أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دانيال روبن - نحو الاشتراكية! كيف؟















المزيد.....


نحو الاشتراكية! كيف؟


دانيال روبن

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 08:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كيف نمضي من حيث نحن الى الاشتراكية؟ سؤال ليس بالسهل وهناك اكثر من استشراف واحد متناقض في اليسار وحتى في حزبنا وحوله. وهناك الكثير في النظرية والميثودولوجيا "علم المنهج" الماركسية للمساعدة في اعطائنا استشرافاً عاماً، بينما السبيل الحقيقي للتطور والنضال سيتطلب اجوبة محددة وواقعية.
ان تحليل لينين للماركسية يشير الى انها تتألف من ثلاثة اوجه يتوقف بعضها على بعض - فلسفتها بشأن المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، واقتصادها السياسي المتعلق بالنظام الرأسمالي ، ونظريتها في الثورة الاشتراكية. الوجه او المظهر الاول يقدم كلا ميثودولوجيتها وقوانينها ونظريتها في التطور الاجتماعي . والثاني يركز على علاقات الناس مع بعضهم البعض في عملية الانتاج والقوانين والنظرية المتعلقة بتطور شكل وطريقة الانتاج. ان لب نظرية الثورة الاشتراكية هو النظرية الماركسية في الاستراتيجية والتكتيكات. فالاستراتيجية تتعامل مع التحولات النوعية في ميزان القوى الذي من الضروري البحث عنه والقوى الطبقية والاجتماعية والميول والنزعات السياسية والحركات الاجتماعية التي يمكن الظفر بها من اجل ذلك التحول النوعي، والمعادي أو المواجه الرئيس فيما يتعلق بذلك التحول. اما التكتيكات فتتعامل مع قضايا ومطالب وأشكال النضال وصيغ التنظيم لتحقيق تجمع وتحالف القوى الطبقية والاجتماعية، في المقام الأول، الضروريين للظفر بالهدف الاستراتيجي أو التحول النوعي في ميزان القوى. ويجب ان تخدم التكتيكات هدف فهم وإدراك الاستراتيجية.
ان مجمل كتابات ماركس وانجلز ولينين تتعامل مع تقدم وتعزيز النضال من اجل التقدم والاشتراكية وتركز على تعريف وتوضيح ما الذي يشكل تحولا نوعيا في علاقة القوى الطبقية والاجتماعية التي تتحرك نحو الأمام، وبعد ذلك تعريف وتحديد القوى الطبقية والاجتماعية التي تؤيد تلك الاهداف والقوى التي تعارضها. وبدءا في المنافست الشيوعي، طالب ماركس وانجلز حركة الطبقة العاملة الالمانية المتنامية بالتحالف مع الحزب الديمقراطي الالماني . وكان هذا الحزب هو حزب الطبقة الرأسمالية الالمانية الصاعدة ، وذلك من اجل استبدال الاقطاعية. وقد رأينا من قبل مفهوم تحالف الطبقة العاملة مع حليف مؤقت من المؤكد انه سيصبح فيما بعد الخصم الرئيس لها. وهذه هي نفس الفكرة التي يعرضها لينين في شيوعية الجناح اليساري للتحالفات بصرف النظر عن كم هي مؤقتة او جزئية مع القوى الطبقية والاجتماعية الاخرى . وبداية من عام 1897 ، بدأ لينين البالغ من العمر في ذلك الحين 27 عاما بتحديد مرحلة استراتيجية تسبق مرحلة الثورة الاشتراكية البروليتارية ، وهي المرحلة الديمقراطية للنضال ضد الحكم القيصري الاستبدادي . استراتيجية المرحلتين هذه هي ماعرضه لينين في عمله الشهير حول الاستراتيجية والتكتيكات ، تكتيكا الثورة الاجتماعية الروسية . وقد حدد التحالف الطبقي الساعي للمرحلة الديمقراطية ، والتحالف الطبقي الساعي للمرحلة الاشتراكية البروليتارية .
وفي عام 1935 ، وافقت الحركة الشيوعية العالمية في المؤتمر العالمي السابع الذي ضم الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة الامريكية ، على ان هناك مرحلة ضرورية تسبق الثورة الاشتراكية وكانت تلك المرحلة هي مرحلة دحر الفاشية العالمية والتهديد الذي تشكله لمختلف انحاء العالم بما في ذلك داخل الولايات المتحدة ، وهذا يتطلب جبهة متحدة للطبقة العاملة على اساس النضال المعادي للفاشية وجبهة شعبية لكل القوى الطبقية والاجتماعية الاخرى مع الطبقة العاملة ، بما في ذلك الشريحة الديمقراطية في الطبقة الرأسمالية ، لدحر الشريحة الفاشية في الطبقة الرأسمالية وفتح الطريق لمزيد من التقدم .
وما بين عامي 1952 و1954 قرر الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة في برنامجه الاساسي الجديد في ذلك الوقت ان هناك مرحلة استراتيجية ضرورية محددة بأنها تكبح بشكل اساسي قوة الاحتكارات وضرورية لفتح الطريق لسلطة الطبقة العاملة السياسية وبناء الاشتراكية .
وفي عام 1980، وعلى اساس المبادرة التي قدمها غس هول ، لفت الحزب النظر الى التفريق والتمييز في مراتب ودرجات رأسماليي الاحتكار بين قطاع اليمين المتطرف والقطاع الأكثر اعتدالاً. وسلط الضوء على بناء جبهة كل الشعب لدحر اليمين المتطرف. وقد تطور هذا الموقف اكثر على مدى السنين ومن ثم قنن ونظم في البرنامج الأساسي الذي اقر 2005 في المؤتمر الثامن والعشرين للحزب. وقد تضمن هذا المفهوم الذي يظهر بأننا بذلنا جهوداً جادة لبناء تحالف قوى طبقية بقيادة الطبقة العاملة والحركة العمالية والذي كان فيه حلفاء مركزيين للطبقة العاملة من المضطهدين عرقياً وقومياً، والنساء والشباب، متحالفين مع قوى اضافية مثل كبار السن ومزارعي الأسر وأصحاب الأعمال الصغيرة والمهنيين والمثقفين وذوي المهن الحرة وحتى الأكثر اعتدالاً ومعقولية من قطاع الرأسمال الاحتكاري لدحر الرجعية (اليمين المتطرف) بقيادة قطاع رأس المال الاحتكاري المتمركز في المجمع الصناعي - العسكري وشركات الصناعة الدوائية وقسم من رأس المال المالي... الخ.
وهكذا استنتجنا بأنه سيكون هناك حاجة لثلاث مراحل من النضال للاشتراكية وهي : (1) مرحلة دحر اليمين المتطرف. (2) الكبح الراديكالي لقوة وسلطة الاحتكار ككل. (3) مرحلة التحرك نحو السلطة السياسية والظفر بها بقيادة الطبقة العاملة بالتحالف مع القوى المركزية الأخرى والحلفاء الآخرين من اجل بناء المجتمع الاشتراكي. والنصر في كل مرحلة من هذه المراحل سيغير علاقة القوى لما فيه خير مصالح الطبقة العاملة والقوى المركزية الأخرى وسيجعلها فعلياً اسهل في الانتقال الى المرحلة التالية. ان مرحلة دحر اليمين المتطرف لم تكن خلقاً اعتباطياً لرغبات شخصية وغير موضوعية. وقد عكست تغييرات ايجابية وموضوعية في التطور الأبعد لرأسمالية احتكار الدولة كنتيجة لتدويل الحياة الاقتصادية وهيمنة الاحتكارات عابرة الحدود (العولمة) ورأس المال المالي الاحتكاري للولايات المتحدة والنظام الرأسمالي العالمي، والذي ادى الى تطور اتجاهات ونزعات سياسية مختلفة بين قطاعات رأس المال الاحتكاري، والتي لها تأثير قوي وأساسي على القطاعات غير الاحتكارية للسكان.
وفي عام 1952 وعندما عرضت فكرة التحالف المعادي للاحتكار، كمرحلة تسبق سلطة الطبقة العاملة والبناء الاشتراكي، كان هناك من قال ان هذه الفكرة ستبطىء وتعيق بدل ان تسرع النضال من اجل الاشتراكية. فلماذا القلق والإنزعاج لأي شيء يسبق بلوغ الاشتراكية؟ وكان مؤيدوها يدعون بالتعديليين والديمقراطيين الاجتماعيين بسبب ابطاء النضال لبلوغ الاشتراكية. حتى ان البعض قال بأن النضال لبلوغ الاشتراكية كان ببساطة موضوع كفاح الطبقة العاملة ضد الطبقة الرأسمالية ليس الا أو كان انحرافاً فعلياً. ولكن السلوك التفكيري هذا والقائم على الاستنتاج من الوقائع كان بالفعل ابتعاداً عن ماركس وانجلز ولينين.
لقد كان هذا السلوك مستنداً على مفاهيم عديدة خاطئة. احدها كان موقفاً سلبياً من النضال من اجل اصلاحات اذا ما تم بلوغها يمكن والى حد ما ولفترة من الوقت ان تحسن حياة الشغيلة. وقد اعتبر هذا "اصلاحاً" والذي سيعطي بالضرورة صعوداً للأوهام المضللة في اوساط جماهير الطبقة العاملة ويعوق تطور "الوعي الثوري". وما كان ملحاً وضرورياً حينها كشف كل آثام النظام الرأسمالي والسياسيين والشخصيات العامة والمنظمات الذين ايدوا هذا النهج. والمنطق الذي يدعم هذا يقوم على ان هذه المعارك شنت لكي "تفضح وتكشف" النظام الرأسمالي، وليس الظفر بأي شيء. والتعبير الموجز "الأسوأ هو الأفضل" الذي قاله تشيرنيشفسكي في القرن الثامن عشر ويقصد بأنه كلما ساءت الظروف الاجتماعية بالنسبة للفقراء تصبح الظروف اكثر ملاءمة للثورة، هذا التعبير هو افضل ما يخدم هذا الفضح للنظام الرأسمالي، وما هو ملح وضروري اتقانه وفهمه هو الدعاية والإثارة الأكثر قدرة على الاقناع وأساليب تقديمها لعدد دائم الزيادة والنمو من الناس. ومعرفة أو تعلم كيفية المهارة والبراعة في بناء المناقشات ضد الرأسمالية، وفي ادارة الجهود الهادفة لفضحها وكشفها وفي ايصال الرسالة بالأسلوب الأكثر جاذبية وإثارة، هذا ما كان العمل الكلي للثوريين. وكانت الدعاية والإثارة لب وأساس الطريق الثوري للظفر بالاشتراكية.
الا ان لينين حاول عدة مرات ان يبرهن بأن الدعاية والإثارة كانتا ضروريتان ولكن لوحدهما لا يمكن على الاطلاق ان يظفرا بالاشتراكية. وقال بأن الملايين تعلموا من خلال تجاربهم وخبراتهم الخاصة في النضال الذي تطلب مستوى عمل جماهيري استند على ما كانت الجماهير مستعدة حينها ان تباشر به. وهذا يعني ان النضال من اجل الإصلاحات، ليس مهماً مدى تواضعه، كان ضرورياً للتمكن من جذب الملايين للمشاركة في التجربة التي احتاجوها في النضال, ومن اجل تعزيز وعيهم ونشاطهم. وكان الطريق للثورة مستحيلاً الا من خلال النضال من اجل الاصلاحات. وكان النضال من اجل الاصلاحات والنضال من اجل "الاصلاحية" امران مختلفان. فالإصلاحيون يرون ان الاصلاحات تكمل كل ما هو ضروري، وانها تشبع كلياً حاجات الطبقة العاملة، وهكذا تصل بالنضال الى نهايته من خلالها. وقد اشار لينين الى ان الطبقة العاملة احتاجت الى انتصارات، جنباً الى جنب مع الإحباطات المحتومة للنضال كي تتعلم وتعرف مدى قوتها الخاصة، وكي تطور وعياً طبقياً كاملاً. وكانت الإثارة هامة عندما تدمج وتتحد مع المستوى الحالي للنضال للإستعداد لإستخلاص الدروس الضرورية للإنتقال الى مستويات اكثر تقدماً من النضال. والغرض من عرض الأهداف والمراحل الاستراتيجية المتوسطة يبدو لي ان يصبح بالإمكان اشتراك الملايين في النضال في المستوى الذي تم تحضيرهم للعمل فيه. وبعملهم هذا يحققون نصراً يمكن ان يغير ميزان القوى الطبقية والاجتماعية ويجعل من الممكن للملايين ان تناضل من اجل التغيير النوعي الممكن التالي في علاقة القوى، وكل منها ينقل النضال قدماً نحو الاشتراكية ويجعل التقدم اسهل وأكثر تأكيداً بسبب التغيرات السابقة في علاقة القوى التي تحققت في المراحل السابقة. وهكذا فإن تحديد وتوضيح الأهداف الاسترايجية المتوسطة والنضال من اجل هذه الاصلاحات هو الطريق الممكن الوحيد للإشتراكية. وسياسة لا كفاح من اجل الإصلاحات، ولا اهداف استراتيجية متوسطة، هي معادلة أو بمثابة سياسة الدعاية والإثارة والأسوأ هو الأفضل فقط. وهذه المسالك تظهر لجماهير الشغيلة ما هي اهداف الواحد منهم الحقيقية، وفيما اذا كانوا حقيقة على جانب الشغيلة.
لقد بين لينين أن الدعاية هي جوهرية للاهداف النهائية للاشتراكية, رابطا اياها بالمستوى الحالي لنضال الجماهير , ولكن دون توقع ان تصبح قضية الملايين حتى الآن, ولكن بالأحرى شيئاً ما يجب ان يؤخذ بجدية في الاعتبار من قبل الاكثر تقدما وبذلك ان تكون مهتمة لبناء تنظيمات القوى المتقدمة , والحزب الشيوعي ....الخ.
وهكذا فانها مهمة ولكنها لوحدها لن تظفر بالاشتراكية او تكون الاساس لدخول الجماهير وتعلمهم من تجاربهم الخاصة في النضال. بمعنى آخر, في الوقت الحاضر عندما تكون الملايين غير مستعدة او راغبة في ان تتبع قيادة الشيوعيين , وحتى عندما ينشر الحزب مادة بشكل واسع وهي تبحث فقط في قضايا النضال الحالية ولا تناقش الاشتراكية , انها لا تزال دعاية في علاقتها بالجماهير ولذلك , بينما هي جزء مهم من عمل الحزب الشيوعي , فانها ليست المظهر المركزي للمشاركة بين المنظمات الجماهرية والجماهير في القضايا التي هم على استعداد حاليا للتحرك نحوها وادراك ان الوعي سيعبر من خلال مراحل تتوافق مع مراحل النضال الاستراتيجية التي اوجزها الحزب . ان الحزب بالطبع يريد ان يزيد من رؤيته ودعايته واثارته الخاصة ولكن وحتى ما هو اكثر أهمية أن يزيد من مشاركته وارتباطه مع الجماهير في النضال من خلال اشكال النضال والتنظيم وعلى القضايا والمطالب التي يؤيدونها حاليا , في مثل هكذا مشاركة , فإن الدور المركزي للحزب يتمثل في بناء الوحدة على ذلك المستوى , والمساعدة في دحر كل الجهود الهادفة لتحطيم هذه الوحدة كما في قضية التمييز العنصري , والمساعدة في تفعيل الجماهير العريضة , والمساعدة في تحضير الأرضية للمستوى التالي من الفعل الجماهيري.
اولئك الذين لا يرون الضرورة والحاجة والإمكانية للأهداف والنضالات الاستراتيجية المتوسطة يميلون
إلى حصر أنفسهم بالدعاية والإثارة والتي هي طريق مثقفين من الطبقة الوسطى يمضون كل وقتهم في إتقان رسائلهم المكتوبة والشفهية في صيغها العديدة ويحاولون ان " يثوروا" ويغروا قطاعا صغيرا من الناس وجعلهم تحت "سيطرتهم" , ومواصلة اضافة اخرين لهذه المجموعة , على طول الطريق للاشتراكية. ولكن هكذا سيطرة لا تستمر حيث ان انعزالهم بعيدا عن النضال الجماهيري يصبح واضحاً للناس الذين اغروهم مؤقتا .
ان لينين لم يضع فقط مسألة الحلفاء المؤقتين والجزئيين , ولكن ايضا الحلفاء الاساسيين الذين يثبتون طويلا على موقفهم بالنسبة للطبقة العاملة . في كتابه "تكتيكان" يرى لينين الفلاحين الفقراء والتوسطي الحال كحلفاء للطبقة العاملة في المرحلة الاولى والديمقراطية للثورة الروسية , والفلاحين الفقراء الحلفاء للطبقة العاملة في المرحلة البروليتارية للثورة من اجل الاشتراكية . وفي عام 1922 وخلال المؤتمر الثاني لشعوب الشرق نقح لينين الكلمات الختامية للمنافست الشيوعي لتقرأ "يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة اتحدوا". وقد رفض دائما كتحريف لماركس فكرة "الطبقة العاملة" وحدها ضد "الطبقة الرأسمالية" . ان مرحلة النضال تحدد امكانية التحالفات بالنسبة للطبقة العاملة وهل هي مؤقتة ام تدوم طويلا .
وفي برنامجنا الاساسي حذرنا بان التحول من مرحلة الى اخرى لن يكون عملية بسيطة ومرتبة , ففي احد الايام قد نكون في المرحلة الاولى وفي اليوم التالي قد نكون في المرحلة الثانية...الخ. وسيكون التغيير النوعي من مرحلة معاداة اليمين المتطرف الى مرحلة معاداة الاحتكار عملية معقدة فيها انتصارات وخسائر وحتى في حين ان التغيير بشكل كلي تحرك قدما وكان معززا وموحدا . والان يمكن ان نضيف ، انها عملية قابلة لان تقلب او تعكس بسهولة اكثر من العودة عن الاشتراكية والاحتفاظ بالنظام الرأسمالي. وهكذا فان عملية الانتقال من الهيمنة الكاملة لليمين المتطرف الى الهيمنة الكاملة للقوى المعادية للاحتكار كانت وما زالت الاسلوب الوحيد الذي يمكن ان يحدث. ونحن نعرف ايضا ان النصر الانتخابي لادارة اوباما التي حلت محل هيمنة اليمين المتطرف امكن تحقيقه من خلال تحالف القوى الطبقية والاجتماعية والميول السياسية التي كانت متناقضة داخليا وكانت ملزمة ادبيا بمواقف مختلفة عمليا حول كل قضية ذات اهمية. وقد تألف التحالف الفائز من العمال والامريكيين الافارقة والمكسيكيين واللاتينيين والاسيويين والامريكيين اصلا والناس المضطهدين الاخرين، والنساء والشباب وغيرهم، بما فيهم القطاع الاكثر معقولية ومرونة من الاحتكار. وفيما يتعلق بالميول والاتجاهات السياسية ففيها مجموعة مهمة من التقدميين الذين هم بشكل عام من المعادين للاحتكار كله، وحتى مجموعات اكبر من المعتدلين الذين هم لم يكونوا معادين للاحتكار ولكنهم فقط معادين لليمين المتطرف. ولم يكن هؤلاء فقط رأسماليي الاحتكار الاكثر اعتدالا انفسهم، ولكن الكثير من الجماهير شايعوا اولئك الذين ايدوا هيلاري كلينتون.
هذا التحالف الذي يلعب فيه رئيسنا الافريقي الامريكي الاول الدور القيادي كان ضروريا لدحر اليمين المتطرف عام 2008 ويظل ضروريا من اجل دحر الهجوم المضاد الحاد من قبل اليمين المتطرف الذي نعاني منه، ومن اجل اكمال نصر حاسم عليه، وقد انعكس هذا التحالف في الاغلبية الكافية في مجلس الشيوخ الى جانب الكونغرس لتمرير التشريع الذي يدفع الى الامام ولازاحة اليمين المتطرف من معاقل السلطة والنفوذ مثل المحكمة العليا. وفي الوقت الذي يبدو فيه هذا التحالف متماسكا ككل فانه يحتاج العمال والمضطهدين عرقيا والقوى الاساسية الأخرى للعب دور كبير ومتزايد من اجل الاتجاه التقدمي لكسب القوة، بدون دفع المعتدلين وجعلهم يقفون الى جانب اليمين المتطرف. ويجب ان لا يغيب عنا انه سيكون هناك بعض التغيير في القوى حسب القضية وحسب المصالح الخاصة المتأثرة، وعليه فانه وفي اللحظات التي تجابه فيها مصالح قطاعات الاحتكار المعتدلة فانهم سيتحولون نحو اليمين.
الصعوبة تبدو في كيفية الحفاظ على هكذا سلسلة من القوى معا، بينما تواجه بازدياد حاجات القوى المركزية حيال قضايا مثل الوظائف والاسكان وعدم دفع "المستقلين" المعتدلين على نحو غير ضروري لا حضان اليمين المتطرف. وكيف يمكن تقديم الاتجاه التقدمي اكثر فاكثر مع المزيد من المطالب والقضايا العامة لمعاداة الاحتكار دون دفع القطاعات المعتدلة الى احضان اليمين المتطرف. جواب واحد على هذا وهو بالنسبة للتقدميين ان يؤيدوا ويدعموا الاقتراحات الخاصة بمزيد من العون والتساهل للمؤسسات والاعمال الصغيرة والشرائح المتوسطة الاخرى مقابل تأييدهم لمطالب العمال المضطهدين قوميا الرئيسة.
ومهما كانت الانتقادات التي قد تكون لدى الشخص لادارة اوباما الا انه من الواضح ان اتجاه ادارة بوش للبلاد تغير بشكل جوهري وتحول الى الاتجاه المضاد. وقد يقول واحد من الناس، ان التغيير ليس بالسرعة الكافية وليس معه بدائل كافية متقدمة، وفي حالات قلة مثل افغانستان، ليست بالمرة كما نوقشت، وحقيقة ان اوباما نفسه ليس مع الاشتراكية ولا يعارض مصالح الإحتكار في كل القضايا او الى اخر مدى، وكان متوقعا ان التعيينات سيتم توزيعها بشكل جيد ما بين التقدميين والمعتدلين. وان المعتدلين سيتولون امر الاقتصاد، وعلى اساس انهم شخصيات خبيرة ولديهم المعرفة وموضع الاحترام، وكانت الحاجة اليهم ماسة اخذين في الاعتبار الازمة ونفس الشيء في السياسة الخارجية والدفاعية والادارة. ورئيس الاركان رام ايمانويل من هذه الجماعة.
ولا توجد هناك تقريبا اية قضية يتوافق فيها اوباما مع كامل مطالب التقدميين او اداها بالاسلوب الذي تمناه التقدمييون. وهذا يجب ان يكون متوقعا ايضا آخذين في الاعتبار صفة التحالف الذي يواجه اليمين المتطرف. ثم، كيف نحكم على القرارات او المبادرات المتخذة وكيف نضمن ان التحالف ككل يتقدم الى الامام بدلا من التوقف عن الحركة او حتى التراجع ؟ وكيف يمكن للتحالف ان يتعزز ويقوى ويتقدم بثبات كنتيجة لمعالجة داخلية للاختلافات حول القضايا والتكتيكات ضمن اطار وحدة متماسكة؟
الامر الاول هو ضرورة ادراك من هو العدو وقوة وخطر هذا العدو. من الواضح ان ذلك العدو هو اليمين المتطرف الخاضع لهيمنة ذلك القطاع من الاحتكار ورأس المال المالي والذي لديه موارد كبيرة ولا يزال يمتلك مراكز قوية في الحكومة، واجهزة الاعلام والكثير من مظاهر المجتمع في الولايات المتحدة. ولديه الحزب الجمهوري واغلب دوائره الداخلية، بما في ذلك ما تسمى بجماعات التيباغز اليمينية المتطرفة التي تدعي تمثيل الشعب والجماعات العنصرية والمتعصبة الاخرى. وتركيزه هو على شخص الرئيس اوباما ولكنه يستخدم سلسلة من المواقف الغوغائية ضد "الحكومة الكبيرة"، و"انفاق العجز" ومن اجل المنافسة غير المقيدة ...الخ. وهذه التصرفات فيها نبرات من العنصرية ايضا. وهذه هي البدائل الحقيقة لادارة اوباما والاغلبية النيابية الحالية لانتخابات 2010 و2012 . لذلك، على كل شخص في اليسار ان لا ينطلق على هواه في مهاجمة الرئيس اوباما وادارته بدون ان يأخذ ما سبق في حسبانه .
ان التقدميين يشتملون على قطاع اليسار مع مكونات اشتراكية وشيوعية. اننا يجب ان لا نحكم على الامور من خلال ما هو ضروري لاصلاح ومعالجة مشكلة اجتماعية بشكل تام. والحقيقة انه في حالات كثيرة حتى الاشتراكية لا تحل بشكل تام كل مشكلة على الفور. وعليه فان الفشل في اقتراح او الكفاح من اجل "ما هو ضروري" لا يمكن ان يكون هو المعيار الوحيد للحكم على الامور. ويجب اعطاء مجال لمعرفة الوضع الواقعي في الكونغرس الذي قد لا تمتلكه القوى التقدمية، فيما يتعلق بالسبب الذي يدفع اعضاء معينين في مجلس النواب والشيوخ لأخذ المواقف التي يتخذونها والى اي مدى سيستجيبون لضغط الجماهير وللي الاذرع من خلال رفض السماحة النيابية ...الخ.
القضية الحاسمة تتمثل في بناء وتطوير النشاط والفعالية الجماهيرية، والحركات الجماهيرية، والاداء والتأثير الجماهيري الى مستويات اعلى واعلى وفي القيام بهذا لمواجهة التثبيط والوهن في العزيمة وفقدان الثقة والاختلافات ضمن التحالف يمكن ويجب ولا بد من ظهورها او التعبير عنها، وسيكون هناك تجاذبات مختلفة ولكن على الجميع ان يكونوا مدركين لأهمية عدم مساعدة العدو وللحاجة للحفاظ على التحالف متماسك بما في ذلك مع ادارة اوباما، وإلا فإن الاختلافات الداخلية تنتهي الى لا شيء وهذا يشكل اطار لكيفية التعبيرعن الإختلافات. وسيأخذ الجناح اليميني ووسائل الاعلام كل اختلاف ويحاولون تضخيمه وإظهاره كقطع للصلة بالتحالف وخاصة بالرئيس. وفي اي شكل من اشكال التحالف، سواء تحالف الجوار او على مستوى المدينة او المستوى القومي، فان الاختلافات هي امر محتوم ولا يمكن تحنبه ونفس القواعد الاساسية تطبق للتعامل معها او معالجتها اذا ما كان الانسان يقدر وجود التحالف ويرى الاخرين كعدو رئيس. ولا يمكن ان يكون اساس التحالف الموقف الاقصى لاغلب قوى اليسار. وسيكون مختلفا من قضية لاخرى ولكن لا يمكن ان يكون متقدماً جداً عن المعتدلين او متخلفا جدا عن المعتدلين، لكي يمكن الخفاظ على تماسك التحالف والتقدم الى الامام.
انه ومن خلال هذا الاسلوب فقط يمكننا ان ندحر الهجوم المضاد لليمين المتطرف، وان نكمل دحر اليمين المتطرف (انهم لن يندحروا كلية اثناء النظام الرأسمالي) وان نكمل الانتقال بالكامل الى المرحلة المعادية للاحتكار الكلي من النضال. وبسبب وجه نظره وشخصيته الماركسيتين، كحزب شيوعي، فاننا ملزمون بترسيخ هذه المراحل الاستراتيجية، واستراتيجية لفترة الانتقال هذه، وتكتيكات لاكمالها، بطريقة يقتدى بها بالنسبة لكل القوى الديمقراطية الاخرى. وكلما كان الحزب اكبر واقوى كلما كان قادرا اكثر على الاسهام في تأكيد وتوطيد هذا التوجه من التطور، والذي يمثل الطريق الممكن الوحيد للاشتراكية.
تعريب: هاني مشتاق
عن مجلة : البوليتيكال افيرز
المجلة النظرية للحزب الشيوعي في الولايات المتحدة



#دانيال_روبن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دانيال روبن - نحو الاشتراكية! كيف؟