أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحسين بحماني - في مفهوم الدولة - 2















المزيد.....

في مفهوم الدولة - 2


الحسين بحماني

الحوار المتمدن-العدد: 3109 - 2010 / 8 / 29 - 14:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


النظرية الماركسية الكلاسيكية و"النظرية الوصفية":

في التصور الماركسي الكلاسيكي، تعرف الدولة أنها "جهاز قمعي". إنها "آلة للقمع تتيح للطبقات المسيطرة (في القرن 19، للبورجوازية وكبار الملاكين) تأمين سيطرتهم على الطبقة العاملة"(1). على حد تعبير لويس ألتوسير، الدولة هي ما سُمي في المراجع الكلاسيكية للماركسية ب"جهاز الدولة" أي كل ما عُرف وجوده وما كان خاضعا لسيرورة تاريخية حتمية، حسب نفس التعريف، من ممارسة قانونية من الشرطة والمحاكم وأيضا الجيش الذي يتدخل كقوة قمعية في نهاية المطاف عندما تفقد الوسائل الأولى فعاليتها، وفوق هذا كله رئيس الدولة، الحكومة والإدارة.

يرى ألتوسير أن "نظرية" الدولة الماركسية اللينينية تمس ما هو أساسي في كونها هي نفسها "جهاز الدولة" المعرف كقوة للتنفيذ والتدخل القمعي "في خدمة الطبقات المسيطرة" في خضم الصراع الطبقي الذي تقوده البورجوازية وحلفاؤها ضد الطبقة العاملة، كما أنها تُعرف "وظيفتها" الأساسية (القمع). وهنا يضع ألتوسير كلمة نظرية بين مزدوجتين لأنها في نظره ليست بالنضج اللازم لتصبح نظرية، مشيرا إلى أنها لا تعدو أن تكون "نظرية وصفية"، أي أنها في أولى مراحل تطورها، وككل الاكتشافات العلمية التي لا تملك أن تتفادى المرور عبر المرحلة التي خلالها تسمى "نظرية" وصفية، التي هي المرحلة الأولى لكل نظرية.

إذن يرى ألتوسير أن "النظرية الوصفية" للدولة ليست إلا مرحلة انتقالية ضرورية لتطورها، وكونها كذلك يجعل منها نقطة اللاعودة بحيث يجب معها، لبناء النظرية، تجاوز ذلك الشكل من "الوصف". إنها صحيحة بالنظر إلى تسليطها الضوء على مجموعة من الوقائع الملموسة في كل درجات القمع مهما كانت ميادين هذا القمع في حق الطبقات الشعبية، بالإضافة إلى كونها تمنح الوسائل التي بها تُميز وقائع القمع وتُربط بالدولة. إلا أن تراكم الوقائع تحت تعريف الدولة، عندما يتم تصويره، لا يحرك قدما تعريف الدولة، أي نظريتها العلمية، هكذا تكون كل نظرية وصفية تجازف بأن تُجمد التطور الضروري للنظرية.

من هنا، حسب هذا المنظور، يجب تطوير النظرية الوصفية وإضافة شيء آخر للتعريف الكلاسيكي.
قبل ذلك، "النظرية الماركسية" حول هذا المفهوم تميز بين "سلطة الدولة " Pouvoir d’État و"جهاز الدولة" Appareil d’État حيث لا معنى لهذا الأخير دون وجود الأول، ويمكن أن يبقى جهاز الدولة في مكانه بينما تمسك وتحتفظ بسلطة الدولة طبقة من الطبقات أو تحالف طبقات أو أجزاء من طبقات معينة، فقط لأنها هدف صراع الطبقات السياسي. ويذكر ألتوسير أن التاريخ يثبت أنه رغم توالي "الثورات" التي تستهدف تلك السلطة من قبيل "الثورات" البورجوازية في القرن 19 وحتى بعد ثورة اجتماعية كثورة 1917 بقي جزء كبير من جهاز الدولة في مكانه بينما استولى على السلطة تحالف البرولتاريا والفلاحين الفقراء.(2)
في الأخير البرولتاريا يجب أن تستولي على سلطة الدولة لتدمير جهاز الدولة البورجوازي الموجود وتعويضه في بادئ الأمر بجهاز دولة مخالف تماما، برولتاري (ديكتاتورية البرولتاريا)، لتُفعل بعده في المراحل المتأخرة عملية راديكالية لتحطيم الدولة وبذلك تكون نهاية سلطة الدولة وكل جهاز دولة.

الأجهزة الإيديولوجية للدولة:

سبق غرامشي بطرح فكرة كون الدولة لا تُختزل فقط في جهاز الدولة (القمعي) وإنما تضم مجموعة من مؤسسات "المجتمع المدني": الكنائس، المدارس، النقابات...إلخ. استعارها ألتوسير وفصلها "بشكل منهجي"، حيث أنه يقول أن المراجع الكلاسيكية الماركسية لم تتعامل مع التقدم الحاصل والتجارب والمناهج المرتبطة به بشكل نظري، هذه التجارب والمناهج ظلت محصورة في ميدان الممارسة السياسية. لقد تعاملت مع الدولة كحقيقة أكثر تعقيدا من التعريف الذي أعطاها، فقد اعترفت بذلك التعقيد، إلا أنها لم تعبر عنه بالمقابل نظريا.

إذن اقترح ألتوسير مفهوم "الأجهزة الإيديولوجية للدولة" لتطوير نظرية الدولة، ليقول أنه لابد من وضعه في الاعتبار ك"حقيقة" تظهر إلى جانب جهاز الدولة (القمعي) ولكن لا ينبغي الخلط بين الإثنين.
إنه يعتبر مجموعة من المؤسسات كأجهزة إيديولوجية للدولة من بينها: الجهاز الديني (نظام مختلف الكنائس)، المدرسي (نظام مختلف المدارس العامة والخاصة)، الأسري، العدلي، السياسي (النظام السياسي حيث مختلف الأحزاب)، النقابي، الإعلامي (الصحافة، التلفزيون، الراديو...)، الثقافي (الآداب، الفنون الجميلة، الرياضة...(3)(.
في الوقت الذي يُلاحظ وجود جهاز قمعي للدولة، يرى أنه يوجد العديد من الأجهزة الإيديولوجية. وبينما ينتمي الجهاز القمعي كليا إلى المجال العام، فإن الجانب الأكبر من الأجهزة الإيديولوجية يصدر عن المجال الخاص. هنا يوضح ألتوسير أن غرامشي، بوعيه الماركسي، قد أشار إلى هذا التناقض قبل هذا، إذ يرى الأول أن التمييز بين الخاص والعام إنما هو تمييز داخلي في القانون البورجوازي، ويبقى صالحا في المجالات الملحقة التي تخضع إلى سلطة ذلك القانون. مجال الدولة لا يخضع لهذا لأنها "خارج القانون" فهي لا تنتمي لا للعام ولا للخاص، بل على العكس فهي شرط كل تمييز بين الخاص والعام. نفس الشيء ينطبق على الأجهزة الإيديولوجية للدولة، لا يهم إن كانت المؤسسات التي تحققها "عامة" أو "خاصة"، بل المهم هو عملها. فمؤسسات خاصة يمكن أن "تشتغل" كأجهزة إيديولوجية للدولة.
الفرق الذي يقيمه ألتوسير بين الأجهزة الإيديولوجية والجهاز القمعي للدولة هو أن هذا الأخير "يشتغل بالعنف" والأخرى تشتغل بالإيديولوجيا. ويستدرك بالقول أن أي جهاز للدولة يشتغل بالعنف وبالإيديولوجيا معا، ولكن مع فرق مهم لا يجعل الإثنين يختلطان. حيث يشتغل الجهاز القمعي بالعنف أولا ثم بكيفية ثانوية بالإيديولوجيا، والأمر نفسه بالنسبة للأخرى حيث ينعدم جهاز إيديولوجي صرف. هكذا تضع المدرسة والكنيسة طرقا خاصة للقمع تتجلى في العقوبات والشطب والإنتقاء، كما تعتبر الرقابة قمعا يمارسه الجهاز الإيديولوجي الثقافي.(4)

1) Louis ALTHUSSER, Idéologie et appareils idéologiques d’État. (Notes pour une recherche), http://classiques.uqac.ca/contemporains/althusser_louis/ideologie_et_AIE/ideologie_et_AIE.html, document en PDF, p 15. Article originalement publié dans la revue La Pensée, no 151, juin 1970. In ouvrage de Louis Althusser, POSITIONS (1964-1975), pp. 67-125. Paris : Les Éditions sociales, 1976, 172 pp.
2) Voir Ibid., p. 17
3) Voir Ibid., pp. 20-21
4) Voir Ibid., p. 23



#الحسين_بحماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مفهوم الدولة - 1
- بمناسبة العام الأمازيغي الجديد 2960: وجهة نظر عن الحلول السي ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحسين بحماني - في مفهوم الدولة - 2