أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية اللغة














المزيد.....

ماهية اللغة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3121 - 2010 / 9 / 10 - 12:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اللغة ليست سلسلة كلمات ومرادفات منطوقة، ولا هي رموز واشارات يستخدمها الفرد للتواصل مع المحيط، كما أنها ليست عبارات جامدة لمسميات ملموسة أو غير ملموسة في الواقع. إنها كائنات حية فلكل مفردة لغوية محمول معرفي متوارث عبر الأجيال يعبر عن ماهية المادة بوصفها الجامد وبجوهرها الحي الذي يعكس صورتها في ذهن المتلقي الذي يعي ماهيتها ومحمولها المعرفي التاريخي الذي اكتسبه بإنتمائه للأمة، فاللغة لم تخلقها الطبيعة وإنما صنعها بشر ينتمون إلى أمة حية توارثوا محمولاتها المعرفية الحسية عبر الزمن وأضافوا إليها محمولات معرفية جديدة أفرزها الواقع الراهن لتكون صالحة للتعبير عن متطلبات المستقبل.
إن اللغات الحية للأمم عبر التاريخ تعدّ خزين معرفي برسم الاستعارة للأمم التي تعاني ضعفاً في لغاتها ومحمولاتها المعرفية الحسية وتفتقد قدرة التعبير عن متطلباتها، فحين لا يجد المرء في لغته الأم الآليات الملائمة للتواصل مع الآخرين يستعير لغتهم للتعبير عن متطلباته.
كما أن اللغة ليست أداة تواصل وحسب، بل تعبيراً عن ثقافة أمة تحفظها سلسلة الكلمات والمعاني كمحمول للتعبير عن ماهيتها، وبذلك تضيف للمتحدثين بها من غير أبنائها الكثير من الثقافة الموروثة والحاضرة.
يقول (( هيردر )) : " إن اللغة ليست مجرد وسيلة اتصال للتعبير عن الذات، وإنما هي عنوان ثقافة الأمة وأداتها ".
تعدّ اللغة حامل للخزين المعرفي للأمة عبر الأجيال فكلما كان غنياً عظم شأنها وشأن أبناءها وكلما كان فقيراً قل شأنها وشأن أبنائها. وفي المحصلة فإنها لغة معرفية حية حاملة لإرث الأمة للأجيال الحاضرة، واللغة الميتة تعدّ اللغة الفقيرة بخزينها المعرفي لإرث الأمة الضئيل لأجيالها الحاضرة التي لا تستخدمها إلا في الحدود الضيقة لعدم قدرتها التعبير عن متطلباتها في المحيط الاجتماعي فتضطر لاستعارة لغة الآخرين للتواصل معهم.
إن اللغة بعدّها وسيلة اتصال لابد أن تتوافق آلياتها مع الحاضر لتكون قادرة التعبير عنه بالاستعانة بمخزونها المعرفي أو مزاوجته مع آليات الحاضر لانتاج معرفة جديدة تصلح للاستخدام والتداول الاجتماعي لتلبية متطلبات الفرد، فكلما تطورت ثقافة أمة ما تطور محمول لغتها المعرفي لتصبح قابلة للتوارث عبر الأجيال بعدّها دالة معرفية حية تتواؤم مع آليات الحاضر والمستقبل.
يعتقد (( نبيل علي )) " أن اللغة بأدواتها هي وسيلتنا لاصلاح عقولنا ولتنمية تفكيرنا وزيادة إسهامنا في انتاج المعرفة في الحضارة الانسانية ".
وعند عدم توافق اللغة مع آليات الحاضر، يقل محمولها المعرفي فتموت مع الزمن لعدم صلاحيتها للاستخدام والتداول للتعبير عن متطلبات الواقع، فموت اللغة يعدّ دالة على تضاءل شأن الأمة في النسق الحضاري للإنسانية فتفقد القدرة على العطاء والمساهمة في الحضارة الانسانية فينحدر شأنها بين الأمم الأخرى.
إن اللغات الحية لا تقاس بعدد المتحدثين بها من أبناء الأمة ذاتها وحسب، بل قدرتها على استقطاب أبناء الأمم الأخرى للتحدث بها لما تحمله من خزين معرفي يلبي متطلبات الحاضر. وبما أنها وسيلة معرفية للتواصل مع الآخرين لا يمكن تعين حدود تطورها لارتباطه بالحاضر فتنمو معرفياً خلال اللحظات الزمنية من عمرها باكتسابها لمعارف جديدة، فكلما أفرز الواقع ظاهرة جديدة عبرت اللغة عنها بعدّها نتاجاً لمعرفة جديدة. وفي المحصلة فإنها نتاج مزاوجة بين الأرث المعرفي لمخزون اللغة والمعرفة الجديدة للحاضر. كما أنها ليست أداة منفصلة عن الواقع وإنما متواصلة مع أحداثه ليصار إلى فهمه وإدراكه بعدّه واقعاً لحراك أفراده داخل النظام الاجتماعي.
يعتقد (( نعوم تشومسكي )) " أن اللغة هي الاستخدام اللامحدود لموارد محدودة ".
إن ماهية اللغة يمكن عدّها أرث معرفي متواصل من عمق الحضارة الأولى للأمة ويقاس حاضرها بمدى مساهمته في الحضارة الانسانية، فاللغة الحية شأنها من شأن الأمة في النسق الحضاري للإنسانية فكلما كانت مساهماتها المعرفية كبيرة علا شأنها بين الأمم، وكلما كانت مساهماتها المعرفية عبر التاريخ قليلة تدنى شأنها بين الأمم فتضطر لاستعارة لغة الآخرين للتعبير عن متطلباتها في الحاضر والمستقبل.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكير الخلاق لإنتاج الفكرة
- التفكير والزمن
- إنتاج الفكرة والنسق الفكري
- الفكر والمعتقد
- الذاكرة والاستيعاب
- الذاكرة وآلية الإدراك والوعي
- الذاكرة والإرادة العمياء
- الذاكرة والإرادة القوية
- الذاكرة والروح
- الذكاء والذاكرة
- ماهية الذاكرة
- آليات الجنون الإرادي والعقل
- الجنون وعقلانية مجتمع اللاعدالة
- حقائق العقل وزيفها في الجنون
- اختلال آليات العقل والجنون
- العقل والجنون
- العقل والتفكير
- موجبات الانصياع للعقل
- العقل والفكرة العقلانية
- آلية عمل العقل


المزيد.....




- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...
- المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس ...
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
- والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن ...
- مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب ...
- رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟ ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية اللغة