أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء قنديل - صاروخان وفنه المشاغب















المزيد.....

صاروخان وفنه المشاغب


دعاء قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 18:31
المحور: الادب والفن
    


احتفي مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية بأحد أهم الرواد في فن الكاريكاتير المصري وهو الفنان الساخر صاحب أشهر ريشه طويلة اللسان على صعيد المحترف الصحفي والتشكيلي ألكسندر صاروخان.
وهو فنان أرميني ولد في مدينة (ارداتوش) بالقوقاز في أقصي شمال شرق تركيا عام 1898م وقد تابع دراسته في إستانبول ثم انتقل إلى فيينا لدراسة الرسم بمعهد للفنون الجرافيكية عام 1922م ثم انتقل إلي الإسكندرية عام 1924م ومنها إلي القاهرة ومنذ ذلك الوقت استقر بشكل نهائي في مصر ثم منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجنسية المصرية عام 1955م
عاش صاروخان حالة احتجاج وثورة مستمرة على واقع عاصره ولم يرض عنه في وطنه الذي اختاره، نتجت عن مخاض المناخ السياسي والاجتماعي في مصر طوال خمسة عقود من حياته ترجمها بريشته على أوراق الصحف بداية بروزاليوسف ومرورا بآخر ساعة و أخبار اليوم ثم الأخبار فقد كان صاحب الشذرة الأولى لفن الكاريكاتير المصري الذي أثراه بموروث غزير من الأعمال والإبداعات التي تكمن عظمتها في كونها نابعة من قلب هذا الشعب وهزله وجده وإن اكتساب أعماله لهذه المكانة ليس لدعائية عناصرها وإنما من القيمة الفنية التي تحملها في طياتها ، حيث أنه لم يسع مطلقا لافتعال الموقف الكاريكاتيري بقدر سعيه لاستخراجه والبحث عنه واستخلاصه من أعماق الشعب الساخر دائما.
كان صاروخان دائم التورط في الدفاع عن فلسفته وعن حق الإنسان في الحياة ، فبعينه الواعية والمثقلة بالثقافة المتتبعة لحركة الإنسان المصري عبر عقود حياته المفعمة بالأحداث أنتج أعمالا ساهمت في بناء المجتمع الجديد بطريقته الخاصة في التناول وبعناصره المحملة بدلالات غاية في الخصوصية والوضوح ، فقد كان مؤمنا بأن فن الكاريكاتير لم يوجد في الحياة إلا للنقد وليس للترفيه ولذلك كانت سهامه الإبداعية الحية مصوبة دوما محو السياسيين، وسلاحه الساخر المشهر في وجه الفساد كان بمثابة قذيفة مدوية تفضح الممارسات اللا إنسانيه هنا وهناك ، فبرسومه الساخرة والساخطة كان يشير إلي جروح الوطن ويفتحها لينظفها دون قطره دم واحده !!!
ومن هنا امتازت أعماله بقدرة فائقة علي نقد عيوب المجتمع وكشف ما فيه من عطن فهو لا يعرف التخاذل ولا الاستكانة وذلك تأكيد لمقولة الكاتب "أرنيست فيشر" (يجب أن يسلم الفنان بأنه لا يعمل في فراغ ، وأنه في آخر الأمر ملتزم بالمجتمع فليست وظيفة الفنان أن يدخل الأبواب المفتوحة بل أن يفتح الأبواب المغلقة ) .
وبالمتـأمل في أعمال ألكسندر صاروخان الموجودة بالمعرض نجده فيها لا يطلق أفكاره للعالم بل يأسر العالم كله في لوحته ونجدنا إزاء خط فني متماسك فيه عمق ، ويسير في اتجاه محدد لا يتيه في دروب فرعية قد تشتته ، ولو تناولنا عنصر الفراغ في لوحاته نجده ذا نصيب ضئيل جدا فقد كان لا يتنازل عن التفاصيل الصغيرة والدقيقة للموضوع داخل محتوي التشكيل ويتناولها بما يخدم رؤيته الفنية دون مبالغه في تناسق بديع ، يرمي بذالك لبلوغ الوئام التام مع الحالات والأحداث الخارجية بدرجة كبيرة ليحمل من خلالها حيوية الإبداع التلقائي والتواشج القوي بين المرجعية والثقافة والمعايشة التي امتلكها هذا الفنان العملاق .
ونجد أيضا أن لوحاته المعروضة تحمل رسالة كان يبثها صاروخان لمتذوقي فنه عبر سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معاَ ويتيح لهم من خلاله مشاركته حلمه في فتح آفاق جديدة للمستقبل وزعزعة الثوابت العطنة الراسخة في جذور مجتمعه .
رفد ألكسندر صاروخان المحترف التشكيلي بمئات الأعمال الضاحكة الباكية والجريئة التي تحمل سياقات ثقافية متفردة سواء من خلال عناصرها التشكيلية أو اللغوية ، فنأخذ علي سبيل المثال أحد رسوم هذا المعرض( الناصر رجل السلام ) التي تناول فيها قضيه كانت مطروحة على الساحات السياسية والثقافية في مصر آنذاك ، نجده قد رسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يحمل غصن الزيتون وعلي كتفه الأيمن حمامة السلام ممسكا بدفتر كتب عليه الوحدة الإفريقية مرتديا جلبابا بلديا ونجد عناصر اللوحة مليئة بالدينامية والحيوية الواضحة، أما عن لوحتيه (السيرك السياسي المصري) و (حمام السباحة .... السياسي ) وهما من الموضوعات السياسية المهمة التي ناقشها كثيرا في رسومه ، والتي يمكن أن نقيس بهما معظم إسهاماته في هذا الاتجاه ، فقد كان لا يتورع عن كشف الملامح والصفات المستترة في الشخصية دون رحمة كما كان يبني ألفاظه الساخرة في خطابه اللغوي في معظم الأحيان علي المفارقة الشاسعة بين محتوي اللوحة وواقع الحدث .
امتازت جميع لوحاته بنكهة ذات مذاق خاص ومتفرد ، خاصة بعد ميلاد شخصيته الاجتماعية الهزلية (المصري أفندي) بطله الرمزي الذي استغله في التعليق على الأحداث الاجتماعية و السياسية والثقافية والاقتصادية في تلك الحقبة وقد كان صائبا عندما أختار ملامح شخصيته قريبة من المواطن المصري البسيط فرسمه مرتديا نظارة للدلالة على ثقافته وممسكا بمسبحة مشيرا بذالك للوازع الديني، و قدم للمحترف الصحفي والتشكيلي من خلاله أروع القصص الكريكاتيريه (الكوميكس) ، وقد كان ظهور المصري أفندي بمثابة بداية جديدة لفن التشخيص علي الورق في مصر .
لم يترك صاروخان مجالا من مجالات التعبير ، إلا أسهم فيه بنصيب وافر ففي مجال الكاريكاتير السياسي أصدر كتابه بعنوان ( هذه الحرب) في عام 1945م والذي قدم فيه رؤيته الفنية الساخرة والساخطة علي تداعيات الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار ، كما أبدع في مجال فن البورتريت الساخر المئات من الشخصيات الشهيرة والبارزة في المجتمع وظهرت فيها خطوطه الصارمة والحادة تارة واللينة والدافئة تارة أخري ومنها (عباس العقاد ، كوتسكيا ، عبد الفتاح القصري ، الشيخ محمد رفعت ، أم كلثوم) وهناك العديد منها يحتوي عليها هذا المعرض .
وبتتبع أعمال ألكسندر صاروخان المعروضة نجد أنه كان على وعي تام بمعطيات تلك الحقبة التي عاشها من تاريخ مصر ،فناقش قضاياها بجرأة وحرية أملتها عليه قناعاته الفكرية ، ووعيه الفني المبكر وفطرته الإبداعية المفرطة فسعى لملئ فراغ نفس المتذوق بنور المعرفة ، وتطهير عقله وقلبه من أحداث ومواقف ربما كانت خادعة ، وقد استحق ألكسندر صاروخان تصنيف الصحافة الايطالية له بأنه من أفضل مائة رسام كاريكاتير في القرن العشرين بعد أن رحل عن عالمنا تاركا لمتذوقي فنه عالمه الضاحك الباكي في أول يناير عام 1977م ليضحكوا من قلوبهم أو ليبتسموا بمرارة .



#دعاء_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البلاغة التشكيلية وأجرومية اللغة في القرن العشرين
- تجليات الفن المعاصر - في بينالي الإسكندرية الدولي الرابع لكت ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء قنديل - صاروخان وفنه المشاغب