أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - وسام الفقعاوي - دقوا جدران الخزان














المزيد.....

دقوا جدران الخزان


وسام الفقعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3052 - 2010 / 7 / 3 - 20:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


دقوا جدران الخزان...
بقلم: وسام الفقعاوي.
"ما اغتنى غني إلا بفقر فقير" على بن أبي طالب، "لا تسألوا الناس عن ظروفهم، فإذا كانت الظروف من صنع الإنسان، فلنصنع ظروفاً إنسانية" كارل ماركس.
رجل في الخمسينات من العمر، يغزو شعر رأسه وذقنه الشيب، وتقتحم وجهه تجاعيد، لا يمكن فهمها أو معرفتها بمعزل عن واقع المأساة التي بدأت مع نكبة الشعب الفلسطيني، التي ترتبط بحلقات متصلة بعضها ببعض، منذ عام 1917، مروراً بأعوام 1948، و1967 و1993 وصولاً لعام 2007، وما ترتب على تلك الحلقات من وقائع وأحداث ومشاهد مأساوية لا زالت ماثلة حتى اللحظة.
يلبس بنطالاً مشمراً حتى ركبتيه، وقميصاً يدل على رجل لم يكن واقعه سابقاً كما هو عليه الآن، لم تخلو ملابسه من بقع متسخة تعبر عن وساخة المرحلة، وقيمها الإنتهازية، والمصلحية، بما يمكن أن نسميها بقيم الهزيمة وسلطتها.
ما أن رأى مجموعة من قيادات العمل الوطني، يقفون على أحد الأرصفة، في انتظار سيارة تقلهم إلى جنازة تشييع الشهيد بسام إبراهيم بدوان، الذي قضى في اشتباك عسكري شرق مدينة غزة يوم الأثنين الماضي، حيث استهدفته طائرات العدو الصهيوني، لتحوله إلى شهيد وشاهد، على إرهاب "دولتهم" المزعومة "واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط" حسب وصف الغرب المتحضر، والليبراليين الجدد من عرب وغيرهم. وشهيد وشاهد على أنه رغم تغلغل قيم السلطة وإمتيازاتها لمن يتشدقون بالمقاومة، وباسمها يمارسون كل شوفينيتهم، وانتهازيتهم، وولعهم "بسلطة"، لا ترقى أن تقاوم بسطار جندي صهيوني يدنس الأرض والمقدسات ليل نهار، وأخرى أضحت المفاوضات بالنسبة لها "حياة" ولو كانت على حساب حياة شعبها وقضيته وحقوقة المشروعة والتاريخية، وتتعلق بوهم "الوسيط النزيه" الذي يبصق يوميا في وجوههم بوعود السلام، وأحلام دولة الكنتونات، فمن هذا "الوسيط النزيه" سارق فائض قيمة الشعوب، ستأتي الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، فهو ذاته الذي وعدنا بسنغافورة سابقا، والآن الوعد بأن نصبح أحد ولاياته المهمة.
صرخ الرجل وبصوت عالٍ: "تعيش الوحدة الوطنية، تعيش حركة فتح، تعيش حركة حماس، تعيش الجبهة الشعبية ، تعيش الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بدنا وحدة وطنية، لكن هم ليش بدهمش وحدة، فتح وحماس، ليش بدكمش وحدة وطنية، لكن أي وحدة؟ وأخذ مجدداً يكرر تعيش فتح وتعيش... بدنا وحدة وطنية. اقترب الرجل منا وقال الليلة قالت لي زوجتي بدنا خبز نأكل، فقلت لها، فتشيني وإذا وجدتي معي شئ خذيه، لأنك لن تجدي شئ، ولم نأكل خبز، والله ما في خبز". وأخذ يضحك، "ضحك" المتضور جوعاً وحسرة، وألم ومعاناة.
قد يبدو الرجل للوهلة الأولى "فاقد العقل"، لكن المدقق جيداً في كلماته وطريقة التعبير عن الواقع العام، وواقعه الخاص، يدرك بأن الرجل غير ذلك، فهو المسكون بفكرة الوحدة، وكذلك ذاته المطحون من الفقر والعوز، وخواء المعدة، فهل أثر خواء معدته على خواء عقله؟ أجزم بلا؛ وإن بدا للوهلة الأولى كذلك. فهو الجائع والمتألم والمتحسر، لكنه الأكثر تعبيرا وصدقا عن المعاناة التي يحياها هو ومعظم أبناء شعبه. أكثر صدقا من كل المتكرشين شبعا، والممتلئة جيوبهم وحساباتهم البنكية مالاً، والمتنطعون على شعبهم قيادة، وتصدح حناجرهم بالدجل السياسي، وحرصهم على المصالح العليا لشعبهم، التي تستلزم أن ينقسم الشعب جغرافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا!!!، وهذا يلزمه التشدق بشعارات الوحدة واللحمة الوطنية، التي تستجدى من الأمريكان والإسرائيليين من جهة، ومن قوى إقليمية لا تنتمي للمنطقة ونسيجها من جهة أخرى، لا يهمها سوى مصالحها الخاصة بحسابات السياسة والاقتصاد.
يسأل الرجل بيأس، وأتسآل معه، كيف نتوحد؟ وكيف نسد رمق جوعنا؟، قديماً طلب غسان في روايته "رجال في الشمس"، من الرجال الثلاثة الذين سجنوا أنفسهم في خزان السيارة التي ستقلهم إلى "ملجئ آمن" يقيهم من شظف العيش، "ويعوضهم" عن وطنهم السليب، ليقطعوا الصحراء الملتهبة من أشعة الشمس الحارقة، فليس في الصحراء "رموز" للحياة، فما بالنا في السجن/الخزان، فماتوا الرجال الثلاثة اختناقاً، وعندما وصل سائقهم إلى المكان المفترض، وجدهم صرعى في سجنه/خزانه، ليصرخ بهم لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟!!، لكنه حزم أمره، وألقى بهم على أقرب مزبلة صادفها في طريقه.
بعد ذلك، ماذا تبقى لنا؟، ولماذا لا ندق جدران الخزان؟، ولكن ليس على طريقة أبا الخيرزان سائق السيارة، وصاحب السجن/الخزان، بل باستعادة قيم الثورة، "فلا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه" علي بن أبي طالب.



#وسام_الفقعاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - وسام الفقعاوي - دقوا جدران الخزان