|
عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
عبدالرحمن النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 932 - 2004 / 8 / 21 - 09:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
ترتفع هذه الأيام أسعار النفط بشكل غير متوقع في ضوء عدم الاستقرار الأمني في العراق، وإشكاليات الرئاسة الفنزويلية، وأزمة شركة النفط الروسية، بالإضافة إلى القلق المتصاعد من عجز إدارة بوش عن مواجهة «الإرهاب الدولي» الذي يفتح يومياً جبهات متعددة في هذه القارة أو تلك، ضد المصالح الأمريكية وحلفائها.
ورب ضارة نافعة...
فالدول النفطية الخليجية مستفيدة من هذا الارتفاع في الأسعار حيث تضاعفت مداخيلها بأكثر من الضعف، وأمكن بالتالي سد العجز في موازنات عدد من الدول الخليجية، وتصاعد الفائض لديها.. وتراهن بعض الحكومات على مواجهة الحركة الشعبية المطالبة بالإصلاحات عبر تقديم المزيد من الخدمات أو المشاريع أو المكرمات الملكية أو الأميرية هنا وهناك لفئات شعبية مهمشة، بحيث تجد المعارضة السياسية المطالبة بالإصلاحات السياسية نفسها في واد والفئات الاجتماعية الشعبية المتذمرة في واد آخر، خاصة أن لدى دول المنطقة تجربة ناجحة في السبعينيات.
فعندما أعلنت بريطانيا عن انسحابها من منطقة الخليج عام 1971، كان لابد من تقديم استحقاقات للحركة الشعبية، خاصة في الدول التي تصاعدت فيها الحركة السياسية والمطلبية كالبحرين، حيث إن الاستقلال الذي تم توقيع وثقائقه في 14 أغسطس 1971، قد ارتبط بالاستفتاء الشعبي على عروبة البحرين ورفض الادعاءات الإيرانية، ولم تتردد شخصيات وطنية كالمرحوم عبدالله علي فخرو من التأكيد لمندوب الأمين العام للمنظمة الدولية الذي أشرف على الاستفتاء، جونسباردي، بأن شعب البحرين يربط الاستقلال بالديمقراطية والمشاركة الشعبية.
إلا أن ارتفاع أسعار النفط في نهاية عام 1973، ومقتل الملك فيصل وتبوؤ الملك خالد مقاليد السلطة في المملكة العربية السعودية، قد شجع الحكومة في البحرين عام 1975، ولاحقاً في الكويت عام 1976، على حل البرلمان.. ودعوة الناس للتوجه للتجارة والأسهم والمضاربة في الأراضي، بدلاً من السياسة بعد أن فرضت الحكومة قانون أمن الدولة في البحرين وزجت بالمئات في السجون بموجب هذا القانون بما في ذلك شخصيات برلمانية بارزة، ولم تتردد عن ارتكاب جرائم قتل تحت التعذيب لاثنين من المعتقلين السياسيين هما محمد غلوم وسعيد العويناتي في نهاية عام 1976.
يتكرر المشهد الآن.. فالارتفاع المتزايد لأسعار النفط يدفع الشخصيات البارزة في حكومات المنطقة إلى الاهتمام بالمال والتجارة والأسهم وتدمير البيئة البحرية والمضاربات العقارية والصفقات المشبوهة، في الوقت الذي تسبب الدعوات الإصلاحية وجعاً وصداعاً تريد الخلاص منه.. لكنها لاتستطيع الإقدام على الاعتقال أو الإبعاد أو ما شابه، حيث المنطقة خاضعة لكشافات دولية كبيرة حول حقوق الإنسان والديمقراطية والإصلاحات المطلوبة من هذه الأنظمة لمواكبة العصر.
وقد سعت الحكومة في البحرين إلى الالتفاف على مطلب تفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية بإصدار دستور جديد، بعد سنة من الانفراج السياسي الذي أبهر الجميع، ثم أخذتهم على حين غرة، وحقق أهدافه التكتيكية في شق المعارضة السياسية بين مقاطع ومشارك.. لكن الرهان الأكبر الآن هو على كسب قطاعات شعبية عبر الحديث عن المشاريع الضخمة من مدن خصصت لها المليارات من الدنانير ووعود خيالية بتحقيق الرفاهية إلى إقامة مجمعات سياحية ستدر المن والسلوى على الكثير من المنتفعين التجار والعاملين في القطاعات السياحية.
إلا أن الحركة السياسية تراهن على الوعي الشعبي الذي يفوق بمراحل ما عاشته المنطقة في السبعينيات، سواء في البحرين أو المملكة العربية السعودية.. التي تقدمت خطوات إلى الأمام في الأوضاع الاجتماعية، خاصة حول وضعية المرأة، والصدام المستمر بين التيار السلفي من جهة والسلطة والفئات الاجتماعية المتنورة التي تريد حسم الصراع لصالح تقدم المرأة ومساواتها بالرجل وتمكينها من الحصول على حقوقها السياسية من جهة ثانية. (رغم أن الحركة السلفية قد نجحت في فرض شروطها في الانتخابات البلدية السعودية بعدم السماح للمرأة بالمشاركة في الترشح أو الانتخاب.. وهو تعبير عن عدم حزم النظام في ردع القوى الأكثر تخلفاً في المجتمع، رغم الضغوطات الداخلية والخارجية المطالبة بتمكين المرأة).
الارتفاع الكبير في أسعار النفط يمكن أن يشكل مدخلاً للإصلاح السياسي دون مخاوف من اهتزاز النظام السياسي إذا أحسن الإصلاحيون في الأسر الحاكمة توجيه الأمور.. أما إذا انتصر طواغيت المال المحافظون.. فإن على الحركة الشعبية أن تحشد المزيد من الإمكانيات الداخلية والخارجية لإقناع هذه الأسر بضرورة التقدم السياسي.
#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
-
الإعلام ودوره في مرحلة الإصلاح والحوار الوطني
-
من أين نبدأ بالإصلاح؟
-
حوار مع النعيمي في المشاهد السياسي
-
أهمية بناء الكادر للحركة السياسية
المزيد.....
-
هبوط اضطراري لطائرة بسبب وفاة قائدها
-
اشتباكات عنيفة بطوباس واقتحامات للاحتلال بالخليل
-
إعصار ميلتون -المميت- يضرب اليابسة في فلوريدا.. والسلطات تحذ
...
-
قتلى من الدفاع المدني في غارة إسرائيلية على بلدة بجنوب لبنان
...
-
وزير الخارجية البريطاني: وكلاء إيران يهددون استقرار المنطقة
...
-
إسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية بعد إنذار السكان بالإخلاء
-
إسرائيل تستهدف مصنعا لتجميع السيارات في مدينة صناعية بسوريا
...
-
قوات التحالف بسوريا تستهدف راجمة صواريخ للميليشيات الإيرانية
...
-
-لا مباراة إياب-.. ترامب يرفض إجراء مناظرة ثانية مع هاريس
-
أمن المغنية تايلور سويفت يثير الجدل في بريطانيا
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|