شارون.. بركة دم أخري

عبدالمنعم الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 199 - 2002 / 7 / 24 - 07:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

 

لم يجف بعد حبر اعلان حركة حماس بالاستعداد لوقف العمليات الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين حتي أقدمت حكومة شارون علي عملية دموية اعتراضية تستهدف الاعلان عن رسالة فصيحة: لم نرتو بعد من الدماء. ويستطيع المحلل السياسي، دون عناء، ان يضع يده علي الحلقة التي تدور فيها سياسة ارييل شارون، وهي تغذية الكراهية داخل الشعب الفلسطيني حتي ذروتها لكي تعبر عن نفسها بأعمال انفعالية يجري اعادة تصديرها الي الخارج بوصفها (أعمال ارهاب) وباعتبار اسرائيل ضحية لها. ومن البديهي ان يتوقع المراقبون ان تتراجع حماس عن العرض السياسي الذي قدمته الاثنين بالاستعداد لوقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين مقابل انسحاب اسرائيل عن المدن الفلسطينية ووقف أعمال الاغتيال واطلاق سراح المعتقلين والأسري، وكان سيكون الرد الاسرائيلي ايجابيا لو ان علي رأس الحكومة الاسرائيلية سياسياً وليس سفاحا متعطشاً للدماء مثل شارون الذي أجاب بعد ساعات علي عرض حماس بتدبير مذبحة ضد أحد قادة الحركة وأسرته. علي ان الوجه الآخر لهذه الجريمة يتمثل في بعده السياسي الذي يشغل شارون في المقام الأول، وهو اغلاق المنافذ التي بدا ان السلطة تحاول استخدامها للهروب من استحقاقات البدائل لقيادة عرفات، ومنها تليين موقف حماس والسعي الي الدخول معها في ورشة بحث لتحقيق استراحة سياسية ريثما تمر عاصفة الاصلاحات والاعتراضات الأمريكية. والأمر الثاني الذي استهدفته غارة شارون الانتقامية يمكن قراءته في انزعاج معسكر الصقور الاسرائيليين، وشارون في مقدمتهم، ازاء الدور الذي يلعبه وزير الخارجية المعارض، شمعون بيريز في الحوار مع قياديين فلسطينيين وصولاً الي (اعلان مبادئ) يباركه الأمريكان ويعارضه غلاة المتطرفين في الحكومة الاسرائيلية. يذكر ان قبيل اعلان حركة حماس استعدادها لوقف العمليات كانت ثمة وثيقة يجري تداولها في الكواليس تتضمن اتفاقا أوليا بين بيريز والقيادي الفلسطيني سري نسيبة لانهاء المجابهة والتقدم نحو حل سياسي للصراع الفلسطيني ــ الاسرائيلي. ان قذائف شارون التي حولت منزل القيادي في حماس الي بركة دم، قد سقطت في الواقع علي خطوة واحدة نحو الاعتدال، كانت ستكون بداية لوضع المنطقة تحت دش بارد.. غير ان أكثر ما يغيظ شارون ان تتجه المنطقة الي الاعتدال حيث ينتفي دوره وقد يطوي الي الأبد. جريدة (الزمان) العدد 1268 التاريخ 2002 - 7 - 24

#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل