أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كركوتي - منْ يتصدى للعنصرية الاقتصادية!















المزيد.....

منْ يتصدى للعنصرية الاقتصادية!


محمد كركوتي

الحوار المتمدن-العدد: 3078 - 2010 / 7 / 29 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



* العنصرية الاقتصادية التي أتت من جراء أزمة، استفحلت نتيجة الفشل في تخفيف حدة بشاعة وتعاظم القومية الاقتصادية، فلم يعد التنوع هدفًا للتحقيق، بل هدفًا للتدمير!
*"الاقتصادات يجب أن تخدم الإنسانية، وليس العكس. نحن ننسى مخاطر أن الأسواق تنتج موظف جيد، ومدير سيئ، ومعتقدات قبيحة"- (أموري لوفينس رئيس علماء معهد "روكي ماوتن" الأميركي )
بعد "الوطنية" الاقتصادية أتت "القومية" الاقتصادية، وبعد هذه الأخيرة جاءت "العنصرية" الاقتصادية. وبعد التشدد الاقتصادي، أقبل التطرف الاقتصادي. وبعد "تسامح" اقتصادي لافت، حضرت "القسوة" الاقتصادية!. أنهزم الانفتاح الاقتصادي – الاجتماعي، أمام وحش صنعته الأزمة الاقتصادية العالمية، لا يحب إلا نفسه، ولا يجد على الساحة إلا صورته. وحش خال من الاعتبارات إلا الذاتية منها. إنه ليس سوى أثر من آثار "عدوان" الأزمة المعززة بتبعاتها وآلامها ومصائبها وحتى "فجورها"!. كانت "العنصرية" الاقتصادية قبلها موجودة لكنها متوارية، وكانت حاضرة لكنها "خجولة". كانت عدوانيتها "مُلطفة"، وكانت آثارها محصورة، وكانت حممها فاترة. كانت تمثل جزءًا من الحراك الاقتصادي الغربي، لكنه ليس جزءًا متفاعلاً، يشكل أزمة حقيقية على الساحة. كان يسبب بعض الشغب، الذي يشبه شغب تلميذ في فصله الدراسي، لا يلبث أن يتأدب، عندما يعرف حدوده، ومساحته التي ربما تكفل له مشاغبة محدودة، لا تمثل ظاهرة.

مع انفجار الأزمة العالمية، تشكلت "وطنية اقتصادية"، سرعان ما تحولت إلى "قومية اقتصادية"، التي أصبحت بعد ذلك "عنصرية اقتصادية". وإذا كان من حق " المتأزمين"، توفير الحماية لأنفسهم في الأزمات والمحن المحدودة، فليس من حقهم ذلك، عندما تكون الأزمات مفتوحة، تشمل الأضداد، وتجمع تحت جناحيها، ما كان يستحيل جمعه قبلها، خصوصًا في البلدان التي ارتكبت الأزمة، وصدَرتها إلى كل الأسواق. في السنوات التي سبقت الأزمة، لم تكن قضية الأجانب العاملين في الدول الكبرى (لاسيما الأوروبية منها)، تشكل مسألة معقدة أو كبيرة. بل أن بعض الدول – ومن بينها بريطانيا – شهدت مطالبات من المؤسسات والشركات فيها لحكومتها، بالتروي في سن قوانين تحد من تدفق العمال والموظفين الأجانب، وذلك لأن الحراك الاقتصادي، يستدعي بالفعل وجود الطاقات الأجنبية، حتى في المؤسسات الحكومية. فمخرجات التعليم كانت – ولا تزال – غير متناسبة بصورة مُحكمة مع احتياجات السوق، يضاف إلى ذلك أن المهارات الأجنبية تكمل تلك الوطنية. وقد شهد العقدان اللذان سبقا الأزمة، " توليفة" ناجحة بين المهارات المحلية والوافدة. وقد استفادت أوروبا إلى حد كبير، من قوانين الاتحاد التي تجمع دولها، والتي تُسِهل تبادل الخبرات والمهارات وتكرس الأداء النوعي في مجالات الأعمال المختلفة.

وبعد الفوران "القومي الاقتصادي" الذي شهدته بلدان الاتحاد الأوروبي في أعقاب الأزمة، عندما كان العامل البريطاني ينظر – على سبيل المثال - إلى زميله الإيطالي في بريطانيا كعدو، وكذلك الأمر بالعامل الفرنسي مع زميله البريطاني في فرنسا، والألماني مع زميله الأسباني في ألمانيا.. إلى آخره. بعد هذا الفوران دبت "العنصرية الاقتصادية". فقد بات البريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي والأسباني واليوناني وغيرهم من النسيج الأوروبي، ينظرون إلى العمال غير الأوروبيين كأعداء. وقد ظهر هذا بوضوح في التقرير السنوي لـ "هيئة مكافحة العنصرية" التابعة لـ "وكالة مجلس أوروبا" (الهيئة تُجري تحليلاً دوريًا للأوضاع العنصرية والتعصب في البلدان الـ47 الأعضاء في مجلس أوروبا)، بأن الأزمة العالمية، رفعت من حدة الفروقات العرقية في القارة الأوروبية. وحسب التقرير الخطير الذي تناول الحراك الاقتصادي للعام 2009، فإن الأزمة "زادت من الأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز، القائمة على العرق واللون واللغة والدين والجنسية". والمصيبة أن هذه العنصرية، لا تتجلى في نطاق العمل فحسب، بل تشمل أيضًا قطاعات التعليم والسكن والاستفادة من الخدمات، وحتى الرياضة!

هذا الوباء الجديد، عجَل من سن القوانين الجديدة حول الهجرة إلى البلدان الأوروبية، وحوَل حتى السياسيين الذين كانوا يتعاطون مع هذه القضية بشيء من الرحمة، إلى مُشرعين مهمتهم الرئيسية هي سد كل الثغرات التي قد تصيب قوانين الهجرة. ففي السابق كان المتعاطفون مع المهاجرين، يرون في هذه الثغرات نوعًا من الأدوات والأساليب الإنسانية المبررة. ومع تزايد عدد المُسرحين من وظائفهم في الدول الكبرى (بلغ عدد العاطلين الجدد بفعل الأزمة 47 مليون في 30 دولة كبرى)، بدأت الاتهامات المُعلَنة تدور في نطاق "أن المهاجرين (لا اللاجئين) يسرقون الوظائف، ويحصلون على الخدمات الاجتماعية"!. ولأن هذا الأمر بالتحديد، يمثل مقاسيًا لارتفاع شعبية الحكومات وانخفاضها، فقد سارعت هذه الحكومات لسن القوانين، وبدأ السياسيون "يُسوِقون" أحزابهم، بأعلى درجات الحزم والشدة في الإجراءات والقوانين حيال المهاجرين، إلى درجة دفعت حزب الدمقراطيين الأحرار البريطاني (وهو الحزب الأكثر لطفًا مع المهاجرين)، إلى التخلي عن سياساته الإنسانية الخاصة بالمهاجرين، لكي يُشكل حكومة ائتلافية مع حزب المحافظين، الذي يُعد من أشد الأحزاب البريطانية حزمًا حيال الهجرة بشكل عام!

"العنصرية الاقتصادية" التي أتت من جراء أزمة، استفحلت نتيجة الفشل في تخفيف حدة بشاعة وتعاظم "القومية الاقتصادية". فلم يعد التنوع هدفًا للتحقيق، بل هدفًا للتدمير!. وإذا كانت شعوب الدول الأوروبية التي تساعد اليونان لتجنيبها الانهيار، توجه الاتهامات المتنوعة لهذا البلد، إلى جانب "الردح" (ولاسيما "نشيد الردح" الألماني المتواصل) والإذلال والإهانة، لا عجب إذن.. من الاتهامات التي يتعرض لها المهاجرون في الدول الأوروبية على مدار الساعة. ولعل الجانب المخيف هنا، هو أن بريطانيا (الدولة الأكثر تسامحًا مع المهاجرين إليها – لا اللاجئين – مقارنة بغيرها من الدول الكبرى في أوروبا)، بدأت خطوات عملية باتجاه "العنصرية الاقتصادية". والحقيقة أن الضحية الأولى للسياسات الجديدة، ليس المهاجر أو الوافد العامل، بل هي "هامات" الدول الكبرى، ومواقعها على الساحة العالمية. فالكبير لا يستحق هامته إذا ما فشل في احتواء كل الأطياف في مجتمعه، بصرف النظر عن ماهيتها، ولن يستطيع الاحتفاظ بهالته، إذا ما انحنى أمام الأمواج، مهما كانت عالية وعاتية!. والعدالة (مع التسامح)، هي جزء أصيل من مؤهلات الكبير. لكن يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرتشل، كان على حق عندما قال: " إن الدول القوية لا تكون عادلة، وعندما ترغب في أن تكون عادلة، تكون قد فقدت قوتها".

لا أعرف إن كانت الأيام المقبلة (ولا أقول السنوات) ستشهد مرحلة "الإرهاب الاقتصادي"، كتطور تراتبي للـ "الوطنية والقومية والعنصرية" الاقتصادية؟. ولكن إذا ما تُركت الأمور نهبًا للمصالح السياسية (الحزبية في مقدمتها)، فلا عجب في أن يتسيَد هذا النوع من الإرهاب المشهد العالمي العام، وخصوصًا في الدول الأوروبية النابذة لليد العاملة الأجنبية الموجودة فيها، لا القادمة إليها. حينئذ سيعرف العالم، أن إرهاب تنظيم القاعدة، وغيره من تنظيمات ضالة، ليس سوى مجرد نزهة، ولا بأس في أن تكون كـ "رحلة صيد". إن الإرهاب ضد لقمة العيش والكرامة، سيولد تنظيمًا عالميًا، أساسه قاعدة شعبية، لا مجرد قطاع طرق كأولئك الذين يعيشون في جحور تورا بورا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- احتفال ينتهي بذعر وهروب للنجاة.. إطلاق نار يحوّل لم شمل سنوي ...
- أكبر رئيس في العالم يسعى لولاية ثامنة
- شباب مبدعون.. مهارات وابتكارات ذكية بأيد شبان في عدد من دول ...
- احتفالات فرنسا بالعيد الوطني تبرز -جاهزية- الجيش لمواجهة الت ...
- فرنسا.. أي استراتيجية دفاعية لمواجهة التهديدات الأمنية المتف ...
- أعداد القتلى إلى ارتفاع في اشتباكات متواصلة.. ما الذي يحدث ف ...
- زيلينسكي يستقبل مبعوث ترامب على وقع هجمات متبادلة بين روسيا ...
- زيلينسكي يقترح النائبة الأولى لرئيس الوزراء لقيادة الحكومة ا ...
- أكسيوس: إدارة ترامب تلاحق موظفي الاستخبارات باختبارات كشف ال ...
- الأحزاب الحريدية تعتزم الاستقالة من حكومة نتنياهو


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كركوتي - منْ يتصدى للعنصرية الاقتصادية!