أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعيد تيسير الخنيزي - أخضع!














المزيد.....

أخضع!


سعيد تيسير الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 12:34
المحور: المجتمع المدني
    


في بدايات مرحلة الطفولة, بين اللهو والمرح, والصياح والشقى, الطفل كغيره من الاطفال يبدأ يدخل في عملية السؤال والجواب, فهو على صغر سنه يبدأ بـ لماذا اصبح هذا وكيف اصبح ذاك. هو يفكر لآنه يوجد في نفسه شهوه وحب لعملية الاطلاع. وبالطبع ليس من الحرام والحلال مايعيقه ليردعه لانه في نهاية المطاف "طفل". سنة تلو الاخرى ليعيش رغد طفولته, ما ان تتوقف كل معطيات الفكر لديه لكي تزيح مقامها مسلمات المجتمع والتقليد العاطفي المعتاد عليها والسائدة وبالتالي الطاعة لولي الامر تصبح مقدسة لتشكل الدور الاهم في عملية التعايش مع المجتمع. تسري النسين ليغذو شابا, تراكمات وضغوط نفسية تبدأ بمفعول التخدير الفلسفي لتشكل انسان مسير و ليس مخير, غائص في حدود معطيات فكره ورافض لوجهة النظر الاخرى. لا أريد ان استرسل في علمية الطفل ونموه, بل المقصود هنا رسمها كمقدمة للخضوع الاجتماعي, والتي تستنبط ان الانسان من صغر سنه مستعبد مطيع فكريا من قبل المجتمع التقليدي والمحيط من حوله.



أذا, منطلق التحرير عند الانسان هو العقل، وعندما يتحرّر العقل من الجمود والتحجّر والخرافة، ويتنوّر بالانفتاح والمعرفة و عدم مقاضاة الاخرين، يكون الانسان قد امتلك الأداة الفعّالة لتحرير الذات، واحترامها، واحترام الذات وحفظ حقّها وحرِّيّتها، لا يتحقّق إلاّ باحترام حقوق الآخرين وحفظ حرِّيّتهم. إن العقل الحر الطليق يرجع إلى ذاته مفكراً في شؤونه، أما العقل المقيد فيبحث عمن يرجع إليه ليبصره حتى بأخص خصوصياته. هذا الجدل بين المرجعية الذاتية والمرجعية الغيرية هو الذي يحتدم من أجل بلوغ نهاية حاسمة لابد منها لاستعادة البشر حرية التفكير في مصائرهم وحياتهم وحتى رؤاهم في الحياة من صغيرنا الى كبيرنا. إن هذا الرأي يقوم على مماثلة الجاهل - العالم بالمريض - الطبيب؛ وهذه المماثلة لا توفر الأساس الذي يدعم ضرورة المرجعية ولزومها؛ فهو على مستوى العقل يعزز أسس التلقين الأجوف والتسليم الأعمى للآخر بدلاً من إرساء دعائم الوعي الذاتي ، تكريس التبعية بدلاً من استقلال الرأي .



الطاعة العبودية العمياء أصبحت أهم مرتكزات الفكر الديني، وأسلوب العصا والجزرة بسراب عذاب الجحيم والهناء في الجنة هو أساس التعاليم الدينية في خلق وعي الخضوع والخناعة في النفوس البشرية. معسكرات الإعتقال الفاشية وغير ذلك قامت على ترسيخ الخضوع للسلطة في الوعي الباطن, فهي مجرد تطبيق عملي للتشويهات والأمراض النفسية التي تجد جذورها وأسبابها في مجمل الفكر المثالي الديني. يجب على الإنسان أن يولد ويتربى حرا، ليرتقي ويكون إنسانا ذو كيان بمعنى الكلمة، وهذا ما قد يحتاج قرونا من التطور في ظل الحرية الفكرية الغير المحددة بأي ظوابط مسبقة بأعتبارها فطرية وبديهية لكي تتطبق, أي بتحجيم ونبذ وإلإلغاء التام للمنظور الديني, أو بالاحرى, الديني الاجتماعي (كلام القيل والقال), في حياة البشر ليزيح مكانها الاحترام الاجتماعي المتبادل لجميع الاديان والاديولوجيات والمعتقدات الفكرية.

إن افتقاد رجال الدين بمعظمهم إلى المرونة وتقبل الرأي الآخر، إنما جاء موروثا عن استمرارهم في الكلام بلسان المقدٍّس، وهو أمر غير قابل للنقاش بطبيعته. من هذا المنطلق كثرت جلبات الثوراة الدينية الإصلاحية على مرِّ العصور، وتعاظم عدد ضحاياها، وتضاعفت قسوتها ومرارتها. وقلما لمحنا ثورة دينية إصلاحية، مرت بسلام على طاولة المحاورات، بل هزت صرخاتها أركان الأرض والسموات، وانتشرت وشبت نيرانها في الصحاري والغابات! ورجال الدين بمعظمهم لا يعرفون الدبلوماسية، إلا تدليسا أو تزلفا، لأنهم اعتادوا الأمر والنهي، بصيغة الوعظ والإرشاد، حتى لو احتاجوا هم إلى الوعظ والإرشاد أكثر من غيرهم. ومن الصعب على من يحمل الدين في ذهنه كعدد من القواعد الفكرية الصوانية، أن يتعلم درسا من مآسيه الدينية التاريخية، أو أن يكتسب من مثل هذا الماضي المؤلم أية موعظة. فالتاريخ النصراني مثلا كان مخفوقا بالدم والعذاب في بداية الدعوة النصرانية، ولم يتعلم منه رجال الدين شيئا، بل نكلوا بأتباعهم فضلا عن أعدائهم من اليهود والوثنيين، بما لا يقارن مع معاناة أسلافهم رجال الدين السابقين. ومحاكم التفتيش التي أنشئت بقرار من البابا "جرينوار التاسع" عام 1233م، وكان هدفها محاربة الهرطقة في كل أنحاء العالم المسيحي، هي أكبر مثال على هذا الظلم، الذي لم تعرف البشرية له مثيلا.


حبذا ياأخي المواطن العربي ان لا تسير عكس اتجاه التيار, فعليك بالصمت الخاضع الذي يسير ضمن الاتجاه السائد, المسموح منه والمحبب, لتكسب اجرا وفوزا عظيما. هل نستطيع ان ننكر ان قتل الثقة في انفس البشر هو الشي السائد في الدول العربية, لا بل هل نستطيع ان ننكر اننا امام كارثة عقلية مستعبدة سواء من ولي الامر النموذجي العربي لآنه لا يسمح بأي معارضة باعتباره انسان "مقدس" وكأنه نشأ ليعطي "فقط" ولايأخذ. لذا, نحن في حقيقة الامر ليسوا احرار بأنسانيتنا, "لا نستطع ان نجادل حتى بكلمة "لآ" عندما تكون الـ "لآ" اعتقادنا, وبالانصاف, لا نجرؤ على البوح بـ "نعم" حينما تكن الـ "نعم مصيرنا, وقد خاب من حمل ظلما.





#سعيد_تيسير_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدى ترسخ الفهم المؤامراتي في الفكر العربي
- تداخل الفكر العلماني مع تعاليم الدين الاسلامي


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعيد تيسير الخنيزي - أخضع!