أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امبارك الكديم - إشكالية التنمية القروية بأرياف ايت باعمران















المزيد.....

إشكالية التنمية القروية بأرياف ايت باعمران


امبارك الكديم

الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 20:16
المحور: المجتمع المدني
    


اكتست الجمعيات والتعاونيات بالمغرب خلال العقدين الأخيرين موقعا متميزا بين مختلف الفاعلين، فعددها ما فتئ يتكاثر ومجالات اهتمامها وتدخلها ما فتئت تتنوع وتتعدد، حتى أصبحنا نتحدث عن التعاونيات والجمعيات في مختلف جوانب الحياة سواء في المجالات الحضرية أو الريفية، وقد بلغ مجموع التعاونيات المحدثة إلى حدود سنة 2006، 5276 تعاونية وفقا لقاعدة معطيات مكتب تنمية التعاون، وبلغ عدد التعاونيات الفلاحية النسوية 136 تعاونية، وهذا راجع بالأساس إلى تنامي الأصوات المنادية بتحرير المرأة والعمل على ادماجها في شتى مناحي الحياة، وضرورة الاهتمام بها والمساهمة في الرفع من قدراتها ومهاراتها، ومن هنا يستمد عرضنا هذا مشروعيته، التي تتلخص في دور المرأة في التنمية في إطار جمعيات أو تعاونيات نسوية، وهو ما أصبح يعرف اليوم بمقاربة النوع، l’approche genre، ويتلخص مضمون هذه المقاربة في ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة و اشراكها في التنمية واتخاذ القرار وهو ما أشار إليه المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد بالقاهرة سنة 1994. محليا أي بمنطقة ايت بعمران ظهرت العديد من التعاونيات النسوية التي تحتضن نساء في أعمار ووضعيات اجتماعية مختلفة، وتقوم هؤلاء النسوة بالعديد من الأشغال التي تضمن لهن راتبا يوميا أو شهريا يسد قسطا من حاجياتهن وحاجيات عائلاتهن، في منطقة تتميز بظروف طبيعية قاسية وتعيش تهميشا من طرف مختلف برامج التنمية للدولة التي تهم العالم القروي.

وتدخل هذه التعاونيات إلى جانب الجمعيات والتعاضديات في إطار ما يسمى بالاقتصاد الاجتماعي (économie social) ويراهن المغرب عليه –الاقتصاد الاجتماعي- للإسهام في معالجة الاختلالات الاجتماعية، وتأهيل قطاعات واسعة من نسيجنا الانتاجي التقليدي والعائلي، وتعزيز البعد الاجتماعي للتنمية واشاعة قيم التضامن والديمقراطية والمشاركة والمسؤولية الفردية والاجتماعية. إن تعريف الاقتصاد الاجتماعي يجرنا إلى طرح العديد من الأسئلة التي أفرزتها المعطيات الجديدة لاقتصاد السوق بحيث يتجه المغرب نحو ادكاء اقتصاد السوق والمنافسة، وحذف الحواجز الجمركية في إطار الاتفاقيات العامة للتعرفة الجمركية وتحرير شامل لاقتصاده، حيث تبنى مخطط المسار للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1988-1992 لأول مرة تعريف مفهوم الاقتصاد الاجتماعي بشكل رسمي حيث ورد في الصفحة 156 من هذا المخطط ما يلي: " يشكل الاقتصاد الاجتماعي الذي يتكون من التعاونيات والتعاضديات والجمعيات وسيلة أساسية لتكييف إستراتيجية المخطط في مجال التنمية الاجتماعية مع الظروف الاقتصادية الجديدة في ظل احترام هدف تحقيق عدالة اجتماعية أفضل".[1]

وسأتناول كمثال، التعاونية الفلاحية النسوية لإنتاج زيت اركان ومشتقاته، التي اتخذت الجماعة القروية مستي مركزا لها. وذلك، باعتبارها -التعاونية- الملاذ الوحيد للعديد من النسوة اللواتي يحصلن على مدخول يساهم ولو بشكل بسيط في تحسين وضعيتهن ووضعية أسرتهن.

وكبداية أطرح قراءة في بعض الكتابات حول مفهوم التنمية.
تطور مفهموم التنمية

حظي موضوع التنمية في الآونة الأخيرة باهتمام كبير من طرف مختلف الباحثين والفاعلين. وهذا لا يعني بالضرورة حداثة هذا المفهوم، بل الوضعية التي أصبحت عليها العديد من الدول من التخلف والتأخر بالمقارنة مع ما وصلت إليه بلدان أخرى من التقدم والازدهار على كافة المستويات، جعل تحقيق التنمية كحالة وكصيرورة أمرا ملحا وضروريا، خصوصا في ظل العلاقات الدولية التي أصبحت سائدة اليوم والتي لها ارتباط كبير بمسلسل العولمة.

تعتبرالفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، هي التي تبلورت فيها التنمية كمفهوم، وكثرت حولها الكتابات الأدبية، وذلك بعد ما خلفته الحرب من اختلالات في القوى الدولية، وظهور دول متقدمة وأخرى ضعيفة، وتزايد مستويات التخلف في دول العالم الثالث. الشيء الذي ساهم في ظهور مجموعة من النظريات المفسرة لظاهرة التخلف والسبل الكفيلة بتحقيق التنمية..

فمفهوم التنمية، كما تشير إلى ذلك العديد من الدراسات مرتبط بظهور الإنسانية، وهو من المبتغيات والأهداف التي كان الإنسان يجري ويكد من أجل الوصول إليها، ويمكن اعتبار هذا هو جوهر التنمية وبالتالي فهو شيء غريزي في الإنسان أن يتطلع دائما إلى الأفضل وتجاوز المشاكل التي يعاني منها

وبخصوص تطور مفهوم التنمية كلفظة ومفردة تعبر عن عملية اقتصادية مادية في أساسها تتم على مستوى البنى الإقتصادية والتكنولوجية وتطوير الوسائل المعيشية، وتوفيرها ما يسد حاجات الإنسان المادية الأساسية، أي أن هذا المفهوم-على الرغم من ادعائه الشمول من خلال تعدد أشكال التنمية ومجالاتها السياسية والاقتصادية...إلخ- قد تم مبكر استلابه من جانب علم الاقتصاد على حساب المجالات الأخرى للعلوم الإجتماعية والإنسانية، وأصبحت التنمية تطلق حاملة معاني الشمول لكل أبعاد المجتمع، لكن الدلالة الاقتصادية فحسب بمؤشراتها المعروفة هي القاسم المشترك.بعد ذلك جاءت المرحلة الثانية من تطور هذا المفهوم وهي المرحلة التي أضيف فيها إلى مفهوم التنمية الشمولي، فظهر ما يعرف ب "التنمية الشاملة"، وكان يقصد بالتنمية الشاملة تلك العملية التي تشمل جميع أبعاد حياة الإنسان والمجتمع وتغطي مختلف المجالات والتخصصات.

بالرغم من تجاوز مفهوم التنمية للقصور الموضوعي في صياغته الأولى، فإنه لم يستطع تجاوز القصور الجغرافي والاستراتيجي للمفهوم، إذ ظل مفهوم التنمية يحمل دلالات تبعية النموذج التنموي المتبع في الدول النامية للنموذج التنموي الذي سلكته الدول المتقدمة. إذن يمكن وصف مفهوم التنمية بالشمولي ويرسخ تقسيم العالم إلى مركز وهامش، وإلى متقدم ومتخلف، إلى منتج للتكنولوجيا والأفكار والنظم ومستهلك لها.

ولتجاوز هذه التبعية للدول المتقدمة من طرف الدول المتخلفة وجب التفكير في نماذج مستقلة للتنمية، وبالتالي ظهرت التنمية المستقلة، لتحاول فك الإرتباط مع دول الشمال ودفع عملية التنمية إلى التركيز على الموارد المحلية. لكن فشل العديد من مخططات التنمية في الكثير من البلدان دفع بها إلى التفكير في بديل للتنمية بمفهومها الإقتصادي الصرف وبالتالي البحث عن طريق لتحقيق تنمية تحافظ على البيئة والتوازن الايكولوجي والتقليص من حدة الكوارث التي باتت تعصف بكوكب الأرض جراء مسلسل للتنمية لم يحقق سوى مشاكل امتدت من ثقب الأوزون حتى الإرتفاع في سخونة الأرض.

ومن هنا،وابتداء من التقرير الصادر عن لجنة براندت لاند سنة 1987 ظهر مفهوم جديد للتنمية اصطلح عليه التنمية المستدامة، وهو آخر صيحات التنمية. ليتبين كيف غاب من قبل عن التنمية في أطوارها المختلفة دلالات وأبعاد مفهوم التاريخ والزمن لغلبة الفكر الحداثي لعصر التنوير على فلسفة العلوم الاجتماعية برمتها وتقديم الآني والعاجل على ما عداه لتحقيق الربح أكبر وأكبر منفعة ممكنة بالمعيار الاقتصادي المادي، وبالتالي غياب مفاهيم العدل في الإنتاج والتوازن في الاستهلاك والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة والبعد الأخلاقي في هذا التصور. وبالتالي ضرورة التوقف عند حدود معينة في التعامل مع الموارد الطبيعية وتوظيفها.[2]

-التعاونية الفلاحية النسوية لإنتاج زيت اركان ومشتقاته ومساهمتها في التنمية الريفية:

تعتبر جمعية ايت بعمران للتنمية التي أنشأت بين سنتي 1976-1979، نموذجا حيا لرغبة المجتمع المدني في المنطقة في المساهمة في تنمية ترابهم وذلك اعتمادا على طاقاتهم أو بشراكة مع منظمات غير حكومية فاعلة في ميدان التنمية، ومنذ البداية قام الفاعلون في الجمعية بالبحث عن ممولين ولجأوا إلى l’association canadienne Oxfam Québec ثم le Cercle diplomatique et le Fonds Canadien d’Initiatives Locales (FCIL) .الأولى تضمن الدعم الإداري والمساهمة في تحويل المعارف. والثانية تكلفت بتوفير الدعم المادي للجمعية.

وفي سنة 1997 ظهرت التعاونية النسوية وتكلفت l’association canadienne Oxfam Québec، بالمساعدة التقنية في إطار الشراكة بين الجمعية وتعاونية ايت بعمران للتنمية(Maroc Hebdo International - N° 458 - Du 30 mars au 5 avril 2001).

ومن هذا المنطلق ظهرت تعاونية تافيوشت كمجال يجمع نساء المنطقة، اللواتي بلغ عددهن 64 امرأة، نساء عازبات، متزوجات يسكن لوحدهن أو برفقة أزواجهن، نساء أرامل أو مطلقات يتراوح عمرهن بين 20 و 70 سنة. إن العديد من هؤلاء النساء لا يستطعن توفير الحاجيات الضرورية، يستفدن فقط من إعانات السكان المحليين أو من سخاء بعض عائلاتهن من حين لآخر.

وتعتبر الجمعية المكان القانوني الوحيد الذي من خلاله تسطيع هؤلاء النسوة ضمان دخل يومي يتراوح بين 30 و 50 درهما لليوم(FAOUZI, Hassan).

تعاني هذه التعاونيات جملة من المشاكل، من بينها أذكر ما يلي:
- ضعف التمويل

- غياب مسلك للتسويق والاشهار

-غياب التأطير

بناء على ما تقدم، فإن الموقع الجغرافي لمنطقة أيت بعمران ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة إلى جانب الإقصاء الذي تعانيه من طرف مخططات الدولة للتنمية، ساهما بشكل أو بآخر في عزلة المنطقة وتفشي ظاهرة الفقر بين شرائح المجتمع البعمراني وهو ما يفسر بالهجرة القوية لأبناء المنطقة سواء داخليا أو في اتجاه أوروبا، بحثا عن فرص للشغل وتمويل العائلة المستقرة في المغرب، فمنذ انسحاب المستعمر عرفت المنطقة هجرة قوية في اتجاه اسبانيا وفرنسا بالخصوص. وقصد تجاوز هذا المشكل، لجأ السكان إلى خلق مبادرات فردية شكلت النواة الأولى لظهور المجتمع المدني بالمنطقة الذي أصبح ينشط بشكل كبير ويلعب دورا أساسيا في التنمية المحلية من خلال خلق تعاونيات وجمعيات ستكون المجال المستقطب لعدد مهم من نساء المنطقة اللواتي يبحثن عن عمل يضمن لهن مدخولا يوميا ولو كان هزيلا ويضمن لهن توفير حاجياتهن وحاجيات أسرهن. لكن في المقابل فإن منطق الربح الذي أصبح يحكم جل التعاونيات والجمعيات بالمنطقة وانتشار الاقتصاد الرأسمالي كلها عوامل ستعرقل لا محالة مسلسل التنمية المحلية ولن تساهم في الحفاظ على المنظومة الطبيعية، والدليل على ذلك التراجع المستمر لغابة اركان بالمنطقة بفعل الرعي الجائر وتوالي سنوات الجفاف. وهو الأمر الذي يجعلنا نطرح التساؤل التالي: ما السبيل لتحقيق تنمية محلية مستدامة في مجال جغرافي هش كالمجال الذي نحن بصدد الحديث عنه؟.



#امبارك_الكديم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امبارك الكديم - إشكالية التنمية القروية بأرياف ايت باعمران