أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سليمان القرعان - رواية وتمضي الارض















المزيد.....



رواية وتمضي الارض


خالد سليمان القرعان

الحوار المتمدن-العدد: 923 - 2004 / 8 / 12 - 09:01
المحور: الادب والفن
    


إن مراحل النمو الفكري وتطورها لدى الخليقة
سوف تحول ، إلى اتحاد عامل الزمن والقوة والشهوة
والأخذ إلى عالم آخر من المعرفة اللاعقلية واللافكرية
حتى يصبح الانسان عنصرا أحادى الوجود
ويعود إلى حقيقة بادئ الأمر




00تلك الرابية
بين سكنات عفرا ودان
التي آثرت في بواطنها
الشموخ والكبرياء والعلياء
ومنحتني من سكناتها بعد مواتها
نبضات الأرض
وفاء بني يونس

















عندما
جاء الصباح لم تجده

أدركت أنه مضى مع الحياة
كالريح الذي ألفته في هدأة سٌكناها

تخللت نسائمه ثنايا جسدها
ولم يعد إشراق الصباح يسعدها ككل يوم

فالشمس تذكرها بماضيه
وغدت تشرق حزينه

ولا وجود لمن يحتويها الحياة بعد

وأسلمت
أنها لن تشاهدها تشرق
ثانية

وحديقتها التي صنعتها بمحياة
وتلونت أزهارها بجنون
أصبحت صفراء
ذابلة
لا تقبل الحياة من يديها

ومضى رونقها
الذي كان يستمد الدفء من عينيه
مع كل إطلالة صباح

تصنمّت بحزنٍ تبكي
وعيناها
لا تفارق خياله


تذكرت
عندما تسنّى لها أخر صباح
أشرق مع إشراقة وجهه
ورقصة الحياة

وومض عينيه البعيد
يتمالك رعشات صدرها

أثرت
حقيقته أماكن ماضيه الغامض لديها


وأثنت
أنه بعيداً 00 ومضى
حمل معه آهاته وأحزانه
إلى مكانٍ آخر من الدنيا

جعله يتصارع مع الأقدار هارباً
من جديد 00
ولم يعد يرى ملاك البرابرة
في الجبال سيمان
ولا ملاك الجّان
في الظّلام
"هناده"


ويستمر
من أرض إلى أرض
ومن حبّ، إلى حب

ولم تعد تشرق الشمس
ثانية ..


تظلّه
أرضٌ غير الأرض
ونفس غير النفس












أنت أيها العمر
ليذهب
بك السحاب بعيداً
هناك كنت تسمو
ترنو على حلم من الصبا
من الماضي تخلق

لا تدري
إلى أين يمضي بك
المصير


إلى أين تمضي بك السبل

عندما
يتعالى الوجود
ويبتعد عن خليقتك
ويحكم عليك الضعف
كما أنت


تهلك دون أن تدري
ويذهب فيك محيطك
وتصبح في رحى
السماء


عليك
أن تمضي إلى لاشيء
وتدرك انك لا تعني
شئ

الجميع يدرك حقيقتك
وأنت لا تدري
الى
اين تستمر


يمكن أن تصنع الحياة
لكن دون الموت

000


إنكم تحملون
بين ثناياكم انسجامكم الإثم
تظنون أن التوافق بين أجناسكم حقيقة

ولن تتوصلوا الحياة
ما لم تتوافق الأرواح
فيكم


لو
قدر لك أن تدخل غيبه
سوف تدخله بالانتماء الذي
تحمله

وليس بالأثام
التي تمزق أحشائك كل غفوة
000


أتتجاوز الحياة معا
ونخطوا على الموت
ونفر منه
إلى حيث لا ندري




هناك
على ظلال الشمس

نركع للعمر
أو الحياة
نغدوا وهما أو سرا

لا
يطالنا قدر الله

أو
نصبح سرا يهج عمرا

من كون الحياة
أو نملك حبا من قدر أيدينا
نصنع منه غيبا

أو طيفا

من ماضينا



أتظن
أنك قدري أم خلق
من
زمان

كان أحرى أن تخلق مثلي
وتندثر
مع الاوهام
000




هناك
أعدمت الشهوة وهرب الجسد مني
وتملكتني روحي عندما
بقيت وحدي
مثلك













نحن قدر آخر
هارب

لا يدري إلى أين تبعث به السبل
كما هي سبلنا

تتنازع
الجزء ألاثم من أرواحنا


هـل أنت حائر
أو خائف
من هو الذي لا يعشق ألفر من قدره
وينجوا من عذاب الله


ألا
يطاردك مثلما يطاردني
ويطاردهم

إنهم
يدينون بعضهم على أساس
العرق والجنس
ولأننا لسنا
منهم
فإنني أدينك على أساس
من وجودك













لن
أنسى بأن الله يديننا بمقادير
حقائقنا


إنّ
جذورنا قوية
وعلينا أن نسعى
من أجل إبقائها قوية
لأنه يوجد هناك
من يسعى لاقتلاع هذه
الجذور


من
سيعيننا غداً
عندما تعجز بنا السبل
ويطغى أولئك التابعون العبيد
على وجودنا


الذين
يشربون من طموحنا
استمرارا
في ماضينا


وماذا بعد هذا
الاغتراب
وانفجرت محبتنا
بعد أن أيقظتنا
ذنوبنا

وكانوا
جميعهم غير منصفين
ثم هجرنا الإخلاء والأحباء
وذهبوا

هناك

حيث الحياة المليئة بالظنون
والانقياد


عليك أن تعرف
ماذا يخططون
وماذا يتآمرون قبل أن تنفصل
النفس من وجودك


وتقتلع

ويذهب ثمرك المتجذر


من
أجل أولئك المتخاذلون
وعلينا أن نعرف بأن حقائقنا
هي
قيمه وجودنا كآخرين
يصرعهم تاريخ البشر

وألا
نخشى هؤلاء الجبابرة
لأنهم مزيفون
وعلى غير
حقائقهم الواهمة
يستمرون


لن
يتحقق وجودك
طالما وجودهم
تحقق بالنزعة البشرية التي تدين
العرق والجنس


علينا أن نستعد
إلى قيادة مصائرنا التي
جردونا منها وأخذوها بعيداً
هناك

لإرضاء أولئك السماسرة
الذين
جعلوا من وجودنا تقلبات
للتاريخ


عليك
أن تعلم بأن طورك
هو إنساني
مختلف
عن طورهم العقائدي
المخضرم


الذي اعتمده فكرهم البشري
عندما
تشبع عقائديا

وتجاوز مراحل الكينونة والدين

وتجاوز حقبة
التفاعل البشري المتوازن
حتى أصبح
أخطر من بنية ا لعقل
البشري





الخطر
الذي اعتمده العقل في
طغيانه
وتعامل مع محيطه بالقدر
الذي جعله يحتوي المقادير العقائدية
عند البشر


بعد أن
تجاوز مرحلة البلوغ
والتشبع الفكري الصهيوني




وقد توافق
مع ميوله الطاغية ونزعاته السا د يه
على أنقاض المكتسبات الغريزية
المتوارثة
من عدوانية وانانيه



لا أدري
أقدريه لا تعود
بخاصيتها
إلى تلك النفس الإنسانية
أم اكتسبت بما تراكم
من مورثات وعادات ملوثه
وحتى أصبحت
تشبع
معرفي وعلمي
أحاطتهم بها التغيرات النزعويه
والغريزية



أم كان
النقاء البشري المطلق
مختلفاً حتى خرج به الأمر عن
حالة التوازن البشري ومجراه
واحتوائه بيئة لها شأنها ثم كوّنت
النزعة لديه
بعد
أن اقترنت بالعوامل البشرية
القاسية


إنهم
أقوى من أن نفهمهم أو ندركهم
وحتماً علينا منازعتهم
بهدوء وكبرياء



لن
نحمل من أذيال بني صهيون
ومورثاتهم ذلاً
أو
هوان



ولن
نذهب إلى قبورنا
مهزومين حتى نميل
إلى الرذيلة
ونهزم ثم نسعى إلى وراثة الجنة جبناء





إنه قانونهم وأخلاقهم
ولسنا منوطين بهم
حتى لا يمكننا إضفاء صفة
الحياة عليهم


لأنهم ليسوا أصحاب فائدة لوجودهم
البشري


لكن نحن
من الذي سيديننا حقيقة

هم

أولئك المنقادون إلي أسيادهم
و يخضعون إلى كل نزوة
و خاسر


ربما تديننا السماء على ذنوبنا

و
ربما الأرض

أو أولئك الذين اندثروا بفضائلهم

الذين
ذهبوا دون تاريخ و دون وجود


و
ربما حتمية الحياة
حيث يحق لها أحياناً أن تدين أمثالنا
عندما أصبحت الرذيلة

في أولئك المهزومين
كبرياء


تعتقد
انك متفوق و لا تدري انك مهزوم
وانك من أكلة الجيف
كالنسر


و ليس
ذئباً يصطاد فريسته
و يأكل منها مرة واحدة



ولا

يعود لها حينما يتركها طعاماً
للنسور


ألا
تتحرر
بالتخلص
من طينة عارٍ بشرية تلازمك وتلازم أجدادك


و

أنت هائم في نفسك

و

رغباتك تؤدي بك إلى

الحضيض


أنتم يابني حميره
انظروا إلى الأمم كيف تمردت
و أنتم لا تزالون تلبسون ثوب الذل و الهوان
مرقعاً بلغة الاستجداء والعار دائما
لتستمرون

و طريقاً تتهاوى بتبعيتكم
ومعاشكم


في

هذا البحر من الذل و الهوان
الذي أحاطكم به سيد الاقزام


انت ايها القزم
انك لم تك لحظة من الزمن
و بقيت معتاداً على
أن تكون فقط
مرحلة من الهوان البشري المستمر



لماذا
أنت هنا
في هذه الارض
تظهر انك لست بشريا
و لن تجعلك القوة تصل إلى

الله

كما تتأول و تتمرد عليه




انك دائماً
تلهث
كالكلب وتنهق كالحمار
ياسيد بني حميره

و تحاول أن تتفوق بدهائك
و تشرع قانونك البشري
و أنت لا تزال في محيط الهوان
الذي صاحبك
دائماً


إن القوة
تتملكك لكنها ليست لك
لأنها جوهر الهي
و عندما تتسلط
فإنها سوف تهوي عليك
لتودي بك أخيراً
إلى ذلك التراب الرطب و تزيده
عفناً


وتبان
تبجحاتك الكلبية
و لن تجد حينها من
يخشاها












فتذكر .. دائماً
انك لا تزال هائم
في وسط ثورة
سوف تحملك بعيداً


إلى هناك
ثورة العمر و الحياة
ثورة الدنيا
ثورة داخل حظيرة من الذئاب
































وجدت
في أسفار أجدادي
أن
الطيب من أرض المناخ

وأن
بنو حميره في ارض المناخ























هناك
عندما ولىّ العمر
و دخل الرعاع الأرض كالجراد
و عاثت المؤامرة أنفاسها الخبيثة
على الأهل و العشيرة و الجيران


أخذت
الأرض تطوي و تأكل و تعض باطنها
لتقذف بترابها
و حجارتها
الطيب
من ارض المناخ إلى المجهول


لم
نجد حينها صحف أجدادنا
حيث أصبح التاريخ
للرعاع
وبنو حميره
في ارض المناخ

الذين جاءونا من البحر والصحراء
والمجهول وجاءوا مع سيد الاقزام










وأصبحنا
نحن الطيبون
من أرض المناخ
دون ديار ودون تاريخ


حيث
هكذا أسمانا
كل من أكرمناه وحل علينا
ومنحناه
أرض الطيبة
من أرض المناخ
باسم الإسلام والعشيرة
وكرم الأجداد


الذي اسمانا وقال
أننا
دون تاريخ
ونسينا حينها

أسفار أجدادنا الذين أوصوا بها وقالوا


أن كرمنا
لا
يحل على من هو دون تاريخ
وإذا أكرم من هو
دون التاريخ


سوف ينتزع الطيب من أرض المناخ
وينتزع التاريخ
وسوف ياتيكم
سيد اقزام بني صهيون لينتزع تاريخكم




ليس هذا فحسب
بل منحهم الأنبياء
منا




قرارنا

حيث خرجنا من القرار
وخرجنا من التاريخ

وتشكلت شعاراتهم
على خارطة المناخ والتاريخ
بالسواد وتراب التاريخ


وقالوا
إن
الشعب يناضل
من اجل الحرية
والتاريخ
وارض المناخ


لتداول السلطة
والتحرر من التبعية
تبعية البلاد والأرض
التي أصبحت دون طيب ودون تاريخ


وبناء الاقتصاد الوطني
وعوامل الإنتاج كوننا دون
ناتج ودون إنتاج


و
يا
للعار
علينا نحن الذين
منحناهم أرض المناخ والتاريخ






حتى
طالبوا…
بالإصلاح الزراعي
والديمقراطي
من أجل الفلاحين
وحماية مصالح الطبقة العاملة
وحقوقها
ومساواة المرأة وصيانة
حقوقها


لأننا كنا بمفهومهم
دون حقوق و دون شريعة
إلهية
تصون المرأة وتصوننا بعد صيانة القران لنا
منذ آلاف السنين


وكانت خاتمتهم
تدعوا إلى
دعم
الكفاح الرعوي
من اجل تقرير المصير التبعي

حتى علمونا فيما بعد
بعد أن أصبحنا نشحذهم المناخ والتاريخ


كيف ننتهج
السياسة الخارجية المتحررة
لمناهضة الإمبريالية والصهيونية
التي كانوا عمادها في كل
مناخ وكل تاريخ




ولا
أدري حينها .. أين كانوا
هم
أبناء المناخ
وابناء
التاريخ الأصليين


وعندما عدت إلى
أسفار أجدادي الغيبية

الأجداد
الذين لا يحملون شعرة واحدة
على رؤوسهم


وجدت فيها…
أننا كنا نتسارع في إكرام التاريخ
والغريب
والداخل علينا


فجدي
الذي كان لا يحمل شعرة على رأسه
منح أرض المناخ لذلك الغريب الذي كان
يحمل في ثنايا بطنه
خارطة من أسطورة التاريخ


منحه
أرض المناخ


ولم يكتفي التاريخ الداخل
علينا بمنحه أرض المناخ
بل استولى مع الزمن
على أسم
عشيرتنا
والذي أخذنا بقراءته بين
ثنايا

القمر
وصر صر الريح
ينفث بولائه الكوني
ويقول بأحرف عبرانية


الطيب
من أرض المناخ



الخبيث
من أرض المناخ












ووجدت
أخيرا في أسفار أجدادي الغيبية

نظرية سياسية
يمكن لها أن تحمينا
عندما يتألف الرذاذ
والتاريخ ضدنا
تقول

لا
وجود للمدخلات
والنظريات السياسية
والاجتماعية والاقتصادية والقومية
على عشيرتنا
ومجتمعنا الإسلامي
وعلى أرض المناخ الطيب


إن
المدخل النظري
لأي نظرية فلسفية وقومية
على هذا المجتمع الطيب
الذي خرج من أرض المناخ
هو
تحريض وتآمر
وتخريب على
بنية
مورثاته العقائدية
والحضارية
والتقاليد يه

وعلينا
أن
لا نحترم هذا الداخل والمنظر
السياسي
الغريب
الذي يريد
حكمنا



وأن
كل مجتمع من حولنا يتقدم به
النمو السياسي
ويتقدم به
منظريه

فانه
يفقد حتما ارتباطه الذاتي
وتماسكه بمجتمعه
وحضارته
العقائدية






















هناك
عندما أخذت
أحرق بأنفاس سيجارتي
المكتومة بصفاء

كنت


أتأمل السماء بعيناي
متخللا أشجارا وأغصانا
تحيط بنا
وتغطينا

هناك

عندما
سمعتك تعوي بجنون
بعيدا عني

كنت
رافعا برأسك إلى
السماء البعيدة
فاتحا أنفاسك تصيح
بعواء فاجع

كنت اشعر باغترابك أيها
الصاحب

عندما كان الكون من حولنا
يهتز بصدى
عواؤك

هناك

عندما ناديتك
بلغة تفهمها

هناك
عندما سمعتني
وجئت مسرعا
وجلست إلى جانبي

وتآلفت أعيننا
ثم ارتقت
أفكارنا

إلى
عالمنا الأخر
العالم الذي لا يدركه غيرنا
بمحاكاتنا الصامتة
ككل
ليلة كنا نجلس فيها
المكان بهدوء



هناك
عندما ذهب بنا خيالنا
بعيدا

عندما كانت بواطننا تحدثنا بأعيننا البارقة

ذلك الظلام ونحن
نساءله





ما
أصعب
أن يعيش أحدنا
مع الخوف طوال محياة
حينما يأتينا من ماضينا
في كل آن
و أوان

حينما يلوح كالأفق في
آهاتنا
و تأوهاتنا

كل خطوة نسير فيها
أو لحظة نعيشها








عندما
يحتوينا في أنفاسنا و نسائم
الهواء
و يعيش بيننا ملتفاً بخفاياه
حول أعناقنا كشبح يشدنا
إليه

ويفيض على أقدارنا



انه
يأتينا من حيث لا ندري


انظر


إلى عيناي و شفتاي
و سوف أراه في
عيناك
اللتان
تدركان كل خافية في نفسي

انظر
إلى هذا الكون
كيف هو ظلامه مجون
يهاجمنا و يثني
علينا



يكاد
يأخذ منّا وجودنا الضائع
في كل مكان


أصبحنا
نستشعره
في كل نفس يخرج من ثنايا
صدورنا
و كل فكرة يأتي بها
خيالنا
حتى إذا ارتقت أعيننا
تنازعنا الثواني بالحذر
و
الوجوم




تأمل وجودك



كيف يفيض بخوف مجهول

انه
عالم لا يدركه إلا من يعيشونه
و يألفون دوامته
حتى لو توسطوا البحار
هاربين
منه





أو
صعدوا إلى قمم الجبال

سوف
يلحق بهم و يبقى ظلاً
يلازمهم




الخوف
يجعل الإنسان يموت حيا
و يجعله يفكر
بعيداً
و يمكنه من امتلاك حدسٍ غريب
يحتكم
من خلاله العقل لأمور غامضة
و غير مفهومة
يدركها و لا يدركها
ليمكنه من العدوان و الانتقام دونما
شعور









هذا
هو الصمت بيننا
و
هذا هو السكون




وها
هي أغصان الأشجار التي تأتينا
بهوائها
و أزيزها
الذي يخيم علينا بعالم آخر

مختلف



يكاد
ينسينا وحدتنا المؤلمة

و
ها
هي الآلام التي تثور أجسادنا

ولا
تجعلنا نحاول النهوض و نستفيق


ها
أنا ادخل إلى
أعماقك ثانية استشعر
ما
بدوا خلك






أنت
أسمى من أسطورة التاريخ











أنت قلق أيها الكلب العزيز

و هم
تخلوّا عنا على هذه الأرض
الغريبة


وجدت
فيك كرامة و كبرياء لم أجدها
فيهم

أما
هم الذين احتالوا على مقدرات
وطنهم و درسوا

على حساب فقراء الوطن
و أموال
ترابه

خانوا كرامة الوطن و عزّته

لأنهم
داسوا على ماضيهم دون عزة
و دون
كبرياء





لا
يمكن لاسطوري أن يكون
منتمياً
لوطنٍ جاء إليه بأسطورة


و ترعرع فيه كالغراب

إلى أن دلله الوطن وأولاه
أمانته








هناك
انتماء للوطن
و هناك انتماء للتراب




أما
انتماء الوطن
فهو
مرهون بما يمليه الوطن على منتمية
بالمال و الجاه

و انتماء
التراب
هو
ما يملي به المنتمي وطنه
بالحب و الانتماء
دون
ثمن



سيان
من ينتمي للوطن
بالمال

و
من
ينتمي للوطن بالتراب


فالأول مرهون

بالتغذية التي يمنحها إليه الوطن
و سهلٌ عليه المساومة
عليه


و الآخر مرهون
بالعطاء
الذي
هو مرتهن
بالحب و الوفاء لابن التراب
و الذي لا يساوم
عليه




كالذين
جاءوا إلى ارض الطيبة من ارض المناخ
وارض بنو دان
و ذهبوا بمناخها الطّيب الأصيل
و تحّول مع الزمن إلي مناخ
خبيث













توقفت
ذلك اليوم


اليوم
الذي لم أدر بأنه سيخلدّه
التاريخ

توقفت
أمام سفارة الوطن
بعد
شوقٍ و مرارٍ طويل

ابتسمت
كأتي أصبحت أمام منزلي

الذي
ضاع مني سنوات طويلة و أصبحت
لا اذكر عددها




السنوات
التي
تهت فيها تيه
بنو إسرائيل
في
ارض الطيب من ارض
المناخ



احتوتني
سفارة الوطن

استنكرتها
في نفسي


و
علم
تراب وطني
يرف
و
يعانق السماء بشموخ
و
كبرياء

حتى
راودتني نفسي و داريتها
ربما
هناك خطاً ما
و لم يكتب عليها
إنها
سفارة تراب وطني
تراب الطيب من ارض
المناخ.


دخلت


و لعنة
التاريخ الخبيث

من أرض الطيب لأرض المناخ
تطاردني


وجدت أحدهم على مكتبه
بعد أن
أشار لي أحد الحراس
المسلحين
إليه

و اكتشفت انه
يتحدث البربرية من خلال مشادة
كلامية مع أحدهم



انتظرت طويلاً
و هو ينظر إلي من على مكتبه
بامتعاض
و كأن ملامح وجهي لا تعجبه



ابتسمت
له
عندما
عندما حدّق بي بإحدى عينيه
لكنه لم يبتسم
و
لم يجاملني


دخلت إحدى الفتيات الماجنات
وهي تترنح بفخذيها
البرونزيين

استأذنته
بشيء لم اسمعه
فأشار لها إلى الأعلى
ثم صعدت الدرج القريب منّا










و
بعد
ساعة من الانتظار
قال لي بلغته البربرية
(آجي غدّا)
تعال غداً


فلم استطع التحدث إليه بشيء

رهبة
من قرار خاطئ
بحقي






و
عندما
عدت في اليوم التالي
فتح معي تحقيقاً صعباً و أخبرته أن حاجتي
إلى مقابلة السفير يحتويها آمر خاص
لا أستطيع التحدث به
إليه


و بعد ساعتين
جاء أحدهم و استفزني
بالوقوف بلهجة الأمر
أصعدني من ذراعي
ذلك الدرج المؤدي إلى الأعلى

دخل بي إلى غرفة واسعة
توسطها مكتباً فخماً

و لم أكن ادر
بأنني قد أصبحت أمام السفير


و بعد
قليل دخل إلي
السفير

من غرفة تحاذي غرفة المكتب
ورائحة الزنا تفوح منه

و قال

بصوت غليظ دون أن ينظر إلى

من أنت، " بلهجة بربرية أيضا "

و حتى
أسعفتني جراءتي
قلت

أنا الطيب
من ارض المناخ

فرد عليّ قائلا
و عيناه تكاد تخترقني

لم يبق في تلك الأرض طيّب
لقد تحوّل الآمر
و اصبح الخبيث
هو من ارض المناخ
و لكن
ماذا تريد

فقلت
لقد أضعت أوراقي

و أريد أوراقا أخرى من السفارة

لاْستطيع العودة
إلى تراب
بنو دان من ارض
المناخ




رد علي غاضباً
و قال
لا تذكر لي

بنو دان من ارض المناخ
لقد انقرض
أولئك القوم
و اندثروا مع الزمان

و لم يعد
هناك شئ اسمه
دان

هل أنت آخر من يعلم

لم أرد عليه

(ثم أضاف)
ربما تكون أحد الذين
باعوا وطنهم على

ارض
بلاد الكلب

عليك أن تذهب دون
عودة
و
إلا
سوف أوليك إلى الدرك الأسفل
من هذه الأرض

وحينها لن يراك أو ترى أحدا

هيا اذهب

ابتسمت
بعد أن توقفت على قدماي
و بعد أن رأيت
الضغينة في عينيه


قلت
هل أنت جاد
أيها السفير
أنا ابن المناخ
كيف تطردني وتهددني
أنت موجودّ هنا وأولئك
القوم أولوك شؤون دان وارض المناخ


قال
مستهتراً
لم يعد هناك قوم تتحدث عنهم
يبدو أنك لا تعلم شيئاً ، لقد أصبح المناخ
للخبيث من أرض الطّيب
ولم يعد لقومك وجود
الآن


أشار للذي جاء بي
وأمسك بي من ذراعي مره أخرى
وأنزلني
إلى الدور السفلي
وقذف بي إلى



الخارج





أدهشني الأمر

وأنا
أنظر إلى مبني


السفارة

وأخذت
أردد في نفسي
ما كان يتردد على ألسنه
أهل الطيب من ارض المناخ
في عصور ما قبل التاريخ

نستجير بالله

نستجير بالله

ثم ضحكت على نفسي
عندما تذكرت
أن ذاكرتي تعود للوراء
كثيرا

هل تغير
تاريخ الطّيب من أرض المناخ
بهذه السنين التي تهت بها
هل أصبح المناخ حقيقة خارج دائرة
التاريخ واستولى
الخبيث من أرض الطّيب
على أرض المناخ


أقترب مني أحد الحراس
المسلحين
وقال متعاطفاً
اذهب
اذهب
قبل أن يحّل بك ما حّل لغيرك
وأشهر عليك السلاح


استدركت
الأمر فجأة، وأخذت أمشي
بالخطوات وحدي في
محرقة الشمس
جلست بعيداً عن فيلا وفاء
بين الأشجار
وأخذت ألفّ مجدداً بسيجارة
الحياة
أتأمل
الأمر أتابع بعيني الأطفال الذين يتراكضون
وراء كره القدم حول هيكل الوطن



كنت أفكر قبل النهاية أن أجتاز حدود هذه البلاد
إلى
أرض الطّيب من أرض المناخ
أذهب
إلى الحدود الشرقية الشمالية
وأدخل بلاد الأقزام
ثم إلى الصحراء الكبرى أو الوسطى
من سلسلة جبال
أكاكوس








حقاً يا تادا

إنك أسمى من ذلك الخبيث من أرض الطيب لأرض المناخ
وأكرم منه
أولئك الذين أولاهم تراب المناخ
الأمانة التي لم يعملوا بها


وكان
الفرق بينك وبينهم
أنك
وريث سلاله نسبها طيب
وأصيل
ولم يختلط نسبك لأمك بأية جينات وراثية
أخرى
غير الحيوانية النقية
أما هم
فقد اختلطت أنسابهم بجينات بشرية
موروثة ومتراكمة من التلوث الإنساني
تراكم
مع الزمن والحضارات
والاستعمار
الذي لم يبقي شيئاً نقياً فيهم
حتى
لم يعودوا يمتلكوا الأخلاق
التي يمكن أن
يرتقوا بها
كما ارتقيت أنت بأخلاقك الحيوانية
كون أخلاقهم ذابت
واحتوتها
الأحقاد والضغينة والأنانية
والتي لا توجد فيك رغم أنك لم تشرب حليب البقر
لترتقي بك الأمور
وتمنح

شهادة العار الوطني

الذي يتوسمون به في جبينهم
بينما أنت كنت قد رضعت من ثديي
أمك
النقاء والأصالة الحيوانية
وأصبحت وفياً لأنك أوفيت لنسبك
وسلالتك على عكس الآخرين الذين أوفوا
برضاعتهم الغريبة
لأولئك الأغراب الذين حلوا على
ارض الطيب من ارض المناخ
وكان قد قذف بهم التاريخ من أحواله ومجرياته





إن معيار نقاؤك

يحتم على التاريخ عدم خذلانك لأن

التاريخ لم يتحدث يوماً عن كلبٍ قد خرج من دائرة انتمائه
بينما
تحدّث عن أولئك وكياناتهم كثيراً
حيث الغيب لا يأتي
بالأجناس الذين صنعتهم النساء من أمهاتهم
بينما التاريخ يؤثر على
ذاته
النقاء ومن ثم يقذف بهذا النقاء إلى وجودة


لقد
أصبح الرجال من التاريخ يقتلون
ويأكلون بقوة التاريخ
حتى أنهم
أصبحوا ينتزعون شهوتهم بقوة التاريخ
يحكمون
يسيطرون

بقوة الرجال الذين يقذف بهم التاريخ لتاريخه
حتى يستولون على أنفسهم من خلال تلك القوى
الكامنة بنقاء التاريخ ودون أن ينصاعوا إلى الأجناس المختلطة
كي لا يغيروا التاريخ الذي
أوجدهم


لا يخونون
ولا يتنازلون


لا يهدرون كبرياء وجودهم
من أجل التاريخ الذي حفظ وجودهم
ولا يزال التاريخ
يصنع
من هؤلاء وجوداً كيلا يتغير أو يندثر مجراه
على أيدي أولئك الذين تغذوا بفكرهم
وعقيدتهم على حليب البقر






الذين
ما زالوا يساومون على
أبناء الطيب من أرض المناخ وابناء دان
وهدموا نقاء المناخ
في كل مكان ليذوب
بتآمرهم
ويصبح هواؤه ملوثاً بالخبث والحقد
كما
نشأوا هم
كونهم
لا يرغبون في بقاءه ووجوده
لأنهم لا يملكون الوجود
لأنفسهم ولأنهم
أبناء لأولئك المستعمرون لحليب البقر



اللعنة
على التاريخ إذا لم نستيقظ لهم
اللعنة
على وجودنا إذا لم يتغير تاريخ هؤلاء
الذين غيروّا تاريخنا ليضللونا بوجوههم
الحمراء
ولم يكن العرب يوماً أصحاب وجوه
"حمراء"
يتحدثون السريانية ويطالبون بأرض المناخ
وأرض منوحا التي
يرتسم في جدران كهوفها كتاباتهم السريانية
كما يدّعون
ويريدون انتشال توراتهم منها











أنت
أيها الطيب
من أرض المناخ
ترى أين أصبحت بآلامك
أيها الصديق الغريب
لقد
أدركت حقاً أنك غريب عندما لم تجد
ملاذاً لجراحك وعدت إليّ
بدمائك
تريد الموت إلى جانبي

لو كان لديك آخر غيري أو أهل يداوون جراحك لذهبت إليهم
أنا نادم أنني لا أستطيع أن أقدم لك شيئاً
ليتني فقط أستطيع النطق مثلكم، أو أذهب إلى
أولئك البشر وأخبرهم بمصابك
لكن الناس يخافون هيبتي السوداء
ويخافون أنيابي دائماً ولهذا لا أخرج
من مملكتي إلا مع
الظلام.










هذه
هي أقداركم أيها البشر
لا تدرون
كيف يباغتكم المصير
عندما يأتيكم كلمح البصر
كان علي أن آخذك لمملكتي لأنقذك
من الموت
لكن مملكتي لا تحتضن البشر في مدينتها
إنها تنفر منهم لأن الجان يعرف شرور البشر ويفهمهم جيداً
الشرور التي
لا يقدر عليها حتى أبناء الجان أنفسهم هكذا قالت لي

هناده

إن أمرك يحزنني كثيراً ولا أستطيع مساعدتك
فقط سوف أستشيرهم بك
فأنا ضعيف
ولا أستطيع أن أقرر شيئا لأنني
أحد أعينهم الذين يعيشون بين البشر



لقد ارتقينا
أيها الطيب من أرض المناخ
إلى عالم أقوى من عالمك
بأخلاقنا ومثلنا وفضائلنا
ولقد قرأت اعترافك هذا في عينيك
أنت تعرف
أيها الطيب
من أنا
وقد فرضت عليك ظروفك الصعبة
العيش هنا إلى جانبي
لأنك تجاوزت الحس البشري
الذي كان يلم بك في ماضيك
أنا اعلم بأنك كنت كارهاً للكلاب كثيراً فيما مضى من حياتك
ولهذا تحاول
دائماً إن لا تلمسني
بينما اجتماعك بي
وعندما
رأيت أنني أقرب إليك من أبناء قومك
ذهب منك ذلك الحس
البشري وعرفت في ذاتك بأنني
أممٌ مثلك ودوري أن أكون إلى جانبك لأنني أفضل منك












تادا ..
لماذا تعاقبني


هو الدهر
عاث بي سبل الهوى
اذهل الحب وأظل بي
دنيا أغرقتنا أثاما

حملت جسدي ناراً
دنت سبلها أعماقا وأشلاءا
تنزع القلب مني كل لحظٍ
ليقبل الدجى لظىً
وهالا

تجري الفجور
ندماً
وأحزاناً
وتبرأ الدنيا وتذل
إقداماً
وتصيح
، بعادا بعادا







أنت
أيها الطيب من أرض المناخ

لن
تسعفك الأرض
ولن
تسعفك السماء

ستظل هكذا دائما
مشردا

من
ارض إلى ارض
ومن
حب إلي حب

ولن تسعفك حتى جهنم
لانك
ستجد هناك انك ما زلت ممزقا
بين هذا وهذا

و
تحترق برماد قدرك



أنت أيها الطيب
لما
تمزق نفسك
ربما
تحيا وتعيش أكثر
ولن تختلف كثيراً عن الآخرين
إنك إذا استمريت
ووجدت طريقك
أو
وجدت حياةً أفضل من الحياة إلى جانبي
فإنك سوف تنسى كل شيء

فهذا قدركم
أنتم البشر ليس
فيكم غير الجفاء دائماً
أو العداء والغيرة، لأنه لا يمكن لعقل بشري أن يتوافق
والعقل الحيواني أو الجني
لأن عقولنا ارتقت
إلى فهم وإدراك الأنفس
قبل أفعالها
وإذا حملنا عدواناً فإنه للدفاع
عن وجودنا فقط
أما أنتم
فالعدوان يأتلف في
دمائكم حتى
لتقتلون به أنفسكم دون سبب
لأن الأصل في وجودكم
تكون مع نوازعكم
أنكم لا تستطيعون الاستمرار بدونه
فأولئك الذين خلقوا من طين
ذهبوا وعادوا إلى خالقهم
ولم يتبق منهم سوى الرذاذ
الذين حلوا على أرض الطيب من أرض المناخ
الذين
تكونوا من طينه أخرى
تكونت بالنجاسة البشرية والخطيئة والأثام
حتى أصبحوا يتناسلون بجينات
من نار
الجينات التي فارقت بنوا الجان منذ عهود وأزمنة بعيدة
وطوى عليها عالم النسيان









لقد أوصى بكم الله تعالى
بدياناته المثلى لتتوارثوا النقاء الإنساني
وخليقته الفضلى منذ تراكم
التاريخ البشري لتكونوا
حضارتكم بحقيقتكم الإنسانية الخالصة
وليس لأنفسكم
حتى تصبحوا يوماً وقوداً لناره التي وعد بها
لقد أوجدنا في عالم آخر بعيداً عنكم
رحمة بنا منكم ومن شروركم
كي لا يتآكل خلقه فيما
بينهم
بالكبرياء

أوجدنا
بالخفاء وظلمات الليل


نعيش ونستمر ونرقى
إلى مستوى خليقته المثلى بعيداً
عن أماكن تواجدكم
وبعيداً عن آثامكم وفواحشكم لنعود إليه بنقاء













وهكذا
ستظلون
لن تتوقف قيمه الحياة بينكم على عدد الذين
يحيون الحياة فيها
ولا على الذين لا يحيونها
لأن
سبلكم ستؤدي بكم أخيراً إلى الهلاك والموت
ويصبح الذي تجاهلتموه في وجودكم هباء أضعتم
فيه كينونتكم الحقيقية والتي خلقتم من أجلها


هذا هو جنسكم
عندما تمادى باختياراته وتجاوز حقيقة أمره
وتوارى عما هو حق لأجل ذاته
تاه في حقيقة
ضائعة لا بداية ولا نهاية فيها
دون جسد ودون روح






















إنك لن تقرأني أيها الإنسان
مهما قرأت
ولن تجدني مهما
وجدت

ولن تعرف لماذا
لأنني




بعيد عنك وأخلق في كل يوم من جديد كمطلع الشمس

أرى ما لا ترى
وأسمع ما لا
تسمع

جسد بلا جسد
وروح بلا روح

فكر بلا فكر
وعقل بلا عقل




وموجود بلا وجود







ها أنت ..
تنتظر نهايتك التي تفرض نفسها عليك
وتنظر إليها بعينيك اللتان تفيضان أثماً وقهراً
على ذلك المصير المجهول
بعيداً عن وجودك وعن ماضيك
الذي تصبو الرجوع إليه
والماضي الذي سيجمع فيك وجودك على الأرض
التي
طالما تمنيت الأرض التي صنعتك وأنشأتك بين روابيها
وهي لا تنتمي إليك

الأرض
التي قذفت بك بعيداً وأنت بين أحضانها
لأنها كارهةٌ إليك وقد منحتها
كل شيء في وجودك ومحبتها لديك

هذا هو مصير من أحب
ترابه ووطنه
هذا هو ثمن الانتماء
عندما لا يأخذ الإنسان ثمناً لانتمائه
وقد منحه
كل شيء
استطاع
أن يصنع من أجله

هذه هي بواطن القدر عندما يأتلف بوجوده
مع حقيقة الانتماء
عندما تصبح حقيقة الانتماء خالصة





وها
هي أرضك تجود عليك بالنهاية
ووطنك يجود عليك
بالبؤس والشقاء
في كل مكان يرسلك إليه
من
أرض إلى أرض
ومن
وطن إلى اوطان

إن
الأرض
لعنةٌ عليك لعنة لا يمكن لها أن تفارقك

إنها لعنة الطيب
من ارض المناخ
ولعنة
عشيرتك

أولئك القوم الذين اندثروا..

بنوا عفرا
ودان
في كل مكان

أبناءوا الأنبياء الذين ذهبوا
وطغى من بعدهم بنو دان


هناك
قريباً من
وادي دان

هناك
إلى الأفق
عندما تشرق الشمس
في
أرض الطيبة
من أرض المناخ

الذين
جادوا عليك
باسم غير اسمك
وأرض غير أرضك
قبل أن يهبهم
الله
العبودية والذل ويذهبهم عنك

إنهم
لعنة من القدر
ويتسلط عليك
حتى لو ذهبت بعيداً
إلى تلك البروج المشيدة
واختفيت

سوف يطاردونك كونهم
يستمدون وجودهم وقواهم
من القضاء عليك

سوف تجدهم أمامك في كل مكان
كالهواء
ويتركونك كالرماد

سوف يأتونك كرياح الصحراء القاتلة
هناك
على جبال اكاكوس

حيثما كنت تحمل من ثناياها
حجارة من زجاج
تلسعك
في جسدك كلهيب
من نار

الذين أدانوك بدنياك

وأنت
تدينهم بالتاريخ
أنهم بنو حميرة
الذين رقصوا أرضاء للحمارة
أهل الطيبة من أرض المناخ



أنتم
أنتم الذين عبدتم التبعية والهوان
وتنحيتم عن عبادة الله واصبحتم
مستباحون في أسواق النخاسة

أنتم
الذين تورثون الطاعة والولاء




الذين تفكرون بكل هذا ولا تريدون فقدانه

ما
الفرق بينكم وبينهم
أولئك الذين يعبدون هنادة والهة الجبال


وجعلتموها واسطة بقائكم وضلالتكم
وجعلتم حقيقتها
أفضل من حقائقكم كالرجال

وأصبحتم لا تستطيعون أن تجدوا
الله

بعد أن أضعتم حقائقكم
وأخذتم تعبدون آلهة الحياة
ومعاش الحياة
في كل آن وفي كل ساعة
وأشركتم بالنساء
وفي الأموال
وعروش النخاسة






أنتم الخبيثون
من أرض الطيب لأرض المناخ
ألا تعلمون
بأن المسيح عيسى ابن مريم
هو أول
من شهد ولجأ غار الطيب من أرض المناخ
كرامة لأهلها
إلا تعلمون
بأن الحجيج
على نهر الطيب من أرض المناخ
يشهدون في كل عام ويقطعون
وأن
التوراة والإنجيل شاهدان

والقرآن
الذي بارك
أرض الطيب من أرض المناخ



وان الله اكرم من أدانكم
وخلده التاريخ

ليريه من خلقه الأزمان
والتاريخ










فاق الوجود
وامتزجت الوجوه
بوهج الكون وسحره
بفضاء ذلك السكون على
مرأى
سماؤه الزاهي بنجومه
وأقماره

تساهره فئة من البشر
تهيج بد فيف الطبول
الذي ينتزع من القلوب
مهجتها وألفة الطبيعة الهادئ
الذي رسمته حواري
من الفاتنات اللاتي تراقصن بأثدائهن المنفوخة
وسط أنغام الحناجر

تشعل
الكون بنشوة الحياة
التي افتقدت منذ
زمن





"الطيب"
أبن دان البعيدة
يؤنسهم التسامر
باعتياده حضور السهرات
التي تقام على مرتفعات القرى النائية
موروث
أتخذ رمزاً للحياة من ملوك البرابرة القديم
والذي كان يصنع
صدئ للوجود
البشري المفقود
البعيد عن خليقة الله














حناجر
"الشيخات"
كانت لا تنقطع عن الذود
ببهجة الحياة وعذوبتها

والتي لا تختلف أغانيهن الملائكية
عن تغار يد الطيور
مع كل إطلالة صباح

والتي لا تسعف أحداً عند زغاريدها
على سماع شيء
آخر
غير هذه الأنغام التي
تذهب
العقل
وتمتزج النغمات فيه برهف وغناء
جني يقترن بجمال جسد أنوثي
الذي يؤدي إلى ذلك الجزء من
العالم
السفلي المجهول

والذي يضفي على الإنسان سكرة من الحياة
لاشعورية

يكاد لا يوقظهم عندما يذهب
بعقولهم إلى وجد من الحياة لا يتدارك
فيه الإنسان ذاته




اضطربت الحياة
ب
"هناده"
وهي تحاور بنظراتها وعيناها الذابلتان

"هذا الشريد"
تحاول أن تصنع من أجله شيئاً
وعرانيس
الحشيش اليابسة
بين يديها الرقيقتين

تسحنه بنعومة لأخراج شيء ما منه
وتضعه في غليونه
من جديد
وتسعد فيه وجوده
كالعادة
كيلا ترى في وجهه ذلك الحزن
الغريب
ويشغل
فيه عقله وجسده ويتوقد مع الحياة
من جديد ويهرب
منها

فهي تدرك تماماً أن
"هذا الذئب الشريد"
ما يزال لا يدرك لغة قومها الغريبة
وأنه يتجاهل باستمرار احتدام التعابير
معهم
ويظهر لهم بأنه شارد
في عالمه الخاص
كغيره من الذين يعيشون في رحمة
تلك الجبال المجهولة
ورحمة هنادة

وينتظر دائماً
الذروة العقلية الحقيقية من الحياة
التي تجعلهم يتوصلون إلى التناسق اللاشعوري بينهم
وبلغة
لا يدركها
إلا من يدخل بينهم عندما يطفح "الكيف" بهم
إلى عالم حالم
لا يتصوره أو يدركه بشري
عندما يتساوون
بالعقل والفكر والقوة والشهوة
عندما يذهب بهم الحال ويصنعون عالمهم
وتسكر بهم الحياة والطبيعة وتسامرهم
حيواناتهم وطيورهم

عندما يتداركون أنهم توصلوا إلى
ذروة الوجود والحياة
وابتعدوا بعقولهم عن الأرض التي
يعيشون عليها

ثم يتوحدون

بذهن سماوي مبهم
هو من أسرارهم الكونية والبيئية
حيث تتشارك معهم الخليقة
التي تحيط بهم بالطعام والشراب والحديث والغناء

طور آخر
من طور الوجود البشري الحيواني
دون حواجز عرقية وجنسية
يجتمعون في وجود آخر عندما يمتزج الإنسان والحيوان
بمفهوم
ذروة الوجود الخلقي الذي
لا يفهمه أحد آخر
غيرهم































أضحى "ابن دان" فاتن الوجه
والجسد
وعاد إلى صحته بعد أن عاش مع القوم قرابة العام
بعد أن تخلص من أثار الزمن
الذي مزق أحشاءه
في تلك الأيام الغابرة التي توهته

وبعد أن حمل معه حباً آلمه طويلاً
ولازمه دون نسيان ليتعالى في تناول
الحشيش كثيراً مع
هؤلاء القوم





تفكر بالذين يعيش بينهم
خليط من تقلبات وأحوال الطبيعة
والحياة
التي لا تشوبها
عادة إنسانية مألوفة عندما كان يهرب بذاته
ويذهب مع عالمهم بعيداً
في كل ليلة
حيث لا يدركهم إلا من يتغذى بذهنه
في مجالسهم عندما يراهم
ويعتقد أنهم نتاج عالم
مجنون

بينما الحقيقة مؤلمة وقاسية
ولا يمكن تفسيرها على حقيقتها

لكن
عندما يتغذى إنسان ما بمخالطتهم
يدرك أنه في عالم متناقض من
حقائق الوجود وسموّه

يأتلفون
ويتزاوجون
دون معاناة
ولا فرق بين الخليقة عندهم

تأتيهم الرياح العذبة في
ليالي السّمر الهادئة يقترن
بحركة موسيقية طبيعية
تتغذى به بيئتهم
يستمدون
منها
ذروة الحياة ووجودها

وتصنع أصوات ونبراتٌ من
حناجرهم يمكن أن تغذى الأرواح الميتة
برقتها وأنغامها الشاعرية
لتحيا ثانية

وكان الرياح
التي امتزجت بعوامل البيئة لديهم
قد أصبحت ألحان عذبة
تحتوى الكون والوجود في تلك
المرتفعات المجهولة
وتذهب إلى أكوان أخرى
أنغام بشرية حائرة
غامضة
حزينة
تجول بها الأودية
والهضاب
وتجول مع الريح
يطرب لها الأنس والجان
في ظلمات الليل الحالمة







يستمرون دون إدراك حقائق انفسهم
حتى تصبح الشهوة بينهم
لشيء وللاشيء
دون حب أو كره

ويتوازن

الموروث الإنساني
بينهم مع الطبيعة التي لا تمتثل لشيء
وينتظمون كالنمل
دون عرش ودون قانون

الاقتران بينهم
كالفه القطط
لا تظهر بشعور عاطفة
يتسامرون أحياناً بالسكون والهدوء
يتغنون بلغة الطيور التي تعيش
بين أحضان مرتفعاتهم
تحمل النساء بينهم فتنة الحياة
لتسعد بجسدها وشاعريتها
هذا وذاك
وتدرك أنها من أجلهم خلقت
لا شريعة
ولا غاب
ولا قانون

الحب بينهم ألفة الجميع
والعشق
من أجل الجميع
بروح من الحياة جميل
يظن
الإنسان أحياناً
أنهم طيور ضائعة بينما الاستمرار
هو الحياة وحقيقة
ووجود




















عندهم
يعود
الإنسان واحداً إلى أصل وجودة
يتحّد
عقل وفكر وجسد

حتى تعود الروح وتأتلف
يكتمل المرء ولم تعد به
ناقصة

حينها لا تعد هناك عاطفة
ليتجسد الجسد
ويتسلط عليه العقل
حتى يكتمل
بالذات

ويأتلف الإنسان بقانون مبهم
ويذهب بالامتثال إلى
المجهول
ليصبح
نقياً من موروثات الإنسان
البوهيمية





عندهم تتغنى الحواري
بعذوبة الحياة والألحان الملائكية




لأن الكون يعشق البدر في ظلامه

ونحن
نرتجي رؤى أنواره


يستهل الندى الشمس دفئاً لانقراضه

ونحلم
بالحب ويذهب كالبدر
يذهب إلى غموضه

نذهب
ونرحل
عندما

يأثر القلب اقترابا من هياجه














هّنادة
عليك أن تعلمي
أنّ التقدير والتكوين
في عملية الخلق الإنساني
تحددّ في الدنيا من أجل الاستمرار
في حياة أخرى مختلفة

الفعل يحتم عليكم
وعلى الإنسان إدراك
ما يحيطه
والعوامل والمبادئ
التي وجد من أجلها هذا التكوين
والترابط
ما بين الذات المكونة
والمكوّن

يخضع إلى تباين وتوازن
وجودي
ونتاج خلقي
يظهر بالتالي مغزى الموجود
وكيف يمكن لنا أن



نكون وجودنا وعلاقة الإنسان في محيطه


تكون العوامل الخلقية عند الإنسان
هي دعامته في التفكر
منذ إدراكه البدائي
في وجودة ومحيطة وطالما كانت
هذه العوامل قد وجدت بالأصل منذ التكوين
فلا يمكن لوجودنا
ووجود الإنسان والمحيط والخليقة
أن يبرر وجودها
بأصول وظروف هلامية
لا يمكن للإنسان والخلق الآخر في القمر
والزهري وزحل
وفي جبال هناده
بكافة معتقداته ونزعاته أن يعتبر الوجود على الأرض
من أجل الذات والنوازع وأحوالها

ذلك يؤدي إلى أمر آخر حتمي
هلاك أمر وشأن الوجود
والحياة الآخرة

يمكن أن يظهر ذلك النفس
الإنسانية
وغيرها في الدنيا كونها محدودة
وفي الآخرة
حيث الخلود والاستمرار بالنفس


لا يستطيع المعٌدم
التقرير في أمر ما هو محدود أو مستمر
لأن مجرد التقرير لديه
-كونه نافياً هذا الأمر يحيط به الاهتزاز
الذهني والفكري والتحليلي
حتى في أمر الحكم على عملية إيجاد الذات أو معرفتها
حيث يعود الأمر بالتالي إلى عامل
ضعف الذات في تقرير المصير
التي يتفاعل
بها نقص العوامل التأكيدية
التي هي حوافز وعوامل الإيمان

وهذا

تعود أسبابه إلى مقدرات الخالق حسب إرادته
وكون الألم مع الإنسان باستمرار
وأحد عوامل الارتباط الرئيسة بين المكوّن والمكوّن
هو الإيمان حيث هو

حقيقة كامنة في أصل الجنس البشري
فإن العقل الذي يذهب بنا بعيداً هو حقيقة ارتباط الذات
الإلهية بذات الإنسان



ولا تقتصر حقيقة الارتباط العليا على الإنسان بالعقل فقط
وكونه يميل إلى النزعة دون الامتثال إلى حقيقة الارتباط
المسيطرة عليه
فقد كانت الروح هي الأمر اليقيني لسيطرة
الذات الإلهية على عقل الإنسان وجسده لتبقى
السر الإلهي
في الذات الإنسانية دون معرفة حقيقتها
من أجل أن تحّد من نزعته عن حقيقة ذاتها المتمثلة بالعقل الذي
يميل باستمرار إلى التمرد وعدم الارتباط
حيث هذا هو
الارتباط المصيري لعامل السيطرة وقوة التحكم
لا تحيد عن الإنسان إلا بمشيئته


هذه هي حقيقتنا يا هنادّه























ارتقت الأعين ذابلة
عندما بدأ الضجيج
يغوص مع الأصوات الخائرة في الأنفس
تكاد لا تسمع وهي تتلاشى في أجواء مظلمة
من عالم النسيان والضياع

تعالت
صيحات وأصوات مبهمة أطبق
صداها عالمة الشارد البعيد عالم الحشيش والدخان

إكموا
إكموا إن الشياطين لتكموا
لم يتواني في سماع العبارة مرة أخرى
تبعثرت الكلمات مع افكارة الشاردة
أصابته الحيرة وغيبته طويلاّ
ولم يحدد بعد
من الذي نطق تلك الكلمات
في عالمه الآسر

دوت
في ذهنه نغمات حذره
خافية
صاحبته باطراد
لم تجعله يحدد ثانية
.حاول أن يجتر معه الماضي

لكن
ماضية الآثم أجتره معه قبل أن يعود إلى قرارته
ارتد بحركة مفاجئة للوراء
أسند بظهره على جدارية معقده
تذكر أخيراً
وظهر في ذاكرته صوتً جاء من صاحبه الذي
سيطر عليه التّيه
وقد أخذ يرفع بيديه إلى السماء

دابا
نكموا جوان وغدّا
نكموا العمر
سكن عالمة
حاول أن يسمع شيئاً وصدى صوته
يحمله إلى عالم آخر
تناسى ما قال تصارعت سحب الدخان
في سماء المكان
تثاقلت أقوى الرؤوس وانطلقت العقول
تتطاير في فضائها المعتم كالأرواح


داورتها دوائر الدخان التي
انتشرت في الأعلى وتآلفت
ثم تمزقت وابتعدت عبر النوافذ المستديرة
مع الهواء العابر

ازدادت الأنفس هياج حذر
وهامت بنشوتها
عندما أخذ العالم الآخر يختفي
ويتواري عن الأرض
ثم يحلق فوق سماء المكان

لتصبح
الحقائق صاغرة في ذات الأعين الذابلة
ويلي
الآن هنا 0 لا
أين أنا

لماذا ربّي أنا هاكّا
أٌريد الذهاب ماذا جرى لي
اسمح لي ربّي، لا أقدر على الحال
وما عاد فيّ العقل

استجمع ذاكرته
ثم عاد إلى نفسه
شعر بأن
صوته المسموع قد أيقضه من غفوته
تفقد الآخرين من حوله
والظلام
قد أسدل ظلاله

وجدهم قد أسرهم النسيان
والتّيه
في لف السجائر من جديد
بينما القطع المتناثرة على
الطوائل
تتساقط على الأرض

أشعلت إحداهن شمعة كبيرة وصاحت في وجهة
أبغي قهيوة
حاول أن يستجد
أن يجد شيء
أن يصيح
فلم يرى شيءً من حوله

فتح فمه
ليصيح ويأتي بالقهوة فلم يستطيع بينما
وجهها لا يزال عالق في وجهه
وقد ذهب ذهنه بعيداً إلى عالم آخر

تذكر حاله، مدّ بيده إلى جيبه وأخرج دراهمه
ثم أعطاها بعضها
- أهل الكيف كرماء ديماً، بغيت نمشوا دابا

ضحك وجسده يشده إلى ما لا يدري
بين الأرض وسماء المكان ثم حدّق بوجهها المضيء وقال:

لا، لا حتى أنني لا أملك المكان
وهذا أفضل
لأنني لو ملكته فسوف ارتكب الأثيم
الحمد لله، أني لم أعتاد على هذا

الفقر
يجعلنا نأثم والغنى يحدد الذنوب

لاذ بالفرار إلى ما لا دراية
دخل في نفسه شعور آخر غامض

كان
قد اختاره ليغيره، ويصنع منه حياة جديدة
ويرى من خلاله كل ما هو أفضل

عاد
ليرى في ذاته أنه يبدأ وينمو بإحساس من حوله
لا يدرك فيه الحياة
وتمتلئ الطبيعة فيه جمالاً متغيراً ومتفاوتا
كتغيرات الريح
والذي يصنع فيه الحياة كلما جاءه من النافذة القريبة.

توائم الوجود فيه
مع ما يحيطه ويضطرب

كلما فاقت فيه أفكاره منحدره مع الماضي
الذي يهيمن عليه، بينما ضميره يؤنبه:

اذهب، اذهب بعيداً أيها العقل
دعني أهيم مع الحياة
تارة على الأرض وأخرى في السماء

أكاد أرى الجنة
وأسمع هبات الملائكة من حولي
أسمع زغاريد الحواري والجنيات
وأشتم روائحهن

الليل يغمرني بما يخفي
وهذه الفتاة تكاد تخلع ثيابها لترقص عارية
إنها جنية كما يقولون
ويبدو أنها ولدت تمشي على قدميها..

لن
أصبح جنياً مثلها، ولن أقترب منها
لم يعد هناك ما يبرر وجود شهوتي
أعلم أن كل شئ قد انتهى
لما الصراع ولم أعد أفهم شيئاً كالماضي.

أعدمت الحياة
حتى انه لم يعد الليل ليلاً
ولا الصباح صباح
عليّ أن اذهب بمصيري إلى المجهول
إلى مهالك النسيان وأتواري

أصبحت أهزم على مرأى من ذاتي
لأتقبل النهاية بهدوء ودون ألم.

على هذه الطبيعة أن تنهي هذه الحياة

أصبحت كالنبتة تقاوم، تحيا وتموت

الشهوة تتملكني
وتقوى على إرادتي

إنها أقوى من السيطرة
حتى أنها أقوى أحياناً من إيماني
عندما يذهب الإيمان بي

تشد مني روحي
وتنتزع مني وجودي وتذهب به

الفقراء لا يدركون الجمال
أبداً
وأنا أهيم فيه

حقيقة إن الشهوة تفعل الكثير عندما تتحدى بواطن الإنسان
لكن أشواقي أقوى

إنها
تخترق السماء
أرى الغيوم تعود بها
من هذه النافذة
وتتبعثر في ثنايا المكان
تخيم على الكون دفئا وينتشي الملأ الحياة
تكاد السماء تطيح بها
ويحتقن رمادها
ليكون غموضا كونيا لا إراديا

بعيدا عن الأرض
وبعيدا عن السماء
أحن إلى مطلعها كل مساء

ليتني أعيش في ظلها
بين عصفها أو رعدها
لأنتشي منها حقيقة الحياة
وأتجاوز الحنين
نحن اليوم هنا
وغدا هناك

والشرق أصبح ميتا
أرتجيه


لا يمكن
لا يمكن لأحدنا الاستمرار
وتجاوز حقيقتنا
لقد أصبحت
أفقد إحساسي بالانتماء
إنه لا يضيرني حكم الله
على قدر ما يضيرني
حكم الاغتراب

































هذا مكاني هنا
من
أرض إلى أرض
ومن
قلب إلى قلب

أرتأي العمر
قبر على قبر
بأرض غير الأرض



































هناده

علمت في ذاتها أن قلبها قد ألهمها شيء ما تتغاضى
عنه ولا تدركه
وأن الأيام تداريها مقبلة
وتخطف منها هذا القلب
في لحظة من الزمن غير واضحة أو ناضجة

وسراج مضيء يملي نوازعها ما فرغ منه
بومض ذلك المصير المنتظر
وهو يرفض ما قدر له عندما امتثل
مجهولها بقدرته

باعتبارها
أسمى منه ويدين وجودة إلى ما هو أرقى
ليتجسد في فتنتها وهي طائعة

تصغي مستعدة لامتلاكه
بلهفتها الطفولية
التي تمتلكها واحكمت عليها بعذوبتها
كأولئك الذين هاموا إلى
قدر محتوم دون أن يدركوا حقائقهم
بداية من يميلون بوجودهم ويبتعدون في حياتهم بلا وعي
ذلك الشيء الذي

يطلب الحب من أجل وجوده
الضياع الذي يؤمن من أجله الإنسان ويعيش فيه













كانت تنظر أليه
وهي تدخل من خلال عينيها أعماقه
البعيدة
بينما هو يداريها بغموض عواطفه الهاربة
التي لا تسعفه
على النظر بعيناها الشاردتان
هنا و هناك
في أنحاء جسده

رد عليها بعد صمت طويل ألم به و قال:-
إذا كان الحب هبه الله في خلقه
اذهبي به بعيدا

انه لا يتوقف عندي
أنت تتجاهلين و تتصاغرين
و لا تحملين الكبرياء بحياتك
لا أجد في نفسي ما يجعلك تذودين بهذا الكبرياء
من اجلي.

ثم حملها الحزن بعيدا
و عيناهما تتهارب عن بعضها
بينما أحاسيسهما تشتعل نارا يتمزق في أحشائهما

ردت عليه بعد أن تنهدت
هناك من يحتوي ما بذهنك
و ربما تقول انك جئتنا على هذا الحال

ابتسمت و اقتربت
منه قليلا ثم أضافت…
لقد شردك الله من اجلي على هذه الأرض وهذه الجبال البعيدة
من اجل أن يتوافق وجودنا على
هذه الحياة التي ستكون جميلة

لا اسم يحملني
و لا قدر يرحمني
من سيرضى بهذا الحال من أجلك !

سيّان ما بيننا كل شيء
العرق والأرض والوطن

كيف سيجتمع كل هذا
ألا ترين أن التوافق بيننا لعنه

إذا كان الحب لعنه
فقدرك انك حملته
و لا سبيل غير هذا و دماؤك تحترق بتجاهلي
أنت تتكلم
الأمر و تخلق الآلام لنفسك

حتى لو استسلمت لهذه الحقيقة ما الذي سيجمعنا

كما لو انك
ولدت على هذه الأرض

لكن روحي لن تتغذى بهذا
و لن يسعفني الأمر حقيقة
سوف، تخضع للأمر

الإنسان فينا يستمر طريدا إذا لم يخضع لارادة

أرجوك أيتها الصغيرة
اهربي من هذا الحب الذي يحتويك و أنا أتعذب به

انه غضب السماء على الأرض
دعك من هذا الألم و العناء

حتى انك لا تعترف بعد انه هبه من الله لإنسانه عندما يراد له أن يكون

يمكن أن نرتقي إلى ما هو ابعد
و ما هو أسمى من الحب
في الحياة إذا أوجدنا الحب كحقيقة له

لا يمكن للحب أن يرتقي بالهروب منه
أنت أسير لأحوالك ألان
و غداً يمكن أن تفضي لك الحياة ما هو افضل

لن يستمر وجود دون حب و لن يكتمل أحدنا بغيره

تذكري انه لن يكون هناك وجود لهذا الحب
طالما هي معاناتنا أسيرة لأحواله

انه يطل علينا في كل مرة أراك فيها كنور الصباح
يأسرنا بهدوء و وجود و نحلم بالحياة من جديد

لن نحمل من حبنا هذا شيء
سوف نذهب يوما مجردون من كل شئ،
و سوف يصنع الزمن من هذا الحب عالما لنفسه
و يستمر ثم يأتي من بعدنا آخرين و يصنع بهم بحجم ما صنع بنا




هكذا نحن بنوا البشر
لابد أن تعود أجسادنا إلى التراب
و لم تعد تحمل بداخلها أحزان الحب و آلامه

سيذهب مع الهواء
لا يختزنه سوى هذا الزمن
و يتفاعل به في بواطن البشر و المجتمعات
في كل مكان ليجد حقيقة لعامل كوني آخر

لن نجد له بداية و لا نهاية
سيذهب في كل مرة تائها و مقهوراً
يبحث عن هذا و ذاك
ليجد ضالة إنسانية أخرى و يحملها معه


أن هذا الحب جاءني و تسلط عليّ
قبل أن يجنح قدري بي إلى عالم آخر

لا يكتمل حب على الأرض بين حاليين
يتقارب ثم يبتعد تنتزعه أحوال بشرية
أو قدرية في كل مرة يجيء فيها قبل أن يتحدّ بخليقته


هو أسمى من اتحاده
يفر بين أقرانه كريح هاربة من قابض
حقيقة مبهمة مؤلمة
ليس يسيرا علينا نحن البشر أن نفهمها

لا يفهم هذه الحقيقة غير ملائكي
لانه حقيقة وجود لاجل عامل نقي
لا تشوبه شهوة أنساني ملوث

لا يمكن أن يتحدّ برذيلة إنسانية عارمة
و يكون نتيجة حتمية لأنانية إنساني












و انتهينا

و ذهبت هنادة

ليس إلا
وهما وغدوا وفرقا
ليس إلا موجاً هيج
و حطّمنا ، ذاك الفراق يوماً ..

كدتُ ابكيها، لكنّ قلبي أثرى
في نوازعه الجراح
و أبى ألا يطغى

كدنا نحيا بينما كيدها فينا كان
أسمى
















أنت
أيها العمر

هناك
حيث أخضبت الوجوه وافترقنا
وركعنا للعمر
نستقر
ونرتحل



حيث تبدأ النهاية
فوق قمم التلال الندية
البعيدة


عندما ولى الهوى
روح من العمر غابر
واضحى الصمت فينا كبرياء

هناك
عندما اعتلانا سبات الغيب
حيث يروينا الضباب
فوق أهرامات دانا

ويصبح السر فينا سراب
عندما انتشينا زهر الحياة
وتذوقنا رحى القبور

وحيث أعدمت الندامة الفجور

هناك
بعدما تأوهنا رياح دان
وأثرينا ترائب عفار

والنبرات الحزينة
اليتيمة
ولعنة الزمان

حيث يستيقظ القمر
ويأتلف حوله السحر
تتنفس الضمائر
حيينها

والقلوب
وتنفر الظفائر
والدروب
بعد أن يتهاوى بالنور الغضب
وتثمر بالأجساد الترب



أين نمضي
وجحيم العمر في أوصالنا يغلي
نقتفي اثر في هوى الروح
علله ينجي

هناك هل
أتى منا حبيب مناه
أو حمل رجاه
والأرض منا تنتشي
غضب الجسد

تصارعه الأقدار والأسفار
تنعاه الغربان
وتؤاسيه القردان
بين الخلائق والأوطان


هناك
نرتجي الدنيا ونجري

من ارض إلى ارض

ومن حب إلى حب
نعتلي العمر
قبر على قبر
ونهد على نهد
نبتغي الأرض

ثم نصحو
ما عاد الهوى كالهوى
ولا عادت دانا دانا





هذا هو ترابك
يجود وجوده في عذابك
وفي اغترابك

يحتويك بالحديد والنار
ويظلك بالخوف والانهزام
وصدى الرعد في طبقاته
ينتزع منك فؤادك

ويتخثر في أوهامك وأحلامك

في خطاك ومناك
يكيفك في دينك ودنياك
يخطط من اجل اندثارك
وينظم من اجل خلاصك


يسوسك
كما سيست الخيل من قبلك
من اجل هناده والهة الحياة

انه ترابك
لا حياة فيه ولا أمل


















هذا هو وجودك
تتحدى الرعاع وعبيد الأرض


عليك أن تسير بعيدا
ترسو على ثورة العمر الهائج
وثورة الحياة

لن تضيرك الأيام الراحلة ولا خسرانك الحياة

لانك خسرتها

بكبرياء
…..


















وتمضي الأرض 0000000000 خالد سليمان القرعان



#خالد_سليمان_القرعان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في توجهات السياسة الأمريكية والنظام العربي الحاكم
- رواية خطى في الظلام - الجزء الاول
- علاقة النظام العربي بالصهيونية والادارة الاميريكية


المزيد.....




- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سليمان القرعان - رواية وتمضي الارض