جيكرخون علي
الحوار المتمدن-العدد: 3095 - 2010 / 8 / 15 - 07:10
المحور:
القضية الكردية
الإعلام بطبيعته مشاكس بغض النظر عن وظائفه المهنية في إيصال المعلومة ويبحث في المواضيع المثيرة والحرجة لخلق التشويق والإثارة في الحدث لجذب أكبر قدر من المتابعين وهنا أخص بالمعلومة الحدث السياسي ، أما مصدر الحدث السياسي لا يدلي بأي موقف بمعزل عن مصالحه وهذا ما يعني أن المؤذن ينادي المسلمين للصلات في المساجد كما أجراس الكنائس تدعوا المسيحيين ، أما المتابع الذي يتلقى يوميا مئات المعلومات يقوم بأخذ الموقف من كل معلومة على حدى وهذه المواقف التي يتخذها المتابع ربما تطفي عليها العاطفية أو العقائدية أو تكون بسبب تأثير اتجاه معين أو تكون تحت ظروف معينة ولكن في النهاية يجد المتابع موقفه في الموقع الصح وبموجب ذلك يختار المسجد أو الكنيسة .
في الزيارة الأخيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد إلى تركيا ، تطرق بعض الصحفيين إلى القضية الكوردية في سوريا وهذا الخبر بحسب وكالة جيهان التركية ولم يذكر في وسائل الإعلام الأخرى ، إن طرح مثل هذا السؤال لنظام ينكر الوجود القومي للشعب الكوردي بل ويمارس كل الاساليب الشوفينية في إنهاء الوجود الكوردي يعتبر حرجا ولا يجب طرحه إطلاقا لأنه يغيظ النظام بمجرد ذكر كلمة الكوردي على مسامعه ويحرجه أمام الرأي العام ، في هذه الحالة إذا كان اسلوب المتحدث قد اتسم بالحنكة والدبلوماسية سيكون الجواب منافقا لا محال وهذا ما أنا مقتنع به أن النظام ليس منافقا فحسب بل يمتلك كل الصفات الخبيثة وقادر على التملص بسهولة من أسئلة حرجة .
لنفترض أن التصريحات التي أدلى بها رئيس النظام صحيحة وليست تهويل إعلامي وحسب فما الجديد في تصريحاته هل قال بأن الأكراد جزء من النسيج السوري ؟ هل قال باننا سوف نمنح اللاجئين الاكراد الجنسيات السورية ؟ قال هذا الكلام في عام 2004 بعد انتفاضة 12 أذار ، ولكن ماذا فعل بهذا الكلام ؟ ألم يتركه خلفه وكأنه لم يقل شيء ، و بعد تلك التصريحات صدر المرسوم 49 وقرار مكتب الأمن القومي الذي يمنع بموجبه الاحتفال بالأعياد الكوردية وحتى الرحلات الطلابية تم منعها وقوافل من المعتقلين الكورد في المعتقلات الأمنية والأحكام القاسية التي صدرت بحق النشطاء الكورد وقتل الجنود الكورد وأخير وليس آخرا استملاك أراضي الكورد في محافظة الجزيرة ، كل هذه الممارسات الشوفينية مورست على الشعب الكوردي بعد أن اعترف النظام بأن الكورد جزء من النسيج الوطني ، في حال إذا لم يكن الشعب الكوردي جزء من النسيج الوطني ماذا كانوا سيفعلون به ؟ أعتقد بأنه لا يوجد شيء لفعله أكثر من القتل وها هم يقتلوننا ويكرهوننا على الهجرة ويفعلون ما يشاؤن دون أي رادع وطني أو حتى إنساني ، هذه هي سياسة البعث منذ أن استولى على الحكم في سوريا وذلك تنفيذا لتوصيات محمد طلب هلال ( التجهيل والتجويع والتهجير ) وأضافوا على هذه التوصيات ( القتل ) وهذه السياسة سوف تستمر باستمرار البعث في الحكم ولن يتغيير فيها شيء سوى اسلوب وطريقة التنفيذ والبعث سيبقى منفذا .
أقول هذا الكلام وأعرف مسبقا أن الجميع قد مل من سماعه بسبب تردده آلاف المرات على مسامع المتابعين للشأن العام ولكن أعود واكرره للمرة الألف وواحد لربما يكون في الإعادة إفادة ، ولكن ما يحز في النفس أن بعض الأطراف الكوردية لا تستفيد من تكرار الكلام بل وأنهم مصرون على عدم الاستفادة لأنهم اختاروا طريقهم نحو الابتعاد عن مصالح الشعب وطموحاته ، ولم يصدقوا صدور تصريح من رئيس النظام حتى سارعوا إلى إصدار البيانات والتصريحات يهللون لما قاله وقييموا كلامه بالإيجابي وإلى ما هنالك من كلام معسول معبرين عن صدق ولائهم للباب العالي .
كيف يمكن بناء الآمال على تصريحات إعلامية صادرة عن نظام يعمل ليلا نهارا في سبيل إنهاء الوجود الكوردي ، وهنا أريد أن أستذكر موقفا مررت به أثناء اعتقالي في فرع الفلسطين عندما سئلت من قبل ضابط التحقيق ( هل تعرف ماهو الحل لمشكلتكم ؟) وحين جاوبته بسؤال برأيك ما هو الحل ؟ قال بحرف واحد ( أنتم الأكراد قسم منكم هاجر من تركيا والقسم الآخر من العراق والحل هو عقد اتفاق اقليمي مع هذه الدول لأعادتكم ثانية إلى موطنكم الأصلي ودون ذلك لا يمكن أن تحل مشكلتكم ) من هذه القناعة يتعامل النظام مع القضية الكوردية في سوريا ، نسفوا الحقائق التاريخية والجغرافية وحتى الواقع لا يعترفون به بل يعملون شيئا فشيئا على تغييره ، فاليتفضل المتفائلون ويقنعوا هذا النظام بعدالة القضية الكوردية وأن الكورد يعيشون على أرضهم التاريخية ، مع أنهم تفائلوا لعقود بعد الاحصاء والحزام ولم يجدي تفاؤلهم نفعا على الشعب الكوردي بل ازداد اختناقا وبؤسا .
إن ما صدر عن بعض الأطراف والشخصيات الكوردية هو استخفاف بالرأي الكوردي الذي حسم أمره وتبرء من هكذا أبواق التي لا يهمها سوى مصالحها ، وما صدر عنها هو عدم الإحترام للمعتقلين السياسين الذين يواجهون مصيرا مجهولا ولشهداء القضية الكوردية وللمجردين من الجنسية والذين تم اغتصاب اراضيهم والذين فصلوا من مدارسهم ووظائفهم والذين هجروا قصرا من قراهم بحثا عن الحياة وهو عدم احترام لكل شيء اسمه وفعله كوردي .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟