أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - جلال حبش - سؤال عن الجنس














المزيد.....

سؤال عن الجنس


جلال حبش

الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 13:48
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


تتفق الأديان الإبراهيمية (اليهودية – المسيحية - الإسلام) على تحريم ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية، رغم أن كثير من تشريعات هذه الديانات توحي بتعالي الحس الجنسي في الوجدان المجتمعي أو الجمعي، كما أن بعض الطقوس الدينية تحتوي على إيحاءات جنسية ربما جاءت من طقوس وثنية جنسية قديمة، وعلى أيّ حال، فأنا لا أريد الخوض في هذا الأمر، فهو يستحق إفراد مقال خاص به، ولكنني هنا أناقش قضية تحريم الجنس في الأديان الإبراهيمية، بطريقة جعلت ممارسة/عدم ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية معياراً للفضيلة والرذيلة، وبالتالي محاولة لتثبيت هذا المعيار وربطه بالمؤسسة الزوجية، الأمر الذي جعل حتى القوانين الوضعية تجرّم هذا الفعل وتعتبره فعلاً يُعاقب عليه القانون. سؤالي البسيط الذي شغلني (ومازال): "لماذا تم اعتبار الجنس مُحرماً خارج إطار المؤسسة الزوجية؟"

نحن نعلم أن أيّ فعل يتم فيه الاعتداء على حق فردي أو حق مدني عام يُعتبر جريمة، فما هو الحق المدني أو الحق الفردي الذي يقع بممارسة الجنس بين ذكر وأنثى قررا بكامل رضاهما ممارسة هذا العمل؟ ما الذي يُمكننا استنتاجه من تحريم الجنس خارج المؤسسة الزوجية؟ هل هو محاولة لتعيير الأخلاق؟ وهل الأخلاق قابلة للتعيير فعلاً أم هي متغيّرة على الدوام باختلاف الأنماط الاقتصادية والجغرافية والسياسية وغيرها؟ هل (الزواج) كنظام اجتماعي هو الشكل البديهي لتنظيم عمليات الجنس؟ وماذا إذا رفض أحدنا هذا الشكل ولم ير فيه نموذجاً صالحاً أو أخلاقياً لتنظيم العلاقات الجنسية أو حتى الإنسانية؛ لاسيما بين الذكور والإناث؟

في رأيي الخاص جداً، فإنني أرى أن الزواج نظام غير أخلاقي، عجز فعلياً عن إدارة الشئون الاجتماعية التنظيمية، وظهرت إخفاقات هذا النظام في العديد من الظواهر الأسرية السيئة التي تعاني منها العديد من المجتمعات. وحين أقول إن الزواج نظام غير أخلاقي فإنني أعني الفكرة الانتهازية التي تقوم عليها مؤسسية الزواج من حيث أنها وسيلة لتسليع الجسد، ليُصبح الأمر تجارة ونخاسة من نوع آخر، ولكنه يُعتبر مقبولاً في المجتمع، بل ومشرعاً له بقوانين وتشريعات دينية. بل يُمكننا القول بأنه زنا تحت غطاء شرعي وقانوني، وإلا فما الفكرة العبقرية وراء (المهر)؟

أعتقد أنه ثمة فوارق جوهرية بين كل من: الزواج – الزنا – البغاء – الاغتصاب، وبنظرة متجرّدة تماماً نجد أن الفكرة الأساسية التي تربط بين هذه الظواهر جميعاً هو (الجنس)، وطريقة تعاطينا مع الجنس هي ما تصنفنا في واحدة من هذه التصنيفات. فعندما تدفع مالاً مقابل الحصول على جسد مشتهى فإن هذا يُعتبر بغاءً، ولكن الفرق بين البغاء والزواج هو أن المجتمع يقبل بالشكل الثاني ويرفض الأول تماماً، كما أن المحرك الأساسي في كلتا الظاهرتين هو (الرغبة والحاجة) الذكورية لجسد المرأة، وفي كلتا الظاهرتين تكون المرأة هي السلعة القابلة للتثمين. فما الذي يجعل من البغاء ظاهرة مرفوضة في حين يتم القبول بظاهرة الزواج والاعتراف به؟ هنا يتدخل عامل الأسرية القائم على المسئولية الفردية لنتائج ممارسة الجنس من أطفال ونفقة وغيره.

الزنا ليس فيه تسليع لجسد المرأة، وهو يشترط قبول ورضا الطرفين، ومن هنا فهو يختلف عن الاغتصاب الذي يفتقر إلى عنصر الرضا والقبول من أحد الطرفين، ورغم ذلك فإن الزنا مرفوض من قبل المجتمع، فلماذا؟ ما الذي يجعل المجتمع متخوفاً من ممارسة الجنس خارج نطاق المؤسسة الزوجية؟

في اعتقادي الخاص إن المجتمعات الذكورية تصوغ لنفسها قوانين وتشريعات تحمي مصالحها الخاصة، وتتركز هذه المصالح في اعتبار المرأة أحد ممتلكاته الخاصة، والتي يجب أن يوفر لها الحماية على اعتبار أنها شيء (يخصه) أو يملكه، ومن هنا فإن رفض الزنا يأتي من باب رفض الرجل التغول على حقوقه الشخصية المتمثلة في جسد المرأة التي يملكها من موقع مسئوليته تجاهها، ولهذا فإن أول سؤال قد يدور في ذهن القارئ الآن: "هل تقبل يا جلال حبش أن يُزنى بأختك أو زوجتك؟" ليُعبّر لنا ضمير الملكية (ك) أصدق البراهين على أن شعور الملكية الذكورية لجسد المرأة هو دافعنا الأساسي لرفض فكرة الزنا، وليس أيّ شيء آخر.

بالتأكيد هنالك أعذار أخرى يُمكن تسويقها في هذا المجال، كالخوف من تداخل الأنساب، وانتشار الأمراض، وضياع حقوق المرأة حول النفقة والاعتراف بنسب المولود ... إلخ. ولكن هل فعلاً الأمر كذلك؟ أعني ماذا تم التوفيق بين هذه المبررات وبين عملية الزنا نفسها، بحيث يُمكن معالجة هذه التبريرات ووضع حد لها، عبر تشريعات قانونية متجددة تستوعب كافة الظواهر المترتبة على شيوع الزنا، فهل بالإمكان قبول الزنا بعد ذلك؟

إن الفكرة الأساسية من شيوع الزنا أو الدعوة إليه، هو الرغبة الجنسية الملحة التي يُعاني منها أفراد المجتمع (ذكوراً/إناثاً) والتي تتمظهر تبعاتها في العديد من المظاهر الاجتماعية السيئة، لأننا جميعاً نعلم أن الجنس محرك أساسي في كافة أنشطتنا الإنسانية، ويُصبح حرماننا منه سبباً في تثبيط هممنا الإبداعية، ليُصبح الجنس بعد ذلك هاجساً يُعاني منه أفراد المجتمع، ويتمحور حوله 43% من الظواهر الاجتماعية والجرائم. إن المناداة بشيوع الزنا يجب أن يحتمل مسئولية التنظير حوله بحيث يخضع الأمر إلى مناقشات موضوعية لوضع تشريعات تكفل الحد الأدنى من النتائج السلبية لذلك، علماً بأن القول بشيوع الزنا لا يعني أبداً الإباحية التامة، لأن رفع تجريم الزنا يعني إتاحة الفرصة لإرادتنا التحرر من القيود، وبالتالي الاعتراف بحقنا في الاختيار. هذا الحق هو ما سيجعل الفارق بين شيوع الزنا والإباحية، لأنه عندما نقول بحريتنا الكاملة في أجسادنا فإن هذا لا يعني أن يمارس الناس الجنس في الشوارع، بل يعني التقليل من حدّة ازدراء الجنس، والاعتراف به كمحرك أساسي في حياتنا، وبالتالي الاعتراف بإرادة الإنسان وحريته التي يحترمها هو قبل أن يحترمها له مجتمعه.



#جلال_حبش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والمرأة - 1
- مقولات في نقد النبوة 2
- مقولات في نقد النبوة 1
- الإلحاد هو الفطرة
- عندما يدخل الله غرف نومنا
- هل للدين فائدة تذكر؟
- الإعجاز العلمي في الشعر الجاهلي
- البعرة لا تدل على البعير


المزيد.....




- ما هي خطوات الاستعلام عن أهلية الضمان الاجتماعي وقيمة الراتب ...
- بينهم امرأة حامل.. شهداء إثر قصف إسرائيلي عنيف طال منزلا بال ...
- المكسيكيون يدلون بأصواتهم في انتخابات تاريخية متوقع أن تؤدي ...
- -البيبي جيه ازاي؟- قصة للأطفال
- قضي اجازتك مع اغاني لولو .. تردد قناة وناسة الجديد نايل سات ...
- المكسيك: توقع بفوز امرأة إلى سدة الحكم لأول مرة... الآلاف يت ...
- رعاية الأبناء من الـتأنيث إلى الوالدية
- تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على نايل وعرب سات.. اضبط ترد ...
- الان استقبل تردد قناة براعم الجديد 2024 لمتابعة أروع برامج ا ...
- دعمت إعدام متظاهرين.. من هي المرأة التي تحدّت قوانين إيران و ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - جلال حبش - سؤال عن الجنس