يوسف التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 03:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انا لست فقيها, ولا انا احد دارسي الازهر, قم, مساجد السعودية او النجف الازهر, انا انسان كنت مؤمنا بالاسلام الى ان اكتشفت ان اسلامنا هو ارضي لا يرتقي لاسلام السماء الذي كان يوما على سطح الكوكب فارتحل منطلقا الى الاعلى.
وبما اني مجرد انسان بسيط اذا ما قورنت بمن يضع العمامة الاسلامية الثقيلة على راسه, فاني انظر للاسلامنا من نظرة قد تكون مختلفة عن بعض الكتاب وبعض المتبحرين في دينهم الارضي, لم اجد, ومنذ اكتسابي للوعي الكافي ليتم وصفي بالبالغ, اقول لم اجد في اسلام( الارض) توافقا مع ما نقلته لنا صفحات التاريخ, فالتطبيق مزيف ومكسبي ربحي تجاري, لم اجد في اسلام يومنا الحاضر قاسما مشتركا مع الماضي الا بالاسم فقط.
كلنا يتذكر المسلسلات التاريخية, كقضاة الاسلام مثلا, وكيف كان هؤلاء القضاة, من حكمة ووقار وعدل وايثار. كلنا اطلعنا على سيرة الخلفاء والائمة الاطهار, وعلى تاريخهم المجيد, والتضحية والزهد, وقصص وروايات تجعل من عيون قارئها تدمع محاولة قرأة واستكمال الروايه, معجبين بشخصية بطلها الاسلامي.
السؤال, هل خدعنا التاريخ وزور لنا هذه الشخصيات, محولا اياها من شخصيات حقيقية الى شخصيات اسطوريه لم تعرف الوجود بتاتا, ام اننا نحن الذين تغيرنا واختلف فينا النهج الذي ابتداء الاسلام نفسه مؤسسا ذاته عليه, اذا ما اقتنعنا ان التاريخ والروايات هي من زورت واختلقت هذه الشخصيات الاسطوريه, فاذا في هذه الحاله قد يسلم البعض بعدم وجود الاسلام اساسا, لكني كمسلم من سكان الارض, لا زلت اعتقد ان الشخصيات هي حقيقية, وكانت ذات يوم موجوده, وطبقت الاسلام( السمأرضي) على السواء. لذا في قاموسي لا ولن اجرؤ يوما بالطعن بالدين الاسلامي كدين ألهي, اذا ياترى ما السبب؟, ما السبب الذي جعل من الحقيقة تتحول الى خيال اسطوري قديم؟, ما السبب الذي يجعلنا نتأمل شخصيات الماضي ونتحسر عليهم موقنين بأستحالة تكرارهم؟, ما السبب الذي يحول بين ايجاد او وجود شخصية كشخصيات الامس الفذه؟, عذرا اذا ما ظن بعضكم اني امتلك الجواب لهكذا سؤال( وقح) وفقا لمعايير الاسلاميين, لاني وببساطة متناهية, لا امتلك هنا غير السؤال لاطرح عسى اجد في بعضكم جوابا يرسل.
هذه الافكار التي ما راودتني الا بعد المحاولات العقيمه لفهم ديني(كمسلم), والبحث في الوسائل التي تجعلني اصفو لمستوى( مسلمي الماضي) ببساطتهم وايمانهم وورعهم وزهدهم في الارض والدنيا, فكلما تمحصت محاولا التقرب كلما وجدت ان المسافه شاسعه بيني وبين دين اجدادي, فلا انا اجد في دين الحاضر شبها مقنعا بدينهم, ولا انا كانسان, اشبههم بشيء, اين الخلل اذا؟
كنت سابقا اظن ان الجوامع والحسينيات هي منابر لتعلم وفقه الدين, هي منابر لفهم الدين, خصوصا بعد دخولنا مرحلة الاختلاف الفقهي وكثرة الاراء والافكار والحدود والتحليلات فالكل ( يئول على ليلاه), ونحن, الرعايا, نستمع مشتتين, نصغي لهذا تارة ولذاك الاخرى, نؤمن بعلي(ع) تارة وبابو بكر تارة اخرى, كمسلم احاول ان اتقصى الحقائق, لا اجد السبيل ولا الوسيله للايمان بمبداء ما.
الاسباب كثيرة طبعا, اولها تحول الامام الى سياسي, متطرف, اصبحت جوامعنا وحسينياتنا لا تلقن الدين بعد التسيس, فترانا نجد أئمة ومصلي الجوامع يتحدثون عن الانتخابات, عن الحصة, الكهرباء والماء, وعن شرعية مباركة ائتلاف الطرف السياسي مع الطرف الاخر, وتقرير القرار وشرعنته شرعيا مملين على التوابع التنفيذ كما القطيع الاعمى الذى يمشي وراء الراعي, فالرعيه لا تفقه في الامر شيئا اذا ما تحدثنا بطريقة شرعية دينيه, وكيف لها ان تقرر وهي( اي الرعيه) لا تتمتلك الوسائل المساعدة للتقرير, لانها وبصريح العباره ( دينيا متخلفة) تفتقر للوسائل التي تجعلها تفكر وتحلل وتستنتج وبالتالي تقرر( وفقا للشرع). فها هم الان ينفذون ويلبون فتاوى من توقفوا والتهوا عن نشر الدين بالسياسه( اذا ما جاز لنا الاعتراف بفقهيتهم مبدئيا), فتحولوا الى سياسيين ولاعبين مراوغيين حتى في تصريحاتهم الصحفية.
على سبيل المثال, متى يتمكن النائب الشيخ او النائب السيد, الفلاني والفلانك, من ختم القرأن و قيام الليل, النظر في شؤون الدين والافتاء وسط هذا الاحتدام السياسي الخانق, وكيف يستيقظ في ساعات الفجر ليصلي الفجر اذا ما كان وفي الليله السابقه في اجتماع( وزاري, حزبي) كان وقد دام لساعة متأخرة.
كيف لي_ وانا ابحث عن رابط يربطني بديني- ان اتبع هذا او ذاك, كيف لي ان اؤمن بهذا الاسلام الجديد( الارضي الدنيوي) وبرموزه الحاليين, كيف لي وانا حين اقارن الماضي بالحاضر, اجد ان الاسلام كان قد اغتيل بيد من يجب ان يحموه وينشروه ويعلنوه.
وفقا لما اسلفنا فقد قررنا( أنا) ان نتريث في التدين لحين حلول الموت, لانه على مايبدو الوسيله الوحيده التي ستأخذنا الى الاعلى, لنتعرف على اسلام السماء, الا اذا شاء البعض ان يعجل عملية التعرف وذلك بتحويل مقالي هذا الى جواز سفر ينقلني للاخره, وما اكثرهم.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟