أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري منصور - ساركوزي والثورة المُضادة














المزيد.....

ساركوزي والثورة المُضادة


خيري منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما احتفلت فرنسا بذكرى ثورتها التي طالما زهت بها على أوروبا والعالم، لم يتوقع أحد أن هناك ثورة مضادة في نهاية العقد الأول من القرن الجديد، سوف يقودها ساركوزي بتصريحاته التي تناقض مبادئ تلك الثورة في الصميم، فقد وصفه أنصار الزعيم اليميني “لوبان” بأنه يسطو على شعاراتهم وبرامجهم، وبذلك يكون على يمين اليمين، أما المثقفون الفرنسيون الذين يعتبرون أنفسهم أحفادًا لتلك الثورة وحراسًا على مبادئها، فقد شعروا أن ساركوزي لم يؤذ الشرائح التي استهدفها وهدد باقصائها من فرنسا، بقدر ما كان الأذى مضاعفًا على فرنسا ذاتها، وقد سبق لمثقف فرنسي أن علق قبل سنوات على اليميني المتطرف لوبان، وبعد حصوله على ما يقرب من العشرين في المئة من أصوات الناخبين قائلاً: إن هذه النسبة رغم أنها لم تؤهل لوبان للفوز، إلا أنها قرعت جرسًا عالي الرنين، هو أن فرنسا قد أصبحت في خطر، وقد لا تعود هي ذاتها تاريخيًا وثقافيًا وإنسانيًا إذا أتيح لأصوات من طراز لوبان أن تصل إلى الأليزيه.
الاقتصاديون الفرنسيون قالوا إن ساركوزي يهرب من النافذة حين يشم رائحة حريق في القطار أو الحافلة، وهذا ما ردده معلقون آخرون حول فشل الرئيس في إدارة الأزمات، سواء كانت دبلوماسية أو اقتصادية أو أمنّية فالفرنسيون ليسوا عرقًا صافيًا محررًا من الشوائب، وعشرون في المئة على الأقل منهم من جذور غير فرنسية، لكنهم من الناحيتين الدستورية والثقافية فرنسيون.
كانت تهديدات ساركوزي بخلع الجنسية الفرنسية عمن يمارسون الشغب وإقصائهم مُتزامنة مع عدة مناخات محتقنة في أوروبا والولايات المتحدة، فالثقافة المضادة والطارئة التي بُثّت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، بدأت تقضم بشراهة منجزات الليبرالية في الغرب، وصار الفرد مخيرًا بين فقدان حريته في سبيل أمنه أو العكس، وهذا بحد ذاته أدى إلى تفاقم أزمة تربوية.
فمن قرؤوا مبادئ الثورات التي ظهرت في الغرب وما أعقب الثورة الصناعية من تبشير بالحريات، أصبح عليهم أن يخلعوا هذه التربويات كالقبعات ويعلقوها على المشاجب بانتظار أن تنفرج الأزمة، والأرجح أن عوامل التوقير لن تؤدي إلى انفراج بقدر ما سوف تسهم في تعجيل الانفجارات المتعاقبة، وهناك من مثقفي أمريكا وأوروبا من يسمون هذا النظام الأمني الصارم بالأخ الأكبر، وهو اللقب الذي أطلقه الكاتب الانجليزي جورج أورويل في أربعينات القرن الماضي على النظام الشمولي، لكن توقعات أورويل ونبوءته السوداء تحققت في مكان آخر، وفي معقل الرأسمالية ذاتها.
أحد مثقفي فرنسا سخر من أطروحات ساركوزي المتطرفة وذات الرائحة العنصرية قائلاً إن لدى الفرنسيين مثلاً موروثًا هو إذا قشرت الرخام يظهر لك الطين، وهم بذلك ينظرون باستخفاف إلى أي أفكار عنصرية ترى في شعب ما معدنًا صافيًا، وما يؤكده علماء الأنثربولوجيا والمشتغلون في علم الحفريات، هو أن هذا العالم تشكل من الهجرات، وليس من حق أحد أن يحرم شخصًا من جنسية استحقها بالانتماء، وأقسم اليمين على الالتزام بمبادئ البلاد التي منحته إياها.
هذه ليست زلة لسان أُولى من ساركوزي، فالرجل له أخطاء عديدة، منها ما حاسبه عليها الفرنسيون مرارًا، لكن تكرار هذه الأخطاء قد يستحق حسابًا أعسر في لحظة حاسمة.

* شاعر وكاتب أردني ("الخليج")






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوبيا الحقائب


المزيد.....




- جهاز تتبع وكمين مسلح.. تفاصيل إحباط مخطط مراهق واتهامه بحياز ...
- -خطاب انتحار-.. الداخلية المصرية تكشف تفاصيل عن وفاة برلماني ...
- ما الذي يُفاقم العواصف الرملية الخطيرة ويجعلها أكثر خطورة؟
- طهران تستبعد محادثات قريبة مع واشنطن.. وعراقجي يسخر من نتنيا ...
- بميزانية تصل إلى 64 مليار يورو بحلول 2027.. ماكرون يعلن مضاع ...
- إسرائيل: مستشار مقرب من نتنياهو يواجه اتهامات بتسريب معلومات ...
- الكاميرون ـ أقدم رئيس في العالم يرشح نفسه لولاية ثامنة
- احتفالات بالعيد الوطني الفرنسي.. متى تم إقرارها؟
- طهران غاضبة بعد قصف منشآتها النووية واغتيال علمائها النوويين ...
- الذكاء الاصطناعي يثير توترات في هيئة تحرير مجلة لوبوان


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري منصور - ساركوزي والثورة المُضادة