أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في وداع الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر















المزيد.....

في وداع الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


غيب الموت في الأسابيع الاخيرة (4) من رواد واعلام الأدب والشعر والنقد والثقافة ، وهم: الشاعر الفلسطيني محمد حسيب القاضي ، شاعر الثورة الفلسطينية ، والكاتب والروائي البرتغالي الحائز على جائزة "نوبل" وصديق الشعب الفلسطيني (جوزيه ساراماغو) الذي عرفناه بمواقفه وارائه السياسية اليسارية، وشجاعته في مقاومة الظلم والطغيان، ونضاله من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية ، والذي قام بزيارة مخيم جنين بعد المجزرة الدموية التي اقترفتها قوات الاحتلال بحق اهالي المخيم. اضافة الى الكاتب والناقد المسرحي المصري فاروق عبد القادر ، الذي اسهم في اثراء النقد الصحفي بمقالاته النقدية الجادة ومتابعاته لالوان الابداع الجديدة ، وحقق تأثيراً واضحاً وملحوظاً في الحياة الثقافية المصرية والعربية المعاصرة. وأخيراً الشاعر المصري المنسي والمغيب ، شاعر الضعفاء والمهمشين في المجتمع ( محمد عفيفي مطر) الذي لفظ انفاسه الأخيرة وفاضت روحه يوم الاثنين من هذا الاسبوع ، بعد صراع مع مرض تليف الكبد وغيبوبة لمدة اسبوعين ، عن عمر ناهز ال (75) عاماً، قضاها في تدريس الفلسفة، والكتابة الشعرية،والنهل من الثقافة،والتزود بالمعارف الانسانية، والنشاط الثقافي والسياسي، والالتزام الوطني،وفلاحة الأرض، والتزهد.
وفي هذه العجالة سوف اتوقف عند حياة هذا الشاعر الكبير المثابر، الحافلة بالشعر والابداع والجمال والسياسة والالتزام، واترك الحديث عن الراحلين الآخرين للاسابيع القادمة.
محمد عفيفي مطر قامة شعرية باسقة وفارعة ، ومن ابرز شعراء جيل الستينات في مصر ، اعتبره النقاد ظاهرة كبيرة اثرّت في مسار الشعر العربي الحديث ، ومن أهم الشعراء المجددين في الوطن العربي.
ولد مطر عام 1935 بمحافظة المنوفية ، وتخرج من كلية الآداب ـ قسم الفلسفة، وعمل مدرساً للفلسفة لمدة عشرين عاماً ثم اختار حياة العزلة والتقشف والعمل في فلاحة ارضه .
محمد عفيفي مطر كان انساناً شهماً صاحب قيم راسخة ، تميز بالصدق العفوي الذي سربل حياته ، امتلك تجربة ثرية حمل خلالها ثقافة موسوعية جامعة ، وكما تصفه زوجته كان " حصان الحرية الجموح " .وقد اتصف بالوقوف ضد السائد والتغريد خارج السرب واشعال الحرائق وطرح الأسئلة ، فحورب وهمش وطورد من قبل اجهزة النظام المصري الحاكم ، التي قامت بسجنه بسب معارضته للسياسة الساداتية وموقف مصر من الحرب ضد العراق ، كما وحجبت الجوائز عنه،لكنه نال تقدير الشارع الشعبي والثقافي المصري والعربي.وكانت قضية الحرية مصدر الانفجار الشعري عنده ، وآمن دائماً بانه لن يكون هناك مجتمع عربي سليم ومعافى دون تحقيق الحرية للانسان العربي ، ولن نتخلص من قيود القهر والظلامية والتخلف والاستعمار باشكاله المختلفة ، ولن نقضي على مرارة الهزائم والنكسات والنكبات التي تلاحق الانسان العربي من عصر الى عصر، الا اذا تحققت هذه الحرية لهذا الانسان.
ملأ محمد عفيفي مطر مساحة ابداعية كبيرة بتشكيلاته الشعرية ،من قصائد ونصوص غير مسبوقة بطلاوتها ورهافتها وفكريتها وتأملاتها الفكرية الفلسفية ، وامتزجت شاعريته بعجين الثقافة العربية المصرية فكانت حياته وشعره "سنابل" البحث والدرس والمثابرة والجهد وفلسفة المعنى ، ولذلك اصدر مجلة (سنابل) في نهاية الستينات من القرن الماضي لتقدم ما هو راق ومتميز وأصيل ، فنشرت للاقلام الشعرية والادبية الجديدة ، التي اصبحت فيما بعد كواكباً ونجوماً في الثقافة العربية الراهنة.
قدم عفيفي مطر خلال رحلة عمره اعمالأ ومنجزات ومجاميع شعرية كثيرة ، سكب فيها احزانه وحرارة احاسيسه ومشاعره الذاتية الصادقة ، مشاعر الألم والضياع والاغتراب ، وعكس تأمله النفسي العميق وبث الشكوى والاسى الذي كان يجتاح نفسه وروحه. وقد تنوعت موضوعاته الشعرية ،وتراوحت في اشعاره النزعات الذاتية التأملية والهمسات الروحية ، مستوحياً فيها التراث والاسطورة .ومن أعماله ومجاميعه الشعرية التي بلغت (14) عملاً : "احتفالية المومياء المتوحشة ، فاصلة ايقاعات النمل ، رباعية الفرح ،انت واحدها وهي اعضاؤك انتثرت، يتحدث الطمي ،والنهر يلبس الاقنعة ،شهادة البكاء في زمن الضحك ،كتاب الأرض والدم ، رسوم على قشرة الليل ، الجوع والقمر ، ملامح من دفتر الصمت، من مجرة البدايات"وغيرها.
لقد قيل وكتب الكثير حول شاعرية محمد عفيفي مطروعن تجربته الابداعية ، وعندما نال جائزة "سلطان العويس" التقديرية في الشعر جاء في قرار لجنة التحكيم :" تجربته الشعرية اصيلة متنامية تستند الى التراث الشعري العربي ، قديمه وحديثه ،والشعر العالمي بمجمله ، والموروث الشعبي والمعرفة الفلسفية ، وتأمل الواقع الراهن والالتزام بقضاياه مما اتاح له تطوراً مفتوحاً متجدداً .و"لعل المقارنة بين ديوانه "النهر يلبس الاقنعة" الذي ظهر قبل ربع قرن ودواوين اخرى ظهرت عقب ذلك، منها "انت واحدها وهي اعضاؤك انتثرت" و"رباعية الفرح" تكشف عن مدى الجهد الشعري الخلاق المتطور الذي يجمع بين الجمالي والمعرفي ، السياسي والصوفي ، الملموس والرمزي".
اما الشاعر الفلسطيني ورئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين سابقاً المتوكل طه فقال عنه: " استطاع محمد عفيفي مطر ، ان يقدم صيغة مبدعة لعلاقة الشاعر المثقف بالسلطة وافرازاتها وهيمنها وما تضعه حولها من نخب تتبنى وتردد اطروحاتها ، خالقة بذلك " ظلاماً "كثيفاً يمنع الرؤيا ويقتل الرؤية ويغتال البصيرة والحياة. ان قصيدة مطر تعج بالألم والفزع والكوابيس والرؤى المقتولة والأماني المعذورة ووجوه الأحبة الموتى والمدن التي يسكنها الأشباح ، كما انها قصيدة مركبة تستند الى الاسطورة التي تعيد انتاجها بلغة حداثية فلسفية ، تؤكد ان صاحبها شاعر رجل يستحق الاحترام".
في حين وصفه الشاعر محمد الفيتوري قائلاً :" يأخذ الكتاب بقوة ، يأخذ الشعر بقوة ، يأخذ الحياة بقوة، لا مكان لأي تنازل وان كان مكان لضعف انساني، لحظة حب، احساس بضعف، خصم فعفو عند المقدرة. وكذا ترك القصيدة حتى نطيب فان الطزاجة والجدة والجدية صرامة الحكم ونقيدها الخصم".
محمد عفيفي مطر شاعر مجيد ومتألق ، وقف في صف المثقفين المعارضين لسياسة النظام المصري الحاكم ، وانتمى لمعسكر الفقراء والبسطاء والمسحوقين وانحاز لهم في معاركهم الطبقية من اجل الخبز والعدل والفرح والخلاص من القيود والأغلال .وكيف لا يكون هكذا وهو الذي كان يردد ويقول عن نفسه دائماً :" انا الشاعر الفقير الذي لا يضر ولا ينفع " وكتب في احدى قصائده:
شربت مرق الأحذية المنقوعة
في الخوف والنحيب
اكلت ما يخبزه الاسفلت
في جوفه من حنطة التعذيب
وافترشت جوارحي حشية تملأها بالمقت
الأوجه المقلوبة
والأعين المثقوبة.
واخيراً ، لقد رحل محمد عفيفي مطر ، امير الكلام ، وترك فينا ما يبقى في ذاكرة عشاق الكلمة لآماد قادمة ، ويا لها من خسارة ان يفارقنا هذا الشاعر الكبير والمعطاء ، الذي عاش ومات فقيراً مهموماً بحب الشعب الكادح، وحب مصر العروبة .



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لينين والثقافة الجماهيرية
- صدور العدد الثالث من مجلة (بواكير)
- عدد جديد من (الاصلاح ) الثقافية
- حول الأدب الطبقي
- الانفلات العنصري الفاشي ضد النائبة حنين الزعبي
- في ذكرى -عاشقة الليل- الشاعرة العراقية نازك الملائكة
- صدور كتاب (ذاكرة من الزمان) من اعداد وتقديم الكاتب مفيد صيدا ...
- الجريمة والعقاب
- مشاكلنا الاجتماعية والتحدي المطلوب
- عالم جورج طرابيشي الفكري
- في ذكرى اغتياله : مهدي عامل باق في الذاكرة الجماعية
- ماذا نقرأ في العدد الجديد من مجلة (الإصلاح) الثقافية
- صدور كتاب -مآثرة يوم الأرض الخالد وحكايات- لعمر سعدي
- الوحدة الوطنية طريق الانتصار
- ورحل الهرم الفكري والفلسفي العربي محمد عابد الجابري
- 14عاماً على غيابه: اميل حبيبي من طلائع الفكر والابداع الفلسط ...
- الصادق النيهوم الباحث عن المعرفة من خلال انسانية الثقافة
- محاكمة كتاب-الف ليلة وليلة-..!
- دار جبرا ابراهيم جبرا تتحول الى ركام ورماد ..!
- تحية للشاعر مروان مخول


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في وداع الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر