية إلى نظام عالمي لاضطهاد الأكثرية الكبرى من سكان الأرض استعماريا وخنقها ماليا من قبل حفنة من البلدان المتقدمة". وضدا على الخلط المتعمد، فليست الامبريالية هي الاستعمار، فالاستعمار ظاهرة قديمة وسابقة بعهد كبير عن المرحلة الرأسمالية، أما الامبريالية فهي شكل استعماري جديد مرتبط بوجود الرأسمالية بل هي الرأسمالية في أعلى مراحل تطورها. وهو ما فسٌره لينين في مؤلفه بهذه الطريقة الرائعة "إن وظيفة البنوك الأساسية والأولى هي الوساطة في الدفع. وأثناء ذلك تـُحوٌل البنوك الرأسمال النقدي غير العامل إلى رأسمال عامل، أي إلى رأسمال يدر الأرباح، وتجمع العائدات النقدية بشتى أنواعها وتضعها تحت تصرف طبقة الرأسماليين.
ومع تطور الشؤون البنكية وتمركزها في مؤسسات قليلة العدد، تتحول البنوك من وسطاء متواضعين إلى احتكارات شديدة الحول والطول تتصرف بمعظم الرأسمال النقدي العائد لمجموع الرأسماليين وصغار أصحاب الأعمال وكذلك بالقسم الأكبر من وسائل الإنتاج ومصادر الخامات في بلاد معينة أو في جملة من البلدان، وتحول الوسطاء الكثيرين المتواضعين إلى حفنة من الاحتكاريين هو وجه أساسي من وجود صيرورة الرأسمالية إلى امبريالية رأسمالية، ولذا ينبغي لنا أن نتناول في المقام الأول تمركز الأبناك"، ولاحظوا جيدا الفترة التي تم فيها إصدار هذه الخلاصات، لاحظوا النظرة الثاقبة التي تميز بها تحليله، فالفترة هي فترة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى، حرب الضواري الامبريالية كما كان يسميها لينين، ومنذ فترة الصراع هذه تبين بالملموس السير العام الذي تخطوه الرأسمالية في اتجاه تطوير نموذجها الاقتصادي.
ذلك ما أوضحه لينين في نفس المؤلف المذكور "من خواص الرأسمالية بوجه عام فصل ملكية الرأسمال عن توظيف الرأسمال في الإنتاج، فصل الرأسمال النقدي عن الرأسمال الصناعي أو المنتج، فصل صاحب الدخل الذي يعيش فقط من عائد الرأسمال النقدي عن رب العمل وجميع المشتركين مباشرة في التصرف بالرأسمال. والامبريالية أو سيطرة الرأسمال المالي هي مرحلة الرأسمالية العليا التي يبلغ فيها هذا الفصل مقاييس هائلة. وهيمنة الرأسمال المالي على بقية أشكال الرأسمال تعني سيطرة صاحب الدخل والطغمة المالية، تعني بروز عدد ضئيل من الدول التي تملك "البأس" المالي بين سائر الدول الأخرى. ويمكننا أن نتبين مدى نطاق هذا السير من أرقام إحصاءات الإصدار، أي إصدار أنواع الأوراق المالية"

العولمة الرأسمالية الآن:

تمكنت الرأسمالية كنمط إنتاج اقتصادي من بسط سياساتها وفرض شروطها وقوانينها وقواعدها على الجزء الأكبر والغالبية الساحقة من ساكنة الأرض.. وقد تمكنت من استرجاع بعض الأسواق التي احتكرتها آو زاحمتها فيها، في السابق، أنظمة أوربا الشرقية ودولة الاتحاد السوفياتي وبعض دول "العالم الثالث" التابعة لها من دول عدم الانحياز.. وبشكل خاص غداة انهيار جدار برلين وإعادة توحيد ألمانيا وتفكيك يوغوزلافيا وتشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفياتي..الخ وانتشاءا بهذه الانتصارات نزلت القوة الرأسمالية بكل ثقلها الاقتصادي والعسكري لإعادة تنظيم العالم وفق مصلحتها، معززة ذلك بتبريراتها الإيديولوجية التي ادعت نهاية التاريخ وتأبيد الرأسمالية كأرقى نظام اقتصادي أنتجته البشرية.
أطلق العنان للسياسات الاستعمارية الجديدة، التي لم تعد الحاجة فيها ومنذ مدة للكولونيالية المباشرة، تارة باسم الحرب ضد الإرهاب الذي احترفته التيارات الإسلامية الظلامية، وتارة باسم التطويع للبلدان "المارقة" المساعدة للإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط، وتارة باسم نصرة حقوق الإنسان المغيبة في بعض البلدان من حلفاء الأمس.. وتم على اثر هذا اجتياح العراق وأفغانستان، وأقيم الحصار على كوريا الشمالية وكوبا والسودان وإيران، ويتم التهديد في حق فينزويلا وسوريا والباكستان..الخ
ووفق هذا النظام العالمي الجديد، أطلقت صيحات التحرير والتنافسية، ورفعت الحواجز على حرية تداول الرساميل بشكل أشمل وأعم حسب وصفة "دعه يمر دعه يعمل" الخالدة، والتي كان من نتائجها تركز الرأسمال في القطب المتقدم والقائد للنظام الرأسمالي الامبريالي، الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوربي واليابان.
اكبر المستفيدين من رفع الحواجز، كانت الأبناك والشركات المتعددة والمتعدية الحدود والجنسيات، وقد ساعدها في ذلك سرعة وحرية الحركة وتداول المعلومة كنتيجة جلية للثورة الالكترونية والرقمية والمعلوماتية.
وكنتيجة للنمو الهائل والمهول للرأسمال وأرباحه، ونتيجة كذلك للفيض المالي واستفادة الأبناك بشكل كبير من نظام الديون اتجه الرأسمال المالي بطبيعة الحال نحو المضاربات، لان الرأسمال يجني الأرباح خلال المضاربات المالية أكثر بكثير ممٌا في الاستثمار الصناعي المنتج وأصبحت العقيدة والمبدأ هي انه من الأفضل أن يكون الرأسمالي صاحب مصرف على أن يكون صاحب مصنع، فمغامرات الرأسمال المضارباتي المقامر يمكن أن تعطي مردوديتها وأكلها كأرباح مهولة في اقل من دقيقة انطلاقا من الهواتف والحواسب المحمولة، عكس استثمارات الرأسمالي الصناعي المنتج فعليه الانتظار مدة لا تقل عن خمس سنوات بعد تشييده لمؤسسته ـ شركة، مصنع أو معمل ـ للاستفادة من الأرباح التي لا يمكنها بأي شكل من الأشكال مضاهاة أو حتى المقارنة مع أرباح المضاربات

تأثيرات العولمة على أوضاعنا الداخلية:

لا يمكن فصل نتائج السياسة الامبريالية الحالية عن سياسات وقرارات مؤسساتها المالية، أساسا صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، التي انطلقت بداية الثمانينات في إطار ما سمي بسياسة التقويم الهيكلي المجحفة والخطيرة، والتي استهدفت العديد من الدول والأنظمة المغرقة ديونا، والتي شملت بالطبع بلدنا المغرب.
ولم يعد خافيا على أحد، أن أصل الأزمة هو العالم الرأسمالي المتقدم، ولا أحد يشك في تداعياتها التفقيرية المحكومة بحالة وواقع الارتباط البنيوي بين الأنظمة الرأسمالية السائدة المهيمنة والموجهة من جهة، وبين دول وأنظمة الجنوب التابعة التبعية، المفقرة لشعوبها، من جهة أخرى..
إذ لا يمكن فهم حالة الفقر والتفقير التي تعيشها غالبية الشعوب والغالبية الساحقة من ساكنة الأرض، دون فهم حالة الغنى والاغتناء الذي تتمتع به حفنة من الناس، بضع مئات أو بضع آلاف على أقصى تقدير، استفادت، بكل حرية وبدون رقابة، من الميكانيزمات الملتوية للدورة الاقتصادية الرأسمالية.
فمن المعلوم جدا أن أزمة الرأسمالية لسنوات السبعين، والتي نفٌست من حدٌتها تدابير اللبرالية بإجراءاتها القاسية والمتوحشة التي لم تمس لا من قريب ولا من بعيد بالرأسماليين الكبار، بل اتجهت تداعياتها مباشرة لدول وشعوب الجنوب، باستثناء حكامها، عبر وصفات التقويم الهيكلي السيئة الذكر.. هي المسؤولة عن حدٌة الفقر والبؤس والبطالة والتهميش.. الذي تعيشه شعوبنا الآن.
فالأزمة كما يسميها الاقتصاديون هي أزمة فيض في الإنتاج، بمعنى أن الأسواق اختنقت حينها، وما عادت المنتوجات تجد لنفسها مجالات للتصريف، إضافة لهذا، امتلأت خزائن الأبناك بأموال لا حد لها، قدٌمت لها على طبق من ذهب من طرف أمراء البترول.
وأفضت اللعبة بالتالي، إلى منح وإغراق دول الجنوب بقروض سخية، بغرض ابتلاع ذلك الفيض من الإنتاج، مما أدى إلى إنهاك شعوبها لحد البؤس والفقر المدقع، ما زالت دائخة في دوامته لحدٌ الآن.
ولتسديد الديون، كان على الدول المعنية تقليص نفقاتها، دون أن تقلص من النفقات الباذخة لحكامها، عبر تجميد الأجور، وتقليص مناصب الشغل، والرفع من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وبيع المؤسسات العمومية، وضرب مجانية التعليم والتطبيب.. ومع ذلك كله، استمرت الديون وتمت إعادة جدولتها لعدة مرات، بل قُدٌمت لها قروض جديدة لتسديد فوائدها ومستحقات تأخيرها.. إلى آخر العملية المعروفة التي نعيش كوارثها الآن في شكل البطالة المتفشية والمتصاعدة، غلاء لا حدٌ له، تجميد للأجور في حد أدنى هزيل لا يغطي الحد الأدنى والأساسيات من الحاجيات، خوصصة جميع المرافق العمومية، من نقل حضري وتعليم وتطبيب وسكن.. الإجهاز على صناديق التقاعد..الخ
بطبيعة الحال كان لا بد، ومن أجل السيطرة على الأوضاع وكبح جماح الانتفاضات العمالية والاجتماعية، من خلق جو من الإرهاب والقمع والتضييق ضد الحريات الديمقراطية، بمنع الإضرابات والاحتجاجات، وبالتضييق على العمل النقابي ومنع تأسيس الاتحادات والجمعيات والأحزاب، المناهضة لهذه التدابير الرأسمالية.
في مغربنا "الحر" في سياساته وارتباطاته بالمؤسسات الامبريالية، توالت وتتوالى الانتفاضات والإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات.. بدون انقطاع، وبالرغم من حالة المنع والتضييق الدائمة، واعتقال ومحاكمة واغتيال المناضلين في واضحة النهار، حيث عشرات المحاكمات كل سنة وفي مختلف المدن والقرى والقطاعات.. وسقوط الشهداء خلال احتجاجات ومسيرات العمال، وخلال نضالات الطلبة والمعطلين، وخلال انتفاضات السكان المطالبين بالحد من الغلاء ورفع التهميش والحصار على أحيائهم الشعبية البئيسة..الخ
ولم تتخلف حركة اطاك منذ تأسيسها على المساهمة في هذا الإطار وهذا المسار، وما زالت فروعها ومجموعاتها حاضرة وناشطة إلى جانب جميع الحركات الاحتجاجية بكل من طنجة والبيضاء وسيدي افني واكادير واسفي وطاطا وزاكورة..الخ وما زال الشباب يلتحقون بالحركة بالرغم من كل أنواع الحصار والتشكيك الذي تلقاه مبادراتها من طرف بعض الأطراف السياسية والنقابية المحسوبة على اليسار المعارض.

من حيث أشكال العمل:

تتخذ الحركة في أشكال عملها، الاحتجاج كأسلوب، وخيار، وثقافة تعمل على نشرها أساسا في الأوساط التي لا عهد لها بالتنظيم.. ومن بين الأمور التي عملنا عليها داخل الجمعية، وبدرجة أولى داخل تجربة مجموعة طنجة، هي الارتكاز على الميدانية والقرب من المواطنين المتضررين. وتتجنب الجمعية في طرائق عملها، النخبوية والنيابة عن المواطنين في مشاكلهم وقضاياهم، أو الكلام باسمهم.. بل ذهبت لحد المطالبة والتحريض على مقاطعة الانتخابات المحلية والبرلمانية، التي لا يمكنها بأي شكل من الأشكال تجسيد التمثيلية الشعبية، ولا أن تشكل واجهة للنضال في المرحلة الحالية.. الشيء الذي دفع بنشطاء الجمعية بأن يتحملوا مسؤوليتهم لفضح هذه المؤسسات البرجوازية المفلسة، موضحين من خلال بياناتهم المنشورة أسباب الدعوة لمقاطعة الانتخابات.
اختارت الجمعية ومنذ تأسيسها خط الاحتجاج والارتباط بالمحتجين من اجل تنظيمهم والرفع من وعيهم والمساهمة في بسط مطالبهم، وقد لعبت مجموعتنا أدوارها في هذا الإطار والصدد إلى جانب جمعيات وإطارات نقابية وحزبية يسارية أخرى، ورسخت بذلك قيم الاحتجاج من موقع المجابهة والمناهضة للعولمة الرأسمالية والرفض لتداعيات سياساتها العدوانية والحربية ضد الشعوب، وبنفس الحدة ساندت كل القوى المناهضة للبطالة والغلاء وارتفاع الأسعار وخوصصة المرافق العمومية.
ونشر ثقافة الاحتجاج لا يعني من منظورنا المشاركة والتحريض على الاحتجاج الميداني وفقط، بل عملت وتعمل الجمعية عبر لجانها على برمجة أنشطة تثقيفية لصالح منخرطيها ونشطاءها لتعميق الفهم حول قضايا النضال ضد الرأسمالية وعولمتها، وحول قضايا النضال إلى جانب جميع المتضررين من السياسة الامبريالية من عمال مسرحين، ومعطلين، ونساء القرى والأحياء الشعبية المهمشة، ومتضررين من الغلاء، وضحايا الحروب بالعراق وأفغانستان وفلسطين..الخ واشتغلت الجمعية كذلك على مواضيع تخص الاقتصاد والأبناك والديون والأزمة المالية والخوصصة ومخططات التقويم..الخ
تنشر الجمعية بياناتها وكرٌاساتها باستمرار، وتعمل على خلق ثقافة التضامن بين جميع المواطنين المتضررين من السياسة الرأسمالية وتحاول قدر الإمكان تغطية عملية المساندة هذه، ولا تقتصر عمٌا هو محلي بل تتعداه لتغطية النضالات والاحتجاجات الشعبية في مدن ومناطق أخرى، ولا تتأخر عن السفر لعين المكان في بعض الحالات التي تتوفر فيها الشروط والإمكانيات للمساندة والمشاركة في الاحتجاجات الشعبية التي يخوضها الكادحون والمتضررون المناهضون للسياسات الرأسمالية الامبريالية. ولم تتأخر جمعيتنا عن الانخراط في جميع التنسيقيات الشعبية والتقدمية لتقوية جبهة المقاومة ضد جميع السياسات والمخططات الرأسمالية الامبريالية محليا، جهويا وأمميا.

عن لجنة التثقيف
جمعية اطاك المغرب لمناهضة العولمة الرأسمالية
ـ مجموعة طنجة ـ



#جمعية_اطاك_المغرب_لمناهضة_العولمة_الرأسمالية__مجموعة_طنجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جمعية اطاك المغرب لمناهضة العولمة الرأسمالية مجموعة طنجة - في خلفية النضال والمناهضة للعولمة الرأسمالية