هنار شعت
الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 04:26
المحور:
الادب والفن
لِمَاذَا كَانَتْ تَكْذِبْ فيروز وَهِيَ تُخْبرُنا: "أنا لحبيبي وحبيبي إلي"؟
كَمْ كَانَتْ بَسِيْطَة ومُقْنِعة تِلْكَ الكَلِمَات، وكَمْ كَانَت رَقِيْقَة تِلْكَ الأَلْحَان الّتِي أحْبَبْتُها صغيرةً وكَبُرَت مَعي قناعةً لا تُغيّرُها عَوامِلُ اليأْسِ ولا إلْحَاحَاتِ الرّجَاء.
كَبُرتُ وكلّي يقين أنّني : "لحبيبي وحبيبي إلي".
كانَ همّي الأوحَد هُوَ العُصْفورة البَيْضاء المُتسائِلة، والمُعاتِبُون الّلائِمون، أقنَعَتْني فيروز بِبَساطَتِها الّلامتناهية، واليوم أُدْرِكُ أنّ حبيبي لَيْسَ سِوى وهمٍ أُقْنِعُ بِهِ نَفْسِي مرةً تِلْوَ الأٌخرى.
هَذا ما أَرَى أَنّهُ يَحْدُثُ حَقّاً؛ حَبِيبِي لَمْ يَكُنْ يَوماً لِيْ وأَنَا لَمْ أَكُنْ يَوماً لِلّذي أنَا حَبِيْبَتَهُ.
هَكَذَا تَمْشِي الأُمُور: هُوَ يُحِبُّهَا وَهِيَ تُحِبُّ آخَراً والآخَرُ يُحِبٌّ أخْرَىْ بِدَوْرِهّا تُحِبُّ الأَوَل الّذِي لَا يُفَكّرُ بِهَا،
رُبّمَا أُعَبّرُ عَنِ الْمَوْضُوعِ بِرَدَاءة، فَلْيَحْتَمِلْنِي البَعْض، وللبَعْضِ الآخَر فإنّ مَجنُون لَيْلَى عبّرَ عَنِ الأَمْرِ بِصُورَتِهِ الصّحِيحَة:
جُنِنّا بِلَيْلَى وَهِيَ جُنَتْ بِغَيْرِنَا..... وَأُخْرَى مَجْنُونَةٌ بِنَا ولَا نُرِيْدُهَا
نَكْتَشِفُ مُتَأخِّراً أَنّ جَوْهَرَ الحَياةِ لَا يَكْمُنُ فِي أَنْ يَكُونُ كُلٌّ مِنّا لِحَبِيبِه، وأَنّهَا قَدْ تُصْبِحُ أَجْمَل لَو كَانَت فيروز قَدْ غَنّت: " أنا للي فاهمني.. واللي فاهمني إلي"؛ لَكِنْ لِلْأَسَف لَنْ تَصْلُحْ هَذِه الكَلِمَات لِتِلكَ الألْحَانِ الْرَّقِيقَة، وإنِ اسْتَبْدَلْنَاهَا فَلَنْ تَمْتَلِك البَسَاطَة الْمُقْنِعَة ذاتَها...
إِذَنْ،، فَلْتُغَنّي فيروز إِلَى الْأَبَد : " أنا لحبيبي وحبيبي إلي".
#هنار_شعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟