أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد إبراهيم الشريف - إشكالية تداخل الأنواع الأدبية في -متى يأتي الجيش العربي؟-















المزيد.....

إشكالية تداخل الأنواع الأدبية في -متى يأتي الجيش العربي؟-


أحمد إبراهيم الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 20:46
المحور: الادب والفن
    


يتحرك النص الشعري الحديث بخطى غير متوازنة بين تقنيات الإلقاء، وتقنيات القراءة؛ فقد تغلب ـ أحياناـ تقنيات القراءة/ الرؤية خاصة بعد ما أضيف للقصيدة من تشكيل بصري وإيقاع دلالي يتنوع في القصيدة الفنية من أول طريقة الكتابة حتى فنيات الطباعة، في حين أن تقنيات الإلقاء قد تراجعت خاصة بعد السماح بتداخل النصوص الأدبية، وبالاعتماد على همس المفردات، وتلاحم الجمل وتكثيفها، وتقصي الدخول بالنص إلى حالة من الاغتراب والإبهام الذي ـ عادة ـ ما تصف به القصيدة الحديثة فيما أطلق عليه النص الجديد، ومع ذلك ظل هناك نص شعري يملك القدرة على أن يغترف من فنون الإلقاء ومن فنيات الكتابة، وأن يسلك طرق مميزة خاصة به وفي الوقت نفسه غير مغتربة ولا مضللة فنيا؛ من ذلك نص السماح عبد الله "متى يأتي الجيش العربي ؟" الذي صدر عن دار التلاقي، وهو يطرح فنيا محاولة شعرية تعمل على اختزال تجربة عامة مؤلمة، وإعادة صياغتها بطريقة خاصة على المستويين الفني والرؤيوي.
النص يحمل ـ في داخله ـ تقنياته الفنية التي تشكله وتجدد بناءه؛ بحيث يطرح إيحاء كليا لنص كلي، إذ النص عبارة عن قصيدة طويلة قصد الشاعر أن يصيغها في شكل ملحمي، مما تطلب أدوات لغوية وسياقية ورمزية تداخلت لتقدم وثيقة شعرية في شكل نص بين إشارات لغوية عدة متصلة معا سبقت القصيدة ولحقت بها بدءا من العنوان: الذي مثل بوابة النص الشعري التي جاءت في هيئة استفهامية، مما يضع المتلقي في قلب الحدث لأنه يدفعه دفعا لإعمال ذهنه منذ الوطأة الأولى، فالعنوان الاستفهامي ـ دائما ـ لديه القدرة على إثارة الفتن الدلالية؛ والجملة الاستفهامية "متى يأتي الجيش العربي" حملت الاستفهام أكثر من دلالة؛ منها الدلالة الزمنية بالتساؤل عن موعد مجيء الجيش العربي، لكن القدرة الإيحائية للاستفهام لم تتوقف عند ذلك الطرح بل تظل دلالة الفعل " يأتي" مبهمة وغير مستقرة دلاليا بالنسبة للمتلقي، وعلى هذا فإن الأسلوب الإنشائي (الاستفهامي) يحمل دلالتين: "الزمنية" بالاعتماد على أداة الاستفهام (متي)، و دلالة الوجود الذي هو نقيض العدم ؛ أي متي يكون لنا جيش عربي؟ بما يعني أن إشكالية العنوان تكون في وجود وزمنية الجيش العربي معا، وكان أحرى بالشاعر أن يضع بعد علامة الاستفهام علامة تعجب (!)، وعموما فإن العنوان يحيط بالقصيدة كسياج دلالي يتفاعل معها على المستوى الكلي؛ لأن الجيش العربي يمثل الحاضر/الغائب على امتداد القصيدة.
وقد ألحق الشاعر بالعنوان الجملة الوصفية "قصيدة طويلة" فأخرجته من إطار الديوان والمجموعة الشعرية، وأضفت عليه وحدة الموقف الأيديولوجي، ودفعته للبحث عن التنوع الفني في داخل النص، في حين صُبغ الغلاف باللون الأحمر فيما يرمز به الشاعر إلى لون الدم العربي المراق بطول البلاد وعرضها، والذي يحد من قسوة هذه الصورة أن جعلها تحتضن حصانا شُكِّل من حروف وكلمات متداخلة معا للآية القرآنية الكريمة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
إذا أعدنا النظر إلى الغلاف بنظرة كلية تحتوي العنوان والتصميم الفني خاصة بعد قراءة القصيدة نستطيع أن نحدد نوعية الخطاب الذي يحتويه، إذ هو خطاب جماهيري (الشاعر والمتلقي) في مواجهة خطاب النظام الذي نجده صارخا في القصيدة، وبجانب الغلاف جاءت "إشارة" الشاعر للإطار الزمني لتاريخ كتابة القصيدة، وإن كانت كتابة تاريخ الأعمال سمة عامة عند الشاعر في نصوصه السابقة إلا أنها في هذه القصيدة كان للتاريخ دلالة خاصة مما يضفي جوا نفسيا يساعد على تهيئة المتلقي ووضعه في الحالة الشعورية التي كانت مسيطرة في ذلك الوقت، والقصيدة كتبت في أغسطس 2006م أي بعد انتهاء حرب لبنان 2006م وقد تكون كتبت أثناء الحرب فحمَّلها التأريخ دلالة معينة فسيطر على جوها العام الإحساس بالقلق والترقب بما تفجر في شكل سخرية لاذعة من الوضع العربي الراهن، والشاعر لم يكتف بما تقدم بل أهدى قصيدته للجيش العربي مدركا أن الأمر محض أمنية، وباستحضار دلالة العنوان الموحية بغياب الجيش العربي فقد يعني أن القصيدة بلا إهداء، فقد ترتب على الإهداء أمنية أخري هي أن يعي الجيش ويفهم معنى القصيدة.
كما صدر قصيدته بـ "بدء القول" من نص شعري اختاره السمَّاح لشاعر جاهلي "عمرو بن كلثوم" بما تثيره شخصيته ومعلقته الشهيرة من مفارقة مطلوبة جراء المقارنة بين عهدين في تاريخ العربية، وإن كان "بدء القول" قد مثل الوجود بالقوة فإن "خاتمة القول" من نص للشاعر "حسن طلب" جاءت على النقيض إذ يبحث الشاعر فلا يجد ـ حتى في المعاجم ـ لا وطن ولا شعب ولا حاكم سوى الضياع المحقق من تفاقم الوضع الراهن.
على هذا فإن قصيدة "متى يأتي الجيش العربي؟" مثلت جملة اعتراضية توضيحية في النص الكلي، حرص الشاعر على ألا يقدمها بطريقة مباشرة، بل صاغها في صورة استعارية كبرى متخيلة للصراع الداخلي العربي ـ العربي، من خلال الاستدعاء التاريخي لحرب البسوس فيما أطلق الشاعر عليه "حرب العنزة".
وقد سمح الشاعر داخل النص بتلاقي الأنواع الأدبية من خلال ظهور تقنيات مسرحية مثل الحوارية، ومراعاة حالات الخطاب في الإلقاء، وتقنيات سردية مثل الحدث، والحبكة، والشخصيات، والزمان، والمكان، مع التأكيد على أن السماح إنما يقدم نصا شعريا في الأساس يعتمد على حس درامي من خلال بعض تقنيات السرد المتداخلة معه كما في اللغة الإيحائية: حيث تتميز مفردات الشعر بأنها ذات سمات احتمالية وظلال مغايرة مرتبطة بالمعني، وأنها تخفي أكثر مما تظهر، ولديها القدرة الفائقة على صنع الخيال؛ حيث إن المفردات الشعرية تخضع لعملية الاختيار التي تشكل وعي المبدع، كي يحقق الغرض النفسي والدلالي من القصيدة، وقد جاءت المفردات متعلقة بتقنيات سردية؛ حيث حرصت اللغة على رسم الشخصيات عن طريق الإبانة عن أنواع الخطاب في القصيدة حيث نجد الجندي الذي يعبر عن الموقف الشعبي( الشاعر، والمتلقي) يتساءل عن عدم مجيء الجيش العربي فيقول: ... قُطع جسد الأبناء/ أمام الآباء/ وبُقر البطن الحامل قبل استكمال اللحم/ على عظم أجنتنا/ هُتكت الأعراض أمام الأعين/ صُلبنا فوق الجدران / فقل لي بالله عليك/ لماذا لم يأتي الجيش العربي إلى الآن.
الجندي/ الشاعر يعرض للوضع الراهن للحال العربية فاستخدم لغة موحية تتسم بالوحشية والعنف ( قُطع، بُقر، هُتكت، صُلب) وقد جاءت الأفعال في صيغة المبني للمجهول لتدل على تعدد الفاعل وليس الجهل به، كذلك للتركيز على الحدث عن طريق توالي الأفعال المتعلقة بكل ما يمكن أن يتخيله إنسان، لإبراز مدى المعاناة التي ألمت بالعرب، ثم ختم ذلك باستفهام استنكاري فالجيش العربي لم يحرك ساكنا بعد كل الذي قيل، وبهذا فإن الكلمات الشعرية قد سعت إلى تشكيل شخصية الجندي/الشاعر في صورة المكترث بمجتمعه وواقعه.
بينما نجد شخصية الجندي الثاني( المنتفعين، والغير منتمين، والأنظمة الفاسدة) على النقيض من المشاعر السابقة؛ فهي تمثل وجهة نظر مغايرة، ونلحظ ذلك من مفرداتها فيقول: خاض الجيش العربي حروبا/ حتى قد والله اشتعلت تحت أصابع رجليه/رمال البطحاء/وقد والله احترقت تحت حوافر خيل الجند/ رءوس علوج الأوغاد/ الجبناء/نعم/ إي والله/ لقد خاض الجيش العربي حروبا/ شيَّبت الولدان/ وسوَّدت السحب الماشية/ محملة بالماء/ وسجلها التاريخ على صفحته/بسطور/ من نور/ ومداد/ من دم الأجداد.
مفردات مثل ( خاض، اشتعلت، احترقت، شيَّبت، سوَّدت، سجلها) استخدمها لتعبر عن حال الجيش العربي المتخيل، وقد تم بناء هذه الجمل معتمدا على الأفعال التي تدل على الحركة، كما يلاحظ استخدامه لأسلوب القسم (إي والله) لتأكيد ما سبقها وما لحق بها من جمل.
وفي رسم ملامح الشخوص التي تشكل الشعوب العربية يقول : فتجمعت الأفواج الغاضبة/ وخرجت لفضاء الصحراء/ ملوحة بهلاهيل الخرق/ وعيدان النيران المحترقة/ وجريد النخل/ وهتفت في مدخل خيمة رأس القوم/ منددة بالعدوان الغاشم/ ومطالبة بالثأر الحاسم/ حتى رجت أصواتهم الهادرة /خباء الشيخ المترفع.
المفردات في الجمل الشعرية السابقة (تجمعت، خرجت، ملوحة، عيدان النيران، هتفت، منددة، مطالبة، رجت، الأصوات الهادرة) وردت في سياق حماسي تسيطر فيه العواطف الفائرة لذلك جاءت المفردات متكئة على صيغة الجمع، كما استدعت الألفاظ صورة متخيلة انتقلت بالمتلقي عبر حدود المفردات والجمل إلى فضاء نصي متوشحا بالحركة العنيفة التي تثيرها المجاميع في محاولة للإيحاء بحالة وجدانية تعبر عما شعرت به قبيلة الحلزيين من ضياع للكرامة.
كذلك من المفردات الموحية الألفاظ ذات السمات التاريخية، والدينية، والتراكيب اللغوية التراثية، فقد حاول السماح عبد الله أن يجعل المفردات تراثية من حيث البناء اللغوي والنسب وأسماء القبائل المخترعة.
كما أثرت اللغة في بناء الحدث حيث جعلت منه بنية إيقاعية ناتجة من ترقب تنامي الحدث، ولا نغفل ذلك التناص مع (ألف ليلة وليلة) النص السردي النموذج للعقلية العربية التي تقوم على الاستطراد، ومن خلال بناء المفردات يتم الوقوف على مرحلة أخرى من شعرية النص تتعلق بالصورة الشعرية إذ تشكل الصورة ملمحا أساسيا عاما في بناء النص الشعري، وقصيدة السماح عبد الله جاء إطارها العام في شكل استعاري حيث استدعاء التاريخ وإعادة صياغته.
وهكذا بالاعتماد على تداخل الأنواع الأدبية استطاع السمَّّّاح عبدالله أن يصيغ مفارقته الفنية، وأن يبدي حسه الساخر في تجربته الشعرية.



#أحمد_إبراهيم_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد إبراهيم الشريف - إشكالية تداخل الأنواع الأدبية في -متى يأتي الجيش العربي؟-