أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالية - 3- الفرانكفونية في المغرب العربي - تابع-















المزيد.....

الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالية - 3- الفرانكفونية في المغرب العربي - تابع-


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


و إذا كانت تونس بورقيبة تعتبر (منارة) شامخة للفرانكفونية في منطقة المغرب العربي؛ فإن الاختراق الفرانكفوني لم يتوقف عند الحدود التونسية؛ بل عم كل دول المغرب العربي –باستثناء ليبيا- و ذلك رغم بعض الفوارق بين هذه الأقطار؛ بحيث ساهمت الحركة الوطنية في المغرب؛ كما ساهمت حركة التحرير الوطني في الجزائر؛ و هما حركتان تختلفان عن النموذج التونسي البورقيبي؛ من حيث امتدادهما العربي و الإسلامي. ساهمت الحركتان معا في الحد نسبيا من التجذر الفرانكفوني؛ على الأقل بعيد الاستقلال .
ففي المغرب اتحدت كل القوى الوطنية في صف واحد؛ وواجهت كل المخططات الفرانكفونية؛ التي كانت تستهدف الامتداد العربي الإسلامي للمغرب؛ و قد تجسد الوعي الوطني المقاوم خلال صدور الظهير البربري؛ الذي يقسم المغرب إلى مناطق عربية و مناطق بربرية؛ و ذلك بهدف الاستفراد بالبربر؛ و إلحاقهم ثقافيا؛ و من ثم سياسيا و اقتصاديا بفرنسا .
و قد كان المدخل ثقافيا و لغويا؛ من منظور القضاء على الثقافة و اللغة العربية في هذه المناطق؛ و فصلها في الأخير عن الوحدة المغربية؛ تطبيقا لخطة (فرق تسد).
و إذا كانت فرنسا قد فشلت في المواجهة الشعبية؛ التي كانت تقودها الحركة الوطنية المغربية؛ فإن توجهها كان نحو التعليم؛ باعتباره مجالا خصبا لزرع بذور الفرانكفونية؛ و كان التركيز هذه المرة على اللغة؛ باعتبارها مسكن الكائن –كما يقول هيدجر- و ذلك من خلال محاربة اللغة العربية في المدارس؛ و تعويضها باللغة الفرنسية .
يؤكد (جورج هاردي) مدير التعليم في المغرب؛ خلال المرحلة الاستعمارية؛ على فرض اللغة الفرنسية كلغة أساسية في المدارس: " أما عن المواد العامة التي ستتخلل هذا التعليم التطبيقي؛ فهي بطبيعة الحال؛ اللغة الفرنسية؛ التي بواسطتها سنتمكن من ربط تلامذتنا بفرنسا؛ و التاريخ الذي يجب أن يعطيهم فكرة عن عظمة فرنسا" (5)
إن اللغة الفرنسية في اعتبار (هاردي) هي أكثر من لغة للتدريس – بالمعنى الديداكتيكي- البيداغوجي- إنها إيديولوجية؛ تعمل على ربط المغاربة بفرنسا و بتاريخها العظيم/المجيد ( ومن هذه الأمجاد و العظمة؛ الاستعمار الألماني لفرنسا؛ و دخول هتلر إلى قصر الإليزيه و إلقاء خطابه التاريخي) !!!
إن اللغة الفرنسية هي سلاح المعركة –إذن- و لربح الرهان؛ لابد من حسن استعمال هذا السلاح؛ حتى و لو تطلب الأمر اقتلاع الشعوب و الأمم من امتدادها الحضاري؛ و الرمي بها في مزابل التاريخ؛ إن الغاية تبرر الوسيلة –حسب جورج هاردي- .
وفي السياق نفسه؛ عمل المقيم العام الفرنسي بالمغرب (الجنرال ليوطي) على ترسيخ هذا التوجه، من خلال دوريته الشهيرة التي أصدرها بتاريخ 16/6/1921 حول لغة التعليم بالمغرب؛ إذ يقول: " من الناحية اللغوية علينا أن نعمل مباشرة؛ على الانتقال من البربرية إلى الفرنسية ... فليس علينا أن نعلم العربية للسكان؛ الذين امتنعوا دائماً عن تعلمها، إن العربية عامل من عوامل نشر الإسلام؛ لأن هذه اللغة يتم تعلمها بواسطة القرآن؛ بينما تقتضي مصلحتنا أن نطور البربر خارج نطاق الإسلام " (6).
إن نفس الطرح السابق؛ هو الذي يحضر مع ممثل السياسة الفرنسية في المغرب؛ الذي أقام دعائمها؛ و قد كان طرحه طرحا فرانكفونيا خالصا؛ ينطلق من اللغة و الثقافة كعامل أساسي لترسيخ السياسة الاستعمارية .
و قد كان لمذكرة (ليوطي) هذه صدى واسعا عند منظري الحركة الاستعمارية؛ الذين ساندوا هذا الطرح؛ باعتبار اللغة الفرنسية سلاح المعركة الاستعمارية. و في هذا السياق نشر (موريس لوجلي) مقالة يدافع فيها على طرح ليوطي و جورج هاردي. يقول الكاتب: " والمشروع يفرض أن يتم تطوير سكان الجبال باللغة الفرنسية المعبرة عن فكرنا، سوف يتعلم السكان البرابرة اللغة الفرنسية؛ وسوف يحكمون بالفرنسية... علينا أن نُقلع في كل مكان عن الحديث باللغة العربية، وإعطاء الأوامر بالعربية إلى قوم هم مجبرون على فهمنا وإجابتنا.. ولذلك ينبغي العمل قبل كل شيء على تحويل مصالح الشعب المغربي في اتجاه مصالحنا نحن، وأيضاً تحويل مصيره إن أمكن، وليس هذا بدافع عاطفي محض، ولكنه بدافع فهم واضح للهدف المبتغى، والنتائج المتوخاة لصالح قضيتنا" (7).
إن الهدف المرسوم؛ من خلال مجموع هذه الآراء بمختلف اهتماماتها؛ يسير في اتجاه فرض اللغة الفرنسية؛ كامتداد للحركة الاستعمارية؛ حيث يتم من خلالها استعباد الشعب المغربي؛ عبر انتزاعه من جذوره التاريخية و الحضارية؛ المرتبطة بالامتداد العربي الإسلامي.
و هذا ما يعبر عنه صراحة و من دون مواربة؛ المستشرق الفرنسي(جود فروي ديموبين ( 1862 – 1957) Gaudefroy-Demombynes.R:
( وهو أحد المُنظِّرين لاستعمار المغرب العربي) " يجب أن تُسَخَّر كل الوسائل التي تحت سلطاننا لمقاومة زحف العربية والإسلام" (8). لقد وضع الاستعمار الفرنسي –إذن- خطة محكمة للسيطرة على المغرب؛ و انتزاع الشعب المغربي من جذوره الحضارية؛ استعدادا لربطه بالمصالح الاستعمارية.
و قد لعب الطرح الفرانكفوني؛ الذي يقوم على الاستعمار الثقافي و اللغوي؛ لعب دورا خطيرا في تمكين قادة الاستعمار من تنفيذ الكثير من خططهم؛ و قد لاحظ الدكتور (عبد العالي الودغيري) في بحثه القيم حول (الفرانكفونية و السياسة اللغوية والتعليمية بالمغرب)؛ لاحظ أن التغلغل الفرانكفوني تجاوز التعليم إلى مجالات أخرى؛ ضمن خطة محكمة؛ للهيمنة على المغرب. فمن المدرسة الفرنسية و جهازها التعليمي؛ إلى الكنيسة المسيحية؛ و إدارة الشؤون الأهلية؛ و ضباط الاستعلامات؛ و ضباط الجيش؛ و مؤسسات البحث الجامعي؛ ووسائل الإعلام. و كان الهدف هو إضعاف المغرب و التشكيك في كيانه و حضارته و هويته؛ و استغلال عناصر التعدد الثقافي؛ من لغة و عادات و أعراف؛ لضرب وحدته و تلاحمه " (9) .
و من هذا المنظور يخلص (محمد الفاسي) إلى خلاصة أساسية: " عندما استولت سلطة الحماية على مقاليد الحكم في بلادنا؛ كان كل ما أحدث بالمغرب؛ من ألفه إلى يائه على النمط الفرنسي؛ و باللغة الفرنسية ؛ و بالأساليب الفرنسية" (10)
و هذا – بالطبع - لا ينطبق فقط؛ على المرحلة الاستعمارية؛ بل يتجاوز ذلك إلى مرحلة الاستقلال؛ حيث تم تحقيق استمرارية المشروع الاستعماري بنسبة كبيرة؛ سواء في المغرب أو في الجزائر و تونس؛ إذ تحققت الهيمنة الفرانكفونية على جميع القطاعات الحيوية؛ في التعليم و في الإدارة و الجيش ... و هذا ما مكن فرنسا من تحقيق استمرارية مشروعها الاستعماري؛ الذي تحطم على يد الحركات الوطنية المقاومة؛ في جميع أقطار المغرب العربي؛ و تم إحياؤه من جديد على يد أذناب الفرانكفونية؛ الذين يشكلون الساحة الخلفية لفرنسا في مستعمراتها السابقة.






الهوامش:

5- M.g.hardy : le problème scolaire au Maroc – Casablanca – imp. rapide-1920.
6- د. الحسن مادي – السياسة التعليمية بالمغرب و رهانات المستقبل- منشورات مجلة علوم التربية- ص: 22
7- نفسه – ص: 23
8- عبد العالي الودغيري- الفرانكفونية و السياسة اللغوية و التعليمية الفرنسية بالمغرب – كتاب العلم – السلسلة الجديدة- الرباط- ط- 1993
9- نفسه ص: 8
10- محمد الفاسي – التعريب ووسائل تحقيقه- ضمن مجلة الأصالة- ع: 17-18 – نونبر/دجنبر – 1973 – ص: 76-77



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالي ...
- يقظة الرأي العام العالمي تقود رموز الإجرام الصهيوني إلى المح ...
- من تقرير كولد ستون إلى التحقيق في جريمة أسطول الحريةهل هي بد ...
- الحرب الإعلامية و صناعة الرأي العام الدولي
- الكيان الصهيوني يعلن حربا إرهابية على العالم
- المفكر محمد عابد الجابري : الكتلة التاريخية كمدخل رئيسي لتحق ...
- الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالي ...
- الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالي ...
- الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالي ...
- الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالي ...
- محمد عابد الجابري .. مات الانسان و ركب المناضل و المربي و ال ...
- استدراك - تقرير أطروحة الدكتوراه- التأسيس للرواية المغربية: ...
- تقرير أطروحة الدكتوراه- التأسيس للرواية المغربية: من البنيات ...
- بعد نجاح شعار التغيير الأوبامي داخليا - هل من أمل في التغيير ...
- نتنياهو .. و رهان تغيير أوباما
- الحركة الصهيونية: مشروع استعماري غربي بغطاء يهودي
- الكيان الصهيوني: منظمات إرهابية تشكل دولة !!!
- الموساد: منظمة إرهابية بغطاء دولي !!
- التنين الصيني - هل هي بداية تحطم أسطورة نهاية التاريخ ؟
- التحقيق مع طوني بلير: هل هي بداية ملاحقة مجرمي الحرب؟


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالية - 3- الفرانكفونية في المغرب العربي - تابع-