أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جوزف باسيل - الكتاب - كامل مهنا في -ملحمة الخيارات الصعبة- سيرة طبيب مناضل















المزيد.....

الكتاب - كامل مهنا في -ملحمة الخيارات الصعبة- سيرة طبيب مناضل


جوزف باسيل

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 14:27
المحور: سيرة ذاتية
    


"ملحمة الخيارات الصعبة" سيرة كامل مهنا، الشاب الذي خرج من الخيام الى رحاب العالم، ثم عاد اليها طبيبا مناضلا، وما برح يزهو بها بلدة جنوبية، لها ما لغيرها، وعليها ربما اكثر، لانها غالبا ما حملت وزر المواجهة مع الخارج، والحرية في مواجهة الداخل. كما يزهو بفلسطين التي ناضل من أجلها في صفوف "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، وما انفكت في ذهنه هي القضية الاولى التي من أجلها يشرف النضال ويعلو، وهذا لا يغمط حق الجنوب عليه فهو العقل والقلب.
ما بين رئاسة "اتحاد الطلبة اللبنانيين" في باريس ورئاسة مؤسسة "كامل" مخاض عسير من الانتصارات في مداواة المرضى والفقراء، ومن الهزائم في السياسة والنضال غالبا، ولكن البقاء للاصلح، وقد يكون هناك نضاله في اطار المجتمع المدني وفي التقارب مع الضعفاء والفقراء والمهزومين في الحياة.
وبين باريس والخيام كان لمنطقة النبعة في اثناء الحرب في لبنان وقع خاص في نفسه، هو الذي كان يداوي جرحاها ويواسي أهلها في تلك الحرب الجائرة. لكن ما الذي اخذه الى ظفار؟ وماذا فعل هناك؟
على الصعيد الجنوبي العام تعبر سيرة كامل مهنا عن مسيرة صعود البورجوازية الصغيرة، في خمسينات القرن الماضي في الجنوب في مواجهة الاقطاع السياسي ممثلا بآل الاسعد. وكان والده اسعد أحد الذين شقوا هذه المسيرة والمواجهة في الخيام.
فعندما قرر رضا التامر وهو من مؤيدي الرئيس كميل شمعون أن يرشح نفسه للانتخابات النيابية ضد القائمة التي يختارها الرئيس احمد الاسعد، صار اسعد مهنا "ماكينة انتخابية" له. ولما ذهب الى فرنسا طالبا في الطب انكشفت في داخله اصوله الريفية المتجذرة، فحرفه حبه العذري لبريجيت الى الحراك السياسي، وفي عينه صورة مأساة الجنوب وفي باله ذكرى نكبة فلسطين، دفعاه عام 1968 الى احتلال السفارة اللبنانية في باريس احتجاجا على اغارة الطيران الاسرائيلي على مطار بيروت الدولي وكان آنذاك رئيسا لاتحاد طلبة فلسطين ثم كرر الاحتلال في نيسان عام 1969 تأييداً للمقاومة الفلسطينية. مما ادى الى اتخاذ المخابرات الفرنسية قرارا بطرده، لم ينفذ بسبب التدخلات الديبلوماسية العربية، فنفد من فخ لإخراجه من دون شهادة الطب. وقد اعتبر آنذاك حدثا مهما اذ تصدر الصفحة الاولى من جريدة "النهار" خبر الطرد.
ان مرحلة فرنسا مهمة واساسية في حياته تنسم فيها روح الحرية والديموقراطية وتنكب القضايا النضالية التي تبرعمت آنذاك وتبلورت في مواكبة الحركة الطالبية الفرنسية التي كانت في اقصى تحركها آنذاك.
كان منعما بروح الثورة متشبها بقادتها العالميين وهذه الحادثة تلخص موقفه آنذاك وربما وضعه حاليا، وهي انه اجاب احد اتباع الزعماء الذين يتمرغون على اعتابهم، حين طلب منه زيارة زعيم سياسي ما، "ومن قال لك انني أريد ان اعمل زعيما سياسيا يا رجل، ارنستو تشي غيفارا ترك الزعامة في هافانا وذهب ليقاتل في غابات بوليفيا. ان امامي العالم كله اناضل فيه وتريد ان تصنفني زعيما على زاروب؟!".
هذا الفكر هو الذي أخذه الى ظفار، وهو قد يكون ابعده عن الوزارة التي وعد بها غير مرة وظلت امنية، وعن النيابة التي لا يصل اليها الا التابعون.
اما ما يمكن ان يستشفه المرء من فكره فيلخصه قوله للضابط الفرنسي الذي طلب منه توقيع تعهد بعدم ممارسة اي نشاط سياسي، ان الدراسة في فرنسا "لا تلغيني كمواطن لبناني وعربي له الحق في الدفاع عن قضايا وطنه وامته. انا لا امثل نفسي فقط ولست فطرا سقط من السماء. انني امثل وطني ايضا وعندما يتعرض هذا الوطن للخطر فانا لا استطيع ان اكتفي برقص الدبكة واكل التبولة وان اقف على الحياد".
ومنذ تخرجه طبيباً واجه نفسه بالسؤال التالي الذي حدد مسار حياته وهو "ان تكون ثوريا او ان تكون ثريا تلك هي المسألة".
هذا السؤال وتفكيره الذي ألقينا عليه الضوء سابقاً دفعا به الى ظفار حيث تحقق من ان الاصابة بالرصاص هي اصغر الاخطار التي يمكن ان يتعرض لها، ما دام سيواجه في مهنته طبيبا، امراضا اخطر، ومنها: السل، حمى التيفوئيد، الملاريا فقر الدم، الجرب، الرمد، الطفيليات في الامعاء، والجذام.
لا شك في ان تجربته هناك غنية بالمعاني والعبر، اذ مارس مهنته في اصعب الظروف الطبية في العالم اين منها ما نسمعه عن غابات افريقيا. وفي اصعب المواقع القتالية، فتعلم ان البندقية لا تحقق كل الانتصارات، بل انها قد تكون وبالا على اهلها اذا اسيء استخدامها، ولمس بالفعل ان الجهل والامية والتخلف والمرض قد تكون اخطر في مواجهتها من العسكر.
لقد ادرك بالتجربة مدى تخلف المجتمعات العربية واستهتار السلطات برعاياها – وليس مواطنيها – وان حاول بعض الانظمة كعدن ممارسة التثقيف السياسي ورفع مستوى الحراك الاجتماعي، فان واقع الحال مغاير، بل اتسعت الهوة بين التنظير والتطبيق.
وافرد لتجربته في ظفار متسعا وهي لا شك تركت آثاراً في نفسه وفكره ولعلها بلورة توجهه المغاير في مستقبل ايامه.
وقد تعلم من تجربته في ظفار "الا يأخذ الامور بالحسم المطلق وان يغلب الايجابي على السلبي والجانب المضيء على الجانب المظلم ويختار العفو بدلا من الانتقام". وقد افادته هذه المقارنة في ان يتعلم "التسوية" خصوصا انه طبيب. وصارت "التسويات" مهمته الاجتماعية... والسياسية.
وهي وجهة نظر مغايرة لمن يقول "أن لا شيء يمنع الثوري من ان يحاكم اباه أو اخاه وحتى ان ينفذ حكم الاعدام اذا ثبتت خيانتهما".
وفي تلك التجربة المضنية جسدياً وفكرياً طرح على نفسه السؤال ايهما افضل: "هل يبني عيادة للفقراء ام يفتح فرعاً لحزب او تنظيم؟.
هل يبني مستوصفاً لرعاية الاطفال والامهات الحوامل ام يتخلى عن مهنته كطبيب ليلتحق باحدى "البؤر الثورية" كما فعل غيفارا؟".
وبالفعل بعد عودته من ظفار اجاب عن السؤال واتخذ الخدمة الانسانية مساراً تحت شعارات انسانية وليست ثورية، لأن لا شيء قابل للتغيير والتطور وتتقلب المواقف بتقلب الظروف الاّ الانسان فهو الثابت المطلق في هذه الحياة.
وعاد من ظفار بأفكار سار في هدى حكمها واتخذ منها مبادئ لحياته ومنها: "ان العلاقات بين من لا يملكون هي العلاقات الانسانية الحقيقية، فهي ليست مرتهنة بأثقال الملكية والطبقية واختيار الآخر لا يخضع لاية شروط سوى شرط الحرية. والحب هنا يدخل من ابواب القلب على اتساعها ورحابتها وليس من بوابة سيارة فاخرة او شقة فخمة او حتى من كعب حذاء فرنسي".
اما ما ميّز تجربته هناك فليس القتال، انما معالجة المرضى، وشفاؤهم من الجذام الذي كان من يصاب به يفرد "افراد البعير المعبد" كما من الخرافات التي تسيطر على عقولهم في ما يتعلق بالامراض. حتى شعر انه "يمكن ان يغيّر العالم"!
عاد الى لبنان وفي ذهنه تغيير العالم، لكن لعله ادرك بعد كل الحروب والمصائب صعوبة تغيير لبنان ما دامت تتحكم به عقلية الشوارب انرسمها على طريقة هتلر او ستالين! قبل ان نسأل هل يختلف فكرهما؟
واستكمل عملية التغيير بالتعاون مع "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" وان لم ينتسب اليها، في النبعة كما في ظفار. لكنه تحت وطأة الحرب المتعددة الاشكال والانواع في لبنان، وذات النتائج الواحدة القتل والخراب والدمار والانقسام، وهل تغيّر عقليته، او مقاربته السياسية؟ ام انه ما زال يعتقد بثلاث ميمات لا بد من تكاملها: المبدأ، الموقف، الممارسة.
لقد واجه القصف الاسرائيلي للجنوب بمبضعه وبتضامنه الفعلي، وعلى مآسي الجنوب تروى حكايا يضيق المجال عن روايتها.
ان درب الطب مع الفقراء شاق هذا ما تكتشفه من خلال تجربته في العمل في مستوصفات قرب احياء الفقراء، او في قرى الجنوب المنكوبة بالاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة.
لقد استدعي يوما بعد منتصف الليل لمعالجة الجرحى في فندق "هوليداي ان" في اثناء المعارك هناك، فكانت اول مشاركة له في تضميد جروح الحرب اللبنانية التي برع في وصف احداثها عموماً، خصوصاً في منطقة النبعة وتل الزعتر، ومن هذه الاحداث تكونت صورة بشعة عن الحرب الاهلية دفعت به الى مضامير اكثر انسانية يعبّر بها عن ثورته السياسية التغييرية بدءاً بنفسه. وقد نجا مراراً من الموت بسبب القنص والقذائف، ويبدو ان تجربتي ظفار والنبعة التي وصف احداثها العسكرية وبعدهما الدامور، خلفت آثاراً في نفسيته، ليس بسبب صور العنف المستشري فحسب، بل بسبب العبثية التي تحوّلت اليها الحرب وتعرض غير مرة لقذائف نجا منها بأعجوبة، واحداها في النبعة افقدته وعيه بدا ميتاً ظاهرياً لمدة نصف ساعة، فعاش حياة ما بعد الموت، اما خبره فوصل الى بيروت انه "قتل وسحل".
وجاءت مجزرة الخيام عام 1978 هي الخط الفاصل بين العمل مع المنظمات الفلسطينية ومن اجل الفلسطينيين، ليتحوّل الى العمل من اجل الاهتمام بالمهجرين اللبنانيين، دون ان يعني ذلك انه كان مقصراً حيال هؤلاء، لكنه شعر بضرورة التفرّغ لهم. فتبلورت فكرة انشاء مؤسسة "عامل" عام 1979 التي بدأت نشاطها بحملة تلقيح واسعة للاطفال.
وفي النبعة تعرّف الى الدكتور برنارد كوشنير وزير الخارجية الفرنسي حالياً، الذي جاءها على رأس فريق طبي من جمعية "أطباء بلا حدود".
وفي هذا الاطار لا بد من لفتة قبل الختام الى ميزات العلاقة بين كوشنير ومهنا والتي خدمت لبنان، خصوصاً في مراحل الصعاب والازمات والحروب وساعدته على تجاوز بعضها، واهمها قافلة الجرحى التي بلغت 570 جريحاً نقلوا الى مستشفيات فرنسا للعلاج على نفقة الدولة الفرنسية. وهذه الصداقة انعكست صداقة بين كوشنير ولبنان كله من الجهتين، ويصفها المؤلف بأنه "كانت سياسة "حافة الموت" قاسماً مشتركاً بينهما في البداية وما لبثت ان تحولت الى مسيرة مشتركة نحو بناء عالم افضل للمعذبين في الارض...".
ولعل هذه الصداقة هي التي ادخلت المجتمع المدني الى حوار سان كلو الى جانب قيادات طاولة الحوار!
اخيراً، اذا كان عمر الانسان يقاس بأعماله فإن كامل مهنا عاش اجيالاً خصوصاً ان الاخطار عافته مراراً وان احاطته... فبدا اقوى منها، متمرساً بمواجهتها قادراً عليها. لكنه ادرك في السياسة ان الامور لم تتغير منذ خمسين سنة الا بالاشخاص والاسماء، اما العقلية والممارسة فلم تتغيرا!



#جوزف_باسيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جوزف باسيل - الكتاب - كامل مهنا في -ملحمة الخيارات الصعبة- سيرة طبيب مناضل