أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد نضال دروزه - كيف تتكون الثقافه















المزيد.....

كيف تتكون الثقافه


محمد نضال دروزه

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 01:38
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


العلم هو إنتاج العقل الإنساني، الذي جمع في وعيه، المنطق الرياضي والتحليلي والنقدي، مكونا منهجا لغويا منطقيا هو التفكير العلمي، في دراسة الطبيعة وظواهرها من أحياء وجمادات، لزيادة قدرته على اكتساب المعرفة عنها، ولزيادة فهمها والسيطرة عليها والتحكم بها، والاستفادة منها لخدمة الإنسان ورفاهيته.
ومن أهم العلوم في هذا العصر، علم ثقافة الإنسان، ذلك المنهج الذي يقوم بدراسة التكوين الثقافي لكل مجتمع، مبينا المفاهيم والمعتقدات الرئيسية فيها، وهيمنتها على سلوك أفراد المجتمع وهل هذه الثقافة خاملة أم نشيطه؟ وهل تعاني عجزا يقعدها عن التطور والتحديث؟ وهل هي ثقافة متجانسة أم غير متجانسة.
يجمع كل علماء الانثروبولوجيا على أن الثقافة هي موضوع علمهم. وقد عرفها البعض بأنها السلوك المكتسب، وعرفها البعض الآخر بأنها تجريدات مأخوذة من السلوك. لكنهم اتفقوا على أن الثقافة هي كل ذلك الجزء من الكون الذي هو من صنع الإنسان: اللغة والأفكار والمعتقدات، والفهم وأساليب التفكير واتخاذ المواقف. والتنظيم الديني ومفاهيمه حول الطبيعة وما وراء الطبيعة. والنظم الاقتصادية والاجتماعية. والفلسفة والعلوم. والفنون والآداب والموسيقى. ونظم إعمار القرى والمزارع والمدن. ونظم طرق الري، وطرق الإنتاج الزراعي والصناعي. وكل ما يمكن عمله لاستقرار حياة الإنسان. كلها أجزاء في شبكة معقده هي شبكة الإنسان الثقافية.
هي شبكة منظومات القيم والعادات والتقاليد. ومنظومات معرفية ومعلوماتية، تكون شبكات ذهنيات أفراد المجتمع، تسيطر على تفكيرهم وسلوكهم، وتحدد مفاهيمهم الشمولية الدالة على نظرتهم إلى الكون والحياة والموت والإنسان، ومهماته وقدراته وحدوده. وما ينبغي أن يعمل. وهي تعني بالضرورة أن الإنسان يفكر ويتعلم ويتربى ويُعلم ويُِربي. ويعمل على تعزيز ثقافته واستقرارها بوعيه الجدلي لمعتقداته وانجازاته الثقافية. وهذه الشبكة تتكون من مجموعات من المنظومات الثقافية المتداخلة. يمكن تصنيفها كما يلي:
1. منظومات أساليب التفكير والتمثلات، وتضم مجموع التصورات والرموز التي يستعملها الأفراد والمجموعات داخل ثقافة معينة، للتعرف إلى أنفسهم وإلى بعضهم البعض، والى الذي من حولهم والتي يوظفونها بالتالي في إنتاج المعرفة وإخصابها
2. منظومات المعايير، وتشمل كل ما يتعلق بالقيم الأخلاقية والدينية والجمالية التي يستند عليها الناس داخل ثقافة معينة، في الحكم على الأفعال والسلوك.
3. منظومات التعبير، وتشمل الكيفيات المادية والصورية (الرمزية) التي يتم بها الإفصاح عن التصورات والقيم، والتعبير عن الإحساسات والأفكار.
4. منظومات العمل وتشمل الوسائط التقنية التي تمكن من السيطرة بصورة ملائمة وبدرجة ما على الوسط الذي يعيش فيه الناس داخل ثقافة معينة.
فالثقافة بمعناها الانثروبولوجي الذي يتبناه قيرقز:( هي آليات الهيمنة من خطط وقوانين وتعليمات، كالطبخة الجاهزة،التي تشبه ما يسمى بالبرامج في علم الحاسوب، ومهمتها التحكم بالسلوك والتفكير. والإنسان هو الأكثر اعتمادا على هذه البرامج التحكمية غير الطبيعية، من أجل تنظيم سلوكه.)
إذن فالإنسان يصنع الثقافة ويتمثلها من خلال علاقته الجدلية مع البيئة الجغرافية، ووسائل الإنتاج، والنظام الاجتماعي. فبمقدار تنامي قدرته على تطوير وسائل الإنتاج، وتنامي قدرته على السيطرة على الطبيعة، تتنامى ثرواته الاقتصادية ويزداد الحراك والصراع الاجتماعي، ويزداد تنامي وتطور ثقافته. فاختلاف البيئات الجغرافية، بدرجة قسوتها أو مرونتها، وشح الموارد الطبيعية أو وفرتها، واختلاف وسائل الإنتاج، وضعف أو قوة الحراك والصراع في النظم الاجتماعية أدى إلى ظهور ثقافات متعددة، لكل منها بعض المميزات التي تختلف بها عن الثقافات الأخرى. فهناك ثقافة حية نشطة وهناك ثقافة عقيمة خاملة. وثقافة عنصرية، وأخرى تقدمية إنسانية. وثقافة سلبية سلفية مقفلة ترفض الانفتاح على العصر والثقافات الأخرى. وهناك ثقافات ماتت وانتهت.
فكيف تكونت الثقافة العربية الإسلامية ؟ ولماذا توقفت عن النمو والتطور والتحديث؟ اعرض محاولة جادة وموضوعية للإجابة على السؤالين.
إن المجتمعات التي خضعت للفتوحات العربية القبلية البدوية العشائرية، كانت مختلفة في لغاتها وثقافتها، وكانت ثقافة البداوة والجهالة هي ثقافة القبائل العربية الفاتحة، التي تختلف وتتناقض في الكثير من قيمها الثقافية مع قيم الدعوة الإسلامية الوعظية الإرشادية التي كانت تبشر بها وتدعو إليها. واختلطت هذه المجتمعات مع بعضها البعض بوحدة جدلية في حراكها الاجتماعي والثقافي فأنتجت المجتمعات العربية الإسلامية المعاصرة. مجتمعات بائسة متخلفة، تعاني من شدة التخلخل والقصور الثقافي الفاعل، على أراضيها الصحراوية وشبه الصحراوية التي تعاني من ندرة المياه والموارد الطبيعية، وندرة الأراضي الصالحة للزراعة، وبدائية وسائل الإنتاج الزراعي والحرفي. وضعف الثروات الاقتصادية، واستبداد السلطة الذكورية الأبوية، كونت المفاهيم والمنظومات الثقافية المتناقضة الراكدة، التي تظهر في حياتنا المعاصرة.
فقانون الندرة في عدم وجود التنوع في الطبيعة وقسوتها الصحراوية، وشح الموارد الطبيعية.قتل حب البحث والمعرفة والاختيار لدى إنسان هذه المجتمعات بالإضافة إلى عدم قدرة الفرد والجماعة الحصول على الحاجات الطبيعية باستمرار الحياة إلى بالقليل الذي يكاد لا يكفي جعل الخوف وعدم الشعور بالأمان لدى الناس إحساسا وشعورا لديهم ففقد العقل الفردي قدرته على التفكير والتجريب والإبداع، فنشأ التكتل القبلي والعشائري، والاستسلام للقضاء والقدر. فتكرست قيم ومفاهيم الجهل والخوف والفقر والخرافة والأوهام، وشدة الحياء والخجل، والنفاق والفوضى والفساد والإتكالية، في البنية الثقافية لهذه التجمعات القبلية المتناثرة المتناحرة غير المستقرة. هذه هي مواصفات بنية الثقافة البدوية. هذه الثقافة تشد الفرد والجماعة للمحافظة على التقليدي لسهولته وتحثه على نبذ الجديد والتجديد وعدم الإقدام على المغامرة للحصول عليه لصعوبته، والخوف من خسارة التقليدي لندرته والتعود عليه.
استغلت السلطة الأبوية البدوية حرص الأغلبية على محاربة التجديد والتغيير، وسيلة للحكم والتسلط والقمع والاستبداد، بأنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية، قهرية لتدجين الرعية وتطويعها لخدمة مصالح السلطة الحاكمة. فارتمت الرعية في الركود الثقافي، في مستنقع ثقافة الخرافة والأوهام والميتافيزيقيا، تنتج عقولا فاسدة أو عاجزة، وعقولا تمسخ قبل بلوغ سن الرشد، وعقولا تحركها الظروف والأقدار، لا تجرؤ على أي فعل ضد الخوف والتدجين. تنتج قطعانا بشرية لا تعرف إلا لذة الأكل والتناسل. خلف شوارع التاريخ مرمية، في وديان التخلف منسية. فكلما بدأ المجتمع في الانتعاش الاقتصادي والاستقرار السياسي، وتظهر محاولات لاستعمال العقل والمنهج العلمي لتعزيز قيم التحضر والتمدن، تكون ثقافة البداوة السائدة لها بالمرصاد، تنقض عليها في الفرصة الأولى لأي تزعزع وتردي اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي، فان لم تقضي عليها تضعف فاعليتها. فالحرية الفردية وبداية الثقافة الديمقراطية مهددة في فلسطين، ومصدر هذا التهديد يأتي من الاحتلال الوحشي من جهة، ومن تردي الأوضاع الاقتصادية، ومن صعود الأصولية السياسية والثقافية البدوية في المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى. وقانون الندرة وقصور الحاجة عن بلوغ غايتها يعزز قوة ثقافة البداوة المدمرة لأي تقدم مدني أو حضاري. وحوادث التاريخ العربي الإسلامي تؤكد ذلك.
وبالتحليل العلمي لأنساق الخطاب الثقافي المتداول ، نكتشف أنه عبارة عن شبكة من ذهنيات الأوهام والتخمين والتردد والكسل والخوف، وذهنيات الفوضى والفساد والنفاق والتعصب، وذهنيات التبرير والإتكالية. وهي من أهم مكونات ثقافة البداوة. إن غالبية أفراد المجتمع تتربى بالردع والتعنيف والتطويع والإذعان لذوي السلطة والجاه. وتلقن التعليم والمعرفة والتثقيف على قاعدة التخويف من عقاب السلطان وغواية الشيطان وعقاب الرحمن. والتسليم بالقضاء والقدر، والقناعة بما تيسر، والرضا بواقع الحال. ونبذ حريات التفكير والتعبير والاختيار، ونبذ الاحتجاج والاعتراض، والحرص على عدم مخالفة الجماعة. فأصبحت تجمعات الناس غوغائية تغلب على تصرفاتها العاطفة الهوجاء، تعمل بالمؤثر والاستجابة، دون تفكير حر ودون عقلية سببية ولا نقدية. ودون إرادة فاعلة. فكيف الخروج من هذه المستنقعات الثقافية؟
تعرضت الثقافات في المجتمعات الحية لتغيير جذري متواصل أدى إلى تطوير العناصر الايجابية فيها، بعد دراستها وتنقيتها من العناصر السلبية التي رافقتها في أزمنة الانحطاط والسيطرة الخارجية والأنظمة الاستبدادية، وانتقلت من ثقافة التخلف والفوضى والفساد والإعاقة إلى ثقافة الإحياء والتغيير والتنمية والتطور فالوضعية الثقافية العامة للعرب والفلسطينيين والمجتمع المدني في حالة ضعف وتردي وأزمة شاملة، تستدعي أقصى درجة من العقلية النقدية التحليلية، لإبراز عناصر القوة والضعف في داخلها، حيث أنها ما زالت تنتج حياة اجتماعية متخلفة وأجيالا معاقة ثقافيا وحضاريا.
ومنذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي، لم تستطع الحركات الإصلاحية التنويرية في مصر وبلاد الشام، فعل ما يلزم لتحريرنا من ركودنا الثقافي وتخلفنا الحضاري. فأين يكمن القصور والخلل؟ هل في فساد السلطة واستبدادها في جميع مواقعها؟ أم الخلل في برامجنا التعليمية والتربوية العرجاء، التي تنشئ أجيالا معاقة، تعاني فصاما وشللا، مابين الفكر الرجعي والفكر التقدمي.؟! أم في ركود الثقافة السائدة وفسادها؟ أم في غياب الديمقراطية؟ أم فيها جميعا؟
نعم إن الخلل والفساد والقصور فيها جميعا. فمن أين وكيف نبدأ؟!
إن الديمقراطية وحرية الفكر والتفكير، وحرية التعبير، وحرية الاعتقاد. مهمة جدا لتطوير أي فعل ثقافي. فالديمقراطية تعني الاعتراف بغيرية الآخر، وفي حقه أن يكون غيرا، وبطبيعة هذا الاختلاف، الذي يقتضي بالضرورة، إبدال العناد والتعصب بالمرونة والاعتدال، ونبذ التسلط والاستبداد، واعتماد الحوار أساسا للتفاهم والتخطيط، وبناء رأي الأغلبية، الأقرب للحقيقة والصواب، والأخذ به في عملية التنمية والتطور والتغيير وحتى تتحقق حيوية وفاعلية العملية الديمقراطية، لابد أن يشعر غالبية أفراد المجتمع الأحرار، خاصة المثقفين، صانعي الثقافة التقدمية المتجانسة، في القدرة على التأثير في مجريات الحياة السياسية.
ولفهم وإدراك مدى تقبل المجتمع للمفاهيم الديمقراطية، لا بد من النظرة التحليلية للواقع الاجتماعي. فالقيم والتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية السائدة في المجتمع، لا تشجع على تبني الديمقراطية كنظام سياسي، حيث تتطلب من أجل تحقيقها وممارستها التوجه نحو نشر الثقافة الديمقراطية. فان نقاط الضعف في منظومات القيم التقليدية تعكس ضعف القوى المدنية في البنية الاجتماعية، أي ضعف روح الاجتماع المدني السياسي المتحضر، ونزوع عميق إلى الانطواء على الذات والأسرة والعائلة والقبيلة والبلد والحي والطائفة والقطرية الضعيفة، وهو نزوع مدمر ومانع من نشوء أي مفهوم للثقافة الديمقراطية فاعل للمصلحة العامة والوطنية. فكانت النتيجة قيام أنظمة الحكم الديكتاتورية والعسكرية التي قادت الشعوب العربية إلى سلسلة متلاحقة من الهزائم والكوارث. وكلما حاولت هذه الشعوب التصدي لأي تحدي من تحديات العصر الحضارية كان مصيرها الفشل. فأين هذه الشعوب من الحريات الفردية والديمقراطية الشعبية ؟ وثقافتها السائدة ثقافة الجهل و الفقر والحرمان، وعقولها السقيمة أسيرة الأوهام والخرافات. تقوم بأنشطتها الحياتية بالتلقين والتحفيظ، وترفض كل رأي مخالف لمحفوظاتها. هي نسخ تقليدية ممسوخة متشابهة. وإذا واجهتها المشاكل التي تتطلب أعمال العقل والتفكير لجأت إلى الظن والتخمين والقضاء والقدر. وأين هم من الحريات الفردية، وهم ينكرون مسؤوليتهم لأفعالهم بقولهم على لسان الفرد والجماعة: أفعالنا وأحوالنا هذه قدر من الرحمن أو بطش من السلطان أو إغواء من الشيطان.
أما القيم الحديثة فان عيوبها في المجتمعات العربية، تتجلى في أنها تفتقر إلى الجذور الإدراكية والشعورية والتاريخية العميقة( بالمفهوم الثقافي)، فتتحول بسرعة إلى قيم استهلاكية لتلبية المطالب الأنانية والشخصية النابعة من الانطواء والعصبيات المرتبطة به.
إن المشكلة الرئيسية أن لا احد يؤمن بها إيمانا حقيقيا. والكل منافقون يستخدمونها كواجهة للتغطية على قيم الأنانية والسوقية والنفعية السطحية والفردية المريضة.
و لمواجهة هذه الحالة المجتمعية، بداية لابد من زرع الثقافة العلمية في المجتمع وهي أصعب مما يتصور الذين يظنون أن المدرسة وتطوير المناهج التعليمية هي الحل. بل لابد من العمل على إيجاد الثقافة العامة المعتدلة، الملائمة لانتشار العلم ومنهج التفكير العلمي، وهذا المطلب مسؤولية المثقفين، القادرين على الإبداع والإنتاج العلمي والمعرفي، وصياغته في رؤية علمية متجانسة، للإنسان والمجتمع والعالم، وزراعته في عقول وتصرفات وأنشطة أفراد المجتمع. ووضع البرامج الوطنية المدنية وتفعيلها بين المواطنين، لبعث قيم التضامن الوطني والاحترام المتبادل بين الحريات الفردية، والإيمان بالإرادة الفردية والجماعية الفاعلة. والمصلحة الوطنية التي تحتاج إليها الديمقراطية، والثقافة الديمقراطية. وعلى القادة والمسئولين أن يتخذوا القرارات والإجراءات ووضع المعايير والقوانين لضبط وحماية الحريات الفردية، والقيم والمفاهيم الديمقراطية. وبالثقافة العلمية ومخططاتها البناءة، يتم ربط مطالب التنمية و التحرير، بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والمشاركة الشعبية.
فالديمقراطية ليست مجرد نظرية سياسية، بل هي منهج للنجاة، هي عملية صيانة للتجمع البشري. اكتشفت ضرورتها عبر تاريخها الطويل. أليس أهم ما يميزها هو اكتشاف الخلل وإصلاحه؟ بالانتخابات الدورية وتطوير القوانين والتشريع المناسب لتطور المجتمع- أليس هذا ما يفعله أي مهندس صيانة ؟ الفرق الوحيد بينها وبين أي ماكينة أخرى هو أنها ذاتية الاكتشاف والإصلاح. ليست في حاجة لمهندس من خارجها، لأنها قادرة بقوانينها الداخلية ومؤسساتها على اكتشاف الخلل وإصلاحه.ليس مهما أن نتبنى الشكل الغربي للديمقراطية، ولكن من الضروري الالتزام بالرسوم الهندسية التي تتيح لماكينة الديمقراطية في بلادنا أن تدور لكي تنتج سلعة واحدة فقط هي حرية الإنسان الفرد المتحضر، الصادق الجريء في توافق أقواله وأعماله.
المثقفون المبدعون مدعوون لإجراء عملية إصلاح وصيانة في ماكينة أفكارنا الأساسية، ثقافتنا السائدة، التي تنتج ثقافة النفاق والتخلف. وهم أيضا كل من يتمتع بروح المسؤولية في مجالات العمل البناء. فأمثالهم رواد الثورات الحديثة، منذ القرن السادس عشر الميلادي، دينية سياسية اقتصادية وعملية. وهذه الثورات تعني دائما، الانتقال من ذهنية استهلاكية إلى ذهنية إنتاجية، ومن ذهنية تواكلية إلى ذهنية العمل والنشاط بالإرادة القصدية الفاعلة البناءة. ومن ذهنية الجهل والخوف والخرافة، إلى ذهنية المنهج العلمي والثقافة العلمية، وحرية التفكير والتعبير، ومن ذهنية العبودية إلى ذهنية الحرية والتحرر. وهذه الثورات لا يقوم بها إلا من حمل الفكر المعاصر بكل أبعاده وثقافته.
وهي ثورة أمامنا وليست وراءنا، إذ لا يمكن تصور ثورة علمية منفصلة عن ثورة ثقافية شاملة. مرتبطة بالثقافية الديمقراطية، ثقافة المجتمع المدني. ثورة ثقافية تنقلنا من حالة الجمود والركود الثقافي، والتبعية والتدجين، والتخلف الحضاري، إلى ثقافة العصر بكل ثوراتها. فالتغيير الذي حصل في أوروبا، ونقلها من العصور الوسطى، عصور الظلمات والتخلف، هو إبدال التعصب والقهر، بالتسامح وحرية الاعتقاد، وطبقة الإقطاع بالطبقة الوسطى، والبرجوازية التجارية، بالبرجوازية الصناعية، والعقلانية المثالية الطوباوية، بالعقلانية التجريبية العلمية، المنفتحة على البحوث العلمية في جميع الميادين المادية والطبيعية والاجتماعية لخدمة الإنسان وإثراء حياته بالحرية والرفاه.
لنسعى جاهدين للسير في طريق الديمقراطية والثورة الثقافية لننتقل من مستنقع التخلف إلى طريق الحرية والتقدم.



#محمد_نضال_دروزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية الديمقراطية طريق التنمية والوحدة الوطنية
- الاستبداد والديمقراطيه


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد نضال دروزه - كيف تتكون الثقافه