|
ماذا نريد ونتمنى ونعمل بالملموس لهذا الوطن؟
قاسم امين الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 23:28
المحور:
المجتمع المدني
تعليقاً على مقالة "ضوء على نفق عتمة الانتخابات" التي نشرت في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 15-5-10 وصلتني رسالة من احد النواب الجدد انتهت بجملة: لا ادري ما يريده الهيتي من النائب؟ ورداً على رسالته وبمناسبة افتتاح الدورة الجديدة للمجلس جاءت هذا المقالة على مبدأ "فذكر ان نفعت الذكرى"
الدكتورقاسم امين الهيتي
مفهوم المنافسة الانتخابية في العالم ليست خصومة بل تسابق مشروع بين الطامحين للحصول على أصوات الناخبين. وهذا لا يفسد الود بين المتنافسين لأنها ليست صراعاً بين أعداء بل المفروض أن تكون بين برامج مرشحين لكسب ثقة وقناعة المواطنين. فالبرلمان ليس مسرحاً للتهريج ولا لتندر المواطنون وفشل أمال المنتخبين وقاعته ليست حلبة في "مدريد". ومن المعلوم أن تمثيل النائب لا يقتصر على الدائرة الانتخابية التي انتخبته نتيجة اندماج النائب بالإدارة العامة، بل في نفس الوقت لناخبيه الحق في حل مشاكلهم. إذ أن هناك علاقة اتساق بين وكالة النائب وإرادة الأمة. فالديمقراطية البرلمانية ليست نيابة عامة فقط. كما أنها ليست وكالة فردية عن للناخبين.البرلمانيون في العراق في الدورة الحالية يواجهون مشاكل كبيرة لم تحل ولا يمكن للمجتمع النهوض بالبلاد في نواحيه المختلفة دون حل هذه المشاكل ومنها:
1- الفساد الإداري: مشكلة الفساد الإداري أصبحت معضلة تعصف في الهيكل التنفيذي وامتدت أصابعها إلى كافة مرافق الدولة حتى تكاد تنهش في وزارة العدل. وهذا يتطلب فتح ملف الفساد الإداري وقفة جادة وجريئة وحقيقية من قبل كافة الكتل المخلصة التي تشكل المجلس الحالي. إن السرقات المخيفة الأرقام تتطلب الحزم بوجه الذين استغلوا المال العام لتدمير البلاد بتلك الجرائم التي جعلت من العراق مبعث لتندر دول العالم. وان إعادة السارقين الذين هربوا لإعادة أموال المواطنين واجب وطني وأخلاقي لكل عضو من أعضاء البرلمان وفاءً للناخب الذي وضع ثقته أمانة بعنق النائب كما أنها واجب شرعي وقانوني. وما من شك أن تفعيل هيئة النزاهة بعد تضيفها يتطلب تعاضد البرلمان مع الحكومة بشكل متماسك لانجاز المهمة بشكل عاجل وعادل لتكون الإجراءات درساً أيضا للعناصر الجديدة في الجهاز التنفيذي الذين سيرتقون إلى مواقع الدولة.
2-الهجرة والتهجير: التهجير ألقسري وغير الإنساني الذي جعل من العراقيين شتات في بلاد العالم جدير بالاهتمام من قبل النواب. إن دور البرلمان والحكومة في عودة مهجرين الداخل وتهيئة الظروف المناسبة لرجوع مهجري الخارج واجب وطني واجتماعي وأخلاقي لا يقبل التأخير يتطلع إليه المواطنون بكافة فئاتهم. كما يتطلب محاسبة ومعاقبة الجهات التي ساهمت بهذا التفتيت للحمة العراقيين وإدانة وملاحقة المليشيات التي عاثت بالبلاد فساداً بصورة علنية وأمام مرأى الإعلام العالمي.
3- تعديل الدستور: الدستور هو مجموعة القواعد والامتيازات التي تتناول مصالح الرعايا في مجموعهم والتي يضعها الشعب كي تطبق على الشعب كله. ومن يصوغ الدستور هو الشعب لأنها حق من حقوقه. والإرادة العامة مجردة عن أي تصرفا فئوياً. لقد كتب الدستور في ظرف خاص وباعتراف كافة الكتل كان حرجاً. وتقر الكتل السياسية الحالية بضرورة تعديل فقراته، فضلاً على أن السنوات الأربع التي مرّت أفرزت عددا من العقبات الجديدة من خلال التجربة العملية أحرجت وعرقلة حركة الجهاز التنفيذي المتمثل بالحكومة في كثير من القرارات. الحكومة المركزية جسد داخل الدولة وظيفتها الاتصال المباشر بالرعايا لتنفيذ الدستور وحماية الحريات المدنية والسياسية والأمنية للأفراد وحل المعضلات التي لها علاقة بعموم أفراد الشعب. ولما كان الدستور هو دستور وضعي كتبه البشر فلا ضير من إعادة وتعديل الفقرات المهمة التي أدت إلى ازدواجية نصوصها. وعلى الرغم من أن الدستور ضمن وحدة العراق بشكل خجولا، إلا انه تضمن علاقة الحكومة المركزية مع الأقاليم في نصوص تتناقض مع علاقة الحكومة بالمحافظات في نصوص أخرى. ويمكن ملاحظة ذلك من قبل ذوي الاختصاص عند دراسة المواد 116، 122 ثانياً، 122 خامساً والى المواد 115، 110، 123، 106 من الدستور دراسة مستفيضة كذلك المادتين 2 و34 من قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008.إذ أن هذه المواد على أهمية كبيرة لإصلاح الدستور. فضلا عن أن هناك العديد من المواد التي تتطلب إصدار قوانين لتفعيل تلك المواد فضلاً عن القوانين والتشريعات المهمة للأداء السليم والعادل في شتى مرافق الدولة.
4- المجال العسكري والأمني: إن بناء القوة العسكرية والأمنية لتكون قادرة على حماية امن الشعب الداخلي والخارجي وتحقيق المفهوم الشامل للأمن القومي من الأمور المهمة في هذه المرحلة. إذ أن اطمئنان الشعب يتعلق في حماية وجوده في الداخل من العصابات والمليشيات وتوفير المصير المشترك لحماية حدوده من الخارج. ويتطلب ذلك تجهيز القوات المسلحة بالمعدات والأسلحة الحديثة، إعداد المراتب العسكرية مهنياً، وحدة قيادة هذه المراتب، كل ذلك من أهم المطالب الشعبية. وما من شك أن وضع خطط وفهم قواعد المعلومات الإستراتيجية والتكنولوجيا الحديثة هي من أهم عوامل التطوير.
5- المصالحة الوطنية: كلنا نعلم أن حجم التحدي كبير من بعض دول الجوار وإسرائيل وأمريكا إلى درجة يهدد كيان العراق ومصير شعبه. ولا يمكن أن نأتمن إلى مصير العراق إلا بالمصالحة الوطنية لكافة فئات الشعب. ولذا ينبغي أن تكون المصالحة الوطنية فاتحة طيبة لعهد جديد يركز الديمقراطية والأمن والرفاهية من خلال تبنيها بكل قناعة من قبل كافة القوى والكتل التي تعمل تحت قبة البرلمان. إن هذه المسألة تستحق جهداً وطنياً متكاملاً للقادة الوطنيون الأحرار. وما من شك بأن وضع برنامج عملي لمحاربة الطائفية والشوفينية واعتماد وحدة العراق شعاراً مقدساً للجميع وإعادة اللحمة الوطنية لأبناء الشعب بالمصالحة الوطنية الحقة هو الخيار المصيري الأوحد لضمان البقاء.
6- التنمية الزراعية: تعد الزراعية لبلاد ما بين النهرين أولى الهبات التي وهبها الله لهذه الأرض. وان تفاقم المشكلة الزراعية بهذا الشكل جحودا لنعم الخالق الذي وهب لنا هذا. إنها ليست معضلة بالرغم من أن لأبعادها عوامل ذاتية وأخرى موضوعية. فإذا ما علمنا أن غالبية السكان هم من جذور فلاحيه أو زراعية سنتمكن من تجاوز عامل الأيدي العاملة. أما العوامل الموضوعية الناتجة من التحديات في شحة المياه والتأثير المناخي وانخفاض مناسيب المياه في دجلة والفرات فانه من الممكن معالجتها كما في دول العالم سواء في حفر الآبار الارتوازية، إقامة الواحات في صحراء غرب العراق، تفعيل الاتفاقيات بين الدول المجاورة التي تقع فيه منابع أو مرور النهر، الاستفادة العلمية من المسطحات المائية المنتشرة في أرجاء البلاد. لقد كان لإهمال الزراعة والاعتماد على الثروة النفطية آثار مختلفة سيئة على الاقتصاد وعلى البنية الاجتماعية للسكان. وذلك أدى إلى زيادة الملوحة في شط العرب وتصحر الأرض التي جاورها، وتردت نوعية المياه أدى إلى انخفاض في معدلات ناتج الغلة لوحدة المسلحة لكافة المنتجات الزراعية. وعليه فان الحلول السريعة الحالية إضافة لما تقد م يمكن أن تتلخص؛ بوضع برامج إرشادية لكيفية الري بالطرق التي لا تؤدي إلى هدر في كمية الماء، استثمار مياه الأمطار، التوجه العلمي في كليات الزراعة لخدمة الزراعة العراقية عملياً بما يمكن أن يكون تطبيقاً معقولا ومفيداً وسريعاً. من الجانب التشريعي؛ معالجة وتعديل التشريعات القانونية في حماية المنتج الزراعي والجدية في تطبيق هذه التشريعات، تقليص الهامش الربحي للحلقات الوسيطة في تسويق الإنتاج الزراعي،الاهتمام بالإرشاد الزراعي لأبناء الريف وفسح المجال لهم في المدارس والمعاهد والكليات الزراعية، تسهيل استخدام المكننة الحديثة في العمل الزراعي، تسهيل الاستثمار الزراعي لرأس المال الوطني، توفير الحبوب والبذور المحسنة بأسعار مدعومة، توفير الأسمدة ،التوسع في بناء المخازن والسايلوات الخاصة المنتج الزراعي، الاهتمام الخاص بالمنتج الزراعي الصناعي وتشجيعه.........الخ.
7-التنمية السياحية: للسياحة مردود اقتصادي كبير في عالم اليوم. وما يتمتع فيه العراق من؛ مكانة متقدمة في الجانب التاريخي الحضاري القديم، الجانب الديني، وجود النهرين، الصحراء الغربية، المسطحات المائية، أهوار الجنوب، وجبال الشمال كل ذلك يضع العراق في مصافي الدول السياحية الكبرى وعلى مدار الفصول كما أن السياحة فيه لا تقتصر على فصل واحد. وفضلاً عن الجانب الاقتصادي المباشر فإن للسياحة أهمية بالغة في الجانب الاجتماعي والإعلامي وما يمكن أن يشجع الاستثمارات السياحية في إنشاء المشاريع السياحية والتنمية الوطنية وعليه يمكن تأشير أهمية السياحة من خلال؛ تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وما تدره من منافع اقتصادية، توفير فرص عمل ،تخفيض البطالة، ارتفاع دخل الفرد، موازنة التنمية بين المحافظات وتوزيعها على كافة البلاد، الحد من هجرة المواطن، الحد من تسرب رأس المال الوطني الخاص. وعليه ينبغي البدء بالعمل على؛ تحديد المواقع السياحية على عموم العراق، وضع هيكلية نظام متطور فعال لوزارة السياحة يشمل تطوير خدمات السفر والنقل بين العراق ودول العالم والإقامة في المنتجعات، التنسيق بين وزارة السياحة من جانب ووزارات البيئة،الزراعة،الري، الإعلام إضافة إلى هيئة الآثار ومراكز المحافظات من جانب آخر، رصد التخصيص المالي من الموازنة العامة للدولة لإقامة المشروع السياحي.
8- المشكلة الصحية: تعزيز الصحة العامة والمحافظة عليها بحاجة إلى تقييم من خلال التوزيع العادل في كافة أنحاء البلاد للآتي؛ الخدمات الصحية ،الموارد المالية، الرعاية الأولية والثانوية والثالثة بصورة علمية وليست بالطريقة العشوائية التطبيقية العمياء الحالية. إن تدهور الوضع الصحي كان نتيجة قلة الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي نتيجة الحروب والحصار الذي أطبق على العراق قبل عام 2003 أما بعد ذلك فان المبالغ المخصصة لوزارة الصحة أهدرت كرواتب وأجور للكوادر مما أدى إلى عدم حصول تحسن ملموس في هذا الجانب. وعليه ينبغي؛ وضع خارطة للوضع الصحي الاجتماعي الجغرافي للعراق، هيكلة النظام الصحي،تنظيم الإدارة الصحية لكافة المنشآت الصحية،إعادة النظر في الرعاية الصحية الأولية وفق المجموعات المتماثلة للبناء المتماثل ونوعية الكادر والمخصصات، التدريب المستمر داخل القطر وخارجه بمعايير عادلة، تقييم العمل وفق الخدمات التي يقرها المواطن، التنسيق التطبيقي السلس الانسيابي بين المراكز الأولية والثانوية والثالثية، توفير الأدوية والمستلزمات الطبية بصورة دائمة ومستمرة والمحافظة عليها من التسريب وفق خطة يمكن تطبيقها عملياً،والاهتمام بمرضى الأمراض المزمنة والمستعصية.
9- السياسة التعليمية: تهدف السياسة التعليمية والتربوية إلى تنوير الأذهان والتثقيف المتجرد عن سياسية الكتل، وذلك لأن التعليم هو مستقبل البلد وأساس لخلق جيل متطور واعي قادر على استيعاب المعرفة ومواكبة التطور العلمي في هذا العالم السريع التقدم في مجال العلوم والتقنيات. وهذا يتطلب الابتعاد الكلي عن سياسة التعصب والجمود الفكري وفرض الرؤى الدينية الطائفية العنصرية الشوفينية وكل ما يؤدي إلى القولبة الرجعية والتخلف. عليه ينبغي اختيار القادة المؤهلين لتطوير عناصر العملية التربوية المتمثلة؛ بالطالب ،المعلم،والمنهج ورفع مستويات هذه العناصر من خلال؛ سن أنظمة لتطوير الأسلوب التربوي بعيداً عن الأسلوب التقليدي التلقائي المتحجر في الحفظ لتأدية الامتحان، وضع ضوابط في اختيار المعلم والمشرف والمدير وإدارة المؤسسات التعليمية تعتمد على الخبرة والنزاهة لا على الرأي السياسي للكتلة، إطلاق الفكر الخلاق للإبداع الفكري والعلمي للطلبة دون حدود اعتماداً على أن" الخالق هو الذي خلق فكر الفرد"، مواكبة التقدم التكنولوجي واستخدامه في المؤسسات التعليمية في كافة مرحل التعليم، التدريب المستمر للكادر التعليمي داخل وخارج القطر للانفتاح على طرق التعليم في العالم، وضع خطط مجدية لبناء المؤسسات التعليمية في كافة مراحلها في المحافظات واعتماد التوسع لاستيعاب مدارس مركزية مزودة بالمكتبات ووسائل التعليم وساحات الرياضة والأقسام الداخلية.
10- الوضع البيئي: منذ نصف قرن أصبحت مشكلة البيئة جزءً من مشاكل بيئة العالم نظراً للتطور الواسع والسريع في الصناعة وما تطرحه إلى العنصرين المهمين المشتركين في العالم ألا وهما الهواء والماء. وهذا ما يستدعي النظر إلى البيئة بمنظور عالمي ودولي. و ما زاد في الطين بلة في العراق هي؛ التنمية العشوائية ،الحروب، المصانع العشوائية، و سوء خدمات الصرف الصحي و النظر بمنظار المردود المالي في هذه المشاريع على حساب الجانب البيئي مهما كانت النتائج في تلك المشاريع. كل ذلك أدى إلى الوضع الذي نحن فيه حيث يخشى المواطن من الهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه وحتى الغذاء الذي يتناوله. وتفاقمت المشكلة نتيجة تركز السكان في مجمعات محددة، واستنزاف الموارد الطبيعية البيئية كونها ملكية عامة، زيادة التصحر، غياب التشريعات البيئية، زيادة عدد مصانع القطاع الخاص التي لا تعني بالمشاكل البيئية ، وغياب الوعي البيئي. مما تقدم يتبين أن هناك حاجة ماسة إلى تطوير برامج البيئة التي تعني بتلوث الهواء، الماء التربة، التلوث الإشعاعي، والتثقيف الصحي الوقائي . وقد يكون من الأهمية ؛ العمل على إيجاد أطلس بيئي لملوثات الماء على طول نهري دجلة والفرات وتحديد مناطق التلوث الكيماوي والبيولوجي والمعادن الثقيلة والسامة والصرف الصحي ومعالجتها. كما يكون من الأهمية دراسة تلوث الهواء في المناطق الكثيفة السكان والمواقع الصناعية التي ترمي مداخنها أكاسيد الكربون ،الكبريت ،الرصاص، والكادميوم. وعلى وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة التعليم العالي الاشتراك في دراسة وتطوير التقنيات البيئية النظيفة في تصفية وتنقية الماء دون استخدام المواد الكيماوية لتعميمها في القرى والمناطق الريفية،وأخيرا دعم وزارة البيئة بالكادر المتخصص وأجهزة ومعدات كشف الملوثات وبناء مواقع مناسبة للرصد البيئي والاشتراك في محطات الإنذار المبكر الإقليمية.
11- السياسة النقدية: على الرغم من النجاحات المتواضعة التي طرأت على سعر صرف الدينار العراقي وانخفاض التضخم في الأسعار والاستقرار النسبي للوضع الاقتصادي، إلا أننا حالياً بحاجة إلى؛ تنسيق السياسة النقدية مع السياسة المالية ما دام الاقتصاد يعاني من غياب الإستراتيجية الاقتصادية، تقنين باب التحويل الخارجي للعملة الصعبة، الحدّ من البطالة العراقية، تنامي الاستيراد مع التصدير، الحدّ من الاعتماد على الدولار فقط في التعامل، تفعيل القطاع المصرفي في البنك المركزي، التوسع في طرح السندات الحكومية والادخار.
12- منظمات المجتمع المدني: تعتمد السلطة التنفيذية بشكل أو بآخر على الوزارات حالياً، لأن الدولة ككل غير مؤسساتية لذا يلزم أن تقوم منظمات المجتمع المدني بمؤازرة السلطة التنفيذية وتقوية أركانها بالعمل والنقد البناء من اجل النهوض بالمجتمع لحين وقوف الدولة على أركان المؤسسات الحكومية. وهذا لا يعني أن ترتبط منظمات المجتمع المدني رسمياً بالحكومة وان لا تكون واجهة لكتل أو أحزاب بعينها بل تمثل كافة الفئات المستفيدة من نشاطاتها بغض النظر عن انتماءات إفرادها. أن تشجيع هذه المنظمات يساهم مساهمة فعالة في بناء المجتمع المدني كشريك للسلطة في العمل ومراقب لأداء الدولة. وعليه فإن تنظيم عمل هذه المنظمات يتم عن طريق تطبيق قوانين حضارية تضمن عدم تدخل الدولة في شؤونها وتأكيد استقلاليتها.
13-الديمقراطية: الديمقراطية تعني حكم الشعب وأن السيادة للشعب في المجتمع الديمقراطي. لقد اتفق الفلاسفة رغم اختلاف مذاهبهم، أن الدولة القوية هي الني توزع خيراتها على مواطنيها بالتساوي وتمارس الحقوق والواجبات نفسها في كافة أنحاء البلاد. وأكدوا أن وجود الغنى الفاحش مرتبط ارتباطاً عضوياً بالفقر.وأن مسؤولية هذا التناقض يقع على انعدام الديمقراطية وسيادة الطغيان. فالثراء الفاحش لدى الأغنياء و الفقر المدقع لأعوان الأغنياء، مكّن الأغنياء من شراء الحرية واضطر الفقراء لبيعها, وهكذا تغتال الديمقراطية. تؤكد الديمقراطية على الإرادة العامة التي تكون الجسد المعنوي الجماعي للدولة.فالمواطن في المجتمع الديمقراطي يوافق على جميع القوانين حتى تلك التي تعاقبه إذا خرقها. لأن الإرادة عامة رغم تكونها من عدد هائل من الأمور المتفق عليها إلا أنها تحوي عدد من الخلافات الصغيرة لكن الإرادة العامة تظل هي التي تعطي للجميع غريزة البقاء وبواسطتها فقط يكونون أحراراً. تتمثل قواعد الديمقراطية بالقضية الدستورية، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية. أما العرف الاجتماعي فيبقى بشكل أو بآخر أساس تلك الحقوق على الرغم من أنه لا يخضع على توافق معلن. وهذا ما يستدعي أن يتحد الناس لإيجاد الوسيلة التي يستطيعون بها الإبقاء على أنفسهم والانضمام إلى بعضهم وتوحيد قواهم. فالمحافظة على الذات الفردية إنما تستمد بالاتحاد والتوحد. أما تنصيب سيد على الشعب يعني أن يفقد الشعب سيادته. هذا لا يعني أن التمثيل النيابي غير لازم للديمقراطية، بل لا بد أن تكون هناك إدارة للشؤون العامة التي يقوم بها أفراد ذو مواصفات معينة، على أن هذا لا يعني أن الدولة من رئيس الجمهورية إلى الحارس في البلدية هم يمثلون الشعب أو ينوبون عنه. فثمة أمور تستدعي التأمل منها: حل مجلس النواب من قبل السلطة التنفيذية أو رئيس الجمهورية قبل مدته دون موافقة الشعب. وهذا يعني أن لرئيس الجمهورية الحق في حل الذين انتخبوه وانه لا يحق للشعب حق تنحية رئيس الجمهورية. من المشاكل التي تستدعي الانتباه أيضاً التمثيل النسبي للأقلية. فعلى الرغم من أنه يجعل المجلس النيابي أكثر تمثيلاً للشعب إلا أنه يجد عقبات أمام الأغلبية التي يفترض أنها تمثل السيادة. ملاحظة أخرى هو الاستفتاء الشعبي الذي لم يعد له مجال واسع في النظم الديمقراطية وكأنما أصبح التمثيل النيابي هو البديل. أخيرا ما نشهده من تراجع كبير في الأهداف الرئيسة للمجتمعات الديمقراطية الحالية في عالم اليوم، وهي الحرية والمساواة الاقتصادية والعدالة وأصبحت نواتج ثانوية وعرضية في النمو الاقتصادي اللامعقول. ولا شك أن تحرير الناس من الفاقة والمرض والجهل ونقلهم من المجتمعات البدائية إلى عصر الذرة والاتصالات هو الهدف الرئيس للديمقراطية. وهذا ما يتعارض مع امتيازات الطبقات الارستقراطية ويرأس المال في صرخة العولمة التي ترفع شعار الديمقراطية. قد نقول أن الفقراء في هذه الدول أصبحوا أقل فقراً ولكن التفاوت بينهم وبين الأغنياء تضاعف كثيراً. وظل سلاح الفقراء في تلك الدول صندوق الانتخاب بينما صار زمام السلطة والدولة والاقتصاد والسياسة والإعلام تحت تصرف الأغنياء. وهكذا انزوت المفاهيم الديمقراطية في ركن مهجور من المجتمع وبدأت تعاني من الاحتضار. 14- حقوق المرأة: المساواة بين الرجل وبين المرأة، من الأمور المهمة والنظر إلى المرأة على أنها بحكم الطبيعة أدنى وهي محكومة في وظيفتها لإنجاب الأبناء والقيام بالواجبات المنزلية فحسب قد أثر تأثيراً كبيراً في تأخر الشرق. والمواطنة لكلا الجنسين لا تحدد في منظور واحد بل ينبغي أن تشمل كافة مناحي الحياة من الواجبات والحقوق والاحتياجات المتنوعة .والفروق بين الرجال والنساء ينبغي أن تكون بمعزل عن حقوق المواطنة اذ ان المواطنة شيئاً أبعد من مجرد حق الاقتراع أو الحصول على الحقوق السياسية .ومن الواضح أنه ليس هناك معنى للحرية العامة إن لم تكن على صلة وثيقة بحقوق المرأة.وأن حقوق الإنسان مكفولة بالاتفاقات الدولية أما حقوق المرأة فإنها يجب أن تكفل بقانون الدولة ويمكن المطالبة فيها عبر المحاكم القضائية. وهي افرض من حقوق بعض الجماعات كالأقليات والمهاجرين. فمنح حقوق للجماعات العرقية ضرورية ليس من باب الاعتراف بالمساواة بل من اجل الاعتراف بوجود الاختلاف ذاته. المساواة بين المرأة والرجل لا تعني التماثل ولكنها التساوي بقيم الاحترام والإنصاف والمشاركة الاجتماعية لكي لا تستمر حالة الذكور مواطنون درجة أولى والإناث مواطنون درجة ثانية. فالمساواة لا تقتصر على العدل في ؛ مستويات الدخل والأجور والحقوق والواجبات ووظائف العمل والملكية والتعليم بل يشمل رعاية الأسرة من قبل الشركاء وحرية الحركة للشريكين والمسؤولية في رعاية الأطفال معا وتأكيد الاحترام المتساوي والمواقع و التحرر في المجال العائلي.كذلك يشمل التكافؤ في التمثيل المتساوي للمرأة والرجل في المحافل السياسية وفي القرارات العامة. و أن تكون المطالبة بمبدأ التكافؤ حق طبيعي لا شائبة عليه لا أن تكون مجرد دعايات سياسية انتخابية.
15-حقوق الإنسان:جوهر الديمقراطية وموضوع حقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة. فهما مرتبطان عضوياً على الرغم من الاختلاف في التطبيق كنظام حكومي أو قوانين دولية ووطنية. إن الاهتمام بحقوق الإنسان ليس بدعة مستحدثة وإنما هي ضمن القانون الطبيعي لتواجد الإنسان في تعاليم الأديان والفلسفات الإنسانية. هذه الحقوق لم تنبع من سلطة تمن بها على الفرد، وإنما هي نابعة من صميم كيان الإنسان، وليس للمجتمع ولا الدولة ولا للسلطات الدينية أن تدعي أنها صاحبة الفضل بمنحها هذه الحقوق على الناس أو على العالم. وإن كل ما يعمل بهذا الاتجاه لا يتعدى فضل إعلان تلك الحقوق على الناس أو على العالم. لقد أدركت الجمعية العامة للأمم المتحدة ضرورة الاعتراف المبدئي بإنسانية المخلوق البشري وإن هذا الاعتراف هو المدخل لاحترام حقوق الفرد. لذا أصدرت نوعين من النصوص لتأكيد هذه الحقوق وحمايتها، النوع الأول هو المعروف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الذي صدر في 10 كانون الأول عام 1948. والنوع الثاني هو الاتفاقات الدولية بشتى أوجه حقوق الإنسان وعددها حوالي عشرون اتفاقية معظمها أصبح نافذاً. وأهم الحقوق التي تضمنها قانون حقوق الإنسان والاتفاقات الأخرى هي الحق في: الحياة، الحرية، الأمن، القضاء العادل، احترام الحياة الخاصة، العمل، الإضراب، الضمان الاجتماعي، المستوى ألمعاشي الكافي، المستوى الصحي الجيد، الحق في الثقافة، الحق في بيئة نظيفة، المساواة وعدم التمييز، العقيدة، الديانة، حرية الفكر، حرية التعبير، حرية الاجتماعات، تكوين الجمعيات، الانضمام للنقابات، الزواج، تكوين الأسرة، الملكية، التعليم، الانتخاب، التنقل، اختيار محل الإقامة، منع التعذيب، منع المعاملة غير الإنسانية، منع التعامل المهين، منع عقوبة الإعدام، منع الرق، منع العبودية، منع العمل الشاق، منع إسقاط الجنسية، عدم الطرد أو ترجيل الرعايا. الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق دون تمييز في العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المذهب السياسي أو المذهب الفكري أو في الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو سوى ذلك. ويشجب الرق والاستعباد في كل أشكاله. وأن الرجل والمرأة متساوون في الحقوق الزوجية أثناء قيام الزواج وعند الطلاق. ولكل فرد حق المساهمة في إدارة مصالح بلده العامة. وله أن يتقدم ضمن شروط التساوي في الحصول بجدارته إلى الوظائف في بلده. وإن التمييز في ذلك بين الرجل والمرأة هو تعسف وخرق للكرامة الإنسانية. وعلى المساواة بين الجنسين في الإرث والأهلية والحقوق الزوجية. وإن الناس متساوون أمام القانون وأمام القضاء ولهم الحق في حمايتهم دونما تمييز. وله الحق في المساواة الكاملة من أن تنظر قضيته بإنصاف وبعلانية محكمة مستقلة نزيهة تفصل بين حقوقه وواجباته في صحة أية اتهام يتهم به. وكل منهم يعدّ بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانونياً في محكمة له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه. لا يخضع أي فرد للتعذيب ولا للعقوبات القاسية والمعاملة الهمجية والمذلة. ولا يقبض على أحد ولا يسجن ولا ينفى تعسفاً. ولا يتدخل أحد في حياة آخر أو في حياته العائلية أو في مسكنه أو في مراسلاته ولا ينال من شرفه أو سمعته وعلى القانون تقع مسؤولية حكاية ذلك. وفي التملك لكل شخص حق التملك سواء أكان بالانفراد أو بالاشتراك وليس لأحد أن يجرده من ملكه تعسفاً، ولا يجوز نزع الملكية إلا لأسباب المنفعة العامة على أن يعوض تعويضاً عادلاً بموجب القانون. وفي العمل لكل فرد حق العمل في حرية اختيار عمله بشروط عادلة وله الحماية من البطالة. وفي أجور متساوية لأعمال متساوية. وله الحق في المساواة الكاملة من أن تنظر قضيته بإنصاف وبعلانية محكمة مستقلة نزيهة تفصل بين حقوقه وواجباته في صحة أية اتهام يتهم فيه. وكل منهم يعدّ بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانونياً في محكمة له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات المحلية ترسيخ للديمقراطية؟
المزيد.....
-
المنظمة الدولية للهجرة: رقم قياسي لأعداد النازحين حول العالم
...
-
الأمم المتحدة ترحب بتصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا
...
-
-أورانو- الفرنسية تقاضي النيجر بعد مصادرة ممتلكاتها واعتقال
...
-
غزة.. أزمة الجوع تتفاقم وخطر المجاعة يقترب
-
قوات الاحتلال تغتال الصحفي حسن اصليح: لاحقته وهو يرقد على سر
...
-
بعد لقائهما عائلات الأسرى.. مبعوثا ترامب سيغادران إسرائيل إل
...
-
رايتس ووتش: 3 سنوات من الانتهاكات في جنوب السودان دون محاسبة
...
-
مفتي القاعدة السابق يروي قصة إعدام -الجهاد- شابين عملا جاسوس
...
-
حملة لاعتقال الحريديم الفارين من الخدمة وقادتهم يهددون بإسقا
...
-
الوفد الإسرائيلي يصل الدوحة لبحث تبادل الأسرى ووقف إطلاق الن
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|