أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نادر قريط - ماركس والأفيون















المزيد.....

ماركس والأفيون


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 3071 - 2010 / 7 / 22 - 15:01
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إعداد وتقديم نادر قريط
عبارة كارل ماركس (83ـ1818)الشائعة "الدين أفيون الشعوب" التي صاغها في مقدمته عن فلسفة الحق الهيغلية ( 44ـ 1843)(1) إحتفظت بديموتها لما فيها من بلاغة رفيعة، وبنفس الوقت إختزلت كاتبها بقسوة شديدة. ولعل ندرة الإتصال بالألمانية، وكثرة الإقتباس والترجمة عن لغات وسيطة قد ساهم أيضا في تشتت المعنى، ورسم صورة ضبابية عن هذا المفكر الشهير.
ولجلاء الصورة أقدم هذه المحاولة الترجمية المتواضعة لقراءة بعض المقاطع القصيرة لماركس، التي وصفها جون مولينو J.Molinoeux ب "أطروحة دكتوراة مختزلة"(2) أقول محاولة متواضعة لأنها لن تأتي بما لم تأت به الأوائل، لكنها فرصة لبث الشكوى والأسف مما تسببه الترجمة أحيانا من إلتباس وتشويش على العبارة والدلالة.
وتذليلا للمهمة إقتضت الضرورة فتح أقواس مساندة، ووضع هوامش لبعض المفاهيم الغامضة والمستترة في النص. ومع أن لغة ماركس تنهل من جدل هيغل ومبادئ كانت للإيتيك(علم الأخلاق) ومفاهيم الماديين الفرنسيين، إلا أن روح هذا النص المبكركانت مفعمة ببلاغة وشاعرية تقترب من أدبيات الإصلاح الديني.
ولاشك فإن ترجمة مقولاته يلزمها إزميل اللغة لنحت رديفها العربي، وهذه مهمة عسيرة أحيانا بسبب غياب السياق المعرفي الحاضن لتلك المفاهيم. وبكل الأحوال فهي دعوة للتذكير بلغة هذا النص وإستعاراته وبلاغته الأدبية، وما يتركه من إحساس فريد، خصوصا إذا عرفنا أن كاتبها كان شابا في الرابعة والعشرين.

من المعروف أن ماركس بدأ نقد الدين عام 1842 إلى جانب فويرباخ في جريدة الراين (3) ثم ما لبث أن إنتقد النقد الفيورباخي، هذا ما صرح به في رسائله إلى أرنولد روغه، حيث إعتبر صيغة فيورباخ في نقد الدين تنضح من تجارب شخصية كالموت والتوق للحب. في حين يرتبط الدين بالأوضاع السياسية للمجتمع. وبهذا أعلن نهاية هذا النقد، ثم أردف مباشرة بمقولته الشهيرة: "نقد الدين هو شرط كل نقد"
die Kritik der Religion ist die Voraussetzung aller Kritik.
ويتابع قائلا:(4)
إن أساس النقد اللاديني (يقول) بأن الإنسان يصنع الدين، فالدين لا يصنع الإنسان. إن الدين في الواقع هو وعي وشعور ذاتي، لإنسان لم يكتسب (يكوّن) نفسه بعد، أو لذاك الذي خسرها ثانية. إلا أن الإنسان ليس كائنا تجريديا من خارج العالم. الإنسان هو عالم البشر، الدولة، المجتمع، وكلاهما (أي) الدولة والمجتمع ينتجان الدين كوعي كوني مقلوب، لأنهما عالم مقلوب.
الدين هو النظرية العامة لهذا العالم، وخلاصته الموسوعية ومنطقه بصيغة شعبية (ولحظة) عزته الروحية وحماسته وزهده وتمامه الإحتفالي وعزاؤه العام وأساس ذرائعه (تبريره). الدين هو التحقق الخيالي للكائن البشري، لأن هذا الكائن لا يملك الحقيقة الحقّة. إذن فالصراع ضد الدين هو صراع غير مباشر ضد عالم، يكوّن الدين نكهته الروحية (5)
ثم يصل إلى عبارته الشهيرة فيقول:
Das religöse Elend ist in einem der Ausdruck des wirklichen Elendes und in einem die Protestation gegen das wirkliche Elend. Die Religion ist der Seufzer der bedrängten Kreatur, das Gemüth einer herzlosen Welt, wie sie der Geist geistloser Zustände ist. Sie ist das Opium des Volks
البؤس الديني هو بالمجمل تعبير عن البؤس الحقيقي، وهو الإحتجاج عليه، فالدين هو أنّة (زفرة) المخلوق المكروب (هو) القلب في عالم بلا قلب (رحمة) كما أنه الروح في ظروف بلا روح. إنه أفيون الشعب.
ملاحظتان: 1ـ معظم النصوص التي أعرفها ترجمت اللفط (bedrängten) ب (مضطهد) وهذا خطأ (يُسقط في الأدلجة؟) والصواب: من يعاني عسرا أو كربا أو ضيقا 2ـ لم يستخدم ماركس اللفظ الشائع لكلمة "قلب" بل إستخدم das Gemüth وتعني القلب كمركز للعاطفة والوجدان.
ثم يقول:
إن إقصاء (6)الدين بإعتباره سعادة وهمية للشعب هو مطلب لسعادته (الشعب) الحقيقية، مطلب (ودعم) للتخلي عن أوهام تكتنف حالته (وضعه)، إنه المطلب للتخلي عن الوضع االذي إستلزم تلك الأوهام. إن لبّ نقد الدين إذن هو نقد لوادي الدموع (7) الذي يمثّل الدين ضياءه المقدس(..)
نقد الدين يسبب الخيبة للإنسان، وعليه فهو يفكر ويسلك ويصيغ حقيقته كإنسان خائب بلغ رشده، لذا فهو يدور حول نفسه (أي) حول شمس حقيقته. فالدين هو الشمس الوهمية التي يدور حولها الإنسان (..) ثم يضيف هذه الفكرة:
Die Kritik des Himmels verwandelt sich damit in die Kritik der Erde, die Kritik der Religion in die Kritik des Rechts, die Kritik der Theologie in die Kritik der Politik.
إن نقد السماء يتحوّل إلى نقد للأرض، ونقد الدين (يتحوّل) إلى نقد للقانون (الحق) ونقد اللاهوت إلى نقد للسياسة.
وفي نهاية المقطع يقول:
ينتهي نقد الدين بدرس فحواه، أن الإنسان هو الكائن الأسمى للإنسان صاحب نواهي الإيتيك (الأخلاق) (8) والذي تخضع له كل الأحوال (الظروف) التي يكون فيها الإنسان كائنا مُذَلا مُستعبدا متروكا مُحتقرا.. إنها الظروف التي لا يستطيع المرء أن يصفها بأفضل من ذلك الفرنسي، الذي هتف إبان إعداد ضريبة (خاصة ب) الكلاب:
أيتها الكلاب البائسة! نريد أن نعاملك كالبشر.


هوامش

Karl Marx: Einleitung zur Zur Kritik der Hegelschen Rechtsphilosophie18441ـ

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=218193
عن الماركسية والدين (أكثر من أفيون) : نقديم وتعريب محمد الحاج سالم
rheinische Zeitung 18423ـ
4ـ ص 71ـ72 من نفس الكتاب المذكور في الهامش الأول
5ـ عبارة moralische Sanktion تشبه "الردع الأخلاقي"وهي بالمفهوم الكانتي سمة خاصة بالكائن العاقل لتحقيق أوامر الإيتيك
6ـ كلمة "إقصاء أو رفع أو تنحية" هي ترجمة سيئة ل Aufhebung وتنتمي لجدل هيغل Die dialektische Aufhebung وهو مفهوم نحته لعبور التناقض الجدلي، وذلك بإبقاء عناصره الإيجابية وتنحية السلبية عنه، والكلمة تجمع معنى العلو والإقصاء معا
7ـ تعبير وادي الدموع (أو الأحزان) ورد في المزامير بمعنى صحراء التيه والعطش
8ـ قصدت بنواهي الإيتيك المفهوم الكانتي kategorische Imperativ
وهو جوهر فلسفة الإيتيك (الأخلاق) عند كانت ويقوم على تفحص سلوك الكائن العاقل ومطابقته لمبادئ الإرادة (بمعنى: القيم العليا) وقد لخص هذا المفهوم في كتابه: Grundlegung zur Metaphysik der Sitten (تأسيس ميتافيزيقيا الأخلاق) قائلا: تعامل (أو اسلك) وفق مبادئ الإرادة (Maxima) كما لو أنك تريدها قانونا عموميا ساري المفعول. والتصور الكانتي الأولي يرى أن الأخلاق ليست بحاجة إلى علّة (إلهية) لتحديد الإرادة، ومن يطلب غاية خارجة عن الواجب الأخلاقي فهو برأي كانت إنسان تافه



#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرطقات (إسرائيل والكاستراتو)
- نقد النقد الديني: المقال 100 في الحوار المتمدن
- قبور بلا عظام
- عيد الفصح الإسلامي
- السذاجة محرك التاريخ؟
- البدايات المُظلمة للإسلام المبكّر (2/2)
- بين الدين والدنيا (حرب الرموز)
- البدايات المظلمة للإسلام المبكر (2/1)
- بين الدين والدولة (هرطقات)
- حول الدين والدنيا (العلمانية)
- الأسماء: وآلية السرد الأسطوري للأديان
- حول المسيح الوثني؟ حوار مع لاهوتي
- الى يهودي صديق: شالوم
- الكتابة بالدم والدموع
- كتابة بلا حدود
- الدوغما ومشاكل الأقليات
- لبنان: وطن بلا حدود ؟
- فليسقط الوطن ولتحيا المواطنة
- أضواء وحوار مع القراء - تعقيبا على تعليقات القراء في الحوار ...
- نوستالجيا (محنتي مع سيد القمني)


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نادر قريط - ماركس والأفيون