لحظة الإبداع

عبدالرحيم ثامر

الحوار المتمدن-العدد: 3112 - 2010 / 9 / 1 - 08:16
المحور: الادب والفن
    

[email protected]

إن العوامل والمحركات التي تؤثر على الفنان في خلق نتاجه الفني تختلف حسب آراء المهتمين في هذا المجال من مفكرين وفلاسفة الذين كانوا لهم أراء تختلف حسب اتجاهاتهم الفكرية وقد تتناقض وتتفق الا أن لحظة الإبداع عند الفنان بقى لها أهمية من حيث إن الفن لايخرج كونه ثمرة من ثمرات متعددة يمكن إن تخلق نتاج جمالي يوثر على المتلقي حسب ادراكاته الثقافية وميوله الفكرية ومن أشهر الفلاسفة الذين كانت لهم أرائهم ودراساتهم الفلسفية في المعرفة ( أفلاطون) فقد ذهب الى القول بان الإبداع الفني لايخرج عن كونه ثمرة من الإلهام وان الفنان هو ذلك الشخص الموهوب الذي اختصته الإلهة بنعمة الوحي والإلهام ؟ يوصل أفلاطون إلى حقيقة فنية فلسفيه مهمة وجد ان هناك وحدة جماليه في الواقع وان الجمال الحقيقي الأصيل يوجد في عالم الغيب ؟ وان الاعمليه الإبداعية في الفن عمليه إلهامية اختارته الالهة لبعض البشر والفنان بشكل خاص وهو حلقة وصل بين الالهة والبشروان عالم المثل هو العامل المهم لتحريك الفنان وهو بعيد عن العالم الحسي؟
اما ارسطو حيث يرى ان من شان الفن ان يصنع ماعجزت عليه الطبيعة وان الإبداع في الفن ليس صورة طبق الاصل من الجمال الطبيعي بل هو محاكات تقوم على تبديل الواقع أي لايمكن ان يكون الواقع نفسه او الطبيعة نفسها او الحياة ذاتها بل هو صورة اكثر اشراقا منها واعطى أرسطو اهميه للعالم الحسي وعليه فان الفن عند ارسطو يمكن ان ياخذ مادة من المحسسوسات البيئيه ويحاكيها؟
اما السفسطائيين وهم معلموا الخطابة والفلسفه في اليونان يمكن تخليص ارئهم بان الفن مرتبط ارتباطا وثيقا في مستوى الادراك الحسي وان الحقيقه نسبيه وليست مطلقة ولاوجود لمثال وقياس عليه قيمة أي فعل ابداعي انساني ومنها الفنون وان الفن هو نشاط انساني صرف ليس له علاقه بالموهبه والالهه فهو مكتسب بالخبره الانسانيه والتعلم ؟
اما الفيلسوف هيغل فقد ذهب الى ان الفن اسمى درجاتة هو عندما يتحقق مضمون التعبير والباطن لذلك اعتبر مايفصح عن الباطن الروحاني هو مصدر اساس في تحقيق ابداع فني اصيل يحمل علامات النضج في صراع الشطل والمضمون وان العمليه الإبداعية عمليه معرفيه تحكمها قوانين المعرفه لهذا كان الابداع عند هيغل هو عمليه الكاشف عن وحدة التناقضات أي ان غاية الابداع تاخذ اتجاهيين الاول كشف الحقائق والثاني تحقيق حقائق جدية وجديده وان الجمال الفني اعلى قيمة وارفع مكانه من الجمال الطبيعي لان الجمال الفني هو عمليه ناتجة عن تفاعل الروح الانسانية للفنان مع روح المطلق بفعل قانون الجدل ؟
اما الفيلسوف كانت فيذهب الى ان الفن هو نتاج عقلي بحكم طبيعة الانسان فالفنان يخلق فنا سعادة ولذه تامليه بعيده عن أي صفه من صفات المنفعة الصادرة عن أي أحساس بيولوجي او سايكلوجي ( فالفن هو ذاته لذاته) وغايته الدائمة كانت في ذاته وهو نتاج صادر عن حرية الإنسان وإرادة بعيده عن أي عمل صناعي مدبر ومتقن فهو جميل تلقائية بدون خطيط وقياس والفن نتاج عبقري خارج عن حدود القواعد والنظم والعمليه الابداعية عند كانت فهي ابداع عقلي اساسة كشف الجمال الحقيقي بواسطة المعرفه الغقليه لدى الفنان والابداع يتحقق في الانسان ذو الاحساس السامي الذي ينتج الفن السامي؟
وذهب كروتشه ان صورة الفنان ترتبط بفرديته اذ ان كل عمل فني اصيل لابد من ان يحمل عبيرا صادقا عن الحالة الداخليه للفنان ومهمة الفنان في راي الفيلسوف هو وصيل أحساسة وعواطفه وأفكاره الى الناس وقدرة الفنان في أخراج نفسه في العمل الفني هي آلية العمل الإبداعي والحقيقه ان الفنان الذي يبدع أي عمل فني لايحتاج سوى التعبير عن حالته النفسية أن مفهوم الفن عند الفيلسوف كروتشه هو حدس وان كل من تذوق الفن انما يدير بصرة نحو تلك الجهة التي يدله الفنان وهنا يؤكد هذا الفيلسوف على ان الفن هو حدس وتعبير ؟
اما الفيلسوف سانتيانا فقد وضع معنين للفن الاول اسماه المعنى العام وهو عمليه شعوريه الفاعله المدركة من قبل الانسان والتي يدرك بها خطواته عمله والتي تكون محدده بقوانين الكم والكيف كما في الفنون التصميم والزيين والثاني اسماه المعنى الخاص للفن الذي هو عمليه لاشعوريه ولاتحددها قوانين عقليه منطقية وهي تنطلق انطلاقا حرا لا تبغي هدفا بل غايها في ذاتها كما في الموسيقى والشعر والفنون التشكيلية
اما الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون فقد قال ان العقل اداة سيطرة الانسان على البيئه في حين يعتبر الحدس اداة لادراك حقائق الشعور الباطني ويتصف الحدس عنده بانه نوع من التعاطف العقلي كما ان الحدس هو اداة الادراك لذاتنا والحدس يتعامل مع المطلق في حين يتعامل القعل مع المنفعه ؟ اما الابداع عند برجنسون هو انفعال واهم ميزه لهذا الانفعال انه لايلغي التفكير ولا يلغي التامل وان الفنان في نظرة يمتلك عينا حدسيه جماليه تستطيع تقديم نوع من الاتحاد بين التصور والموضوع لذلك فهو ينسب للفنان قدرة صوفيه تمثل التيار الصوفي لفهم جوهر عملية الابداع الفني ورؤيته هذه تعبر دعوى يشكل أو بأخر للرجوع إلى الفلسفه الدينية القديمة التي ترى بالافكار المطلقه والمتغلغلة في ثنايا الكون تفسيرا ليس فقط للظاهرة الجمالية انما لظواهر اخرى كالدين والاخلاق كما ن الفيلسوف برجنسون يرى أن المعاناة شرط اساسي للفن والابداع والحدس بمفهومه المعاصر هو نشوة الكشف والمعاناة الابداعية التي يتعين على منتج الجمال ومتلقيه ان يقوما بة ويمرا من خلاله وان الفنان العظيم انما هو ذلك الذي يصدر عمله من انفعال جديد اصيل بحيث يولد في انفسنا احاسيس جديدة او عواطف لم نكن نألفها وان الانفعال هنا ليس مفهوم التاثر الوجداني بل هو ضرب من الانقلاب النفسي الذي ينفذ الى اعماق النفس فيزلزلها
وان الابداع الفني يسير دائما من المجرد الى المجسم ومن الكل الى الاجزاء ومن المخطط العام الى الصورة الواضحة وعليه فان برجنسون لايجعل من العمل الفني مجرد ثمرة سريعة بل هو يقدم لنا الفنان بصورة الرجل المبدع الذي يبذل جهدا عقليا في سبيل تحويل المخطط الابداع او الفكرة العامة الى صورة او وحده منسقه
اما فرويد فنظريته في العمليه الإبداعية مستمدة من التحليل النفسي وترتبط ببعض معطياته السايكلوجية وخاصة مايسميها بالتسامي ان فرويد يعتبر ظاهرة التسامي او الاعلاء من الناحية السايكلوجية عمليه تفرغ الطاقة الجنسية المكبوته داخل الفنان (اللبيدو) اما عند الاشخاص غير الفنانين فان الطاقة الجنسية تبقى كامنه في الاشعور وقد تظهر بشكل جنسي منحط ليس بذي فائدة للمجتمع ويذكر فرويد كثير ممن عانو عملية الابداع الفني
ان التفسير الفرويدي لطبيعة الابداع هو ان الطبيعة السلوك في حالتة الاعتياديةو المقبوله وفي حالته المنحرفة ناجم في الاصل عن رغبات مكبوته جنسية المحتوى تتخذ ميادين الرمز واجهة للتسرب الى الحياة الشعوريه فاديا لاصطدامها بتقاليد المجتمع وانظمته المرعبة لاتسمح لها بالتعبير عن نفسها بشكل واضح وبما ان افرويد قد وضع الفن على قدم المساواة مع بعض المظاهر النفسية مثل الحلم الفكاهه العصاب وتكون هذه المظاهر مرتبطة بشكل وثيق بالا شعور فالفنان عندئذ يخلق عالما من الصور التي يستدل فيها بهدفه الجنسي القريب اهدافا اخرى تجيء
ارفع واكثر وضوحا لانها غرير جنسية وحين يلتجىء الفنان الى الرموز لانة يعبر بالطاقة الجنسية الحيويه(اللبيدو) عن مظاهر الاشباع الحقيقي لكي يحولها الى مجا لات خياليه فنية او أي مواضيع ابداعية إنسانية وضمن هذا التصور فان اليات الإبداع الجمالي هي الاداة الرئيسية التي تنتج اشياء تصبح اداة اشباع الرغبات الجنسية المكبوته وهنا يعبر فرويد الفنان شخصا عصاميا يتصرف كاي انسان يملك ميولا جنسيا غير مشبعة اذ يرتد عن الواقع ويحول كل اهتمامه وكل طاقته نحو اشباع تلك الرغبات عن طريق الابداع الفني

#عبدالرحيم_ثامر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات