أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل البياتي - إنتفاضة الكهرباء ... بداية إنتفاضة شاملة ضد الفساد والمفسدين















المزيد.....

إنتفاضة الكهرباء ... بداية إنتفاضة شاملة ضد الفساد والمفسدين


عادل البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 08:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شهدت مدينة البصرة يوم 19/6 الجاري إنطلاق تظاهرات شعبية عفوية، شارك فيها الآلاف من المواطنين، إحتجاجا على نقص إمدادات الطاقة الكهربائية، وتردي الكهرباء بشكل كبير في المدينة التي تصل درجة الحرارة فيها فوق الخمسين مئوية، ورشق المتظاهرون الغاضبون مقر المحافظة بالحجارة مطالبين باقالة وزير الكهرباء ومحافظ المدينة الغنية بالنفط، ورددوا هتافات عدة بينها "اليوم سلمية وغداً حربية"، في اشارة الى التظاهرة، واخرى باللهجة المحلية "يا محافظ شيل ايدك (اي ارفع يدك) أاهل البصرة ما تريدك".. وقد ردت القوات الأمنية بالمحافظة بإطلاق النيران على المتظاهرين، مما أدى إلى إستشهاد أحد المتظاهرين ويدعى (حيدر داود سلمان) 27 عاما، وله 3 أطفال، ويحمل ليسانس قانون، كل ذنبه أنه شارك في تظاهرة بريئة تطالب بتحسين أسوأ مايقدم للعراقيين من خدمات (الكهرباء)، في مجتمع يفتقر لأبسط مقومات الحياة الإنسانية!
وبدلا من أن يظهر رئيس الوزراء نوري المالكي في وسائل الإعلام وهو يعتذر ويعبر عن أسفه لسقوط الضحايا من القتلى والجرحى في هذه التظاهرة، فإنه ظهر في مؤتمر صحفي ليكيل الأتهامات الى خصومه ممن أسماهم (البعثيين والتكفيريين واصحاب الاجندات السياسية!! متهما بذلك الإئتلاف الوطني الذي يرأسه عمار الحكيم)، ومتجاهلا أن قواته الأمنية قد استخدمت القوة المفرطة مع تظاهرة سلمية غير مسلحة، فهل يجوز استخدام الرصاص الحي مع متظاهرين لمجرد انهم رشقوا مبنى المحافظة بالحجارة!، ألم يكن بإمكان محافظ البصرة –وهو من حزب المالكي ومقرب اليه!!- أن يأمر بإستخدام خراطيم المياه، أو حتى رش الغاز المسيل للدموع، إن كان الموقف فعلا يستحق ذلك! أما وزير الكهرباء فقد ظهر بالإعلام وهو يقول: "ان المظاهرة نظمها البعثيون والتكفيريون وايتام النظام السابق"، متناسياً أنه كان أحد كبار مسؤولي الكهرباء في النظام السابق!!
عمار الحكيم رئيس الإئتلاف الوطني عبّر عن رفضه المطلق تسمية المظاهرات المطالبة بحقوق الجماهير بأعمال شغب وتخريب واتهام الاحزاب السياسية بالوقوف وراءها مؤكدا على انها مظاهرات شعبية منتفضة بإرادة الجماهير دون تدخل الأحزاب فيها, ردا منه على اتهام المالكي لرموز الائتلاف الوطني بتسييس الاحتجاجات لصالحهم وضد حكومة الأخير.
التظاهرات البصرية التي لحقتها في الايام التالية تظاهرات مماثلة عمت الناصرية والحلة والأنبار، وغيرها، كانت عفوية بمعنى الكلمة، فقد كان خروج البصريين عفويا بعد ان وصلت بهم المعاناة الى حد ليبلغ السيل الزبى اهمها الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي خرجوا لمطالبة من انتخبوهم قبل عام لمجلس المحافظة بأن يوفوا بالوعود خرجوا ليقولوا لمحافظ البصرة ورئيس المجلس والاعضاء الاخرين باننا لا نريدكم ونطالب بسحب الثقة منكم... انتخبناكم وها نحن نادمون على ما فعلنا... لكن حماية محافظ البصرة تقوم بالرد على تلك التظاهرات باطلاقات نارية حية عن طريق أسلحتهم التي من المفروض ان يحملوها ويوجهونا على اعداء العراق والذين يتسللون من الحدود الايرانية في كل يوم لا على ابناء جلدتهم ومن انتخبهم في وقت سابق ليردوا الجميل بالدم والقتل وليسقط احد المتظاهرين ميتا على الأرض ويصاب العشرات باصابات خطيرة . والمثير للإشمئزاز أن يخرج محافظ البصرة بعد ساعة من الجريمة ليصرح ويقول: (إنه مجرد شخص واحد قتل لا أكثر!!)، وكانه لا يأبه بهذا (الشخص الواحد!) الذي قتل بلا ذنب! متناسياً أنه ومن معه قد أثبتوا عجزهم في اداء واجباتهم من مواقع المسؤولية التي انيطت بهم من قبل الناخب البصري الذي اعطاهم حق التسلط على رقبته من خلال صناديق الاقتراع. ولعل السيد المحافظ نسي أو تناسى ما قاله في مؤتمر صحفي قبل عام غداة تسنمه "بانه سيقدم استقالته اذا ما اخفق في حل مشكلة الكهرباء بالبصرة"، فهل سيقدمها فعلاً ؟!.
إن توفير مستلزمات المعيشة الكريمة للشعب هي مسؤولية اخلاقية ودستورية ملحة على كل حكومة تتصدى لتسنم مقاليد الحكم .. وربما تتفاوت درجة توفير هذه المستلزمات تبعا لتفاوت وتباين الظروف والمعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. فالناس لا يمكن ان تغمض اعينها عن رؤية الظروف الموضوعية التي تحول دون تقديم الحكومة لمسؤوليتها في توفير الخدمات لشعبها. وتقف قلة الموارد المالية او حساسية الظرف الامني في مقدمة هذه العوامل العائقة. إن البصرة مملكة البترول التي تطفو على بحر من البترول، تعيش جملة من المشكلات كما هو حال باقي محافظات العراق منذ 2003 حتى اليوم، فالتلوث البيئي بلغ اقصى معدلاته من الخطورة، واشعاعات اليورانيوم المنضب وارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان والامراض الخبيثة، وانعدام خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي والمشتقات النفطية، والأنقطاع الدائم للتيار الكهربائي عن المواطنين، في حين لاتنقطع الكهرباء عن مبنى المحافظة ومقرات احزاب السلطة ودور كبار المسؤولين، تماما كما يحصل في بغداد حيث تنعم المنطقة الخضراء ودور المسؤولين ومقرات الاحزاب بتيار لا ينقطع من الكهرباء، وزارة كهرباء المالكي يبدو انها منشغلة بتوفير دائم ومستمر للطاقة الكهربائية لحكومة المنطقة الخضراء وسكانها المترفين في قصورهم الفارهة فهي تسد احتياجاتهم كاملة حيث قصور الحاكمين الجدد!!.
رئيس الوزراء المنتهية ولايته، قدّم نموذجاً ديكتاتوريا جديدا في التشبث بالسلطة، رغم ان خسارته اتضحت من قبل اعادة العد والفرز، لتصبح فضيحة بعد الفرز اليدوي الثاني، كل ذلك لم يجعل من المالكي ان يبحث عن نقطة خجل بداخله امام صورته التي تمرغت بوحل الاستهجان الشعبي لموقفه المتصلب في التمسك بالسلطة بأي ثمن!!. فبدلاً من ان يعتذر هو واعوانه للشعب ويعزّوا بسقوط الشهداء والجرحى اخذوا يصفونهم بهذه الاوصاف غير اللائقه فالجماهير التي خرجت لم تطالب ببناء الابراج كابراج دبي ولاببلاجات سياحيه على شاطئ الخليج ولا بملاعب كرة قدم متطورة ولم تطالب جماهير البصرة بتقلد احد ابناءها منصب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او وزير وانما كانت مطالبها مشروعه وعادله وبسيطه وهي توفير الكهرباء! ونعتقد أنها لوطالبت بتلك المطالب لتم سـحقها بالدبابات!!.
يبدو أن المصائب وتردي الخدمات صار قدرا على العراقيين بعد الاحتلال الامريكي، دون أن يوجد بين المتسلطين من يصغي حقا لضميره، و يخرج من منطقة الله الخضراء، ويعيش حال الشعب المنكوب، و يجرب مرارة العيش (الكريم!!) في المدن المخروبة على اهلها، فالمالكي كما اخرج وزير تجارته عبدالفلاح السوداني المتهم بالفساد (بريئا) ناصع اليد الا من بضع (مليارات خضراء!!)، ووقف بوجه القانون وأساء استخدام سلطته كرئيس وزراء، وبالتالي كان هو اول الواقفين بوجه مشروع دولة القانون!!
ان مشكلة الكهرباء ومثلها سائر معضلات تردي او انعدام الخدمات في العراق المحتل منذ 2003 ليست مشكلة فنية بل سياسية، فلو كانت فنية لحلتها المليارات السبعة عشر من الدولارات التي صرفت لقطاع الكهرباء، منذ مجلس الحكم و حتى اليوم لإصلاح منظومة الطاقة!! لكنها مشكلة سياسية مرتبطة بمصالح دول الجوار وتحديدا ايران التي تعتاش على انهيار القطاع الخاص العراقي بسبب انعدام الطاقة الكهربائية، و تتحكم في كهرباء العراق ومياهه، ووقوده، وحتى في تعيين موظفيه وسفرائه ووزراءه وتحديد من يكون رئيسا للوزراء!! .. من أجل هذا تظاهر البصريون فالكهرباء قدحت شرارة انتفاضة متعددة الرؤوس متشعبة المطالب تبدأ بالسكوت الرسمي على قطع مياه الكارون ورفع ملوحة شط العرب وتستذكر احتلال آبار الفكة وقصف قرى شمال العراق وقد عكست الشعارات التي رفعها المتظاهرون عراقية المظاهرة وعفويتها وعدم تسييها وقد سقط الشهداء والجرحى وهم يرددون بصوت واحد (بالروح بالدم نفديك يا عراق) وهو شعار يمد يديه لكل محافظات العراق من زاخو الى البصرة لتشاركه شرف الانتفاض على الفساد وتبديد الثروات والخنوع للاجنبي كائنا من يكون وذلك من خلال القيام بتظاهرات مشابهة لا تقبل بالوعود الفارغة بل لا تقبل بغير رحيل طغمة الاحزاب الدينية والمليشيات الإجرامية التي مهد لها الاحتلال طريق تدمير البلاد! انها الشراره التي قدحت من أسلاك الكهرباء الخاوية، وسوف تحرق الاخضر واليابس والقشه التي تقصم ظهر البعير فمظاهرات البصرة سوف يمتد اوارها لتغطي مساحة الوطن في النجف والفلوجة وحديثة ومدينة الصدر وتكريت وواسط، وسوف لن يحمي الحكومة وأعوانها رصاص فرسانها فغضب الشعب العارم هذه المرة ربما سيكون مسمارا ً يدق في نعش حكومة المالكي حيث ستطيح ازمة التيار الكهربائي بتلك الحكومة وبالصعقة الكهربائية المميته.
صحيح أن العراق يعاني من نقص حاد بالطاقة الكهربائية منذ أوائل تسعينات القرن الماضي بعد أن دمرت قوات التحالف شبكته الوطنية خلال حرب الخليج الثانية 1991، وما تبعها من حصار اقتصادي أنهك البنية التحتية للبلاد وحتى سقوط النظام السابق عام 2003. لكن العراقيين لم يعيشوا مثل هذه الاوضاع المأساوية حتى في زمن الحصار الخانق الذي استمر اكثر من عشر سنوات، فبعد اشهر معدودة من العدوان التدميري الامريكي الذي ألقى قنابل تعادل ثلاثة اضعاف القوة التدميرية لقنبلتي هيروشيما وناغازاكي على العاصمة والمدن العراقية الاخرى، عادت الكهرباء وسائر الخدمات الى المنازل العراقية واعيد بناء حوالي 120 جسرا جرى قصفها بالصواريخ والقنابل.
إنها "انتفاضة الكهرباء" رغم ان الكهرباء لم تكن الا الشعرة التي ستقصم ظهر اللانظام واللاحكومة واللادولة واللا خدمات واللا سيادة واللاكرامة و ستنهي عصر الفساد الذي فرضه الاحتلال في غفلة من الزمن. نعم إنها "انتفاضة الكهرباء" لأن الكهرباء صار لها شهداؤها فلأول مرة في تاريخ البشرية منذ أديسون يسقط شهيد من أجل ومضة نور. ولأول مرة يطلق شرطي النار على رجل يطالب ببضعة أمبيرات يدوّر بها مروحته في حر كحر البصرة و رطوبة كرطوبة البصرة!!!



#عادل_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا التخويف من الاخوان؟؟
- ماذا جنى العراقيون من تمرير الدستور؟
- كعادتها: أمريكا تبيع الصحوات و-مجاهدين خلق- في صفقة إيرانية ...


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل البياتي - إنتفاضة الكهرباء ... بداية إنتفاضة شاملة ضد الفساد والمفسدين