أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ديالا بشارة - الوضع الاقليمي والعربي لتركيا وايران















المزيد.....

الوضع الاقليمي والعربي لتركيا وايران


ديالا بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 21:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من محاسن ميكافيلي انه قلم السياسة, شذبها, عراها, نظفها من الرواسب العالقة بها كالاخلاق والدين والقيم الإنسانية السامية. لقد اعاد السياسة إلى موقعها الاصلي, موضعها الحقيقي, بدون روابط ميتافيزيقية أواوهام فارغة. السياسة هي قدرة الفاعلين او المشتغلين عليها على إعادة ترتيب وإنتاج العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بما يتناسب مع قدرة الفئة الحاكمة على تعويم نفسها وتمثيل مصالح الشرائح الاجتماعية الخاصة والمتنفذة. هكذا كانت السياسة تأريخياً وستستمرمادامت الشروط الاجتماعية الاقتصادية في العالم كما هي عليه الان. من هذا المنطلق يمكننا أن نتحدث عن علاقة تركيا وايران بالعالم العربي بدون أن يعترينا خوف من سؤدد تحليلنا. فالساحة العربية مكشوفة جيوسياسياً, كساحة هشة سياسياً نتيجة الازمات الخانقة التي تناسلتها تحت ثقل الظروف الخارجية المفروضة عليها وعجزالنظام العربي في الخروج منها. اضحت هذه الساحة أشبه بوعاء سياسي يعمل على امتصاص التناقضات الدولية والاقليمية العميقة منذ الانتداب الفرنسي البريطاني ومروراً بوعد بلفوروقرارالتقسيم وقيام دويلة اسرائيل والاعتراف الدولي بها وتتالي هزائم النظام العربي المشبوه. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي انشغلت الولايات المتحدة في حرب كونية جديدة, حرب مدروسة بدقة, جرى السهر عليها وتوظيفها, او ما يسمى الحرب على الارهاب في محاولة تأكيد تفردها بالعالم. في هذه التغيرات الجديدة, تم انزياح ثقل الصراع الدولي من موضع إلى آخر في الالفية الثالثة. تم نقل هذا الثقل من الساحة العربية إلى موقع آخر لا يقل اهمية في حسابات الجيوسياسية الدولية, الامريكية الاوروبية تحديداً, إن لم يكن الاهم في العالم, ونقصد بذلك, أفغانستان. هذا الانشغال الامريكي في مناطق الصراع الجديدة اضعف مكانة الساحة العربية سياسياً ومكانتها الجيوسياسية في الاستراتيجية الامريكية مما اغرى قوى اقليمية كبيرة كتركيا وايران أن تدخلا المنطقة العربية من بوابتين متناقضتين متعاكستين, كل واحد حسب أجندته وحساباته ومتطلباته السياسية والاقتصادية والامنية. فكلا البلدان مسلمين, ايران وتركيا, ولهما القدرة على الدخول في الشؤون الداخلية للبلاد العربية لما لهما من ثقل ومكانة وموقع روحي ومعنوي في هذه البلاد. هناك تأريخ مشترك وعريق يربطهما بالمنطقة العربية ولديهم علاقات جوارورابطة قوية قائمة على الأخوة الدينية. دخلت ايران المنطقة عبر بوابة العراق وعبر دعم حزب الله المقاوم في لبنان الذي هزم اسرائيل في مايو, ايار, من العام 2000 واثبت للعالم كله في حرب تموزمن العام 2006 أنه رقم صعب في المنطقة لا يمكن تجاوزه, واثبت للنظام العربي كله ان العجز ليس في الشعوب العربية انما في انظمتها المستهلكة والمهزومة سياسياً قبل ان تكون عسكرية, كما عملت ايران على دعم حماس تحت ثقل نفس المعادلة, اي دعمها لحماس كطرف مقاوم لاسرائيل, هذا الثقل في الصراع, في منطقة الشرق الاوسط ساعد ايران ان تكرس وجودها السياسي كقوة اقليمية لها وزنها وتأثيرها على المنطقة, مما دفع تركيا المسلحة بدعم امريكي اوروبي لمد اجندتها السياسية والاقليمية من أجل تحقيق الكثير من الاغراض السياسية والاقتصادية, خاصة بعد مجيء حزب العدالة والتنمية المبارك به سياسياً ومعنوياً من قبل الولايات المتحدة الامريكية والمجموعة الاوروبية ليدخل الساحة العربية عبر بواية السلام العربي الاسرائيلي. كلاهما, ايران وتركيا دخلا المنطقة من نفس الخندق, البوابة المنخورة, الفج التأريخي العميق, المشكل على مقاس حسابات القوى العالمية الكبيرة, اي الصراع العربي الاسرائيلي. حملت ايران ايديولوجية التغيير, التي كانت رافعة للكثير من المهمشين والفقراء والمستبعدين, المرتكز على الاسلام الثوري اساساً, واستندت عليه, مما جعلها رقما مهما ومحورا له ثقله في المنطقة. أما في تركيا فقد جاء الاسلام عبر بوابة حزب العدالة والتنمية, لكنه عمل على إعادة هيكلة برامجه السياسية وشعاراته وأفكاره ليتناسب مع التوجه الذي يرغبه ويريده الغرب, متخلياً عن الكثير من شعاراته القديمة ليصبح مرناً, متكيفا يتناغم مع موضعين مهمين, الاسلام المعتدل المقبول به غربياً, وداخلياً ليتناغم مع علمانية الدولة المقبول به من قبل العسكر. لقد ادرك قادة حزب العدالة والتنمية ان هناك إرادة دولية قوية أن يكون لتركيا دورا مهماً في الساحة العربية والاسلامية, متسلحين بأن هوية حزبهم اسلامية معتدلة وتقع في خانة تيار يمين الوسط على غرارالكثير من الاحزاب الاوروبية المحافظة الذي سهل عليهم الحركة ومنحهم القدرة على الدخول في أكثرمن بلد عربي واسلامي وقطفوا من نتائجه موقع جيوسياسي مهم ومكاسب سياسية لا تقدر بثمن وجنوا ارباح اقتصادية انعش الاقتصادي التركي ودفعه ان يكون الرقم 17 في العالم من البلدان الاكثر تطورا في المجال الاقتصادي. ففي سؤال وجه لعبد الله غول فيما إذا كان حزبهم اسلاميا فقد أجاب: لا تسمنا اسلاميين من فضلك. نحن حزب اوروبي محافظ وحديث. نحن ملتزمون بالعلمانية التي تعني فصل الدين عن السياسة. نحن واعون بالتزاماتنا كاعضاء في حلف شمالي الاطلسي. تركيا بلد اوروبي ويجب أن تلعب دورها في صياغة مستقبل القارة " جريدة الشرق الاوسط, العدد 8743. لكنه في داخل المجتمع التركي يعمل هذا الحزب, العدالة والتنمية على استثمار الدين من أجل بقائه في السلطة لانه الرافعة الحقيقية التي اوصلته إلى دفة الحكم. وجود حزب العدالة والتنمية في الحكم في تركيا جاء في ظرف بالغ الاهمية والتعقيد على المستوى الكوني, أحداث الحادي عشر من ايلول في الولايات المتحدة الامريكية, التيارات الجهادية والسلفية, احتلال العراق وافغانستان, توقف عملية السلام العربية الاسرائيلية. وفي ظروف دولية مختلفة عما كانت عليه سابقاً, في فترة السوفييت, مرحلة انتقالية من وضع دولي متوازن إلى وضع دولي مضطرب عبر رافعة حزب معتدل,حزب العدالة والتنمية, يمكن أن يكون نموذجاً يحتذى به في العالمين العربي والاسلامي ويكرس شكل جديد للاسلام المعتدل القادر على تمثل الحداثة واستيعابها وهضمها والدخول في كل مساراتها وليعطي الانطباع الكبيربأن الاسلام يملك القدرة والمقومات الكبيرة على التعايش والحوارمع الشرق, كايران وباكستان ودول اسيا الوسطى والغرب المتمثل بالولايات المتحدة الامريكية وأوروبا. هذا التوجه الجديد اغرى الكثيرمن الفعاليات الاجتماعية والفكرية في العالمين العربي والاسلامي بما فيهم الكتاب والمفكرين والاحزاب السياسية الاسلامية التقليدية كالاخوان المسلمين ان ينظروا الى هذه التجربة بعين الرضى والارتياح. لقدرة حزب العدالة والتنمية على التكيف مع مختلف التيارات, الاسلامية والعلمانية والقومية, للخروج من الازمات الفكرية والاثنية والاقتصادية المتراكمة داخل هذه البلدان. هذا, وجعل من تركيا محورا مهماً في المنطقة مستنداً على اسلام فضفاض, فسح له المجال أن يأخذ مكانة كبيرة لحركته في العمق. فتركيا لم تدفع اي شيء مقابل ان تكون عرابة السلام العربية الاسرائيلية لكنها جنت الكثيرمن المكاسب الاقتصادية الكبيرة مع سوريا والعراق وايران والباكستان, كما ان دعمها السياسي لحماس أخذ قبولاً امريكيا, ليفسح لها المجال أن تربط اطراف الصراع ببعضهم على طاولة واحدة. كلاهما, ايران وتركيا رفعا شعارالاسلام, لكن الوضع الايراني المستند على ايديولوجية دينية يختلف كثيراعن تركيا, فايران تعمل على دعم القوى المقاومة في لبنان وفلسطين, من خلال حزب الله وحركة حماس الجهادي المشكلة أن تركيا, تعاني من هشاشة وضعها الداخلي وغير مستقرة جيوسياسيا لوجودها على كومة من النزعات العميقة في عمقها الداخلي كالنزاعات القومية لشعوب أخرى كالاكراد والعرب والارمن والشركس والبلغار وغيرهم. ان هذا الوضع الداخلي المعقد لتركيا يدفع الغرب ان ينظرإليها بعين الخوف, خشية ان تخرج هذه النزاعات عن السيطرة ويخلخل التوازن الداخلي الهش في داخلها, حيث تتموضع القوى وتوزعات نزعاتها وتحديد هوية توجهاتها سواء كان ذلك على مستوى الاحزاب اوالجيش او الشرائح والفئات الاجتماعية المتنازعة. ففي ايران هناك نزعة تأكيد وجودها الجيوسياسي, التي تستمد ثقلها من أرثها الحضاري والتأريخي ولديها رغبة أن تأكد حضورها كدولة لها شأن من خلال التوجه نحو الشرق والعمل المتواصل والتعاون مع مختلف الاطراف. فقد مدوا جسورا نحو الخليج وعززوا وجودهم في العراق, كما ان علاقتهم بسوريا له عمق استراتيجي بعيد, في مواجهة قوى داخلية لديها نزوع قوي يدعوى للانفتاح الكامل على الغرب وقطع العلاقة مع كل ما يمت للماضي بصلة ولصلات الأخوة في الدين والقرب الجغرافي. وفي الجانب التركي أيضاً هناك اتجاهات سياسية متعددة وقوى لا يستهان بها تدعو إلى التحديث وترغب ان تكون تركيا جزء من المنظومة الاوروبية والحوض الاوروبي الواسع دون ان تكون فاصلاً بين الشرق والغرب مستندين على أرث مصطفى كمال اتاترك والدولة العلمانية وقوة الجيش الحامي لهذه المؤسسة. وهناك التوجه الطوراني الذي يدعوإلى للعودة إلى الجذور, إلى أسيا الوسطى, هذا الطرح الذي دغدغ عقلية الكثير من الاتراك بعد تصريح الرئيس التركي السابق توركات اوزال الذي دعا إلى الوحدة التركية للشعوب التركية التأريخية الذين يجمعهم الارومة الواحدة واللغة المشتركة. وهناك الاسلاميين اللذين يدعون للعودة إلى الأخوة واواصر الدين. ما نريده من مقالنا هذا أن الاهتزازالداخلي أو القلق الوجودي لكلا الدولتين الاقليميتين الكبيرتين اللتان تحاولان أن تعمقا وجودهما بالمنطقة لرغبتهم ان يكونا محوراً مهما في شؤون المنطقة والعالم. ثقل الدولتين وحجمهما الكبيرين يجعلهما عملياً يشكلان محورين مهمين في منطقة التوترات العالمية. لذا نرى أن الغرب يتعامل مع كلاهما بحذر شديد مع محاولة تعويم التجربة التركية وعرض ثقلها المحوري الاقليمي على العالم الاسلامي المضطرب.



#ديالا_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين والهند وايران والاستقطاب الدولي
- الهامشيون والتغييرالقادم_ وجهة نظر


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ديالا بشارة - الوضع الاقليمي والعربي لتركيا وايران