أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - - في الثقافة والفكر















المزيد.....



في الثقافة والفكر


زيد محمود علي -

الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 16:41
المحور: الادب والفن
    


انهيار الوعي
*أن الثقافة صراع مع البشاعة و قتال شرس ضد التخلف

يتفق الكثيرون على ان انهيار الوعي جاء تحت وطأة الاغراء السحرى الزائف للنزعتين الاقتصادية والسياسية وأعتناق النخبة للنزعتين هي حالة ذاتية نفعية، في نفس الوقت تهميش للثقافة، كل ذلك من اجل تبرير واقع الانظمة وشرعيتها دون اعتبارات للوعي الجماهيري في تقييمها للحكومات والانظمة السياسية ورغم ان محنة (الثقافة مع السلطان السياسي)1 تكاد تكون معروفة لدى الجميع لا تنظر السلطة السياسية بعين الرضا للثقافة على خلفية الشعور الذي لايخلو من صحة – بأنها تمثل سلطة موازية. تضاهي قوتها ماديا" ورمزيا". وهو مايتظافر مع وعيها أن مشروع سلطة جديدة يبدأ دائما" من مدخل ثقافي او اذا كان السلطان السياسي قد احتاج الى المثقف دائما" حتى يؤثث له مجال النفوذ الشرعي لدى الجمهور فقد ظل يدرك أن وظيفة المثقف تلك لاتنتمي الى الثقافة و أن هذه تقف - في حقيقة أمرها على مسافة بعيدة من السلطان السياسي وحتى حينما كان هذا الأخير مضطرا" - تحت وطأة ضغوط ما - الى منح المثقف أقساطه - أو بعض أقساطه المستحقة من الحرية ((وان ثقافة أى شعب تمثل السمات الأساسية التي تكوّن وجدانه وتعكس مدى صلابته وتحدد كيف يفكر وأن الثقافة لاتستطيع الهروب من المشاكل والهموم الحقيقية للناس ولاالتنكر لطموحاتهم واحلامهم ‘ كما أنها خير معبرّ عن الروابط الاساسية وتطلعات المستقبل أ كثر مما ترتهن للطارىء والجزئي كما تفعل السياسة غالبا))2 لابدهنا ان يكون عدم توافق الثقافة مع السياسة لأن قراءة السياسة للواقع يكون قراءة تفتقر الى الواقعية مع غياب فهم الظواهر الأساسية والتعمق الى قوانين التطور وفي نفس الوقت ان الخلل قد اصاب المثقف كذلك فهم حسب ماتطرق اليهم مرة المفكر ((ناجي علوش)) حيث قال ان - المثقفون مهمشون على هامش الانظمة وعلى هامش الاحزاب والاشكالية كما يصوغها علوش ((لايستطيع المثقف وحده ان ينهض بها... لأن المثقف بحاجة لان يكون جزا" من قوة المجتمع لها مصالحها التي يدافع عنها واذا حاول غير ذلك فهو مهزوم سلفا"))3 هذا فضلا عن ان ((الانتلجنسيا)) كانت لها دور"ا في ترصيد القوى والحركات بافكار وفلسفات، كما أشاراليها ((شيلر)) عن ذكر أكبر انجازات المثقف الحديث كان بالضبط متمثلا" في تزويد الحركات الثورية بمذاهب، ويطلق على المثقف بالعقل المفكر لامكانياته في المساهمة للتعبير الاجتماعي وقد اعطي لاهميته اكثر من مهام ((حزب)) حيث اكد ((المفكر الفرنسي سارتر)) حين صاغ أفكاره حول المثقف والسلطة وانما كان يحيا أجواء الانتفاضة الطلابية عام 1968 وهي الاجواء التي جعلته أكثر راديكالية ((سنلاحظ بيسر أنه تجنب الحديث عن ((التنظيم السياسي)) واكتفى بالقول إن ((الحزب ليس حلا")) وسنلاحظ ايضا" أنه حددّ هدف المواجهة لكل مثقف بأنه ((كل سلطة))4 من هذا المنطلق يضع خانة المثقف بمصاف قوة عقل الحزب وذو مستوى مرموق في المستويات العالية. ونتمكن في ضوء ماسبق أ ن نطرح : ماهية العلاقة بين المثقف ومجتمعه هو طموحه ببناء الحضارة والاسهام في فهم العامة ل " العالم الحي " الذين يعيشون فيه. فأساس قاعدة الحضارة – كما قال " برونوفسكي " هو الكائن الحي وليس العالم الطبيعي. ومهم جدا" مايقوم به المثقف من استلهام احلام الناس في مجتمعه وبلورتها في روءى تتضمن أهدافا" من الممكن تحقيقها. وفي تحديد الخطاب الثقافي لدى بعض الحكومات في بداياتها تعتبر موءسسات الثقافة شبيهة ((بالديكور والزينة)) ولكن مع مرور الزمن رآت بأن للثقافة دور في التوجيه الفكرى اتخذته كآحدى أدواتها في نشر ايديولوجيتها تريد ((هندسة الانسان على شكل الذى تريد، كما تريد ان تدجن الدجاج فلا تبيض واحدة إلا بمقياس وحساب، أنشئت الوزارات للثقافة لتكون إ حدى الدوائر المغلقة بين دوائر السلطة. أقيمت اتحادات الكتّاب لكي تسيٍسٍٍ الخطاب الفكري، فلا تنبت فيه شوكه تقضى مخدة السلطان ولابأس من أن يضم الاتحاد من هب ومن دب على الورق فالكل سيخرج من((الغسالة)) نظيفا" برىء الذيول. ماأرادت السلطان أن تفهم أن الثقافة صراع مع البشاعة، مع السواد في الكون والحياة، وأنها قتال شرس ضد التخلف وضد الجمود والعطالة، والإ كانت لغو أطفال يضحك منه الناس، الخطاب الثقافي الموزون المقفى يموت على السطور ولايعيش مع الجماهير إ لا العطاء المقاتل المغامر. وحده يترك في الضمائر غليانا" أين منه غليان الجحيم، وهو إن لم يلعب خارج الأسوار ولم يتحدّ الدوائر الموسومة فليس بثقافة. إنه بيان رسمي لكن السلطان تقنع به مادام قد مر تحت عينيها وبراءة الأطفال في عينيه. ولم يمس قدس الأقداس !))


مفهوم المثقف
* المثقف في جوهره ناقد اجتماعي......

ضلت دراسات وابحاث كثيرة تناولت مفهوم المثقف من جوانب عدة وان تعددية التعريف لايزال يرافقه الاجتهاد في التفسير، وقداتسع ليشمل جميع ((الذين يشتغلون بالثقافة، ابداعا" وتوزيعا" وتنشيطا"، الثقافة بوصفها عالما" من الرموز يشمل الفن والعلم والدين)) والذين يمكن التمييز فيهم بين نواة تتكون من المبدعين والمنتجين من علماء وفنانين وفلاسفة وكتّاب وبعض الصحفيين يحيط بها أولئك الذين يقومون بنشر ماينتجه هولاء المبدعون مثل الممارسين لمختلف الفنون ومعظم المعلمين والاساتذة، يليهم ويحيط بهم جماعة تعمل على تطبيق الثقافة من خلال المهنة التي يمارسونها مثل الاطباء والمحامين وهذا هو المعنى العام السوسيولوجي للكلمة، فأن مقولة المثقفين يتحدد وضعه لابنوع علاقته بالفكر والثقافة ولا لكونه يكسب عيشه بالعمل بفكره وليس بيده، بل تتحدد وضعه بالدور الذى يقوم به في المجتمع كمشرّع ومعترض ومبشر بمشروع أو على الأقل كصاحب رأي وقضية يقول بول باران ((اني أقترح أنه، عندمايتعلق الأمربموقف إزاء القضايا التي تطرحها الصيرورة التاريخية بأكملها، يجب أن نبحث عن الخط الفاصل بين العمال الفكريين وبين المثقفين.. إن الرغبة في الكشف عن الحقيقة ليست إذا" سوى أحد الشرطين ليكون الشخص مثقفا" اما الشرط الأخر هو أن يكون شجاعا" أن يكون مستعدا"للذهاب بالبحث العقلاني إلى أبعد مدى، أن يقوم ((بنقد صارم لكل ماهو موجود، صرامة تحول دون تراجع النقد، لا أمام النتائج التي يقود إليها هو نفسه ولاأمام الصراع مع السلطة (ماركس) أيا كانت – ان المثقف اذا" هو في جوهره ناقد اجتماعي5 وجاء في كتاب المثقفون والثورة للدكتور نديم البيطار يقول في تعريفه للمثقف الحقيقي ليست الشهادة الجامعية العليا ليست الدكتوراه" التي أسميها شخصيا لقب الامية الحديثة ليست حتى عدد الكتب التي يكون قد قرأها بل هي استيعابه وتمثله وليس فقط إدراكه لهذا العقل العلمي الذى أشرنا إليه وقدرته بالتالي على ممارسته في المشاكل التي يدرسهاويعالجها وفي الحوار او النقاش الذى يدخل فيه حولها. إنها القدرة على الموضوعية العلمية والعقلانية العلمية والعقل النقدى في استيعاب المعرفة لهذا كان من الاسهل على المتعلم أو المثقف بان يكون نصف – مثقف على أن يكون مثقفا حقيقيا لان النصف الآخر لايتوفر عن طريق القرأة أو الشهادات الجامعية أو المعرفة فقط بل بادراك طبيعة المعرفة الحقيقية. وربما كان طه حسين)) يعتبر ان المسألة الثقافية أعمق في تأصيل التنوير والحداثة وهذا هو مايفسر اهتمامه الكبير بقضية التربية والتعليم لخلق عقل مستنير. ان الثقافة قضية ستراتيجية ومفهومها أنواري عنده وهو مايعبر عنه في حديثه عنهاحين يقول6 الثقافة من حيث هي ترقية العقل وتوسيع الأفق ((...)) ومصدر شعور الفرد بحقه وتقديره لواجبه ومن حيث هي مصدر شعور الجماعة بحقها وشعورها بواجبها وفي قدرتها على البقاء وقدرتها على المقاومة واستعدادها للرقي والثقافة هي التي هدت أوروبا إلى فلسفة القرن الثامن عشر وإلى ماأنتجت هذه الفلسفة من الاعتراف بحرية الفرد والجماعة وبحقوق الانسان في امريكا وفي فرنسا (...) وكان من الاولويات التي انتجتها الثقافة في عقول الاوربيين والامريكيين ان العلم حقا" للناس كالطعام والشراب والهواء وان من اوجب واجبات الدولة ان تمكن الناس من ان يتعلموا وقد اصبح هذا اصلا" من اصول الحياة الحديثة ان متابعة البحث عن مفهوم للمثقف وهنالك العشرات من التعريفات لكن تتفاعل مع بعض المفاهيم الواقعية قي هذا المجال كما يقال عن المثقف با لحذق – الفطن – مقوم الاعوجاج والمهذب المتعلم او الذي نمت لديه الملكات العقلية. والمثقف هو الرجل الحاذق المتعّلم من ذوق وحس انتقادي وجاء في تعريف اخر هو ((إن المثقف ليس صفة مهنية كالطبيب أو التاجر أو المهندس أو المدرس، وحتى أعلى الشهادات لاتمنح المرء صفة المثقف مالم يجاهد ليتجاوز دائرة اختصاصه بحسب تعريف سارتر له بأنه ((إنسان يتدّ خل فيما لايعنيه فلا يمكن القول إن كلّ مختص مثقف، بينما لابد أن يكون كل مثقف مختصا، لأنه ليس هناك عمل أو اختصاص اسمه (مثقف) ونحن نقول (مثقف) تماما كما لو قلنا (متدين) التدين ليس مهنة أو اختصاصا لذلك فأن الاختصاص لايكسب صفة الثقافة))8 وهنالك اجتهادات في دور المثقف يقال ان فعالية المثقف تقاس بمدى قدرته على جذب الجماهير وهذا مايجعل الناس يكرهون المثقف القريب من السلطة ومراكز القوى، حيث كلما ابتعد عنها، كسب الناس وصار من ضمن الخط الجماهيرى حسب مفهوم بعض المنظرين رغم ان اكثر المثقفين حتى وان كانوا بعيدين عن مراكز القوى فتراهم ينبذون العلاقة مع العامة من الناس حسب اعتقادهم لامتيازهم الفكر والثقافة او هم في القياس اكثر وعيا من الاخرين، ممايجعلهم في حالة غرور يجرفهم التيار الى جهة بعيدة عن الاخرين، في حين ان الثقافة كما نعتقد ليست حكرا على احد لكن يجب ملاحظتها هو ان المثقف هو منتج للوعي، وقدرته على ايصال الحقيقة للعالم والدفاع عن الانسانية وهدفه هو توعية الجماهير، ففي حالة تباعده عن الجماهير سيكون هو الخاسر الاكبر لأنه لاتوجد ثقافة تعيش في الهواء الطلق وفي الابراج العاجية وتعيش في عقل شخص واحد وعند ذلك سنطلق عليها بسلبية الثقافة المجردة من الواقع.
تطرق (ادوارد سعيد) في كتابه صور المثقف - الذي اعتمد على انطونيو غرامشي المفكر الايطالي في تنظيراته ويحاول أن يظهر امكانية تصنيف الذين يؤدون الوظيفة الفكرية في المجتمع إلى نوعين، يضم أولهما المثقفين التقليدين مثل المعلمين ورجال الدين والاداريين، ممن يواصلون أداء العمل نفسه من جيل الى جيل ويشمل ثانيهما المثقفين العضويين الذين اعتبرهم غرامشي مرتبطين على نحو مباشر بطبقات أو بمؤسسات تجارية تستخدم المثقفين لتنظيم المصالح واكتساب المزيد من القوة وزيادة السيطرة ولذا يقول غرامشي في هذا الصدد عن المثقف العضوي ((ان منظم الاعمال الرأسمالي يخلق الى جانبه التقني الصناعي والاختصاصي في الاقتصاد السياسي ومسوؤلين لانشاء ثقافة جديدة أو نظام قانوني جديد الى ماهنالك. وفي عالم اليوم ووفقا لنظرية غرامشي يعتبر خبير الاعلان أو العلاقات العامة الذى يستنبط أساليب تضمن لمسحوق غسيل أو شركة طيران حصة أكبر من السوق، مثقفا عضويا. فهو إ نسان يحاول في مجتمع ديمقراطي لكسب موافقة الزبائن المحتملين ونيل الاستحسان وتوجيه رأى المستهلك أو الناخب. وكان غرامشي مؤمنا بأن المثقفين العضويين يشاركون في المجتمع بنشاط اى أنهم يناضلون باستمرار لتغيير الاراء وتوسيع الأسواق. فالمثقفون العضويون هم دائمو التنقل و دائمو التشكل، على عكس المعلمين والكهنة الذين يبدون وكأنهم باقون في اماكنهم يؤدون نوع العمل ذاته عاما بعدعام9 وكان ادوارد سعيد - في محاضرات ريث سنة 1993 – له ثقة متكاملة بدور المثقفون باعتبارهم هم آباء الحركات وامهاتها كما وصفهم .
والمثقف حسب مفهومي للكلمة، لاهو عنصر تهدئة ولاهوخالق إجماع وانما إنسان يراهن بكينونته كلها على حس نقدي وعلى الاحساس بأنه على غير استعداد للقبول بالصيغ السهلة، أو الافكار المبتذلة الجاهزة، أوالتأكيد ات المتملقة والدائمة لمجاملة لمايريده الأقوياء والتقليديون قوله، ولما يفعلونه. ويجب ألاّ يكون عدم الاستعداد هذا مجردّ رفض مستتر هامد، بل أن يكون رغبة تلقائية نشطة في الافصاح عن ذلك علنا. ولايعني هذا الامر دوما ان يكون المثقف ناقدا لسياسة الحكومة، بل أن يرى في المهنة الفكرية حفاظا على حالة من اليقظة المتواصلة ومن الرغبة الدائمة في عدم السماح لأنصاف الحقائق والافكار التقليدية بأن تسير المرء معها10 وينعت المثقف بالانغلاق، وان كتاباتهم مقتصرة على فئة قليلة او مايقصد به النخب المثقفة، ويصف جاكوبي المثقف، بأنه ((انسان عنيد في استقلاليته لايأتمر لاحد ويقول إن كل ماعندنا الآن هو جيل مفقود حل محله تقنيو غرف تدريس متحفظون لامبالون، مستخدمون لدى لجنة، تواقون الى إرضاء إصناف مختلفة من أولياء الآمر والوكالات، متفشون بشهادات أكاديمية واعتبارا جتماعي لايشجع الحوار وإنما يري السمعة ويرهب غير الخبير، إنها لصورة قاتمة جدا....))11
ان النظرة السلبية للمثقف كما وصفه وشبهه ب ملك حكيم منطو على نفسه، وظلت أراء ووجهات نظر متعددةفي تناول المثقفين من قبل اكثر المفكرين والكتاّب وان مقاييس المجتمعات التي تريد ان يكون على شاكلتها او على شاكلة الروتين الاجتماعي، ومازال مجتمع اليوم كما يقال يحاصر الكاتب ويحيط به، احيانا بالجوائز والمكافأة وغالبا عبر الاستخفاف أو الاستهزاء بالعمل الفكرى بمجمله وأكثر من ذلك في الأغلب الأعم عن طريق القول إن المثقف الحقيقي يجب الا يكون سوى محترف متمهر في مجاله. ولاشى ء في نظري يستحق التوبيخ (أكثر من تلك الطباع الذهنية للمثقف التي تعزى بتجنب المخاطر، اي الابتعاد عن موقف صعب ومبدئي تدرك أنه الصحيح، لكنك تقرر الاتتخذه فأنت لاتريد الظهور في مظهر المنغمس جدا في السياسة وتخشى من أن تبدو مولعا بالجدل، وتحتاج إ لى موافقة مدير أو شخص ذى سلطة وتريد الاحتفاظ بسمعة حسنة كانسان متزن وموضوعي ومعتدل وتأمل أن تدعى مرة أخرى وأن تستشار وان تكون عضوا في مجلس إدارة أو في لجنة لها مقامها وبالتالي أن تظل في نطاق الاتجاه السائد الذى يعول عليه وتأمل أن تحصل يوما ما على شهادة فخرية أو غنيمة كبرى لابل حتى على منصب سفير ان هذه الطباع الذهنية هي العامل الأبرز دون منازع لافساد المثقف))12

المكارثية في ذاكرة التاريخ
*ظاهرة ابادت عقول المثقفين......

وعلى مرور الزمن والتاريخ يشهد حياة الكثيرين من المثقفين والكتاب المبدعين الذين لم يحققوا شىء في حياتهم رغم كتاباتهم وابداعاتهم جميعا قرأ نا الكثير عن حياة اعظم الكتاب والمفكرين وكيف ان كل واحد منهم قاس وعانى وربما عرف الجوع لسنوات قبل ان يعترف به ناشر ذلك ان الباب كان ضيقا بالفعل وكان الدخول من هذا الباب صعب جدا ويحتاج الى جهد وتفوق واضح او اضافة هامة قبل ان يلتقط صاحب الابداع انفاسه ويمر من عنق الزجاجة ويتبدى عمله للجماهير ((القليلة نسبيا)) وربما مات العبقري ولم يعرف الابعد موته بسنوات ((مثال على ذلك فان كوخ)) الرسام المبدع مات جوعا))13 وعشرات غيره في العالم ماتوا جوعا ولم يحققوا شيئا في حياتهم لأن بعض النظم السياسية همشت دور المثقفين الذين لايسيرون في ركب سياساتها، وفي التاريخ العالمي يبقى في ذاكرة التاريخ ماقام به مكارثي في الولايات المتحدة الاميريكية من ابادة جماعية للمثقفين حيث جر إلى المحرقة العامة العشرات من المثقفين والكتاب والصحفيين وكل من قال رأيا ذات يوم في سياسة تاريخ الولايات المتحدة الاميركية وكان الثمن نصف مليون قتيل وجريح وربع قرن من السياسة المدمرة وانفصاما داخليا ادى الى اعمال عنف من مظاهرات الى اغتيالات جون كندي ومارتن لوثر كنج وغيرهم كل هذا مقابل سنتين او ثلاث سنوات من الارهاب الفكرى العام ! هذاماحدث في فترة الستينيات من القرن الماضي وهذه الاحداث نماذج تبقى عالقة في التاريخ ابادت قدرات المثقفين وجعلت منهم رمادا لهذه المحارق التي لم تعطي اهمية لدور المثقفين في التاريخ لبناء صروح المجتمع الاميريكي على اسس منطقية انذاك......


مثقف اليوم
*اصبح المثقف مهمشا في عالمنا اليوم......

الثقافة والمثقف اليوم، اختلفت مع الماضي فأسئلة كثيرة تطالبنا بالجواب عن المثقف في المرحلة الراهنة التي اصبحت اكثر تعقيدا، حيث كان دور المثقف موءثراوطليعيا، وله مساهمات في التغيير لكن اليوم اصبح غير مرغوب ومتواضعا وفي طريق الاختصار والتهميش، وحينما قامت الموءسسات الحكومية والاحزاب الكبيرة وهما يمتلكان من الوسائل والامكانيات الكثيرة، حل مكان المثقف كفكر وكصيغة وتاليا صادرت هاتان الموءسستان القسم الاكبر من دور المثقف الفرد واستبدلتا الثقافة والفكر بمجموعة من المقولات والشعارات كما حولتا الثقافة بمعناها العميق والشامل الى جزء من بنية جديدة لم تكن موجودة، الأمرالذى ولدّ بالاضافة إلى الخلل ليس لجدارتهم قدر ماكانت نتيجة انتمائهم وروجت المفاهيم وصيغ معينة في الوسط الثقافي وخلقت أيضا الالتباس بين الثقافة والإعلام وأزالت الحدود بينهما، هذه الموسسة لم تلبث أن واجهت أزمة العلاقة بينهما وبين مثقفيها من ناحية وبينها وبين الثقافة بمعناها العميق والشامل من ناحية ثانية.))14 مجموعة من الالتباسات لأطراف العلاقة جميعا ((فالموسسة السياسية دولة او حزبا والتي ساهمت في خلق هالة حول عدد من المثقفين ليس لجدارتهم ماكانت نتيجة انتمائهم، وروجت لمفاهيم وصيخ معنية في الوسط الثقافي وخلقت ايضا" الالتباس بين الثقافة والاعلام وازالت الحدود بينهما هذه المؤسسة لم تلبث ان واجهت أزمة العلاقة بينهما وبين مثقفيها من ناحية وبينها وبين الثقافة بمعناها العميق والشامل من ناحية ثانية)

سلطة المثقف
* المثقف العارف بالحقيقة وحقيقة الانظمة

الكثيرين يستغربون حينما يقال ان للمثقف سلطة، واية سلطة هذه، فبديهي ان الحاكم يعتمد على سلطته الرادعة من شرطة وقوى الأمن وغيرها من الاجهزة التي تنتسب للدولة او للسلطة السياسية وهنا يتسأل المرء هل للمثقف من سلطة او قوة يتمكن من خلالها مواجهة سلطة الدولة، فأن دور المثقفين يكون دورا مهما فهم من جهة يطمحون إلى قيادة الرأى العام والتأثير والتغيير وهم من جهة ثانية يلحون بالشكوى من خلل حاصل بين صورتهم عن أنفسهم وما يعتقدونه لأنفسهم من مكانة والدور وبين وضعهم الحقيقي فهم يعبدون عن أدراك هذه السلطة الفكرية التي يحسب لها الحساب)) أصحاب السلطة لاسيما أن حرية التعبير إما منعدمة أومراقبة، فالدولة تحتكر أو تراقب وسائل الإعلام وتحتل كل المجال العام ((وان سند الكاتب او المثقف هو الرأى العام ليس له وجودحقيقي إلا في النظم الديمقراطية ولذلك فأن الرأى العام في بلادنا ضعيف أو مستضعف نظرا إلى ضعف المجتمع المدني وتنظيماته السياسية والمهنية والثقافية والتي هي إما منعدمة أو صنيعة للدولة أو مراقبة فالدولة تحتل – أو تكاد – كل المجال العام وتبتلع المجتمع))15 فالمثقف هنا يكون دفاعه عن الديمقراطية هو دفاع عن تحرير الرأى العام من قبضة السلطة وبالعكس فأن قادة السلطة يخافون المثقف الشمولي لكونه يشكل خطرا على الدولة بأمكانياته الفكرية والعقلية، كما يقول هنا ((ميشيل فوكو)) المثقف هو العارف بالحقيقة وموقظ الوعي وضمير المواطنين، ففي هذه الحالة ان المثقف يبقى دوره اكبر من الموءسسات والسلطات، لكن ألم يئن الأوان لتغييرهذه الصورة التي رسمها لأنفسهم، كأشكالية المثقف الشمولي ((ذو الهالة التي يضفيها على نفسه و يضفيها عليه المجتمع، المثقف ضمير الأمة والأنسانية العارف بالحقيقة ومجدد الافكار والأذواق ورائد عملية التغيير والتقدم ؟ فحين برز الكاتب الفيلسوف جون بول سارتر في منتصف القرن الماضي ليكون خلاصة لهذا المثقف الشمولي فأنه قد وجد صدى واسعا لدى المثقفين في العالم، ومع ذلك فأن وراء هذا الكاتب الفيلسوف قرنان من نضال المثقفين من أجل اكتساب هذه السلطة الفكرية التي صار معترفا لهم بها ولذلك كان لهذا الأديب الفيلسوف أن يتحدث عن دور المثقف وأن يكون بشأنه نظريته الشهيرة في ((الالتزام، وليس أن المهم هو الاتفاق أو عدم الاتفاق مع هذا الكاتب عن دور المثقف بل المهم نلاحظ أن حديثه عن هذا الدور كان ممكنا لأن وراءه ممهدات طويلة جعلت الكاتب الفرنسي يستطيع التحدث عن هذا الدور))16 وان اكثر الحكومات هي بحاجة الى المثقفين من اجل بنا ء حضارتها، حيث ان القلة المبدعة من الناس التي لايمكن خلقها او مقارنتها مقابل المال والجاه والقوة المادية والزعامة الشعبية لان دورها يكون فريد في البناء. وهكذا فالمثقف يعلن انحيازه للمقهورين في مواجهة سلطة القهر.


وجهات نظر في المثقف
*المثقف مسؤولا عن الاخفاقات في المجتمع....

تفاوتت آراء الكتاّب والمفكرين في رأيهم للمثقف منهم من انتقدهم ومنهم من اعطى لهم الدور الريادي في قيادة المجتمع وجميع هذه الأراء لم تكن صحيحة فمختصر راءى ((علي حرب)) في كتابه أوهام النخبة يقول: ان المثقف فقد مصداقيته وفاعليته، وبات أعجز من أن يقوم بتنوير الناس وتثقيفهم بل هو اصبح يحتاج الى أن يتنور ويعيد تثقيف نفسه، بنقد دوره وتفكيك خطابه عن العقل والاستناره والتحرر، وذلك لتعرية الأوهام التي انبنت بها مقولاته ووجهت ممارساته والتي انتجت كل هذا الهزال المعرفي والوجودى مايريد قوله الباحث أو الكاتب، وعكس ذلك فأن ((محمد محفوظ)) في كتابه الحضور والمثاقبة، يدافع عن المثقف ويعتبره غير مسوولا" عن الاخفاقات في المجتمعات حيث يتهم فيها النظم السياسية في ذلك الاخفاق، والمثقف هنا ليس حارسا لحقيقة مطلقة أو وصيا" على شؤون الوطن والأمة والهوية وإنما هو يمارس وظيفته المعرفية ويسعى إلى أن يوصل إلى الآخرين وعيه وفهمه وادراكه للأشياء والعالم. فمن حق((المثقف كأنسان أن يحلم بعالم أفضل ويسعى للدفاع عن الحقوق والحريات فحلمه النبيل ودفاعه المتواصل عن قيم النهوض والتقدم والتغيير والتطور ليس مشجبا" تعلق عليه إخفاقات الأمة المختلفة. فالمثقف ليس رسولا" جديدا" إلى مجتمعه ولكنه فاعل فكرى ثقافي، وأى اخفاق قد يصيب المثقف في هذه الأمور ينبغي أن يدرس دراسة موضوعية بعيدة كل البعد عن كل أشكال التهوين والتهويل))17 لأن النخبة المثقفة هي من مهامها خلق الوعي وتعميم المعرفة وان أي مجتمع لايعير اهمية لذلك عندها يصنف على المجتمعات المتخلفة لأن الافكار والمعارف هي التي تصنع الامم والشعوب وتضعها في مصاف الدول المتقدمة والعملية الاجتماعية السليمة لاتتحقق من جانب واحد كدور النخبة فقط وانما هي عملية متكاملة فكما ان النخبة تتحمل مسؤليتها ودورها في تطوير المجتمع كذلك المجتمع بقطاعاته المختلفة يتحمل مسؤوليته وينبغي ان يمارس دورا "في تطوير الشأن العام وانطلاقا" من هذه الحقيقة نستطيع ان نحدد سبل التكامل بين النخبة والمجتمع في اطار التفاعل الايجابي المتبادل بين الطرفين فالتفاعل بجميع اشكاله الفردية والجمعية هو الطريق الحيوي لخلق حالة من تكامل الادواربين النخبة والمجتمع وهكذا يتم التوصل والاتصال بين النخبة والمجتمع الذى يشكل الوعاء الحاضن والاطار المناسب الذى تنمو فيه كل عمليات التجديد والابداع الثقافي والمجتمعي ((وبالتالي فاءن الانتماء إلى إطار النخبةليس مسالة تشريفية بل هي تكليفية تجعل التفكير في الشأن العام وتطويره احد الهموم الرئيسية التي تحملها النخبة في تفكيرها وبرامج عملها ونجاح النخبة في دورها مرهون بمدى إنهاء حالة الجمود في الحركة الاجتماعية))18



السياسيون هم على الاكثر تلامذة المثقفين
*المثقف هو رجل الافكار والتنظير في الحياة....

باعتقاد اكثر المثقفين ان قدرتهم محدودة في التأثير على النظم والسياسات لكن في الواقع ان اكثر القادة السياسيين يضعون احترامهم لقدرات المثقفين ويعتبرون انفسهم تلامذة المثقفين من حيث تأثيرهم في السياسة – ولاحظنا على مدار التاريخ ان اكثر المثقفين وخريجي الجامعات والصحفيين قاموا بقيادة حركات التحرر والحركات الوطنية وكان لهم التأثير المباشر على مجتمعاتهم وخاصة مثل فرنسا البلد الذي يهتم كثيرا" بقضايا المثقفين، وبعد الحرب العالمية الثانية، طلبت الحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس ديغول افساح المجال للمثقفين في مناقشة الدستور الفرنسي،واعتماد الساسة على الملاحظات والارشادات التي تتمخض من حوارات المثقفين ووجهات نظرهم نحو السياسة الفرنسية والحكومة بالذات، ولم يقتصر ذلك على الحكومة الفرنسية بل تصاعد ذلك في اكثر من دولة في العالم لاحتضان المثقفين ومن الطبيعي ان تكون الفئة المثقفة اوسع في شمولها من الطبقة الحاكمة ذلك لان التقدم التكنيكي الصاعد يظل يتطلب كوادر متزايدة من الاختصاصيين وهذه الطبيعة الديمقراطية نفسها هي التي تظل تبدو وكأنها مهدالثورة. وقد كان هذا الأمر في صالح الحاكمين في الاتحاد السوفيتي السابق اذ انهم اظهروا للمثقفين ان هولاء الاخيرين هم نتيجة صلاح النظام الاشتراكي مع انهم في الواقع نتيجة محتومة لظاهرةالتطور الاقتصادى والتوسع الصناعي الذى قامت به روسيا. ((والمثقف هو رجل الافكار ورجل العلوم. وهو الذى يؤمن بنظرة معينةتجاه الانسان والفكر ولما كانت المفاهيم التي تبثها الجامعات الحاضرة مفاهيم عقلانية تفاؤلية، فان المثقف الحاضر سرعان مايأخذ في انتقاد الواقع على امل استبداله بخير منه. ولكن روح الانتقاد تغلب عليه فيتعامى عن رسم هيكل عام للعالم الذى يريد))19 ولكن تلك لم تكن القاعدة في مسار المثقفين، حيث ان اكثر الدول المتقدمة حضاريا" تحسب حسابا" للمثقفين وتضعهم في خانة خاصة، امل منها في الاستفادة من قدراتهم وتفعيل دورهم ماعدا بعض الدول المتخلفة التي ظلت بتهميش دور المثقفين، وهذه الدول هي متخلفة وتهميش اصحاب القدرات الفكرية، تجعل هذه الدول اكثر تخلفا وقد روجت بعض الاوساط مقولة ((نهاية المثقف)) او انتهاء دوره هذه هي من اعتقاد الوهم لدى البعض، فأن دور المثقف يبقى متميزا ومتمثلا" بالوظيفة النقدية المعرفية والتي ترى أن المثقف لايغير الواقع بل يغير الوعي بهذا الواقع عبر اسهامه في انتاج ((مفاهيم وافكار جديدة)). وان العامل الاساسي في ابعاد النخبة المثقفة هي الانظمة السياسية في دول العالم المتخلف التي تطالب الواقع بابعاد هذه النخبة التي تعتبرها تلك الانظمة تشكل حالة خطر دائم عليها، في حين يرتسم دور المثقف20 ((في علاقته بالقارىء والمجتمع وذلك عبر نقده لكل مامن شأنه تخريب الوعي وتدمير الإمكانيات الانسانية الطليقة، الذى هو دفاع عن المتعدد والمنفتح وشهادةالعصر تتجاوز توصيف مايجري لتسهم في صنع مصير البشر ويبقى أخطر مافي مقولة نهاية المثقف المصادرة على حرية الإنسان المشروعة في التفكير والحل، وهي وفق هذا الاعتبار مقولة لاديمقراطية حتى وإن بقيت الجهات التي تغذيها مجهولة أو متخفية وراء سلطة كونية أرضتها الأوضاع القائمة فدفعتها امتيازاتها إ لى الوقوع في غواية القول بالنهايات!)). ويقول غالي شكري في احدى لقاءاته عن المثقف ((المثقفون هم قادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا)) وفي الوقت نفسه هم مهندسو النفس البشريةوهم في الأغلب يمثلون فكر يا طبقات غير الطبقات التي ينتمون اليها، ومع ذلك فقد دفعوا ويدفعون ثمن هذا الانتماء الفكري باهضا. يدفعونه نيابة عن الطبقات التي لم ينشأوا في حضارتها اصلا وضد الطبقات التي خرجوا منها، لذلك فهم في الحالتين ضحايا موقف تاريخي وشهداء رومانتيكيون من الطراز الاول وهم اساتذة الوعي – بأن هذه اللعبة تتم لحساب السلاطين الذين يحولون وعيهم من الثقافة الى سجون ومعتقلات، مستشفيات للآمراض العقلية وأرصفة مناف ترحب بالمثقفين في كل عواصم العالم. قالثقافة لها سلطتها والسياسة ايضا لها سلطتها، فباستمرار ان سلطة السياسة ايضا بحاجة دوما " للثقافة، اما الثقافة فهي ليست بحاجة الى السلطة السياسية الا في حالة انتساب المثقف الى السلطة، في حالة المساومة لارضاء السلطة او تبرير مواقفها ((وصحيح أن سلطة المثقف هي من نوع اخر بمعنى أنها ليست سلطة مادية أو اقتصادية، بل هي سلطة رمزية أى سلطة الكلام والكتابة، مقابل سلطة السيف والمال، ولكنها سلطة في النهاية تمارس على النفوس والعقول بواسطة المنتوجات الرمزية المتمثلة في الافكار والمعارف))21 اما المفكر الفرنسي ((ريجس دوبرى، له رأى في قضية المثقفين حيث يقول ان المثقفين هم أصحاب سلطة ومصلحة وذوو مواقع ومنافع وهم يشكلون مجموعات لاتحس سوى ممارسة نخبويتها ونرجسيتها فلا ننخدعن بالخطاب : إنه يسدد المعنى في جهة، لكي يخرقه من جهة أخرى، ويحارب أشياء على صعيد لكي يستعيدهاعلى صعيد اخر ((والمشروع الماركسي، كمشروع تحريري، شاهد كبير على ذلك، فهو باسم محاربة استقلال رأس المال وسلطته وعنفه، عمل على تكوين رأسمال عقائدى مارس، من خلال أمبرياليته الفكريةوعنفه الرمزى، على نحو مضاعف وذلك بقدر ماحجب حقيقته، اي كونه يشكل سلطة ونوعا من انواع رأس المال وهذا شأن السلطات الرمزية، عند استلامها السلطة السياسية : إنها تمارس التسلط والعنف اضعافا" مضاعفة على ماتشهد بذلك اليوم، الاصوليات المقدسة22

انهيار اليوتوبيا
*اليوتوبيا حلم المثقفين...

زمن كان حلم البشر هو باليوتوبيا الانسانية، وذلك منذ زمن بزوغ جمهورية افلاطون، كان الجميع يحلم في المساواة والعدالة الاجتماعية، وحق الانسان في العيش حسب استحقاقات الحياة المانحة، لكن هذه اليوتوبيا انهارت مع تقدم الزمن بقرون لم تكن الا بتراجع الحياة في عصرنا الحاضر هو عصر العولمة وعصر الحضارة الناقصة، هو انتشار الامراض بانواعها، والايدز الخطير وسقوط الانظمة الشمولية والانهيارات الاقتصادية، وبزوغ انظمة استبدادية والعنف والارهاب وتهميش الفكر والثقافة ((في زمان اجدادنا كان كثير من الناس ذو و العقل والاتزان يتطلعون الى مستقبل اشتراكي مشرق يتم فيه القضاء على الرأسمالية والملكية الخاصة... أما اليوم فعلى النقيض، نجد صعوبة في تخيل مستقبل أفضل – على نحو جذرى – مما نحن فيه، أو مستقبل لايكون – بصورة أساسية ديقراطيا ورأسماليا.. وداخل هذا الإطار يمكن – بطبيعة الحال – أن تتحسن امور كثيرة تتعلق بمن لامأوى لهم - الأقليات... الوظائف.. وتستطيع ان تتصور عوالم في المستقبل تكون – على نحو دال – أسوأ مما نعرف الآن لكننا لانستطيع أن نصور لأنفسنا عالما يختلف اختلافا أساسيا" عن الحاضر الذى نحن فيه ويكون افضل في الوقت ذاته..23 اصبح العالم اليوم هو عالم الهيمنة والتوسع، واستغلال الدول النامية والفقيرة من قبل اكثر الدول التي تمتلك القوة التكنولوجية واصبح العالم يشهد سباقا" نوويا" هائلا""، ومقابل ذلك فأن ربع سكان الأرض يعيش في ثورة تقنية وعلمية ((وينعم برفاهية مادية هائلة إلا أن ثلاثة أرباع سكان العالم المعاصر لايزالون يعانون من الجوع والمرض ويحرثون بالمعول كما في العصور البدائية ويعانون الجهل حيث يزداد عدد الأميين في العالم بحوال] خمسة ملايين نسمة كل عام، كذلك فانه رغم الرقي المعرفي والتقني في هذا العصر والذى لايضاهيه أي رقمي علمي سابق الا أن هذا التقدم العلمي لم يسخر لسعادة الانسان وهنائه.))24 وربما كان هذا العالم هو أول عالم يستخدم تقدمه العلمي والتقني في أبشع حربين في تاريخ البشرية واستخدامه الطاقة الحرارية الكامنة في الذرة حيث تم في هذا العصر تدشين اول قنبلة نووية على مدينة هورشيما ، والى اليوم فان مختبرات الدول عامة تقوم بانتاج افضل الاسلحة النووية في العالم بدل ان يكون استخدامات الذرة في شفاء الانسان من الامراض المعاصرة وخوفا" من أن يتسبب في فناء الإنسان والوجود المادي، وفعلا" اصبحت اليوتوبيا الانسانية حلم في خيال المثقفين في العالم، لان العالم اخذ يوما" بعد يوم يعيش في اوضاع خطيرة – تحولت الى انتشار التجارب النووية لدول عدة في العالم الذي اثر بشكل بالغ على مناخ العالم مما اصاب ذلك طبقة الاوزون التي لم تعالج لحد الان مماجعل اختلال طبيعة المناخ في عالمنا اليوم لانتشار الامراض وخاصة مثل انواع متعددة من افة السرطان الخطير والايدز وكثير من الامراض التي لم تستطع اكثر المختبرات تطورا" من كشفهاوالسيطرة عليها اضافة الى انتشار الفقر وخاصة في دول العالم الثالث.... واليوتوبيا تبقى خيال في العقول لم يترجل على ارض الواقع الانساني....



المثقف السادي
*السادية سلوك عدواني لدى المثقف...

بديهي ان السادية هي واحدة من الامراض المزمنة التي كشف عنها علم النفس الفرويدي وهذه الحالة تعبر في سلوكها فقدان توازن الشخصية وخاصة ان بعض من المثقفين يصابون بهذا المرض، تراهم عدوانيين في سلوكهم تجاه افكار واراء الاخرين وباعتقادي ان هذه الحالة تبدأ خاصة في بداية ماتسمى ((بالمراهقة الفكرية)) للمثقفين خاصة اي بداية التزامهم بالمسألة الثقافية فتراهم يتمردون على افكار غيرهم ويعتبرون انفسهم على طول الخط هم الافضل والاصح، واكثر من ذلك يقومون بالتجاوز على الاخرين والانتعاش والراحة النفسية عندما يقومون بتجريح الآخرين، ويبدو المثقف السادي للوهلة الأولى،مثقفا" نقديا"، متمردا" على أفكار غيره أو نز ّ اعا" إ لى المساجلة والمناظرة، وربما يجتهد - هو نفسه – في أن يقدم عنه هذه الصورة ببعض التمايل الذي هومن ميكانيزمات إخفاء الحالة المرضية لديه. ولكن ما ان يتجاوز المرء هذا الانطباع الأول، ينصرف إلى قراءة مفردات ذلك النقد حتى يقف – بالبّنيان - على حالة من الوعي غير طبيعته. ((يكتشف القارىء في خطاب السادي إدمانا" رهيبا" على استعمال مفردات العدوان : على ممارسة الذم والتشنيع والتجريح بلغة الشتم البذيئة، وعلى قصد ايذاء المخاطب في مشاعره الشخصية أو القومية أو الدينية، اي في أ خصّ مايشعره بهويته، بما يحصل معه هدف الإضرار والحاق الأذى النفسي بشخصه وعلى ذلك، لا هدف للسادي - في مايقوم به تجاه خصمه - إلا إشباع رغبته في التلذذ بتعذيبه، اما الأهداف المعرفية الأخرى من الذ ّم والتجريح مثل تزوير رأى خصمه أو التحايل على القارىء بالوسائط الايديولوجية التمويهية للايقا ع بينه وبين رأي الخصم فهي أهداف لاتقع في استراتيجية السادى))25 وحسب الرأي السائد، ان التفكير بالتخلي عن التعصب المرضي للآفكار لايمكن تركه على الاكثر، لأنها تعتبر مرحلة مراهقة لدى المثقف لكن بالامكان محاولة التحلي بأخلاقيات الحوار، وبمنهج المناظرة العلمية، ((سبيل سالك نحو بناء فكر نقدي بنّاء متحرر من العدوانية السادية. التي تتغذى – بدورها – من انهيار قواعد الجدل، في ميدان التبادل الاجتماعي للأفكار والقيم الرمزية ومن طغيا ن المنزع الاّ دعائي بامتلاك الحقيقة وبالمثل يبدأ فعل المراجعة والنقد الذاتي من نقطة الطلاق الحاسم مع الفكرة المآساوية عن الذات ونزعات التجريح والتعذيب الذاتيين : اللذين يتغذيان من صدمة انهيار اليقين ! و – أخيرا " – فان من مفردات لغة المسؤولية أن يتخلى المثقفون عن تحويل الآخر المتآمر في وعيهم – الى شماعة يعلقون عليها لوائح خسارات مشاريع الطوبي لديهم وإ بداء الاستعداد – بدلا" من ذلك – للتعبير عن شجاعة أدبية في مواجهة مصيرهم ومصير ثقافتهم ومجتمعهم على قاعدة الثقة في النفس الثقة التي لاتزيد عن الحدّ الموضوعي المطلوب (حد الاعتدال السوي)26



#زيد_محمود_علي_- (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القسم الثاني من التجارب الكتابية لكبار الكتاب العالميين
- ذكرياتي الثقافية في محافظة اربيل


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - - في الثقافة والفكر