داليا محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3080 - 2010 / 7 / 31 - 01:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
. علي كل إنسان ان يقف ويقيم حياته كل فترة فلا يترك الدنيا تسيره ولكن يحاول امتلاك زمام حياته بان يقف ويقيم ويعيد ترتيبها ... فالحياة جميلة وقصيرة وعلينا ان نحسن استخدامها ... علينا ان نعيشها حقا ونعيشها بكل جمالها ولا يتم هذا الا بالبحث عن الجمال وأول مكان علينا البحث فيه هو داخلنا فهو موجود ولكن مثل كل شيء ثمين مدفون علينا ان نزيل عنه التراب والشوائب ليبرق علينا ان نبحث عنه .... وبالتالي علينا ان نعيد ونعيد التفكير في كل شيء ... علينا ان نتوقف ونسأل نفسنا هل نعيش الحياة ام نأكل انفسنا ... سؤال علي كل إنسان ان يطرحه علي نفسه ..نعم علينا ان نسأل أنفسنا دائما هل انا ممن يأكلون أنفسهم
متي يأكل الإنسان نفسه... متي يسئ الإنسان إلي نفسه, وكيف يخنق ويعذب ويقهر الإنسان نفسه ... ثم هل يستطيع من يفعل أن يشعر بأنه يفعل... ومتي نعد الإنسان عاجز... ولم يعجز الإنسان أمام نفسه أولا ثم أمام كل شيء أخر
يأكل الإنسان نفسه عندما يعجز عن تخطي المحن التي تعبر حياته.. يسيء الإنسان لنفسه ولمن حوله عندما يصير عبدا لما يعجز عن تخطيه من محن... فيعيش حياته من خلال اكتراؤه لها ... يخنق الإنسان نفسه ويقهرها ويعذبها حينما يسجن مشاعره داخل بؤرة تجربة تمر به يعجز عن عبورها فتتملكه وتملكه وتملك روحه وكيانه وفكره فتسحقه وتقهره وتعذبه ثم تتوج كل هذا بتحقيره لذاته فتزداد قهرا لكل كيانه...
يأكل الإنسان نفسه عندما يترك تجربة تتملكه وتجعله غير قادر علي تخطي مشاعره تجاهها فيعيشها ألاف المرات كل يوم ... يكتر ويستحلب كل ألامها يوميا يعيشها بكل ما تجمله داخله من الم وما تمثله له من فشل يعيشها مع كل قطرة دم تمضي في عرقه فتحيل كل شيء لمرارة ... يعجز الإنسان مرة عن تخطي محنه فيسجن نفسه داخل ذاك الفشل لباقي عمره... ويصبغ حياته وكلماته ومشاعره وأيامه بسواد ومرارة التجربة التي يستسلم لنتائجها التي تنهشه دون كلل يجعل من ذكرياته بها بوصلته التي تحرك وتقود تلك الحياة التعسة المرة بمرارة تلك التجربة التي يبيع لها روحه فتجعل حياته بساط ممدود أمام كل ما حملت به التجربة تدوس أصدائها التي حبسها طوعا داخله عليها وتدب خطواتها التي حفرها داخله متشبثا بجهالة به محدثة بكل دبه زلزال بالمشاعر والنفس مما يجعلها تتآكل وتتآكل فهي الفريسة السهلة التي يسلمها الإنسان المستسلم لمشاعر الإحباط والمتشبث بفشله وتجاربه الفاشلة فريسة سهلة تعبث بها هذه المحن التي ترك صاحبها أثارها تتحكم فيه ... وبذلك يفقد الإنسان بها وبكل ما يصبه في نفسه يفقد حلاوة الدنيا وجمالها ويجعل سنوات عمره تتسرب من بين يديه... يستسلم ويكتر ويعيش أحقاد التجربة الفاشلة فلا هو تغلب عليها في حينها وأحس بالنجاح ما قدر علي التغلب علي وسائل سحقه وقهره ما قدر علي مواجهة الحياة ما قدر علي التغلب علي الصعاب وفشل فأصبحت التجربة جارحة ولا هو كان من القوة والعقل ليتغلب علي أثارها علي ألامها بل استسلم وباع عمره لها وتركها تسحقه المرة تلو المرة فلا عاش حياته وما قدر علي أن يترك من حوله قادر علي أن يعيش حياته... ما قدر علي مواجهتها وعجز علي التغلب عليها بعد حدوثها وما قدر حتى علي التخطي أو القبول بها وتعديها ما قدر علي إهمالها وعجز عن التعايش معها وبها وعجز عن إنقاذ حياته أو أي جزء منها فكان بالمقام الأول فاشل وبالمقام الوسطي متخاذل كاره لنفسه وتخاذلها وبالمقام الخير ضعيف فهو في كل الأحوال عاجز
لا كان قوي كفاية ليرفضها ويهجرها ويتغلب عليها ويجعل لها مكان منعزل في نفسه فلا تأكلها ليفوز بحياته الباقية ولا كان حكيم كفاية ليقو علي فهم كيف تأكله التجربة وكيف يقهره فشل واحد ويتلاعب بحياته ومقدراته فتركها تسحقه مرات ومرات وكأنه كان يستحقها أولا وأخيرا... ما كان حكيم بالقدر الكافي أو قوي بالقدر الكافي ليفوز بحياته وينجو من أثار عثراته ومواجهة تبعات تلك العثرات وتلك المحن التي تمر به ... بل علي العكس يستسلم لها روحا وعقلا وقلبا كما لو كان باع نفسه لها باع حياته باع حاضرة ومستقبله بتجربة ما كان لها إلا أن تكون ذكري غابرة.. خضع لكل ما يؤلمه ويسحقه خضوع المذلول مما يجعل تلك التجارب والمحن في ازدياد دائم داخله... فهي ما عادت محنه مرة وعدت ولكنها أصبحت محنة مزمنة متغلغلة متمكنة من روح وعقل ووجدان وفكر صاحبها الذي خضع لها طواعية... تفكر صاحبها مساء وصباح بضعفه واستسلامه بتخاذله وفشله وبالتالي تتضاعف مراراتها فما كان مر بالأمس يصبح أكثر مرارة اليوم وأكثر وأكثر مرارة وسواد غدا فيتحول لعلقم تماما مثل كرة الثلج عندما تلقي من اعلي الجبل وتتدحرج حتى تصل لأسفل الجبل مثل الجبل المتحرك فكلما انزلقت ذاد حجمها فما كان يلقي بقبضة يد ويتهاوى يصبح مثل الجبل القادر علي سحق اقوي الرجال... فأين ألفطنه في كل هذا وكيف يعجز اعتي الرجال عن التوقف كيف يعجز الحكيم مثله مثل السفيه يتساوون في هذا... كيف يعقل أن يستسلم أي إنسان عاقل لمشاعر تأكله وتأكل كل ما هو جميل بداخله وتحل محله مرارة تسحقه وتتركه شيء لا معني له.. تمتص روحة وتسرق حياته تسرق الضحكة والحب والجمال والسماحة والحق والجمال الجمال الجمال الداخلي للروح وتترك أشياء ابعد ما تكون عن روح إنسان بل اقرب للحيوان الذي يسعى هنا وهناك بحث عن الفريسة التي ينفس فيها عن مكنونات غضب لا يعرف سببه
تري من يكون بالغباء الكافي ليبيع الجمال والنقاء والمرح المتسامحة القادرة علي الإحساس بالجمال علي رؤية الجمال علي القبول والتقبل من يكون بالغباء ليبيع كل هذا ومعه روحه وسعادته وراحة باله ليعيش علي تجرع ألامه والتدريب علي الشماتة والتدريب علي رؤية القبح في كل شي كنتيجة لتعشش القبح بداخله... ومن يكون بهذا الغباء كيف نضمن انه لم يكن من الأساس هو سبب الفشل هو سبب ما ينقم عليه ... كيف نتأكد من انه ليس هو السبب والنتيجة وان ما يعيشه من اكتراء ما هو إلا انعكاس لإحساسه الداخلي بأنه سبب كل ما تعرض له من محن هو من صنعها هو من تسبب بالنتائج التي يهاجمها وينتقدها ويكيل لها ليبعد عن نفسه شبهة فعلها.....
من يضمن لنا انه لم يكن من الغباء والعجز والمرض النفسي والذهني والوجداني الذي جعله يحول من كبوة ما قدر علي تخطيها سجان يسحق به كل مشاعره ويبني بها جدار عالي يمنعه عن أماله وأحلامه من الذي يضمن لنا انه لم يخلق بيده كل أسباب قهره لعجزه أولا وأخيرا عن تحقيق أحلامه وكان من الضعف ليعترف فلجأ لتحميل أسباب فشله علي غيره كيف لا نضمن من انه لم يخلق أسباب قهره ليهرب بها عن أي مسائلة عن فشله سابق ولاحق ويجعل منها شماعة دائمة يحمل عليها ما فات وما يلحق من فشل ...
كيف لنا أن نضمن بأنه باختراع كل تلك الاحباطات لا يكون عن قصد في حاجة لتكبيل نفسه وغيره ومن حوله والحد من قدراتهم لضعف بنفسه ولخلل به هو نفسه فكيف يعقل أن يأكل الإنسان نفسه دون أن يكون مريض كيف يعقل أن يسجن الإنسان نفسه دون أن يكون بنفسه خلل ما يجعله ميال لتعذيب النفس والآخرين....
فالدنيا جميلة جميلة حقا وبها كل أسباب الجمال ولا ادري كيف يتشح كل السواد في وجدان إنسان كيف تقطر الكراهية والمرارة من كلمات إنسان بصفة دائمة وتبعده عن رؤية الجمال ورؤية النصف المليء من الكوب دون أن يكون مريض
الحمد الله إنني دائمة التمتع برؤية النصف الممتلئ ويصعب علي عيني رؤية هذا النصف الخالي لان إحياء الجمال والمحبة داخل الإنسان هي أصعب وأسهل شيء حقا أصعب شيء علي المسكين أكل النفس وأسهل شيء علي من يحرر نفسه من كل شيء ويعيش الجمال والحب وقبول النفس قبل الآخرين
متي يأكل الإنسان نفسه... متي يسئ الإنسان إلي نفسه, وكيف يخنق ويعذب ويقهر الإنسان نفسه ... ثم هل يستطيع من يفعل أن يشعر بأنه يفعل... ومتي نعد الإنسان عاجز... ولم يعجز الإنسان أمام نفسه أولا ثم أمام كل شيء أخر
يأكل الإنسان نفسه عندما يعجز عن تخطي المحن التي تعبر حياته.. يسيء الإنسان لنفسه ولمن حوله عندما يصير عبدا لما يعجز عن تخطيه من محن... فيعيش حياته من خلال اكتراؤه لها ... يخنق الإنسان نفسه ويقهرها ويعذبها حينما يسجن مشاعره داخل بؤرة تجربة تمر به يعجز عن عبورها فتتملكه وتملكه وتملك روحه وكيانه وفكره فتسحقه وتقهره وتعذبه ثم تتوج كل هذا بتحقيره لذاته فتزداد قهرا لكل كيانه...
هكذا علمتني الحياة... وهي نصيحة لكل من يريد ان يعيش الحياة حقا... وهي وان كانت بسيطة ولكن علينا ان ننتبه حتي لا تنساب أحلامنا وأمالنا وكل شيء من بين أيدينا
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟