أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - خالد غزال - عن «ازدهار» ثالوث التآمر والتخوين والتكفير















المزيد.....

عن «ازدهار» ثالوث التآمر والتخوين والتكفير


خالد غزال

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 09:56
المحور: بوابة التمدن
    



السبت, 28 أغسطس 2010
*
يثير السؤال الذي طرحه عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين ووضعه عنواناً لأحد كتبه: «هل يمكن العيش معاً متفقين ولكن مختلفين؟» معضلة في المجتمعات التي لم تطرق بابها الديموقراطية، ثقافة سياسية ومممارسة عملية، فيما يشكل الموضوع هاجساً يومياً لدى المجتمعات المتقدمة الساعية دوماً الى الارتقاء بمفهوم التعايش المشترك وسط الخلافات السياسية والأيديولجية، بما يسمح بحل النزاعات بالوسائل السلمية وبما يبعد العنف أداة لحسم هذه الصراعات. يبدو السؤال ملحاً في ما تشهده اليوم المجتمعات العربية من إدارة لصراعاتها عبر إعلاء العنف خطاباً سياسياً وممارسة عملية، وفي وقت عادت الساحة اللبنانية تصدح في أجوائها خطابات التخوين والتكفير والاتهامات بالعمالة، وتضع معظم الشعب اللبناني في قفص الاتهام.

لم يخلُ المجتمع العربي في سياق تطوره القديم والحديث من إنتاج ثقافة الاختلاف، سواء طال أمر القضايا السياسية أم الفكرية والأيديولوجية. وعلى غرار سائر المجتمعات التي عرفتها البشرية، كانت الصراعات السياسية والفكرية تجد ترجمة لها في أصناف من اتهامات الخصم بنعوت يرمى من ورائها إلى تحطيمه، ومن هذه الاتهامات ما يتصل بالتآمر والتخوين والتكفير، وهي تهم تمثل الذروة في هذه الصراعات، ويترتب عليها نتائج خطيرة على صعيد مصير الإنسان، تصل إلى حد إهدار دمه والإطاحة بحياته. تتسع الظاهرة أو تتقلص بمقدار ما تكون المجتمعات حققت حداً من التطور الحضاري، تصل بموجبها إلى مرحلة الاعتراف بالرأي والرأي الآخر، وحق الاختلاف، والاحتكام إلى القوانين والعلاقات الديموقراطية في تسوية الخلافات، ومن دون رمي الآخر بالاتهامات التي تلغي فوراً منطق الاختلاف.

إذا كان العالم العربي قد عرف الظاهرة التآمرية - التخوينية - التكفيرية في كل مراحل تطوره، إلّا أنها اتخذت بعداً خاصاً خلال النصف الثاني من القرن العشرين ومعه الفترة الراهنة، اتصالاً بالتطورات السياسية التي بدأت المنطقة العربية تعيشها، بدءاً من الهزيمة في فلسطين في عام 1948 وقيام دولة إسرائيل، وصولاً إلى الانقسامات السياسية الحادة التي لا تزال تعصف بالمجتمعات العربية، في صراعها مع بناها، ومع الخارج أيضاً. تبلورت مفاهيم ونظريات حول هذا الثالوث غير المقدس، وطالت جميع مناحي الحياة السياسية والفكرية والثقافية، ومارسته أنظمة سائدة وأحزاب سياسية وقائمون على الحياة الفكرية والثقافية، هيئات كانت أم أفراداً، بحيث باتت الاتهامات أسهل الطرق لإنزال الهزيمة بالخصم والانتهاء منه مادياً أو معنوياً. وكلما تعمقت الهزائم واتسعت، ارتفعت معها وتيرة فعل هذا الثالوث وهيمنته، وجعله «الحكم» الناظم في حل الخلافات.

وإذا كانت المجتمعات العربية متهمة اليوم بإنتاج العنف والإرهاب، وهو اتهام يحمل الكثير من الصحة، فإنّ هـــذا العنف هو الابن الشرعي لسيادة هذا الثالوث وترجمته العملية في الممارسة السياسية وفي الأفكار السائدة. تتجلى الهزيمة العربية في تصعيد هذا النوع من الثقافة، وفي اختراقها مجملَ البنى الفكرية ولهيمنتها على الثقافة السياسية السائدة.

تتقاطع المفاهيم الثلاثة وتتتشارك في التوصيف والمسلك والنتائج، تبدو كأوانٍ مستطرقة، وكسلسلة متصلة ببعضها بعضاً. لذا ليس غريباً أن تطلق مجتمعة ضد الخصم الموجهة له، على رغم أنّ تهمة واحدة منها تكفي لتحقيق الهدف. يزخر العالم العربي بثقافة «متقدمة» لهذا الثالوث، بحيث تطغى تعابيره وتوصيفاته على كل خلاف أو اختلاف مهما كان حجمه أو طبيعته. يتغذى الثالوث من جملة عوامل بنيوية تتصل بتكوّن المجتمعات العربية والأنظمة القائمة فيها والأيديولوجيات السائدة والعصبيات المسيطرة، تتقاطع جميعها عند غياب ثقافة الديموقراطية والاعتراف بالآخر والعيش معاً مختلفين، إضافة إلى رفض حقوق الأقليات ومنع الأصوات المعارضة.

أول العوامل وأهمها، تاريخياً، يتصل بطبيعة الأنظمة المتكونة خصوصاً منذ خمسينات القرن الماضي، والثقافة السياسية التي استندت إليها، والقائمة على سيطرة الحزب الواحد أو العصبية الواحدة، سواء اتخذ هذا الحكم شكل النظام الجمهوري أم الملكي. كان على هذه الأنظمة اعتماد منطق الديكتاتورية والاستبداد السياسي لترسيخ سلطتها الأحادية. ولتكريس هذه السلطة، لجأت إلى القوة والأجهزة الأمنية لترسيخ نفوذها. منذ قيامها واجهت الأنظمة العربية قضايا تتصل بالمشروع الإمبريالي - الصهيوني على المنطقة، وكان عليها مواجهته أو الاستعداد للمواجهة. شكّل العنصر الخارجي – الداخلي مادة سمحت لهذه الأنظمة رفع شعارات تتوافق مع هيمنتها على السلطة، واستخدام هراوة القمع لمنع المعارضين. لم يكن القمع عارياً دائماً أوغير مبرّر من وجهة نظر الحكام، بل كانت العدة الأيديولوجبة جاهزة لاتهام المعارض بالتآمر على المصلحة العليا، وبالعمالة للأجنبي والاستعمار، وهي تهم توصل مباشرة إلى الاتهام بالخيانة، ولا مانع بعد ذلك أن تقرن الفتاوى الدينية التهمتين بتهمة الكفر والإلحاد. ازدادت وتيرة استخدام هذا «الثالوث» بعد فشل مشاريع التحديث والتنمية، وبعد الهزائم العسكرية التي منيت بها هذه الأنظمة أمام العدو القومي، فارتفعت وتيرة التخوين والتآمر حتى باتت العدة النظرية التي ترميها الأنظمة في وجه كل منتقد لها أو مطالب بمحاسبة الحكام على النتائج المترتبة على سياستهم في إدارة البلاد. هكذا على امتداد العقود الماضية، ويومياً، تشدد السلطات الاستبدادية الحاكمة على وتيرة رفع سيف التخوين في وجه القوى التي ترى أنها تشكل تهديداً، ولو بسيطاً، لسلطتها، وهي ثقافة تبدو اليوم النمط الذهني المسيطر والمشترك بين جميع التيارات السياسية والفكرية السائدة في المجتمعات العربية، رسمية كانت أم غير رسمية.

في ظل ازدهار الثقافة المعادية للديموقراطية في وطننا العربي، وفي ظل الإصرار على رفض الاعتراف بالآخر وقبول التعايش معه، ووسط اندلاع موجات الحركات الأصولية المتطرفة، في السياسة وفي ممارسة العنف، يصعب القول بإمكان انحسار «ثقافة» التخوين والتآمر والتكفير في مجتمعاتنا، بل ان الاسوأ قد يكون القادم علينا.

* كاتب لبناني.




الحياة



#خالد_غزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الإسلام الآسيويّ- لآمال قرامي


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - خالد غزال - عن «ازدهار» ثالوث التآمر والتخوين والتكفير