الجسد الأنثوي والرأسمالية المتوحشة

طارق العاطفي

الحوار المتمدن-العدد: 3116 - 2010 / 9 / 5 - 18:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الحديث عن الجسد هو بالدرجة أولى حديث عن أنثروبولوجية الجسد,التي اهتمت بدراسته,ليس من الناحية البيولوجية ,لكن من الزاوية الثقافية السائدة في مجتمع معين .وذلك للدور الذي أصبح يلعبه في خدمة مصالح معينة ,هذا ما جعل كل من الحركات النسائية والمؤسسات الاقتصادية والباحثين بالاهتمام بجسد الأنثى أو المرأة أكثر منه بجسد الرجل .وهنا السؤال المشروع والذي يمكن أن يطرح في هذا السياق ,هو.ما هي الأسباب التي دفعتهم إلى التركيز على جسد المرأة أكثر منه على جسد الرجل؟
عرف الجسد منذ قرون مضت حضرا ,بحيث كان عند الإغريق مجرد علم يتفنن البعض في نحته وتخيله ,والذي يبقى مرتبطا بما وراء الطبيعة.ذلك أنه كان يعتبر من الطابوهات الممنوع والمحرم تعريته ,أو حتى الحديث أو النقاش عنه في أحايين كثيرة,لكن مع العصر الحالي,عصر العولمة والرأسمالية المتوحشة ,أصبح مجرد سلعة. بحيث يكون هدفها الربح ثم الربح ,بغض النظر عن الوسيلة التي بها تحقق ذلك.وبالتالي تستعمل جسد المرأة في الإشهارات لترويج منتوجاتها ,وأيضا نجد جسد المرأة حاضرا في الأفلام الجنسية التي تظهر جسد المرأة عاريا بالكل وهي تمارس الجنس,كما نجدها في الشارع وهي شبه عارية مبتغية بذلك إظهار جمالها عن طريق تعرية جسدها ,وهي بذلك تزيد من تهيج غريزة الناظر من اللذة والمتعة البصرية الغير المشروعة.
ففي زمن الرأسمالية المتوغلة في التوحش , زمن ألا معنى , زمن تلاشي الحواجز ,أصبحت المرأة مجرد سلعة قابلة للتفاوض والبيع والشراء .هذا ما يدفع بنا للتساؤل لماذا كل هذا الاهتمام بجسد المرأة أكثر منه بجسد الرجل ؟
إجابة عن السؤال المطروح يمكن القول أن جسد المرأة ,يعتبر بمثابة ذلك الملجئ العاطفي والجنسي الذي يلجأ إليه الرجل لإشباع حاجاته العاطفية والجنسية ,أيضا على اعتبار أن المرأة تحضا باهتمام بالغ من الرجل أكثر من اهتمامها هي به ,الشيء الذي يجعلها مؤهلة للقيام بوظائف معينة ,تكن فيها أكثر فعالية من الرجل ,مثل الاغتيالات السياسية والاستخبارات الأمنية, خصوصا مع الاستخبارات السوفيتية والأمريكية إبان الحرب الباردة.هذا من جهة ومن جهة أخرى كثرت المؤسسات والأندية التي تهتم بالجسد ,مثل صالات بناء الأجسام والمحالات التجملية والجراحية, وهلم ما جرى.
فجسد المرأة في ضل النظام الرأسمالي المتوحش ألا أخلاقي, أصبح يتم توظيفه للإغواء ونشر الإيديولوجية والسيطرة الصامتة على عقول البشر ,فجسد المرأة يمكن اعتباره أيديولوجية العصر في زمن تلاشت فيه الأيديولوجيات.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات