أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عزمي بشارة - العنصريـــة المقـوننـة















المزيد.....

العنصريـــة المقـوننـة


عزمي بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 202 - 2002 / 7 / 27 - 09:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

في خضم النقاش في الكنيست يوم الثلاثاء 22 تموز حول قانون جديد يقلص من حصانة النائب في البرلمان، قال رئيس الحكومة اريئيل شارون من مكانه على طاولة الحكومة مقاطعا احد النواب: "لكي لا يربكوك في التعابير حول الحقوق انا اقول لك ان الحق على هذه البلاد هو للشعب اليهودي وحده، ولكن الحقوق في هذه البلاد يجب ان توزع ايضا على غير اليهود". بهذا التصريح الملفت ابلغ شارون عمليا المواطنين العرب في اسرائيل انهم ضيوف في هذه البلاد عند صاحب الحق عليها. واعتقد ان شارون بكلامه العنصري هذا يقصد ايضا الضفة الغربية وقطاع غزة فهو يؤمن انهما جزء من "هذه البلاد"، وعلينا ان نشكره انه استثنى منها شرق الاردن. وبموجب هذا المبدأ فإن اي كيان فلسطيني في الضفة والقطاع انما يقوم بناء على تسامح وكرم اخلاق "صاحب الحق" على البلاد. وهذا بعيد عن مقولة "دولتين لشعبين" التي يتشدق بها حزب العمل حليف شارون.

شارون يعرف، ولكنه لا يصرح بوضوح، ان الحديث عن المساواة بناء على هذا المذهب هو ذر للرماد في العيون. فما دام هنالك تقسيم بين من ينتمي لـ"صاحب الحق على البلاد" وبين من لا ينتمي اليه لن تكون مساواة ايضا في توزيع "الحقوق" في البلاد. وممارسات حكومة شارون تثبت ذلك. ومن كثرة الاشجار قد لا نرى الغابة، ونحن نناقش قانونا اسرائيليا تلو الآخر دون ان ندرك انه تجري عملية مراجعة عقائدية وايديولوجية شاملة في اعادة تحديد مفهوم "المواطنة الاسرائيلية" في ظل هيمنة الانتماء اليهودي. والنقاش الذي جرى حول اقتراح القانون الذي ينظم انتقال ملكية "اراضي الدولة" الى الوكالة اليهودية لاقامة مستوطنات لليهود، وتبنته الحكومة ثم تراجعت عن موقفها، هو اكبر دليل على ذلك. لقد هدف حاييم دروكمان صاحب القانون الالتفاف على قرار للمحكمة العليا الاسرائيلية بالسماح لعائلة عربية بالسكن في مستوطنة يهودية داخل الخط الأخضر بعد ان رفضت "لجنة القبول" في المستوطنة طلب العائلة للانضمام. وقد احتفت القوى اللبرالية الاسرائيلية بهذا القرار باعتباره ثورة تشريعية تهاجم "آخر معقل للتمييز" في توزيع الحقوق في البلاد، لو استخدمنا تعابير شارون الغريبة.

ويعرف هؤلاء جيدا كما نعرف ان وجود عائلة عربية ترغب بالانضمام والعيش في مستوطنة جماعية الطابع (تبادر لاقامتها فعلا جمعيات بالتنسيق مع دائرة اراضي اسرائيل والوكالة اليهودية) هي حالة نادرة وتكاد تكون حالة فردية، وان العرب في اقصى الحالات قد يهاجرون الى المدن المختلطة، والتي كانت مدنا عربية، حيث يستطيعون امتلاك شقة باقتنائها من افراد، وحيث لا طابع جمعي استيطاني و"لجنة قبول" تعيق سكنهم. كما يعرف هؤلاء انه بقانون او بدونه، تبنى المستوطنات على "اراضي الدولة" التي كانت اراضي عربية لليهود فقط. ولكن ما اثار حفيظة اللبراليين هو ان ينص القانون صراحة على ذلك. ويدعي هؤلاء ان التمييز الوحيد المصرح به قانونيا، ويجب ان يكون هو ذلك الذي ينص عليه قانون العودة الاسرائيلي والذي يمنح حق المواطنة الفورية بفعل قرار الهجرة الى هذه البلاد لليهود فقط. وهذا برأيهم تمييز لا بد منه، واعتقد ان هذا ما قصده شارون بتصريحه الذي انطلقنا منه اعلاه.

ولكنهم لا يدركون، في حين يدرك شارون، ان هذا التمييز يؤسس لانماط اخرى من التمييز يجري حاليا صراع على نصها قانونيا. والغريب في الامر ان العرب لم يشاركوا تقريبا في مناقشة قانون دروكمان، فقد قامت ضجة اعلامية اسرائيلية لها اول وليس لها آخر ضد نص التمييز المتعلق بملكية الارض في القانون، كما لم تفعل ذلك اي دولة منذ انهيار نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا.ولكن العرب احسوا بالغريزة ان هذا النقاش لا يدور حول العنصرية بل حول صورة اسرائيل امام العالم وامام ذاتها. انها تتسامح مع العنصرية ولكنها لا ترغب بنص العنصرية قانونيا، ولا حاجة لذلك، فالاستيطان هو استيطان يهودي بحكم التعريف. ولا حاجة لسن قانون لمنع عائلة واحدة من السكن في مستوطنة. هكذا ولد القانون، وهكذا اودع في احدى اللجان منتظرا اوقاتا اخرى اكثر ملاءمة، وكل ذلك في نقاش يهودي داخلي. ولكن النزعة بقيت قائمة باتجاه عدم الخجل بنص التمييز قانونيا لان العرب باتوا اكثر قدرة على استغلال التناقض بين "يهودية الدولة وديموقراطيتها" من اجل توسيع الصفة الاخيرة الامر الذي ترد عليه الاغلبية بتأكيد يهودية الدولة، ولو بواسطة التشريع. وفي هذه المرحلة تتحول العنصرية الى خطاب اسرائيلي رسمي ومهيمن.

لقد تم مؤخرا سن القوانين التالية:

1- تعديل قانون مؤسسة التأمين الوطني: أدخل تعديل في القانون بحيث جرى تقليص مخصصات الاولاد للعائلات التي لا تخدم في الجيش بنسبة 24%، والعرب عموماً لا يخدمون في الجيش. هذا التخفيض لن ينقذ الاقتصاد الاسرائيلي من آثار الانتفاضة التي كلفتها اكثر من عشرة مليارات دولار. ولكن الهدف من القانون هو التأكيد دون خجل على وجود نوعين من المواطنة.

2- قررت الحكومة الاسرائيلية تجميد معالجة كل طلبات لم شمل العائلات التي تقدم بها مواطنون عرب بغرض منح حق الاقامة للزوج او الزوجة اذا كان طالب الاقامة فلسطينياً. فاسرائيل تعتقد ان هؤلاء الراغبين بالعيش سوية على سنة الله ورسوله انما يفعلون ذلك كتطبيق لمؤامرة "حق العودة الزاحف" وبموجبه يعود اللاجئون عبر الزواج من مواطنين عرب.

3- قانون مغادرة اسرائيل والعودة اليها: ويتضمن تقليص حصانة النواب اذ يمنع اي عضو كنيست من زيارة ما يسمى بدول العدو. ومن بين دول العدو، وفق القانون الاسرائيلي سوريا ولبنان والعراق واليمن والسعودية، ولكن ايضاً الاردن ومصر، اللتين تسمح زيارتهما وفق قرار حكومي. وكان القانون الاسرائيلي حتى التغيير الاخير يسمح لكل عضو كنيست بزيارة اي دولة في العالم. إن هدف هذا القانون كما قيل علناً هو بالتحديد منع تحول الزيارات الى رافعة لتقوية الحركة الوطنية في الداخل عبر التواصل مع العالم العربي.

4- تعديل قانون التحريض: ينص قانون التحريض عقوبة خمس سنوات سجن على من يحرض على العنف ضد الدولة او يتعاطف مع "منظمة ارهابية". وكل من تضبط بحوزته مواد "تحريضية" للتوزيع، فهو معرض للسجن لمدة سنة واحدة. وبموجب القانون الجديد تشكل التصريحات بحد ذاتها جريمة بغض النظر عن علاقاتها الأكيدة بوقوع اعمال العنف، كما كان يطلب من النيابة في السابق ان تثبت.

5- قانون الانتخابات: ينص قانون الانتخابات المعدل على منع أي حزب او مرشح من خوض الانتخابات إذا كان لا يعترف بكون اسرائيل دولة يهودية وديموقراطية، أو يحرض على العنصرية أو يؤيد النضال المسلح لدولة او منظمة ارهابية ضد دولة اسرائيل. ويستهدف القانون بشكل واضح التمثيل السياسي العربي للحركة الوطنية في البرلمان، ويجعل حسم مسألة الولاء لاسرائيل او اخلاء الموقف الوطني من الصراع والمقاومة شرطا لدخول الحلبة البرلمانية.

6- وبعد النقاش في الكنيست يوم 22 تموز، اي بعد ان ادلى شارون بالتصريح الصريح اعلاه اقرت الغالبية قانونا جديدا يخرج من دائرة الحصانة البرلمانية التصريحات او الاعمال التي تمس بيهودية الدولة او تتضامن مع الكفاح المسلح بحيث يصبح نزع الحصانة فوريا ولا يحتاج الى مناقشات طويلة. ومن الجدير ذكره ان نزع الحصانة يحتاج الى تهمة جنائية توجه للنائب ونزع حصانته لمحاكمته على اساسها، ولكن البنود الموجودة في القانون كحجة لنزع الحصانة بشكل فوري لا تشكل تهما جنائية في هذه البلاد. فعدم الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية ليس تهمة، فكيف تشكل سببا لنزع الحصانة. لا علاقة لعملية التشريع القانونية الجارية اطلاقا بالمنطق القانوني حتى الشكلي، ولشدة حماس اليمين لنزع الحصانة بسرعة نسوا ان يقرأوا حتى القانون الجنائي للتأكد من وجود تهم تبرر نزع الحصانة بموجب قانونهم.

*عضو البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي- الناصرة.



#عزمي_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجاوز الامر حد الغرابة
- حالــة رثــة
- خطاب التعجيز بالمعجزات
- الوضع الجديد في الداخل
- ترسيــخ نظـــام الابـــارتهايــد
- حـول الوضع الداخلـي الفلسطيني بعـد العـدوان
- لكي لا نتحول إلى قطيع من الغنم


المزيد.....




- صراخ ومحاولات هرب.. شاهد لحظة اندلاع معركة بأسلحة نارية وسط ...
- -رؤية السعودية 2030 ليست وجهة نهائية-.. أبرز ما قاله محمد بن ...
- ساويرس يُعلق على وصف رئيس مصري راحل بـ-الساذج-: حسن النية أل ...
- هل ينجح العراق في إنجاز طريق التنمية بعد سنوات من التعثر؟
- الحرب على غزة| وفد حماس يعود من القاهرة إلى الدوحة للتباحث ب ...
- نور وماء.. مهرجان بريكسن في منطقة جبال الألب يسلط الضوء على ...
- الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين في البحر الأح ...
- السودان: واشنطن تدعو الإمارات ودولا أخرى لوقف الدعم عن طرفي ...
- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عزمي بشارة - العنصريـــة المقـوننـة