أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس ناجي صالح - اورانيا ... فريق الحرية















المزيد.....

اورانيا ... فريق الحرية


عباس ناجي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3029 - 2010 / 6 / 9 - 23:57
المحور: حقوق الانسان
    


اورانيا ....فريق الحرية
يزجي نسيم الصيف الهولندي، كل أربعة أعوام ، إلى الشعب كله فرحاً غامراً يدخل طافحاً بالحب إلى البيوت المزينة بلون برتقالي يحترمه الهولنديون تحت اسم ( اورانيا ) تعبيرا عن التصاق قلوب الناس عبر النوافذ الزاهية بفريق كرة القدم . تــُرى هل توجد علاقة أو ارتباط وثيق بين الوطنية الهولندية وكرة القدم ، بين الحرية وكرة القدم ..؟
أفكار عديدة لأجوبة عديدة بمستوى هذه الأسئلة يمكن أن تجد نفسها أمام قراء الصحف والمقالات الرياضية خاصة في الأيام التي يتابع فيها ملايين الناس مباريات كأس العالم .
للحقيقة يشعر المرء بالفرح الهولندي ويبتهج ، دائما ، بتذوق مشاهدة ومتابعة حرية فريق كرة القدم الهولندي متحركا داخل الساحات الأوربية والعالمية. جميع الناس يطلقون على فريقهم الوطني لقب (اورانيا) . هذا اللقب البرتقالي مأخوذ نسبه من عائلة اورانيا ناساو (العائلة الملكية والتي تنتمي إليها الملكة بياتركس ملكة هولندا). كان وليم الأول أمير اورانيا قد حكم في الفترة من 1572 إلى 1584 و قاد الثورة ضد طغيان الملك الاسباني فيليب والفا ، حيث أدهشت شجاعته الملك الاسباني ، حتى انه تساءل عمن يكون وراء الحركة من حلفاء وملوك ، فكان الجواب انه وليم الشجاع.
يرتدي الهولنديون الملابس البرتقالية في المناسبات الوطنية ،مثل يوم ميلاد الملكة، وعندما تشارك فرقهم الرياضية في البطولات وخصوصا بطولة كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم. يحبون اللون البرتقالي كحبهم للعلم الوطني ذي الألوان الثلاثة (الأحمر والأبيض والأزرق) المرفوع في كل المناسبات الوطنية على بيوتهم ، أيضاً .
اكتشفتُ طوال أيام وجودي في هولندا ، من خلال أحاسيس المواطنين الهولنديين ، مدى علاقة (اورانيا) مع (الحرية) . فقد وجدتُ أنها علاقة قوية لدرجة تدعو إلى التأمل في تصرفات لاعبي الفريق الهولندي . هذا الفريق ابتكر طريقة لعب (الكرة الشاملة) ولم يحالفه الحظ في الفوز بكأس العالم سنة 1974 وسنة 1978. وقد يسأل البعض ما الذي يدعو لاعبا هولنديا معروفا يطلقون عليه في هولندا لقب ( اللاعب الطائر ) هو يوهان كرويف ليلعب في نادي برشلونة بدلا من نادي ريال مدريد ..؟ . ما الذي يدعو الفريق الهولندي بالكامل إلى عدم مصافحة دكتاتور الأرجنتين عام 1978 بعد المباراة النهائية لكأس العالم ؟ . ما الذي يدعو الهولندي رود كوليت وهو واحد من أفضل من أنجبتهم الكرة العالمية لإهداء جائزته كأفضل لاعب في أوروبا عام (1987) إلى نلسن مانديلا المناضل الأفريقي ضد التمييز العنصري، والسجين في جزيرة روبن في ذلك الوقت ؟ .
مفهوم الحرية
قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من التعرف على زمان الحرية الهولندية ومفهومها . في هولندا تهب حدائقها ، كل لحظة في كل يوم ، زهورا جميلة لكل أنحاء العالم حيث يتزين بها ويتحلى كل طفل هولندي منذ ولادته ، كذلك فأن مفهوم الحرية يبدأ في أحلام جميع الهولنديين وفي يقظتهم منذ الطفولة ، من البيت وفي المدرسة، في الشارع وفي محطات القطار وفي الملاعب وفي كل مرافق الحياة . الحرية الهولندية تعني ، أول ما تعني ، احترام حقوق وحريات الآخرين . يتعلم الجميع هذه المبادئ حتى في حالات الاختلاف حيث القانون هو الحكم والعدل. أول فقرة في المادة السابعة من الدستور الهولندي تنص على أن : (لا يحتاج أي شخص رخصة للتعبير عن أفكاره ومشاعره وكل شخص يتحمل مسؤولية ذلك طبقا للقانون). تكثر في هولندا منظمات المجتمع المدني مثل السلام الأخضر وامنستي ومنظمات مكافحة العنصرية ، منظمات مساعدة اللاجئين ، بالإضافة إلى النقابات والأحزاب السياسية والعديد من المنظمات الإنسانية لمساعدة المرضى والشعوب الفقيرة أو الشعوب التي تتعرض إلى كوارث.
يوهان كرويف هولندي بدماء كاتالونية
في بداية موسم عام 1973 – 1974 ، بعد عشرة مواسم من النجاح المتواصل مع نادي اياكس أمستردام وصل يوهان كرويف إلى كتالونيا حيث فريقها الشهير برشلونة، النادي الذي ارتبط اسمه بالنضال ضد دكتاتورية فرانكو، حيث اغتال فرانكو، المحامي، والصحفي، والسياسي، ورئيس النادي جوسيب سونيول ، الذي ينحدر من سلالة عائلة اشتهرت بالمناضلين السياسيين الكتالونيين. كذلك قصفت الطائرات مقر النادي في عام 1936 بأطنان من القذائف.
يقول الكاتب رانكون في موقع totalBarca أن كرويف استطاع أن يكسب حب وقلوب مشجعي برشلونة عندما أشار الى أنه فضل اللعب في نادي برشلونة على نادي ريال مدريد لأنه لا يستطيع ان يلعب مع ناد ٍ ارتبط اسمه بالدكتاتور الاسباني فرانكو . احد مشجعي برشلونة قال : كرويف هولندي بدماء كتالونية. اشارة كرويف لا تحتاج إلى تعليق لأن (حب الحرية) بحد ذاته هو ثقافة متكاملة ، على الرغم من ادراك كرويف بان ريال مدريد الحالي لا يتحمل وزر ما قام به الدكتاتور فرانكو، لكن مجرد ارتباط اسم النادي بالدكتاتورية جعل كرويف اقرب الى نادي برشلونة الذي ارتبط اسمه بالحرية.
يوهان ريب : لم نمد ايدينا إلى فيديلا، فقد كان دكتاتورا ً
في عام 1978 كان الهولنديون بحاجة الى القليل من الحظ ليفوزوا بكاس العالم في الارجنتين لو ان كرة رنسبرنك التي اصطدمت بالقائم بالدقائق الاخيرة من المباراة دخلت المرمى الارجنتيني . لكن التعادل فرض اشواطاً اضافية لتنتهي المباراة لصالح الارجنتين 3-1. يرى يوهان ريب، احد اهم لاعبي المنتخب الهولندي في تلك البطولة، أن الدكتاتور والدكتاتورية لاتروق لفريق تربى على قيم الحرية "لم يكن الناس في هولندا يريدون لنا الذهاب، لكنها كانت بطولة لكأس العالم وكان علينا خوضها. وأكرر، كنا في مواجهة ديكتاتورية فيديلا. بعد أن خسرنا في النهائي لم نمد أيدينا إلى فيديلا، فقد كان ديكتاتورا، ولا يروق لنا".
الحرية تجمع بين رود كوليت ونلسون مانديلا
في عام 1987 تسأل جمهور كرة القدم الايطالية والكثير من الاوروبين :من يكون نلسن مانديلا؟ . في ذلك العام حصل اللاعب الهولندي رود كوليت، والذي كان يلعب في حينها الى نادي اي سي ميلان الايطالي، على جائزة افضل لاعب في اوربا. اهدى كوليت تلك الجائزة الى المناضل ضد التمييز العنصري ورئيس المؤتمر الوطني الافريقي في جنوب افريقيا، السجين في جزيرة روبن، نلسن مانديلا. كتبت الصحافة حينها، " لاعب كرة قدم يؤمن بمعتقدات سياسية". لكن كوليت اجاب :‘‘ كلا انه ليس عملا ًسياسياً، ما اردت ان اقولة فقط، هو الحاجة الى الحرية‘‘. رسالة كوليت سلطت الضوء على حاجة الناس الى الحرية ، وصلت الى الملايين من خلال الصحافة. لقد عبر كوليت عن ذلك باسلوب رائع عندما اختار الوقت المناسب لتضامنه مع مانديلا من اجل حريته. منذ ذلك العام تكونت علاقة خاصة بين الايقونتين، رود كوليت ونلسن مانديلا . التقى كوليت مانديلا بعد اطلاق سراحه، المناضل الافريقي لم ينس القلائل الذين وقفوا الى جانبه وهو في السجن.‘‘ رود، لدي الكثير من الاصدقاء الان . عندما كنتُ في السجن كنتَ أنتَ واحدا ً من القلائل.‘‘
تأثر كوليت بأغاني (الرياكا) في شبابه، تلك الاغاني التي تتحدث عن ضحايا التمييز العنصري وعن مانديلا وستيف بيكو ،حيث كان ستيف بيكو، الذي اغتالته الشرطة العنصرية في احد مراكز الشرطة، واحدا ً زعماء الطلبة النشطاء في مناهضة سياسة التمييز العنصري في جنوب افريقيا. استخدم المؤتمر الوطني الافريقي صورستيف بيكو خلال الحملات الانتخابية في اول انتخابات غير عنصرية في جنوب افريقيا عام 1994 . كان كوليت معجباً بمانديلا وبيكو ‘‘ لقد ترعرعت في بداية الثمانينات في أمستردام ، اغني اغاني الريكا (Reggae songs) عن مانديلا وستيف بيكو‘‘. بعد عشرة اعوام حصل رود كوليت على جائزة الدولة في جنوب افريقيا، لما قام به من عمل رائع ضد نظام الفصل العنصري، من الرئيس نلسن مانديلا.
عندما زار كوليت جزيرة روبن التي اعتقل فيها مانديلا ، التقى بثلاثة من رفاق مانديلا الذين لم يستطيعوا تصديق مافعل . كانوا، في ظل سياسة التمييز العنصري، يعتقدون أن الظلم شيئ طبيعي في الحياة بينما كان كوليت يرى ان الحرية والعدالة والمساواة هي الاشياء الطبيعية. ‘‘ تذكروا اهدائي الجائزة الى مانديلا عام 1987. قالوا: لم نستطع حينها تصديق ما فعلت، بل كانوا متأكدين ان سلطات اتحاد كرة القدم سوف تسحب الجائزة مني. هذا ما فعله بهم نظام التمييز العنصري، لقد جعلهم يعتقدون أن الظلم شيئ طبيعي في الحياة.‘‘
لقد وضع كوليت بعمله بلسما ًعلى جراح الروح لضحايا التمييز العنصري ، كما يرى ذلك جوردن براون احد منظمي بطولة كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا (في الأيام الحالكة الظلمة من تاريخ وجودنا ، كان رود كوليت الضوء الذي نستنير به. فهذا اللاعب وضع طبقة رقيقة من المرهم على جراح الروح لضحايا التمييز العنصري).
شارك كوليت نجوم الكرة والقادة السياسين في مشروع هدف واحد ( ONE GOAL) لتعليم 75 مليون طفلا ً محروما من الدراسة للوصول الى المدارس بحلول عام 2015. كان هدفهه رفع مستوى الوعي بهذه المشاكل. ‘‘اذا وجدت مشكلة تحتاج الى لفت الانتباه ، فمن أكثر الوسائل شعبية في العالم، هو الاستنجاد بكرة القدم التي يمكنها ان تكون المحفز لحل المشكلة. لاعبو كرة القدم قد لا يستطيعون حل المشاكل بأنفسهم، ولكننا على الاقل يمكننا ان نرفع من مستوى الوعي بهذه المشاكل‘‘. يدرك كوليت تماما معني الوعي بالمشاكل التي تواجه العالم، ويدرك تماما ان التعليم هو الأساس في حصول الناس على حرياتهم وحقوقهم. ان الحاجة الى العيش المشترك، واحترام بعضنا الآخر حتى لو كان الاخر خصما ً، هو شرط أساسي من شروط الإيمان بمبادئ الحرية التي يكون التعليم ركيزتها الأساسية. "اذا لم تحظ بأي قدر من التعليم فستعاني في حياتك الاجتماعية. نحتاج إلى ان نفهم كيف نعيش مع بعض، وان نحترم بعضنا الاخر حتى ولو كنا نكره بعضنا. وكلما تعلمنا نتفهم ذلك بشكل أفضل".
تبقى الفرق الهولندية مثار إعجاب العديد من المهتمين بشؤون الرياضة وخصوصاً عشاق كرة القدم، سواء على مستوى اللعب او على مستوى الايمان بمبادئ الحرية والعدالة والمساواة. تبدو هذه من البديهيات بالنسبة للشعب الهولندي .



#عباس_ناجي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرايين المفتوحة


المزيد.....




- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...
- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...
- ألمانيا تستأنف العمل مع -الأونروا- في غزة
- -سابقة خطيرة-...ما هي الخطة البريطانية لترحيل المهاجرين غير ...
- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس ناجي صالح - اورانيا ... فريق الحرية