أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم ابو عمرو - الاستيطان الاسرائيلي بين الجغرافيا والديموغرافيا استراتيجية تحكمها الايديولوجيا















المزيد.....



الاستيطان الاسرائيلي بين الجغرافيا والديموغرافيا استراتيجية تحكمها الايديولوجيا


أكرم ابو عمرو

الحوار المتمدن-العدد: 3010 - 2010 / 5 / 20 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستيطان الإسرائيلي بين الجغرافيا والديموغرافيا
إستراتيجية تحكمها الايديولوجيا
بقلم / أكرم أبو عمرو
مقدمة

أحسنت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس عندما قررت وقف المفاوضات مع إسرائيل في ظل استمرار الاستيطان الإسرائيلي ، القائم على أساس إحلال جماعات المهاجرين اليهود من شتى أصقاع الأرض على ارض فلسطين انطلاقا من مقولة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض التي حاول ويحاول قادة بني صهيون ترسيخها منكرين تماما وجود شعب عاش على هذه الأرض له من الإرث الحضاري الذي يمتد آلاف السنين مشكلا جزءا من الحضارة العريقة لأمة عريقة مترامية الأطراف .إن الاستيطان هو جوهر المشكلة بل هو أم المشاكل التي تواجه الشعب العربي الفلسطيني في صراعه الطويل مع أشرس وأطول احتلال عرفه التاريخ ، انه ليس صراعا عاديا على ارض أو حدود أو حتى ثروات بل هو صراع على الوجود أي أن يكون أو لا يكون ، وعلى الرغم من تناولنا للاستيطان قبل ذلك من زوايا متعددة إلا إن التطورات الأخيرة على صعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في ظل مواصلة إسرائيل مشاريعها الاستيطانية المختلفة على الأرض الفلسطينية أولا ، ثم قرب حلول الذكرى الثانية والستين للنكبة التي هي نتائج السياسات الاستيطانية الاستعمارية التي نفذتها الحركة الصهيونية في فلسطين بدعم من القوى الاستعمارية ، دفعتنا لتناول موضوع الاستيطان من حيث التوزيع الجغرافي والديموغرافي للاستيطان وعلاقته بالإستراتيجية المحكومة إيديولوجيا، بمعنى كيف استطاع زعماء الحركة الصهيونية من توظيف الايدولوجيا لتحقيق مآربهم وأطماعهم في ارض فلسطين . ولتناول هذا الموضوع نجد لزاما تناول الآتي:
• الاستيطان في الفكر الصهيوني
• التوزيع الجغرافي والديموغرافي للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية
• اثر الجماعات الدينية اليهودية في الاستيطان الإسرائيلي
• الاستيطان إستراتيجية استعمارية.


الاستيطان في الفكر الصهيوني (*)

"إن الحقيقة هي لا صهيونية بدون استيطان، ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة أراضي وتسييجها"(1).
عبارة وردت في مقالة كتبها يشعياهو بن فورت في صحيفة يديعوت الإسرائيلية نشرت بتاريخ 14/7/1972 ، لتشير وبشكل لا يكتنفه الغموض إلى أهم الأسس التي بني عليها الفكر الصهيوني وهي الاستيطان والعنصرية والقمع بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، فالاستيطان الإسرائيلي هو التطبيق العملي للفكر الاستراتيجي الصهيوني الذي انتهج فلسفة أساسها الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، بعد طرد سكانها الفلسطينيين بشتى الوسائل وحجج ودعاوي دينية وتاريخية باطلة، وترويج مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وجلب أعداداً، كبيرة من شتات اليهود من مختلف أنحاء العالم، وإحلالهم بدلاً من العرب الفلسطينيين، بهدف إقامة دولة يهودية استعمارية في المنطقة العربية وبالتحديد فلسطين ، لما تلعبه من أهمية إستراتيجية في هذه البقعة الهامة من العالم.
لقد بدأت فكرة الاستيطان في فلسطين، تلوح في الأفق، بعد ظهور حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر في أوروبا، حيث بدأ أصحاب المذهب البروتستانتي الجديد ترويج فكرة تقضي بأن اليهود ليسوا جزءاً من النسيج الحضاري الغربي، لهم ما لهم من الحقوق وعليهم ماعليـهم من الواجـبات، وإنما هم شعب الله المختار، وطنهم المقدس فلسطين، يجب أن يعودوا إليه(2)، وكانت أولى الدعوات لتحقيق هذه الفكرة ما قام به التاجر الدنماركي أوليغـر بـولي Oliger poulli عام 1695 ،الذي أعد خطة لتوطين اليهود في فلسطين، وقام بتسليمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت(3)، وفي عام 1799 كان الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت أول زعيم دولة يقترح إنشاء دولة يهودية في فلسطين أثناء حملته الشهيرة على مصر وسوريا(4).
في القرن التاسع عشر، اشتدت حملة الدعوات للمشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين، وانطلقت هذه الدعوات من أوروبا مستغلة المناخ السياسي السائد حول الأطماع الاستعمارية الأوروبية في تقسيم ممتلكات الرجل المريض"الدولة العثمانية" والتي عرفت حينئذ بالمسألة الشرقية، وقد تولى أمر هذه الدعوات عدد من زعماء اليهود وغيرهم،أمثال:اللورد شاتسبوري shattesboury الذي دعا إلى حل المسالة الشرقيـة عن طريق استعمـار اليهـود لفلسطيـن(5)، بدعم من الدول العظمى ساعده في ذلك اللورد بالمرستون "1856-1784"palmerston ، الذي شغل عدة مناصب منها، وزير خارجية بريطانيا، ثم رئيس مجلس وزرائها حيث قام بتعيين أول قنصل بريطاني في القدس عام 1838وتكليفه بمنح الحماية الرسمية لليهود في فلسطين،كما طلب من السفير البريطاني في القسطنطينية بالتدخل لدى السلطان العثماني للسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين(6).

وبعد ظهور الحركة الصهيونية كحركة سياسية عملية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، سعت هذه الحركة إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وكان من أبرز نشطائها لورنس أوليفانت ( (Laurence oliphent 1888-1820 والذي كان عضواً في البرلمان الإنجليزي، وعمل أيضاً في السلك الدبلوماسي الإنجليزي، اعتقد بضرورة تخليص اليهود من الحضارة الغربية بتوطينهم في فلسطين، وذلك بإدخالهم كعنصر لإنقاذ الدولة العثمانية من مشاكلها الاقتصادية، لما يتمتع به اليهود من ذكاء في الأعمال التجارية ومقدره على جمع الأموال، ومن أجل ذلك قام في عام 1880م بنشر كتاب بعنوان أرض جلعاد اقترح فيه إنشاء مستوطنة يهودية شرقي الأردن شمال البحر الميت، لتكون تحت السيادة العثمانية بحماية بريطانية، وكذلك شجع استعمار اليهود في فلسطين والمناطق المجاورة عن طريق إقامة مستعمرات جديدة ومساعدة القائم منها(7).
وبالإضافة إلى أوليفانت حاول العديد من زعماء اليهود في القرن التاسع عشر القيام بمشاريع لتوطين اليهود في فلسطين،ومن بين هؤلاء مونتفيوري (1784-1885) الذي حاول استئجار 200 قرية في الجليل لمدة 50 عاماً مقابل 10%-20% من إنتاجها، إلا أن هذه المحاولة فشلت أمام رفض الحكم المصري لبلاد الشام آنذاك،ثم نجح في الحصول على موافقة السلطان العثماني بشراء عدد من قطع الأراضي بالقرب من القدس ويافا،واسكن فيها مجموعة من العائلات اليهودية إلا أن هذه الخطوة أخفقت أيضاً تحت تحفظ السلطات العثمانية لمشاريع الاستيطان في فلسطين،كما بذل وليم هشلر جهوداً في جمع تبرعات مادية وإرسالها إلى الجمعيات الصهيونية لتشجيع الاستيطان في فلسطين تحت الحماية البريطانية(8).
وقام الاتحاد الإسرائيلي العالمي (الاليانس) الذي تأسس عام 1860 باستئجار 2600 دونم لمدة 99 عاماً،أقيمت عليها مدرسة زراعية بدعم من البارون روتشيلد لتدريب اليهود المهاجرين على الزراعة.
في عام 1878 قامت مجموعة من اليهود بشراء 3375 دونم من أراضى قرية ملبس وتم تسجيلها باسم النمساوي سلومون، واستمرت المحاولات اليهودية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية حتى عام 1881 الذي يعتبره المؤرخ اليهودي والترلاكور بداية التاريخ الرسمي للاستيطان اليهودي في فلسطين بعد أن وصل حوالي 3000 يهودي من أوروبا الشرقية، تمكنوا من إنشاء عدد من المستوطنات في الفترة من 1882-1884(9) وتوالت فيما بعد عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بشتى الوسائل منها الشراء أو الاستئجار لمدة طويلة ، وقد لعبت المؤسسات اليهود التي أنشئت لهذا الغرض ومن بينها:
• منظمة بيكا التي أسسها روتشيلد، والوكالة اليهودية التي انبثقت من المؤتمر الصهيوني العالمي الأول عام 1897
• الصندوق القومي اليهودي "الكيرن كايمت"
• صندوق التأسيس اليهودي"الكيرن هايسود" والشركة الإنجليزية الفلسطينية.
ونشطت هذه المؤسسات بعد الحرب العالمية الأولى خصوصاً بعد تمكن المنظمة الصهيونية العالمية من استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917 الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين،ثم وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني،حيث لعبت حكومة الانتداب دوراً كبيراً في تمكين اليهود من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية وذلك باتخاذها العديد من الإجراءات،منها فتح الأراضي الأميرية وجعلها أراضي ملكية وسن قانون أملاك الغائبين،
تمكن اليهود بفضل هذه الإجراءات استملاك 2070000 دونم بعد قيـام دولة إسرائيل (10) وقد حرصت هذه المؤسسات على أن تكون هذه الأراضي في مناطق متباعدة من أجل توسيع رقعة الدولة اليهودية.
ولم تظهر المستوطنات بشكل منتظم خلال القرن التاسع عشر إلا في عام 1878،عندما تمكن مجموعة من يهود القدس من تأسيس مستوطنة بتاح تكفا،وفي عام 1882 ثم إنشاء ثلاث مستوطنات(11)، هي مستوطنة ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش يبنا،ثم مستوطنتي يسود همعليه وعفرون عام 1883، ومستوطنة جديرا عام 1884 ،وفي عام 1890 أقيمت مستوطنات رحوبوت ومشمار هيارون وبعد انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني عام 1898 أقر قانون المنظمة الصهيونية العالمية التي أخذت على عاتقها كافة الشؤون المتعلقة بالاستيطان بعد أن وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية الزراعية إلى 22 مستوطنة، سيطرت على 200 ألف دونم ارتفعت إلى 418 ألف دونم بعد الحرب العالمية الأولى،بعد هذا التاريخ انطلقت مرحلة جديدة من مراحل الاستيطان اليهودي في فلسطين، حيث عملت المؤتمرات الصهيونية العالمية بدءاً من المؤتمر الأول على تنفيذ برامجها التي تمحورت حول برنامج المؤتمر الأول عام 1897 ويدعو هذا البرنامج إلى(12):
- العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود وفق أسس مناسبة.
- تغذية وتقوية المشاعر اليهودية والوعي القومي اليهودي.
- اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على الموافقة الضرورية لتحقيق غاية الصهيونية.
لقد كانت السيطرة على الأرض الفلسطينية جوهر الفلسفة التي انتهجتها الصهيونية العالمية منذ نشوء الفكرة الأولى لتوطين اليهود في فلسطين وتابعتها إسرائيل بعد قيامها حتى الآن، وقد رافق عمليات الاستيلاء على الأراضي عملية تغيير ديموغرافي، ففي جميع حالات الاستيلاء كانت تجلب أعداداً من اليهود من مختلف أنحاء العالم ، ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين، فقد تعرضت الأراضي الفلسطينية لخمس موجات متتالية من الهجرات اليهودية(13)، وذلك في أعقاب الأزمات السياسية المتعاقبة والتي حدثت منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية وذلك في المناطق التي تواجد فيها اليهود.
وقد حدثت الموجة الأولى ما بين عامي 1882-1903، إذ هاجر نحو عشرة آلاف يهودي من روسيا في أعقاب حادثة اغتيال قيصر روسيا وما تبعتها من عمليات اضطهاد لليهود هناك ، و بين عامي 1904-1918 حدثت الموجه الثانية، وصل عدد المهاجرين إلى 85 ألف مهاجر، ثم حدثت الموجة الثالثة ما بين عامي 1919-1923 بعد حدوث الثورة البلشفية في روسيا، وبلغ عدد المهاجرين في هذه الموجة نحو 35 ألف مهاجر وتمت الموجة الرابعة ما بين عام 1924-1932،حيث هاجر نحو 62 ألف مهاجر بسبب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بسن قوانين حدت من الهجرة إليها، أما الموجة الخامسة فكانت بين عامي 1933-1938، حيث بلغ عدد المهاجرين في هذه المرحلة حوالي 164000 مهاجر بسبب التشريد الذي حل بالمخيمات اليهودية في مناطق الاحتلال النازي،وإلى جانب هذه الموجات كانت هناك هجرات سرية قام بها اليهود الشرقيين (السفارديم) من جهات مختلفة من اليمن والحبشة وأفريقيا الشمالية وتركيا وإيران وذلك في فترة الأربعينات، وذلك بسبب قيام سلطات الانتداب البريطاني بفرض قيود على الهجرة اليهودية تقرباً للعرب للوقوف بجانبها في الحرب العالمية الثانية. وقد بلغت حصيلة الهجرة اليهودية إلى فلسطين حتى عام 1948حوالي 650 ألف مهاجر يهودي، وبعد قيام دولة إسرائيل قامت بتشجيع الهجرة اليهودية وذلك بسن العديد من القوانين مثل قانون العودة عام 1950 ، وقانون الجنسية الإسرائيلي عام 1952، فازداد عدد المهاجرين، حيث بلغ في الفترة من 1948-1967 (12.0075)مهاجراً(14).
مما سبق يتضح لنا أن الاستيطان اليهودي قد مر بأربع مراحل، ونحن نضيف أننا نمر بالمرحلة الخامسة والأخيرة من مراحل الاستيطان(15) .
فالمرحلة الأولى: بدأت منذ انعقاد مؤتمر لندن عام 1840 بعد هزيمة محمد علي، واستمرت حتى عام 1882، وكانت هذه المرحلة البدايات الأولى للنشاط الاستيطاني اليهودي، إلا أن مشاريع هذه المرحلة لم تلق النجاح المطلوب بسبب عزوف اليهود أنفسهم عن الهجرة إلى فلسطين ، والتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو الانخراط في مجتمعاتهم ، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة اللورد شافتسبوري ، واللورد بالمرستون، ومونتفيوري .
المرحلة الثانية: بدأت عام 1882 واستمرت حتى بداية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920، وفي هذه المرحلة بدأ الاستيطان الفعلي في فلسطين ، وشهدت الموجات الأولى والثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين خصوصاً من أوروبا الشرقية وروسيا، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة لورنس أوليفانت، وروتشليد، وهرتزل، وفي هذه المرحلة بدأت المؤتمرات الصهيونية العالمية وأسست المنظمة الصهيونية العالمية.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، وفي هذه المرحلة تم تكثيف عمليات استملاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وتدفق الهجرة اليهودية .
المرحلة الرابعة و: والتي امتدت من عام 1948 أي منذ إعلان دولة إسرائيل وحتى حرب الخامس من يونيو حزيران 1967 ، حيث عملت إسرائيل على جلب أعداد كبيرة من المهاجرين اليهود .

لقد تكللت جهود الصهيونية ومن ورائها القوى الاستعمارية بالنجاح عندما تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام 1948 على 77% من مساحة فلسطين التاريخية، وتمكنت إسرائيل من طرد معظم السكان الفلسطينيين بعد أن ارتكبت العديد من المذابح والمجازر وتدمير القرى والمدن الفلسطينية، وأصبح الفلسطينيون يعيشون مشردين لاجئين في البلاد العربية المجاورة في مخيمات بائسة، وما زالوا إلى الآن رغم صدور العديد من القرارات الدولية تقضي بضرورة عودتهم إلى أراضيهم، وفي المقابل فتحت أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها ليتدفق الكثير من اليهود من مختلف أنحاء العالم، واستمر هذا الوضع حتى حرب الخامس من حزيران عام 1967، والتي كانت من أهم نتائجها استكمال سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بعد احتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، وبذلك تكون فرصة جديدة سنحت لإسرائيل لمتابعة مخططات الصهيونية لتهويد فلسطين، والتي بدأت في القرن التاسع عشر، ونعتقد أنها بداية مرحلة خامسة من مراحل الاستيطان اليهودي في فلسطين ومازالت قائمة إلى يومنا هذا، كما نعتقد أنها المرحلة الأخيرة لأن إسرائيل أصبحت تحكم سيطرتها على كامل أراضي فلسطين التاريخية.

(*) فكرة وفلسفة الاستيطان ، دراسة أعدها الكاتب عام 2003 ، نشرت ضمن ملف الاستيطان على الصفحة الالكترونية لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني ، الهيئة العامة للاستعلامات سابقا ، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا حاليا.

الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب عام 1967م

باتت الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967م نقطة مفصلية في التاريخ العربي المعاصر بشكل عام وتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بشكل خاص بسبب نتائجها المدمرة على النظام العربي برمته تمحورت في الآتي :
• تمكن إسرائيل من احتلال كامل الأراضي الفلسطينية بعد احتلالها لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وما زال مستمرا منذ 43 عاما أي ما يعادل أكثر من ضعفي فترة اغتصاب فلسطين قبل عام 1967.
• إتاحة الفرصة لإسرائيل باستجلاب المزيد من المهاجرين اليهود من شتى أصقاع الارض ، وإسكانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، وتنفيذها لمشاريع استيطانية كبيرة هدفها النهائي تهويد الأراضي الفلسطينية بعد إخلائها من سكانها .
• صرف أنظار الدول العربية المجاورة ( مصر وسوريا) عن القضية الفلسطينية مؤقتا لتصبح في المرتبة الثانية بعد أن أصبح لهذه الدول أراض محتلة ( سيناء وهضبة الجولان) فالأولوية لإعادة بناء الجيش المصري والسوري لتحرير هذه الأراضي ومن ثم الاهتمام بالقضية الفلسطينية الأمر الذي أتاح لإسرائيل العمل حثيثا لوضع الخطط لمشاريع الاستيطان وتنفيذها .
• إجهاض المد القومي العربي الذي تزعمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد أن أصبح أملا للجماهير العربية بالوحدة العربية بأبعادها الاقتصادية والسياسية ، لتكون حصنا للأمة العربية أمام الأطماع الاستعمارية وعلى رأسها الأطماع الصهيونية . الأمر الذي أصبح العرب فيه عاجزون عن تحقيق حتى الحد الأدنى من الوحدة الاقتصادية، وبدلا من ذلك أصبح التوجه العربي نحو تحالفات محلية عربية غير مؤثرة أو تحالفات إقليمية لها تأثيراتها في الإيقاع السياسي العربي .
لقد استثمرت إسرائيل وما تزال آثار وتداعيات حرب عام 1967 فمن جهة تحاول إسرائيل اختراق الأسوار العربية التي كانت تحاصر إسرائيل قبل الحرب وذلك تحت دعاوى وأكاذيب قوامها الدعوة لتحقيق سلام مع الدول العربية وإقامة العلاقات معها وتطبيع هذه العلاقات ، ودعوات أخري لإقامة ما يسمى بشرق أوسط جديد وفتح الأسواق العربية للمنتجات الإسرائيلية الخ من محاولات ، ومن جهة أخرى تسارع إسرائيل بنهب الأراضي الفلسطينية من أصحابها الشرعيين لإقامة المزيد من المستوطنات وجلب المهاجرين اليهود إليها تحت دعاوى دينية وتاريخية باطلة تارة وتارة أخرى تحت دعاوى مراعاة النمو الطبيعي للسكان المستوطنات غير عابئة بكل الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية التي تطالبها بوقف الاستيطان .
لم يمضي أكثر من شهر واحد بقليل على انتهاء حرب الخامس من يونيو 1967 وبالتحديد يوم 16/7/1967 حتى قدم إيجال ألون الوزير في الحكومة الإسرائيلية حينئذ ورئيس الحكومة فيما بعد مشروعا يقضي بإقامة شريط من المستوطنات على طول نهر الأردن ، ثم توالت المشاريع الاستيطانية حيث قدم كل من موشيه دايان وغاليلي مشاريع استيطانية لم تأخذ الحكومة الإسرائيلية بأي من هذه المشاريع لرغبتها بعدم الالتزام بأي واحد ربما لان كل من هذه المشاريع تتناول الاستيطان من زاوية معينة والأفضل لها ترك الأبواب مفتوحة لتنفيذ المشاريع والسياسات الاستيطانية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الكبرى المتمثلة في السيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة وطرد سكانها منها ، وهو ما تضمنته البنود الواردة في الخطط الثلاث ، وبالفعل سارعت أجهزة التخطيط في الحكومة الإسرائيلية والحكومات اللاحقة بالتخطيط بكل دقة لإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية .
لقد تمكنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال الفترة من 1967 - 2008 من إنشاء 440 موقعا استيطانيا في الضفة الغربية (16) بالإضافة إلى 22 مستوطنة في قطاع غزة " تم إخلاؤها عام 2005" وعليه فإننا سنتناول هنا الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس .

التوزيع الجغرافي والديموغرافي للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية

تبلغ مساحة الضفة الغربية 5844 كيلومتر مربع ، وبلغ عدد سكانها الفلسطينيين 2281714 نسمة حسب نتائج التعداد الشامل الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2007 وقد بلغ عدد المواقع الاستيطانية التي أقامتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في الضفة الغربية منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967 وحتى العام 2008م 440 موقعا استيطانيا حسب نتائج الإحصاء الذي قام به الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وتشمل هذه المواقع :
• 144 مستوطنة
• 96 بؤرة استيطانية داخل حدود المستوطنات
• 109 بؤرة استيطانية خارج حدود المستوطنات
• 48 موقعا عسكريا
• 43 مواقع أخرى
إن إنشاء 440 موقعا استيطانيا في الضفة الغربية في الوقت الذي بلغ فيه عدد التجمعات السكانية الفلسطينية 524 تجمعا فإذا استبعدنا بعض التجمعات السكانية الفلسطينية القليلة السكان والبعيدة نسبيا عن مراكز المدن والبلدات الرئيسية وتم تصنيفها تجمعات قائمة بذاتها فإننا نلاحظ أن كل بلدة أو مدينة فلسطينية يقابلها موقعا استيطانيا في مؤشر خطير للسياسة الإسرائيلية نحو السيطرة على الأراضي الفلسطينية وجلب مزيد من اليهود المهاجرين متى سنحت لها الفرصة مستفيدة من كل الظروف الفلسطينية والإقليمية و الدولية المحيطة بشعبنا فإذا كانت اليوم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تضم 500670 مستوطن حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2008 فإن هذا العدد هو مقابل 2281714 مواطن فلسطيني أي بمعدل 1 مستوطن / 4.5 فلسطيني وهذا معدل مرتفع بكل المقاييس وبالتأكيد تسعى إسرائيل إلى زيادة هذا العدد وذلك عبر مشاريعها وخططها للتوسع الاستيطاني ،و تتوزع المستوطنات الإسرائيلية على المحافظات الفلسطينية على النحو التالي:






الرقم المحافظة عدد المستوطنات ملاحظات
1 القدس 26 تم ضم16 مستوطنة منها إلى إسرائيل
2 رام الله والبيرة 24 تم ضم 4 مستوطنات منها إلى إسرائيل
3 الخليل 19 تم ضم 1 مستوطنة منها إلى إسرائيل
4 أريحا والأغوار 17
5 بيت لحم 13
6 سلفيت 12
7 نابلس 11
8 قلقيلية 7
9 طوباس 7
10 جنين 5
11 طولكرم 3

المصدر: مسح المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية 2008 ، أغسطس 2009

يلاحظ من الجدول السابق وجود 59.7% بواقع 86 مستوطنة من إجمالي عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية في 4 محافظات وهي القدس ورام الله وسط الضفة الغربية والخليل في جنوب الضفة الغربية وأريحا والأغوار على نهر الأردن ، كذلك هناك 17.7% من المستوطنات بواقع 25 مستوطنة في محافظتي بيت لحم وسلفيت أم باقي المستوطنات فتتركز في نابلس 7.6% وطوباس وقلقيلية بنسبة4.9 % لكل منهما وبواقع 11 مستوطنة في نابلس و7 مستوطنات في كل طوباس وقلقيلية ، ثم تأتي محافظة جنين التي انشيء فيها 5 مستوطنات بنسبة 3.5% واخبرا محافظة طولكرم التي انشيء فيها 3 مستوطنات فقط بنسبة 2% من إجمالي المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية
ويلاحظ من توزيع المستوطنات الإسرائيلية على المحافظات الفلسطينية أن إقامة المستوطنات لم يكن عبثيا حيث اخذ المخططون الإسرائيليون في اعتبارهم العديد من الأسس عند إنشاء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية منها (17):
• خلو المكان من السكان العرب
• قرب الموقع من التجمعات السكانية الفلسطينية
• تمتع الموقع بميزة إستراتيجية
• إشراف الموقع على مفترقات الطرق الرئيسية قرب الموقع من الحدود الإقليمية
• إمكانية استغلال الموقع للإنتاج الزراعي .
ولهذا جاء توزيع المستوطنات وفق مبدأ الانتشار مع التركز للمستوطنات في المحافظات الفلسطينية طبقا للأسس السابقة الذكر .
أن التوزيع الجغرافي على المحافظات الفلسطينية لا يكفي لبيان الأبعاد الحقيقية لإستراتيجية وأهداف إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية الرامية إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية وإخلائها من سكانها الأصليين من الشعب الفلسطيني وإحلال جموع المهاجرين اليهود بدلا منهم، ولمعرفة هذه الأبعاد لا بد من نظرة فاحصة إلى خريطة توزيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية الذي يظهر فيها أن توزيع المستوطنات يأخذ شكلين رئيسيين هما:
• الأول : الانتشار مع التركز ويقصد بالانتشار هنا أن المستوطنات تم توزيعها في أماكن مختلفة من الضفة الغربية حول المدن الرئيسية وعلى طول الطرق الرئيسية ، وعلى التلال والمرتفعات والمناطق الإستراتيجية بحيث تنتشر المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية بمعدل كثافة يصل إلى موقع استيطاني لكل 13 كيلومتر مربع ، وهذا معدل كبير جدا يهدد وحدة الأراضي الفلسطينية وحركة المواطنين والتخطيط المستقبلي للتوسع العمراني الفلسطيني لمواجهة النمو الطبيعي للسكان أما التركز فيعني تركيز عدد كبير من المستوطنات في مناطق معينة وفي كتل كبيرة بين المدن الفلسطينية الكبرى مثل كتلة موديعين بين القدس ورام الله وكتلة غوش عتصيون بين الخليل وبيت لحم ، ومجموعة المستوطنات داخل مدينة الخليل ، أو جعلها كأحزمة حول المدن مثل الحزام الاستيطاني حول القدس ونابلس ورام الله والخليل وبيت لحم لتحاصر هذه المدن وتعيق أو تمنع التواصل الجغرافي بينها وبين باقي التجمعات السكانية الفلسطينية .
• الثاني: أن المواقع الاستيطانية تأخذ شكل المحاور او النطاقات داخل الضفة الغربية مثل محور أرئيل أو عابر السامرة الذي أقيم عليه 12 مستوطنة من بينها مستوطنة ارئيل اكبر المستوطنات وهذا المحور من شأنه أن يقسم الضفة الغربية إلى قسمين شمالي وجنوبي مع تسهيل التواصل بين إسرائيل داخل حدود 1948 وغور الأردن في الضفة الغربية وهنا تكمن خطورة هذا المحور العسكرية والإستراتيجية ، كما تأخذ المستوطنات شكل الطوق الذي يلف الضفة الغربية على طول حدودها مع إسرائيل والأردن ، وتهدف إسرائيل من هذا التوزيع إلى:
• محاصرة المواطنين الفلسطينيين والتحكم في حركتهم من والى العالم الخارجي من خلال التحكم في الحدود بما فيها المنافذ والمعابر .
• محاصرة الفلسطينيين وتقييد حرياتهم في الحركة والتنقل لممارسة نشاطاتهم الاجتماعية والاقتصادية من خلال نشر مئات الحواجز العسكرية على الطرق الرئيسية وبوابات المدن والبلدات الفلسطينية .
• تحويل التجمعات السكانية الفلسطينية إلى جيوب منعزلة تحيط بها المستوطنات من كل جانب واعاقة أي مخطط فلسطيني للتمدد العمراني داخل مدنهم وقراهم لمواجهة النمو الطبيعي للسكان .
وفيما يلي عرضا للمحاور والكتل والأحزمة الاستيطانية في الضفة الغربية من خلال قراء وتحليل خريطة الجدار الصادرة عن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ( بيتسيلم) والمنشورة في أيلول عام 2006 وخريطة الاستيطان الصادرة عنMidle East Peace Foundation For. والخرائط الصادرة عن المركز الجغرافي الفلسطيني للاستيطان والبلدات الفلسطينية وإعادة الانتشار والطرق في دولة فلسطين وجميعها بمقياس رسم 1:150000 في الفترة مابين عامي 1995-2000
أولا : المحاور الاستيطانية
1 – المحور الغربي
يأخذ هذا المحور شكل نطاق يمتد على طول الحدود الغربية للضفة الغربية مع إسرائيل ( حدود الرابع من حزيران 1967 ) بعرض يصل إلى نحو 3 كيلو متر إلى الشرق، ويبدأ من مجموعة المستوطنات الغربية التي أقيمت في محافظة جنين وهي مستوطنات ريحان ، شاكيدا وحينانيت شمالا إلى مستوطنات تانا وشيمعا في محافظة الخليل جنوبا ويضم هذا المحور نحو40 مستوطنة بالإضافة إلى مستوطنات غلاف القدس البالغة عددها 19 مستوطنة تضم مستوطنات هذا المحور نحو 299000 مستوطن إسرائيلي أي بنسبة 59.7% من أجمالي عدد المستوطنين في الضفة الغربي ويضم هذا المحور ثلاث كتل استيطانية كبرى تعتبر اكبر التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية من حيث عدد المستوطنين وهي:
• كتلة غوش عتصيون بين مدينة الخليل وبيت لحم ، وتتكون من مستوطنات مجدال عوز، كفار عتصيون، إفرات، الون شيفوت، بات عين، اليعازر، روش تسوريم، نيفيه دنيئيل، بيتار عيليت، وتضم مستوطنات هذه الكتلة نحو 52500 مستوطن حسب إحصاءات مركز الإحصاء الإسرائيلي لعام 2008 ، أي بنسبة 10.5% من إجمالي عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية طبقا للإحصاءات الإسرائيلية ويلاحظ على مستوطنات هذه الكتلة اتصالها المباشر بالحدود الإسرائيلية مع الضفة الغربية من جهة وتطويقها لمدينة بيت لحم من الغرب والجنوب بينما يستكمل مستوطنات غلاف القدس الطوق من الشمال .
• غلاف القدس وهو اكبر التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية على الاطلاق ويضم مستوطنات كفار ادوميم ، معاليه ادوميم ، كيدار ، التلة الفرنسية، جفعات بنيامين، جيلو ، رامات اشكول، رامات الون، رامات شلومو، بسجات زئيف، جفعات زئيف ، موفو حورون ، جفعات هاحدشاه ، عطروت، هاردار، ميتسور ادوميم ،بيت حورون، نيفيه يعقوب ، هارحوما( جفعات همتوس) وتضم هذه المستوطنات نحو 185000 مستوطن أي بنسبة 37% من إجمالي عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية حسب إحصاءات مركز الإحصاء الإسرائيلي لعام 2008 .
• كتلة موديعين وتقع بين مدينة القدس ورام اللة وتضم مستوطنات لبيد ، منورا، حشمونئيم، متتياهو، موديعين عيليت ، مكابيم وتضم هذه المستوطنات نحو 61500 مستوطن إسرائيلي أي بنسبة 12.3% من إجمالي عدد المستوطنين الإسرائيليين حسب إحصاءات مركز الإحصاء الإسرائيلي .
ويعتبر هذا المحور ذو أهمية إستراتيجية كبرى بالنسبة لإسرائيل للأسباب التالية:
• أسباب أمنية حيث انه يشكل حائطا استيطانيا يعمل على عزل السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية عن إسرائيل خاصة بعد تدعيم هذا الحائط بجدار الفصل الذي تقيمه إسرائيل على طول حدودها مع الضفة الغربية.
• أسباب اقتصادية ، حيث أن مستوطنات هذا المحور تقوم على اكبر أحواض المياه الجوفية العذبة في الضفة الغربية (الحوض الغربي) لتمكين إسرائيل من ضخ كميات كبيرة من مياهه لاستخداماتها الزراعية في الوقت التي تحرم الفلسطينيين من هذه المياه ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل تستنزف نحو 25 % من استهلاكها للمياه من مياه هذا الحوض .
• أسباب سياسية وتوسعية ، حيث تسعى إسرائيل إلى ضم الأراضي التي تقام عليها مستوطنات هذا المحور وخصوصا الكتل الاستيطانية الكبرى مثل موديعين وغوش عتصيون ومعالية ادوميم وغلاف القدس .
من هنا تكمن خطورة هذا المحور على الصعيد الفلسطيني لللاسباب التالية:
• إن هذا المحور يشكل في حقيقة الأمر نطاقا استيطانيا يهدد حياه نحو 550000 مواطن فلسطيني غير سكان مدينة القدس موزعين على نحو 120 بلدة ومدينة فلسطينية ، وخصوصا وان إسرائيل ماضية في فرض سياسة الأمر الواقع بإقامتها جدار الفصل العنصري التي تسعى لجعل معظم مستوطنات هذا المحور داخل الجدار غير عابئة بتأثيرات هذا الجدار على حياه الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى التأثيرات البيئية .
• إن هذا المحور سيعمل على تمزيق الأراضي الفلسطيني وتقطيع أوصالها خاصة بعد استكمال الخطط الإسرائيلية لبناء جدار الفصل العنصري والذي سيتوغل كثيرا في عمق الأراضي الفلسطينية ، ليضم معظم منطقة سلفيت وأجزاء كبيرة من محافظة رام الله كما انه سيصل إلى مشارف مدينة بيت لحم كما سيضم جميع مستوطنات غلاف القدس بما فيها مستوطنة معاليه ادوميم التي تتوغل كثيرا إلى الشرق من مدين القدس لتشرف مباشرة على منطقة الأغوار ، إذن ستكون النتيجة توغل الجدار كثيرا في أكثر المناطق الفلسطينية كثافة للسكان ويقطع جميع الطرق الواصلة بين شمال وجنوب الضفة الغربية .
• على الصعيد السياسي سيعمل هذا المحور على عرقلة بل فشل أي عملية سلمية بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي ، وخاصة أن إسرائيل دائمة التلويح بضم الكتل الاستيطانية الكبيرة إلى إسرائيل وهي كتلة موديعين وكتلة غوش عتصيون وغلاف القدس بما فيه معاليه ادوميم ومحور ارئيل هذا يعني أن أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية سيضم إلى إسرائيل الأمر الذي سيصبح معه أن لا معنى لدولة فلسطينية مستقبلا.

2 - محور ارئيل ( عابر السامرة )
وهو من المحاور الحساسة والخطيرة بل والإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل فهو عبارة عن منطقة جغرافية تأخذ شكل اللسان الذي يمتد من الحدود الإسرائيلية الفلسطينية عند بلدة كفر قاسم داخل الخط الأخضر ( حدود الرابع من حزيران 1967 ) حتي يتقاطع مع طريق رقم 60 الواصل بين القدس ونابلس عند بلدة زعترة و يضم أجزاء من أراضي محافظة قلقيلية ومعظم أراضي محافظة سلفيت وأجزاء من محافظة نابلس ، لقد اقيمت في هذا المحور عددا من المستوطنات هي اورانيت ، شعاري تكفا ، عيتس افرايم ، ايلي زاهاف، بروخين ، بيت آريه، بركان ، بركان الصناعية ، كريات نطفيم رفافا ، ارئيل .
إن خطورة هذا المحور في إمكانية تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين شمالي وجنوبي ، وسرعة انتقال القوات العسكرية الإسرائيلية من داخل إسرائيل إلى وادي الأردن بكل سهولة ويسر في حالة نشوب أي نزاع عربي إسرائيلي .فهو إذن يستطيع وصل المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في منطقة الأغوار بإسرائيل ، بلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين في المستوطنات الإسرائيلية التي يضمها محور ارئيل 35342 مستوطن أي بنسبة 7% من إجمالي عدد المستوطنين في الضفة الغربية، وهناك خمسة مستوطنات أخري تقع بالقرب من هذا المحور إلى الشمال حيث تعتبر الأراضي المقامة عليها هذه المستوطنات امتدادا للأراضي التي يمر منها المحور وجميعها تحت السيطرة الإسرائيلية ومصنفة مناطق C ويبلغ عدد سكان هذه المستوطنات 10568 مستوطن وهي مستوطنات ، عمانوئيل 2890 مستوطن، كرني شمرون 6559 مستوطن، معاليه شمرون 582 مستوطن، نوفيم 410 مستوطن، ياكير 127 مستوطن.

المحور الشرقي
أقيم في هذا المحور 30 مستوطنة تبدأ من مستوطنة ميحولا في اقصى الشمال في منطقة طوباس إلى مستوطنة متسيه شالوم على الشاطئ الغربي للبحر الميت في محلفظة بيت لحم ، وقد أقيمت هذه المستوطنات بناء على خطة ألون الذي تقضي بفرض السيطرة على المناطق الحدودية وأهمها غور الأردن وجاء موقع هذه المستوطنات عند أقدام السفوح الشرقية للمرتفعات الوسطى بحيث تتراوح المسافة بينها وبين نهر الأردن بين 1.5 -6 كيلومتر .
بلغ عدد سكان مستوطنات هذا المحور 7152 مستوطن عام2008 ، ويقع في هذه المنطقة 16 تجمعا سكانيا فلسطينيا أكبرها مدينة أريحا ومخيمات عين السلطان وعقبة جبر بلغ إجمالي عدد سكانها 41418 نسمة عام 2007، وعلى الرغم من أن عدد المستوطنين في هذا المحور قليل قياسا بعدد المستوطنات إلا انه يشكل خطورة كبيرة إذ إن سكان هذه المستوطنات وطبيعة هذه المستوطنات هي للعسكرية اقرب من كونها مستوطنات مدنية حيث تأخذ صفة الناحال بمعنى أنها مواقع وقواعد عسكرية هذا من جهة من جهة أخرى فإن هذه المنطقة تعتبر منطقه مخلخلة من حيث الكثافة السكانية الفلسطينية الأمر الذي يتيح لإسرائيل سهولة زيادة عدد المستوطنين مستفيدة من سيطرتها الكاملة على هذه المناطق الممتدة بين شاطئ البحر الميت الشمالي وحتى منطقة طوباس في الشمال .
من خلال ما سبق رأينا كيف استطاعت إسرائيل من إنشاء 101 مستوطنة على طول الحدود الشرقية للضفة الغربية وعلى حدود عام 1967 ، وهي بذلك تكون قد نفذت خطة ألون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق والتي تقضي بالسيطرة والتحكم في المناطق الحدودية والإستراتيجية ، أما باقي المستوطنات والبالغ عددها 43 مستوطنة يسكنها نحو 65000 مستوطن نشرتها إسرائيل حول المدن الفلسطينية الرئيسية لتشكل احزمه استيطانية مطوقة هذه المدن أو على مفترقات الطرق الرئيسية التي تربط المدن والبلدات الفلسطينية بعضها بالبعض الآخر ، أو على المناطق المرتفعة المطلة على المدن كمراكز مراقبة ونقاط عسكرية، وفيما يلي عرضا لبعض مواقع هذه المستوطنات حول المدن الفلسطينية .
• مدينة نابلس ، وتحاصرها مجموعة مستوطنات وهي : من الشرق مستوطنة ألون موريه ، ايتمار ، هار برخاه، يتسهار ثم إلى الغرب مستوطنة شافي شمرون المقامة على الطريق طولكرم – نابلس .
• مدينة رام الله ، وتحاصرها من الشرق مستوطنات ، عوفرا ، بيت أيل ، بسجوت التي استخدمته قوات الاحتلال كقاعدة عسكرية لإطلاق النار بكثافة على منازل المواطنين الفلسطينين ، في مناسبات مختلفة خاصة اثناء عملية ما يسمى بالسور الواقي التي نفذتها إسرائيل في أواخر مارس 2002 . ثم مستوطنة كوخاف يعقوب ، مستوطنة طل تسيون ، ومن ثم مستوطنات غلاف القدس التي تحاصرها من الناحية الجنوبية
،أما من الجهة الشمالية فتقع مستوطنات دوليف ، وطلمون، ونحليئيل، وحلميش
• مدينة بيت لحم ، وتحاصرها من الجنوب الشرقي مستوطنات كفار دار ، تقواع، نكوديم ، ثم تأتي مستوطنات كتلة غوش عتصيون لتحاصرها من الغرب ومستوطنات غلاف القدس جيلو وهار جيلو وهار حوماه لتحاصرها من الشمال.
• مدينة الخليل ، وتحاصرها من الشرق مستوطنات كرمي تسور، كريات اربع،ناحال عمار، بيت هجاي، بيني حيفر، اما مستوطنة عوتنئيل فتتحكم في الطريق الرئيسي بين مدينة الظاهرية والخليل .
اما باقي المستوطنات فتنتشر في مواقع مختلفة ولاغراض مختلفة اهمها الاغراض العسكرية في الضفة الغربية .
وبعد أن استعرضنا التوزيع الجغرافي والديموغرافي للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تجب الإشارة الى:
اولا: اننا تناولنا عدد 144 مستوطنة فقط علما بان هناك 296 موقعا من المواقع الااستيطانية المختلفة منتشرة في مختلف انحاء الضفة وعلى نمط التوزيع الجغرافي للمستوطنات الأخرى التي تم تناولها وهي مستوطنات لم توقع على الخرائط ولم تتوفر حولها معلومات كافية ولكن يمكن التعرف عليها من خلال الصور الفضائية او الجوية .
ثانيا: من الناحية الديموغرافية كان تناولنا لعدد المستوطنين وهو الأهم في نظرنا ، أما النواحي الديموغرافية فسوف نتناولها في مكان آخر من هذه الدراسة.

التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية

لم تكتف إسرائيل بهذا العدد من المواقع الاستيطانية وهذا العدد من المستوطنين ، بل تعمد إلى التوسع الاستيطاني والإمعان فيه وذلك من خلال اتجاهين رئيسيين هما:
أولا : تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها وذلك بتنفيذ ممارساتها البعيدة كل البعد والمنافية للقوانين والأعراف الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة ومن هذه الممارسات :
- بناء المستوطنات الإسرائيلية في مناطق قريبة من المدن والبلدات الفلسطينية لإعاقة نموها العمراني ومضايقة المواطنين الفلسطينيين وإعاقاتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية في مختلف الأنشطة.
- إقامة مئات الحواجز العسكرية على بوابات المدن ومفترقات الطرق الرئيسية ، لتسبب معاناة يومية للمواطنين في التنقل من والى مدنهم وقراهم ، كما تعمل على تمزيق أوصال الأراضي الفلسطينية فقد بلغ عدد الحواجز العسكرية الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية 518 حاجزا على النحو التالي (18):

توزيع الحواجز العسكرية الإسرائيلية على المحافظات الفلسطينية انــــــــــــــــــــواع الحواجــــــــــــــــــــــــز
.الرقم المحافظة عدد الحواجز نوع الحاجز العدد
1 الخليل 182 عادية 50
2 القدس 29 ترابية 236
3 أريحا 15 أبراج مراقبة 50
4 بيت لحم 44 حواجز طيارة 7
5 طولكرم 32 أنفاق مخطط لها 11
6 طوباس 4 حواجز إسمنتية 57
7 سلفيت 25 بوابات حديدية 49
8 رام الله 70 بوابات زراعية 39
9 حنين 21 أنفاق قادمة 23
10 نابلس 73
المجمــــــــــــــــوع 518 518

المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية – أريج ، السياسات والمخططات الإسرائيلية للعزل والاستيطان في الأراضي الفلسطينية ، آذار 2007

- إقامة المزيد من الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات بعضها بالبعض الآخر من جهة وبينها وبين إسرائيل من جهة أخري حيث بلغت أطوال الطرق الالتفافية التي شقتها إسرائيل في الضفة الغربية 795 كيلو متر شغلت مساحة 80 كيلو متر مربع أي ما يعادل 1.4 من مساحة الضفة الغربية ومن الجدير بالذكر فان هذه الطرق يحظر على الفلسطينيين استخدامها.
- التصفية الجسدية ، بالاغتيالات والقصف الجوي للمناطق السكنية الأهلة بالسكان أو بإطلاق النار العشوائي على البلدات والمدن الفلسطينية وقد أسفرت هذه الاعتداءات على سقوط نحو 5800 شهيد فلسطيني بالإضافة إلى 1413 شهيد سقطوا في قطاع غزة نتيجة الحرب الأخيرة على غزة في الفترة من 27/12/2008 وحتى23/1/2009 . ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى .
- إطلاق يد المستوطنين الإسرائيليين ليعيثوا في الأرض الفلسطينية فسادا تحت سمع وبصر وحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي وبأشكال مختلفة ، منها الاعتداءات الجسدية على المواطنين بالضرب أو بالدهس بالسيارات أو بإطلاق الكلاب الضالة والمتوحشة على المواطنين وقد سجلت وسائل الإعلام المرئية في مختلف أنحاء العالم صورا من هذه الاعتداءات، ومنها الاعتداءات على ممتلكات المواطنين وأراضيهم وتمثلت في العديد من الممارسات من اقتلاع للأشجار وحرقها والاعتداء على المنازل وسرقتها وإحراق سيارات المواطنين وتسميم المزروعات والحيوانات.
- هدم منازل المواطنين وتركهم في العراء ، حيث هدمت قوات الاحتلال بالكامل آلاف المنازل ففي قطاع غزة فقط دمرت نحو 5 آلاف منزل في الحرب الأخيرة على غزة بالإضافة إلى إصابة نحو 20 ألف منزل بأضرار كبيرة ، وكانت قد دمرت تدميرا كليا نحو 8100 منزل في الأراضي الفلسطينية في السنوات الأولى من انتفاضة الأقصى بالإضافة إلى إلحاق الأضرار بنحو 70 ألف منزل .
- تدمير المزارع وتجريف الأشجار حيث جرفت قوات الاحتلال أكثر من 82 ألف دونم من الأراضي الزراعية واقتلعت أكثر من مليون ونصف المليون شجرة مثمرة ، وتدمير مرافق البنية التحتية والمنشآت الصناعية والمباني الحكومية .
- مصادرة وتجريف 249521 دونم لصالح جدار الفصل العنصري .
- طرد السكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وحرمانهم من حق الإقامة والعمل ففي مدينة القدس قامت قوات الاحتلال بسحب نحو 8000 بطاقة الهوية من مواطنين فلسطينيين مقدسيين، وأخيرا كان الأمر العسكري الإسرائيلي رقم 1650 الذي يقضي بطرد أبناء قطاع غزة والمقيمين في الضفة الغربية الأمر الذي ينبئ ببدء عملية إسرائيلية كبيرة لترحيل أعداد كبيرة من المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى خارجها وإعلان صريح عن شن حرب ديموغرافية ربما تكون الأخطر بعد حرب عام 1948 (19) .
ثانيا: استجلاب المهاجرين اليهود للإقامة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، وبناء المزيد من الوحدات السكنية في هذه المستوطنات لاستيعاب المهاجرين الجدد ، وقد نشطت الحكومات الإسرائيلية في هذا المجال اذ يمكن أن نلمس الزيادة الكبيرة في أعداد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بالمقارنة مع الزيادة السكانية في إسرائيل ، فقد نشر مركز الإحصاء الإسرائيلي إلى أن معدل زيادة المستوطنين بلغت 5.78 % عام 2008 وهي نسبة كبيرة إذا ما قورنت بمعدل الزيادة داخل إسرائيل والتي تراوحت بين 1.5% و 2% ، وهذا يؤشر إلى أن الزيادة في عدد المستوطنين في الضفة الغربية إنما مرجعها إلى المهاجرين الجدد الوافدون للإقامة في هذه المستوطنات وليس كما تدعي إسرائيل بأنه نمو طبيعي لسكان المستوطنات .
ولمواجهة أعداد المهاجرين اليهود المتزايدة شرعت الحكومات الإسرائيلية باعتماد العديد من الخطط لاستيعاب آلاف من المستوطنين القادمين لللاقامة والسكن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وعلية فقد أصدرت الحكومات الإسرائيلية وعبر الحكام العسكريين للضفة الغربية مئات القرارات والأوامر العسكرية التي تقضي ب:
• مصادرة الأراضي من أصحابها الفلسطينيين .
• هدم المنازل بحج عدم الترخيص .
• بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات الإسرائيلية .
في نفس الوقت قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بوضع الخطط لتشجيع الهجرة إلى المستوطنات في الضفة الغربية وذلك عن طريق منح المزايا والإغراءات المالية مركزة على العناصر اليهودية التي تميل وتساند فكرة الدولة اليهودية
وقد نشطت 6 وزارات إسرائيلية في هذا المجال بتقديم الدعم المالي واللوجستي وتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية وهي :
وزارة البناء و الإسكان الإسرائيلي
دائرة أراضي إسرائيل الإسرائيلية
وزارة التعليم الإسرائيلية
وزارة الصناعة و التجارة الإسرائيلية
وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية
وزارة المالية الإسرائيلية
إن ذكر القرارات والأوامر العسكرية الإسرائيلية يحتاج إلى صفحات عديدة لأنها كثير وتعد بالمئات ، ويقوم الآن العديد من المؤسسات برصد وتوثيق هذه الأوامر ، ولكننا هنا سنذكر مثالا حول قرارات الحكومات الإسرائيلية لبيان حجم الهجمة الاستيطانية التي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية حيث أصدرت عدة جهات رسمية إسرائيلية عطاءات لبناء 76818 وحدة سكنية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، ولدعم هذا المشروع قررت الكنيست الإسرائيلي تخصيص 250 مليون دولار لدعم هذه المشاريع وذلك في سياق إقرارها لميزانية 2009/2010 ، يخصص منها 40 مليون دولار لبناء حي استيطاني جديد في مستوطنة معاليه ادوميم ، و125 مليون دولار لتغطية النفقات الأمنية للمستوطنات أما الباقي فمخصص لبناء الطرق وبناء وحدات سكنية في مستوطنة هارحوماه.


وفي العام 2009 طرحت عطاءات لبناء 28000 وحدة سكنية منها 12000 وحدة سكنية في القدس الشرقية ، وعندما تولى نتنياهو الحكم في إسرائيل تمت الموافقة على بناء 11865 وحدة سكنية منها 8623 وحدة في القدس الشرقية
وتعتمد إسرائيل في تمويل مشاريعها الاستيطانية على المساعدات السخية التي تتلقاها من رجال الأعمال اليهود المنتشرين في مناطق مختلفة من العالم وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية ،ومن بينهم الملياردير اليهودي ايرونيج موسكوفيتش الذي قدم 190 مليون دولار لدعم الاستيطان ، وكذلك المساعدات التي تتلقاها من الحركات والجماعات اليهودية المختلفة ، إلا إن المساعدة الأكبر تكمن في المساعدات الأمريكية لإسرائيل إذ قدمت الولايات المتحدة الأمريكية عشرات المليارات من الدولارات لإسرائيل بل شكلت المساعدات المالية المقدمة من الولايات الأمريكية لإسرائيل نحو 30% من إجمالي المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية على مستوي العالم بالإضافة إلى تقديمها لكل أشكال الدعم العسكري لتصبح إسرائيل من كبار الدول التي تمتلك ترسانات أسلحة تهدد بها امن المنطقة والعالم .
لقد بلغ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية درجة خطيرة تهدد أي خطط للتنمية الفلسطينية ، بل تهدد الوجود الفلسطيني ، حيث ان الزيادة في الاستيطان ليست زيادة في عدد المستوطنين فحسب بل زيادة في المساحة العمرانية التي تشغلها المستوطنات والتي فاقت في بعض المحافظات المساحة العمرانية للفلسطينيين كما يوضحها الجدول التالي:

الرقم المحافظة المساحة العمرانية الفلسطينية المساحة العمرانية للمستوطنات النسبة المئوية إلى المناطق الفلسطينية
1 الضفة الغربية 294,846 كلم مربع 188,266 63.8%
2 طوباس 5,17 7,518 1454%
3 قلقيلية 8,466 11,770 139%
4 سلفيت 8,719 18,147 208%
5 أريحا 7,199 23,425 325.5%
6 القدس 35,646 40,011 112%
7 نابلس 25,438 16,248 63.9%
8 رام الله 47,830 31,268 65%
9 بيت لحم 25,370 18,158 71.6%

المصدر : معهد الدراسات التطبيقية –أريج بتصرف، تقرير تصاعد قوى التطرف الديني في المستوطنات على الصعيد السياسي في إسرائيل 18/12/2009
ويشير الجدول السابق إلى تفوق المساحة العمرانية للمستوطنات الإسرائيلية على المساحة العمرانية الفلسطينية في عدد من المحافظات هي طوباس ،قلقيلية ، سلفيت، أريحا، القدس في حين ارتفعت كثيرا عن نصف المساحة في محافظات كل من نابلس ورام الله وبيت لحم .

اثر الجماعات الدينية اليهودية في الاستيطان الإسرائيلي

إن المتتبع لتاريخ الاستيطان اليهودي في فلسطين فكرته وفلسفته منذ بداياته الأولى حتى الآن يدرك تماما أن فكرة الاستيطان هي فكرة استعمارية محضة هدفها الأول نهب الموارد الاقتصادية الغنية لمنطقة الشرق الأوسط خصوصا العربية منها ، والسيطرة والتحكم في مصير شعوب المنطقة واستعبادها ، وقد صبغت هذه الأهداف بالصبغة الدينية تماما كما صبغت بها أهداف الحملات الصليبية المتوالية على منطقة الشرق العربي في العصور الوسطى والتي اعتقد جازما بان الحملات الاستيطانية اليهودية في فلسطين والتي بدأت في أواخر القرن السابع عشر الميلادي لا تعدو كونها إلا امتداد للحملات الصليبية وان اختلفت الراياتين في الظاهر راية الصليب وراية نجمة داوود فالرايتان تنبعان من مصدر واحد ولهما نفس الرؤى والأهداف ، حيث دفعت أوروبا هذه الحملات الأخيرة لتحمل شتات اليهود إلى خارج أوروبا للتخلص منهم بعد أن اجبروا على العيش في معازل "جيتوهات" وما لبث أن اتسع نطاق هذه الحملات لتحمل اليهود من مختلف بقاع الأرض .
لقد انطلقت هذه الحملات تحت دعاوى دينية باطلة روج لها العديد من منظري الحركات الصهيونية خلال الفترة الماضية عنوانها إحياء التاريخ اليهودي بعد انقطاع دام عشرات القرون وذلك بالسعي للعودة إلى ارض الميعاد .
من رحم هذه الدعاوي انبثقت الجماعات الدينية المسيحية واليهودية وخصوصا المتطرفة منها لتلعب دورا خطيرا في توجيه ودعوة اليهود للهجرة إلى فلسطين مسخرين بذلك كل إمكانياتهم المادية والثقافية والإعلامية وفق عدد من الأسس التي تعتبر منهجهم لتحقيق أهدافهم وهذه الأسس كما نرى :
• *إنكار الآخر أو بمعنى آخر إنكار وجود الشعب العربي الفلسطيني على ارض فلسطين ، حيث بداوا يروجون مقولة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
• اقتلاع السكان الأصليين من أرضهم بشتى الوسائل أهمها القتل والتدمير والحرق وكل صور الإرهاب الفكري والمادي .
• التعمير ، تعمير ما تم تدميره من ممتلكات العرب الفلسطينيين لخلق واقعا يهوديا جديدا بدلا من الواقع العربي الفلسطيني أي بمعنى فرض سياسة الأمر الواقع.
• الدعاية الإعلامية القوية والمنظمة القائمة على الكذب والتزوير وذلك بنشر العديد من الاذرعة على شكل مكاتب ذات مهام مختلفة وجمعيات ومؤسسات اقتصادية واجتماعية وثقافية في مختلف أنحاء العالم والعمل على تجنيد الأموال وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين .
• التغلغل النشط في أوساط النخبة في المجتمعات المختلفة خصوصا المجتمعات الأوروبية والأمريكية من الإعلاميين والسياسين والاقتصاديين والمفكرين والمثقفين لضمان استمرار الدعم للكيان الإسرائيلي ومشاريعه .
وربما ما ورد في إصحاحات بني إسرائيل وإسفارهم من دعوة للقتل والتدمير للشعوب الأخرى خير دليل على نهج هذه الجماعات التي مارسته ضد أبناء الشعب الفلسطيني طوال قرن من الزمان أو ما يزيد وما زالت تمارسه،فقد جاء في سفر التثنية في الإصحاح العشرين عدد 10 وما بعده:
(حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك بالتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك ، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم، وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاها الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست في مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً، فلا تبق منها نسمه ما، بل تحرمها تحريماً:الحثيين والأموريين والكنعانيين، والغرزيين واليبوسيين، كما أمرك الرب إلهك).
إننا هنا ومع معرفتنا بالدور الخطير التي لعبته هذه الجماعات منذ بداية التفكير في استيطان فلسطين إلى يومنا هذا إلا إننا لسنا بصدد تناول الجماعات الدينية بشيء من التفصيل أو استعراض تاريخها ، ولكننا نريد الإشارة إلى دور الجماعات الدينية في تنفيذ المخططات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حرب عام 1967 م ، من هي هذه الجماعات ؟ وما هو تأثيرها في سكان إسرائيل من اليهود ؟ وما هو تأثيرها في دوائر صنع القرار الإسرائيلي ؟

لقد ظهرت العديد من الجماعات الدينية في إسرائيل من رحم التيار الديني المتطرف الذي مثله الحزب الديني القومي المفدال ، وقد كان لحرب عام 1967 ، وحرب عام 1973 الأثر الكبير في نشوء هذه الجماعات والتغيرات التي طرأت عليها فيما بعد حيث لعبت حرب عام 1967 ونتائجها من تحقيق نصر إسرائيلي ساحق على الدول العربية نتج عنه احتلال إسرائيلي لكامل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس وهضبة الجولان السورية وشبة جزيرة سيناء المصرية اكبر الأثر في تصديق المفاهيم الدينية حول إحياء التاريخ اليهودي وامجادة والعودة إلى ارض الميعاد الخ مما روجت له الحركة الصهيونية كثيرا ، أم حرب عام 1973 ما سببته من هزيمة كبرى لإسرائيل وجيشها التي طالما روجت بأنه الجيش الذي لا يقهر أحدثت انقلابا سياسيا كبيرا حيث صعد حزب الليكود المتطرف إلى سدة الحكم وما زال حتى الآن منذ تلك الفترة ولم يبتعد عن الحكم إلا قليلا ما يلبث العودة إليه ، الأمر الذي شجع على ظهور العديد من الحركات والجماعات الدينية المتطرفة ومطالبتها بلعب دور في رسم السياسات الإسرائيلية ومن أشهر هذه الجماعات :
• جماعة غوش ايمونيم جماعة "غوش ايمونيم" ومعناها كتلة الإيمان, تأسست علي يد موشي ليفنجر في أيار (مايو) عام 1974، ومعظم أتباعها من طلبه وشبيبة المدارس الدينية لحزب المفدال " الحزب الديني القومي " تدعم هذه الجماعة الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية لذلك رفعت شعارا " الاستيطان في كل أنحاء إسرائيل. وتضم الحركة عددا من أشهر حاخامات دولة الكيان البارزين. وتتميز هذه الجماعة عن سواها من المنظمات الإرهابية الصهيونية ، وتدعو إلى طرد الفلسطينيين بالقوة, وهي تحظى بدعم حكومي,خاصة بعد صعود حزب الليكود اليميني المتطرف ما وفر للحكومة الإسرائيلية فرصة المناورة على صعيد السياسة الخارجية فيما يخص الاستيطان بالادعاء بان الاستيطان يتم بصورة عشوائية .
• حركة أمناء: ومعناها الأمانة والميثاق ، هي حركة استيطانية أنشئت عام 1976 لمساندة وتدعيم جماعة غوش ايمونيم،ضمت زعامتها عددا من الشباب اليهود من المتدينين من خريجي المدارس الدينية وبدأت هذه الجماعة في العمل من أجل تدعيم الحركة الاستيطانية لغوش ايمونيم بتحركها لمنع الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 ، وتتدعو إلى التمرد على المؤسسات القائمة في حالة مخالفتها لما تنادي به التوراة ما لبثت أن انخفضت وتيرة نشاطها بعد الانسحاب الإسرائيلي من مستعمرة ياميت في شبه جزيرة سيناء ، إثر معاهدة السلام مع مصر في أبريل 1982 لكنها استمرت تدار بواسطة مجموعة صغيرة من الأعضاء المتفرغين الموظفين ولديها ممثلون منتشرون في أوروبا والولايات المتحدة .
• جماعة أمناء "جبل الهيكل" : هي إحدى المنظمات الإرهابية التي انتهجت ممارسة العديد من أشكال الإرهاب والاعتداء على المواطنين الفلسطينيين بهدف إكراههم على النزوح وترك أراضيهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم بحجة أنها جزء من "أرض إسرائيل الكاملة" التوراتية ، ارتبطت هذه الجماعة مع حركة كاخ وتدعو علنا لهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم مكانه وقد أنشأت لنفسها صندوقا وهو صندوق جبل البيت أو جبل الهيكل تتلقى تبرعاتها من مسيحيين متطرفون في كاليفورنيا من شخصياتها جيوشون سالمون الناشط في رابطة الدفاع الأمريكية اليهودية و ستانلي غولد فوت من جنوب إفريقيا وقد عمل كرجل مخابرات لجماعة شتيرن الإرهابية التي أقدمت على اغتيال الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة عام 1948.
• حركة كاخ : "هذا هو الطريق" : تأسست على يد الحاخام مئير كاهانا عام 1972 وهي منظمة إرهابية عنصرية فاشية النزعة أخذت تدعو إلى طرد العرب الفلسطينيين ومارست في حقهم أشكال القهر والإرهاب والتمييز العنصري ، ولها فروع نشطة للغاية في الولايات المتحدة تمدها بالدعم المالي وبحاجتها من الأسلحة ويقدر أعضاءها بالآلاف ويجري تدريب العديد منهم على السلاح ويتمركزون أساسًا في "كريات أربع" والخليل ولها فروع في المدن الكبرى مثل القدس وتل أبيب ، من أتباعها جودمان الذي نفذ جريمة الاعتداء على المسجد الأقصى عام 1982 والذي راح ضحيته عدد من المواطنين الفلسطينيين بين شهيد وجريح .
• حركة هتحيا : حركة سياسية يمينية, شديدة التطرف نشأت عام 1979 بعد انشقاقها عن حركة حيروت في أعقاب توقيع اتفاقية كامب ديفيد ، وهي حركة تدعو إلى السيطرة على المسجد الأقصى والمنطقة المحيطة به وإقامة المستوطنات في الضفة الغربية وهي ذات نظرة توسعية لأنه وعلى لسان قادتها دعت إلى ضم هضبة الجولان السورية لإسرائيل واعتبار لبنان جزء من ارض الميعاد ، ومن ابرز قادتها غيلولا كوهين وحنان بن بورات ويوفال نئمان..
• حركة كهانا حي : حركة إرهابية يمينية متطرفة ربما انبثقت عن حركة كاخ لعدم وجود خلاف إيديولوجي بين الحركتين ولكن الخلاف بين قادة الحركتين . حيث يرى زعيم حركة كهانا حي بنيامين وهو ابن الحاخام مائير كاهانا, نفسه خليفة أبيه الذي قتل في نيويورك ، ولديه قائمة بأهداف عربية فلسطينية لمهاجمتها ، والاعتداء عليها ويقيم معظم أفرادها في مستوطنة "كفار تفواح" شمال الضفة الغربية, ويرى أعضاء هذه الحركة وهم من يهود الولايات المتحدة الأمريكية أن "الشعب اليهودي" مقدس, وأن أرض (إسرائيل) مقدسة, لأنها تحمي الشعب من الناحية التربوية والدينية والطبيعية. ويتدرب على استخدام السلاح الفردي.
• حركة تسوميت : حركة قومية متطرفة, نشأت على يد رافائيل ايتان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق في عام 1983م . وهو من أشد اليهود تطرفا واستخدام العنف ضد العرب حين كان رئيسا للأركان. وتسعى الحركة إلى التركيز على الصهيونية مذهبا, لأنها هي الحركة المعنية بإعادة المجد إلى أرض صهيون. وتصر الحركة على بقاء القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل و تحت سيادتها, وترفض الانسحاب من الضفة, وتدعو إلى تكثيف الاستيطان فيها حصلت حركة تسوميت على 8 مقاعد في الانتخابات الثانية عشر عام 1988 وكانت قبل ذلك قد حصلت على 5 مقاعد في الانتخابات الحادية عشر بعد تحالفها مع حركة هتحيا ،
هذه هي ابرز الحركات والجماعات الدينية في إسرائيل ، وهناك العديد من الحركات الأخرى التي نشأت في ظروف مختلفة وجميعها حركات متطرفة تدعو إلى طرد العرب الفلسطينيين من أرضهم وتدعوا إلى تكثيف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وعدم الانسحاب منها ، وما زال أعضاء هذه الحركات يمارسون الاعتداءات اليومية على المواطنين الفلسطينيين سواء على الطرقات الرئيسية أو باقتلاع أشجارهم أو على ممتلكاتهم ، أو ببناء البؤر الاستيطانية في أماكن متفرقة من الضفة الغربية ومن هذه الحركات والجماعات:
• مجموعة حشمونائيم،
• منظمة بيتار - منظمة الشباب التصحيحيين
• رابطة التاج القديم.
• حركة هذه الأرض لنا
• مؤسسة هيكل القدس
• منظمة (سيودس شيسون)
• حركة حبّاد
• منظمة سكان الدقائق الخمس
• وحدات الدفاع الإقليمي 1978
• منظمة T.N.T (إرهاب ضد إرهاب)
• مجموعة معهد الهيكل
• نساء من جبل الهيكل المقدس
• حركة الحشمونيين : 1982
• حركة "جبل البيت" السرية
• جمعية تجديد الاستيطان اليهودي في مدينة القدس القديمة
• مجموعة "تاج الكهنة"
• حركة إسرائيل الفتاة
• رابطة صندوق جبل البيت
• حركة حي فاكيام (الحي القيوم)
• منظمة يشفيات اتريت كوهانين
• مجموعة آل هار هاشم
• حركة الاستيلاء على الأقصى
• حركة لفتا (قبيلة يهوذا)
• تنظيم سري داخل الجيش
إن هذا العدد من الجماعات الدينية المتطرفة قابل للزيادة أو النقص حسب الحراك السياسي الإسرائيلي ما ينتج عنه انضمام بعض الجماعات إلى بعضها الأخر أو انضمامها إلى حزب سياسي ما من الأحزاب الإسرائيلية ، أو بظهور جماعة جديدة ، المهم هنا أن هذه الجماعات نمت وترعرعت في تربة خصبة وفرها لها صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة حزب الليكود بعد الهزيمة الإسرائيلية في حرب تشرين الأول عام 1973 ، حيث وفرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فيما بعد الغطاء السياسي والحماية لهذه الجماعات ما مكنها من العمل بحرية حتى أصبحت قوية تفرض شروطها ومطالبها على الحكومات مستندة إلى جمهورها الضاغط ، ونجاحها في الوصول إلى البرلمان الإسرائيلي بعدد من المقاعد لا يستهان بها ، وربما نجد من المناسب هنا القول بان اليمين الإسرائيلي شهد نموا وتصاعدا مستمرا بعد حرب عام 1973 حتى بات يشكل الأغلبية في البرلمان ، على سبيل المثال لا الحصر فقد أشارت نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في الدورات الأربعة السابقة إلى إحراز أحزاب اليمين عددا اكبر من مقاعد البرلمان الإسرائيلي ( الكنيست ) كما يوضح الجدول التالي:

الرقم السنة عدد الأصوات ملاحظات
1 1999 56 ليكود19،ساش17،مفدال5،يهود التوراة حمتوحيدت ،إسرائيل بيتنا4،يسرائيل بعليا 6
2 2003 62 ليكود38،ساش11،يهود التوراة 5،المفدال6،يسرائيل بعليا2
3 2006 50 ساش12،ليكود12،المفدال9،يهود التوراة 6،يسرائيل بعليا11
4 2009 61 ليكود 27،إسرائيل بيتنا15،ساش11،يهوداالتوراه والسبت اغودات إسرائيل 5 ،البيت اليهودي3

المصدر:الموقع الالكتروني للكنيست الإسرائيلي http://www.knesset.gov.il ، بتاريخ12/4/2010


من النتائج السابقة لانتخابات البرلمان الإسرائيلي يتضح لنا مدى القوة التي يتمتع تيار اليمين المكون من الأحزاب والجماعات الدينية المتطرفة الأمر الذي أتاح لها الصعود إلى سدة الحكم في عامي 2003 و2009 وأتيح له أن يقف في صفوف المعارضة بقوة في فترات أخرى ، ومن هنا نلاحظ مدى تأثير الجماعات الدينية المتطرفة في صنع القرار الإسرائيلي وتوجيه السياسات الإسرائيلية الداخلية منها والخارجية ، ومن هنا ندرك الأسباب الحقيقية وراء المماطلة الإسرائيلية في مفاوضاتها مع الجانب الفلسطيني خاصة حول الاستيطان لان من يقف وراء الحكومات الإسرائيلية هذه الجماعات بكل قوتها وإمكاناتها المادية والبشرية خاصة وإنها تتلقى ملايين الدولارات من أعوانها من مختلف أنحاء العالم لتسخيرها في عمليات التوسع الاستيطاني وجلب المهاجرين اليهود إلى فلسطين ، واعتقد أن إسرائيل ماضية في تعنتها ومراوغتها وعدم الاستجابة للمطالب الفلسطينية بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية طالما بقيت هذه المنظمات والجماعات تعيث في الأرض فسادا تحت سمع وبصر الجيش الإسرائيلي وبدعم منه ومن الحكومات الإسرائيلية وعلية لا بد من وقفة فلسطينية حازمة أولا ووقفة عربية إسلامية ثانية للوقوف في وجه الاستيطان الاستعماري اليهودي في الأراضي الفلسطينية الذي يهدف في النهاية إلى طرد السكان الفلسطينيين من أرضهم بعد الاستيلاء عليها ، ولعل القرار الإسرائيلي الأخير بطرد أبناء قطاع غزة من الضفة الغربية لهو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه أو ربما تكون إسرائيل بدأت حربها الديموغرافية ضد الشعب الفلسطيني تلك الحرب التي خططت لها إسرائيل منذ فترة طويلة وهاهي تبدأها بأبناء غزة وهم ابنا فلسطين كما أبناء نابلس وأريحا والخليل ورام الله والقدس حيث اعتبرتهم إسرائيل عبر قرارها بمثابة أجانب مقيمين في الضفة الغربية أما مستوطنيها الذين جاءوا من شتات الأرض فهم مواطنون

الإستراتيجية الإسرائيلية للاستيطان في الأراضي الفلسطينية

لقد كانت فكرة الاستيطان اليهودي في فلسطين فكرة استعمارية منذ البداية أي منذ ظهور حركة الإصلاح الديني في أوروبا علي يد مارثن لوثر ، كما أنها ارتكزت على الأكاذيب التاريخية والادعاءات الدينية الباطلة ، والتي أكدت كتب التاريخ والوثائق والآثار التي خلفتها الحضارة العربية زيف وبطلان هذه الادعاءات ، ولعل من أهم ما يشير إلى أن هذه الفكرة هي فكرة استعمارية ما رفعه اليهود من شعارات سابقة بل وما زالت إلى يومنا هذا حول حدود الدولة اليهودية التي تمتد من النيل إلى الفرات ، هذا يعني أن ارض الميعاد المزعومة لم تقتصر على ارض فلسطين فحسب بل جميع الأرض العربية شرق البحر المتوسط ، وإشارة أخرى عندما تراجعت هذه المقولة على الأقل في التصريحات العلنية بدا الحديث عن السلام والتطبيع وإقامة العلاقات الاقتصادية وفتح الأبواب لحرية التنقل بين الجانبين العربي والإسرائيلي، والدعوة إلى شرق أوسط جديد الهدف منه فتح المجال أمام الدولة اليهودية للتغلغل للسيطرة على الموارد ونشر الثقافات الغريبة عن مجتمعاتنا هذا هو الهدف الحقيقي من وراء المشاريع الاستيطانية ، ولهذا كانت أوروبا من أوائل المتحمسين لإجلاء اليهود من أوروبا وإسكانهم في فلسطين ، وليس غريبا أن النداءات الأولى لإحياء التاريخ اليهودي الذي انقطع لآلاف السنين جاء من المنظمات المسيحية المتطرفة من أتباع المذهب البروتستانتي وذلك قبل المنظمات والجماعات اليهودية .
أن المتتبع لتاريخ المشاريع الاستيطانية في فلسطين يجد أن هذه المشاريع في مجملها ارتكزت على عدة أسس شكلت فيما بينها منهجا ودستورا سارت علية جميع الحركات الاستيطانية ومن ساندها من دول أو منظمات ، وتوارثتها الأجيال المتعاقبة منهم وذلك منذ الخطوة الأولى للاستيطان عام 1695 وحتى يومنا هذا وهذه الأسس هي:
• الدعاية الإعلامية القوية والمتواصلة مستخدمة كل الإمكانات والوسائل لتزييف الحقائق ، بدأت بحشد الزعامات من الملوك والأمراء ورجال الدين والمال والسياسة وهاهم اليوم يسيطرون على آلة إعلامية ضخمة تتكون من محطات تلفزيونية وكبريات الصحف في العالم وشتى الميادين الثقافية.
• الحصول على الدعم المالي والسياسي والمعنوي عبر التغلغل في سياسات الدول ومد الاذرعة الطويلة داخل المجتمعات خصوصا الغربية والأمريكية عن طريق نشر المكاتب السياحية والثقافية والجمعيات والمنظمات المختلفة النشاطات ، فقد تلقت إسرائيل مساعدات ضخمة من الولايات المتحدة الأمريكية تقدر ب نحو 62 مليار دولار خلال الفترة من 1948 وحتى 1996 وهذا المبلغ يعادل ما قدمته الولايات المتحدة الأمريكية للدول الإفريقية والأمريكية اللاتينية خلال الفترة نفسها ، وفي سنة 1997 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 5 مليار دولار، بالإضافة إلى تزويدها بكميات ضخمة من السلاح التي تستخدمه في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين وضد الشعوب العربية .
• السيطرة على الأراضي العربية الفلسطينية باستخدام كافة أشكال العنف والإرهاب ، من قتل وتشريد وهدم وحرق ونهب للممتلكات، وهو ما بدأ منذ زمن وما زال مستمرا إلى يومنا هذا فقد تمكنت إسرائيل ومن خلال المئات من الأوامر العسكرية من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بعد احتلالها عام 1967 بلغت أكثر من 60% من المساحة ويحظر على الفلسطينيين من دخول 37% أراضي الضفة الغربية .
• السيطرة على الموارد المائية الفلسطينية والعربية المجاورة، فقد وضعت الإستراتيجية الإسرائيلية المياه على سلم أولوياتها وكان الأمر العسكري الأول الذي أصدره الحاكم العسكري الإسرائيلي بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية كان متعلقا بالمياه ، بل أن الخطط الإسرائيلية الأولى كانت تتطلع إلى حدود مائية لإسرائيل عندما اعتبرت إن نهر الليطاني هو حدا لإسرائيل من الشمال ( 22) .
• دفع أعداد كبيرة من اليهود للهجرة إلى فلسطين وإسكانهم لتغيير الميزان الديموغرافي ، أمام ا الوجود العربي الفلسطيني حيث تمنع إسرائيل المواطنين العرب الفلسطينيين من العودة إلى أرضهم الذي ابعدوا عنها قسرا منذ العام 1948 ، وتمنع أيضا مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة ممن اضطروا لان يكونوا خارجهما قبل حرب عام 1967 من العودة إلى أرضهم أيضا .
• إقامة المستوطنات لاستيعاب إعداد المهاجرين فيها ولتتحول فيما بعد إلى مدن وبلدات تقوم بدلا من المدن والبلدات الفلسطينية لخلق وقائع جديدة على الأرض
وتمتضي إسرائيل وفق هذه الأسس ومن ورائها كل القوى العالمية العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية غير آبهة بكل المواثيق والأعراف الدولية وغير مكترثة أيضا بكل القرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية ، ولعل ما أفرج عنه مكتب السجلات البريطاني مؤخرا من وثائق بعد مرور 30 عاما عليها لتوضح بكل جلاء مدى الاصرار الإسرائيلي على تنفيذ الخطط والمشاريع الاستيطانية فبعد مرور 48 ساعة فقط على توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في 26/3/1979 أرسلت السفارة البريطانية في تل أبيب رسالة إلى وزارة الخارجية البريطانية هذا نصها كما وتردت من المصدر الذي اعتمدنا عليه (20).
من تل أبيب إلى وزارة الخارجية برقية رقم 125 - 28مارس/ آذار 1979
1- من المتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة القادمة جهوداً “إسرائيلية” مكثفة لإقامة مستوطنات جديدة و”تضخيم” المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية وقطاع غزة .
2- وافق مجلس الوزراء “الإسرائيلي” فعلاً على الإنفاق على مستوطنات جديدة في المناطق المحتلة بنحو 85 .1 مليون ليرة “إسرائيلية”- وهو رقم زيد مرتين منذ فبراير/ شباط- خلال السنة المالية 1979/،80 وقد ذكرت مصادر موثوقة أن بيغن قد أعطى توكيدات بعيدة الأثر بشأن سياسة الاستيطان في المناطق المحتلة لأعضاء الحزب الديني الوطني الأربعة في وزارته الذين صوتوا لصالح المعاهدة المصرية/ “الإسرائيلية” في 22 مارس/ آذار . ويقال إن هذه الضمانات تشتمل على التزام بزيادة عدد المستوطنات زيادة جوهرية، ووعْد بأن المستوطنات الموجودة لن تكون خاضعة لسيطرة أي سلطة تقام لإدارة “الحكم الذاتي التام”، وأنه لن يتخذ أي قرار بشأن الحكم الذاتي الذي لم يكن مقبولاً من قبل الحزب الوطني الديني . وأخيراً، وكما ذكر القنصل العام لصاحبة الجلالة في القدس بصورة منفصلة، فإن قرار المحكمة العليا “الإسرائيلية” في 15 مارس/ آذار برفض دعوى أقامتها ضد الحكم العسكري مجموعة من القرويين العرب يعيشون بالقرب من مستوطنة بيت عال (شمال القدس ببضعة أميال)، سوف يقلل بدرجة كبيرة من قدرة سكان الضفة الغربية العرب في المستقبل على الاعتراض على إقامة مستوطنات جديدة في المناطق . وقد استشهد بيغن بالقرار بالفعل في الكنيست لتبرير سياسته الاستيطانية .
3- على الأرض، بدأت الحكومة العمل على بناء سبع مستوطنات جديدة، خمس في الضفة الغربية، وواحدة في كل من غزة والجولان، منذ انتهاء “التجميد” في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي . وثمة سبع مستوطنات أخرى في مرحلة التخطيط الآن وتتطلب موافقة مجلس الوزراء الرسمية . وذُكر أن بيغن- بصورة موثوق على نحو مؤكد تقريباً- قد اتفق مع شارون ومع المسئولين في الوكالة اليهودية على أن أربعاً من هذه المستوطنات الجديدة سوف تقام في السامرة وعلى مشارف القدس “فور” توقيع معاهدة السلام وأن تلك مجموعة جديدة أخرى من ست مستوطنات سوف يُشرَع ببنائها في الضفة الغربية هذا العام .
4- في هذه الأثناء، صرّح شارون علناً عن نيته خلق أكبر عدد ممكن من “الحقائق” خلال الأسابيع المتبقية قبل بدء المفاوضات على الحكم الذاتي . وقد قال لأعضاء في السفارة الأمريكية إنه ينوي خلق ثلاثين مستوطنة جديدة في وادي الأردن وعشرين في تلال يهودا والسامرة، وتوسيع المستوطنات الموجودة في كلتا المنطقتين في السنة القادمة .
5- ليس من المتوقع أن يحصل شارون على كل ما يريده . ومع ذلك، يبدو من غير المتوقع أن يتمكن المعارضون في مجلس الوزراء للسرعة الكبيرة في وتيرة الاستيطان في المناطق المحتلة- الذين ربما كان من بينهم السادة ديان، ووايزمان، ويادين وبات- من منع بيغن من المضي قدُماً على الفور في خلق المستوطنات الأربع الجديدة التي ورد ذكرها في الفقرة الثالثة أعلاه . والحجة التي كان يفيد منها “المعتدلون” قبل توقيع المعاهدة- وهي أن إقامة مستوطنات جديدة قد تمنع الاتفاق مع مصر- لم تعُد سارية . وعلاوة على ذلك، لا وايزمان، ولا ديان، سيرغبان في دفع معارضتهما إلى نقطة تهدد وحدة مجلس الوزراء بصورة خطيرة بعد نجاح الحكومة مباشرة، في تحقيق معاهدة سلام .
قد تكون المعارضة المنظمة لخلق حقائق جديدة في الضفة الغربية قد ضعفت، حيث إنها بشأن قضية الحكم الذاتي قد تشارك الحكومة وجهة نظرها وهي أنه لا ينبغي التخلي إلاّ عن أقل قدر ممكن .
6- إن آثار كل ذلك على مفاوضات الحكم الذاتي، هي بطبيعة الحال، محبطة . ولكن اذا كان مناخ الاستيطان المباشر لا يبشّر بخير، فإن الاحتمالات على المدى المتوسط ليست بهذه القتامة .
وسوف يتطلب التوسع بالحجم الذي اقترحه شارون موارد، مالية وبشرية، وهي ببساطة غير متوفرة . وبعيداً عن أعداد أنصار غوش ايمونيم القلائل، فإن عدداً قليلاً من المستوطنين المدنيين قد أبدوا رغبة كبيرة في الاستيطان في الضفة الغربية . والاضطرابات الأخيرة هناك ستكون قد أودت بحماسهم . وأخيراً، فإن أفكار بيغن التي تعكس التزاماً مستمراً بمفهوم أرض “إسرائيل”، على الرغم من المصادقة عليها من قبل بعض وزرائه- وحتى المضي إلى أبعد منها من قبل شارون والحزب الديني الوطني- فإنها تجد القليل من الصدى في البلاد بوجه عام . وفي حين أن المعارضة لسياساته الاستيطانية مقصورة على الجناح اليساري في الائتلاف وعلى جماعات راديكالية صغيرة مثل شيلي، فليس ثمة إجماع على تفضيلها . وليس من غير المفهوم أنه إذا قرر بيغن أن يجرب ممارسة سياساته بإفراط وصار يُنظَر إلى هذه السياسات هنا على أن من المحتمل أن تدمر كل شيء تم تحقيقه حتى الآن مع مصر، فسوف تغدو المعارضة لها أشدّ وأكثر فاعلية . وإذا استخدِم الضغط الأمريكي والأوروبي الغربي، على نطاق عالمي وعلى فترة طويلة، فقد يساعد في تخفيف غلواء بيغن الحالي . ولكن المهمة لن تكون سهلة .
بايك
ورسالة أخرى
من القاهرة إلى وزارة الخارجية برقية رقم 273 في 30 مارس/ آذار 79
بخصوص برقية تل أبيب رقم 125: سياسة الاستيطان “الإسرائيلية”
1- إن تقرير سفارتنا في تل أبيب حول تدخلات “إسرائيل” الجارية بشأن المستوطنات يشكل قراءة قاتمة . لا شكّ في أن المصريين، مثلما أهالي الضفة الغربية أنفسهم، سوف يعتبرون سياسة الاستيطان “الإسرائيلية” في الضفة الغربية أفضل دليل على نوايا “إسرائيل” في المفاوضات القادمة . وإذا تصرّف “الإسرائيليون” كما تتنبأ سفارتنا في تل أبيب، فسوف يجعلون هذه المفاوضات أشد صعوبة، إن لم تكن مستحيلة . كما ستجد مصر أن من الصعب جدّا عليها، وربما من المستحيل، أن تقنع بقية العالم العربي بدفاعها عن المعاهدة والسلام .
2- سوف ينساق كثيرون جدّاً من المصريين نحو التساؤل عن الحكمة من المعاهدة ومبادرة الرئيس السادات السلمية ككل . فالناس هنا متشككون أصلاً في نوايا “إسرائيل”، كما أن مساندتهم لسياسات السادات يمكن أن تتآكل بصورة جوهرية إذا بدا أن “إسرائيل” عازمة على ازدراء الجزء الخاص بالحكم الذاتي من المعاهدة .
3- على الرغم من إدراكي للصعوبات التي يواجهها الوزراء في هذا الوقت، فإني آمل مع ذلك في إمكان إبداء قلقنا للسلطات “الإسرائيلية” بصورة عاجلة وعلى مستوى عالٍ . كما آمل في أن نستطيع حثّ الحكومة الأمريكية على الإسهام بقوة في هذا السبيل . فلا يمكن بالتأكيد وجود نقطة أوضح من هذه لإبداء المعارضة “للإسرائيليين” حولها، وكلما كان ذلك أسرع، كلما كان أفضل .
بارينغتون
واستمرارا وتدعيما لهذه الاسترانيجية اعتمدت إسرائيل خطوطا عريضة لإستراتيجيتها في الأراضي الفلسطينية تقوم على(23) :
• تغيير قواعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق إفراغ مفهوم الحل الشامل من مضامينه ليتحول إلى مجرد مسالة دعوة للحد من النزاع وفق المطامع والأهداف الإسرائيلية .
• اعتماد مفهوم اللاحل مع الجانب الفلسطيني ، والعمل من جانب واحد بدعوى عدم وجود شريك للسلام .
• مواصلة بناء المستوطنات والتوسع فيها وفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض..
• السعي المستمر من قبل إسرائيل لإضفاء الشرعية الدولية على ما تخطط وتقوم به ميدانيا رغم كونها مخالفة والاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية.
• سعي إسرائيل إلى صياغة الحلم الفلسطيني والاستعاضة عنه بتجمعات سكانية في الضفة الغربية تتمتع بحكم ذاتي وبدون اتصال جغرافي ما بينها وما بينها وبين قطاع غزة .
• سعي إسرائيل للعمل على التخلص والتهرب من التزاماتها وواجباتها كدولة محتلة وذلك من خلال رفضها الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الدولي 194، 242،338،438 .
• استمرار إسرائيل إبقاء سيطرتها الكاملة على الاقتصاد الفلسطيني بما في ذلك موارده الطبيعية وذلك من خلال سيطرتها على الحدود البرية والبحرية والجوية ، وإخضاع السوق الفلسطيني للقوانين والإجراءات التعسفية الإسرائيلية.


نتائج الدراسة
بعد استعراض مسالة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية من جوانبه الجغرافية والديموغرافية والإيديولوجية والإستراتيجية يمكننا إن نخلص إلى نتائج محددة وهي
• إن إسرائيل والقوى المساندة لها في العالم ماضية في مخططاتها في التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية رغم كل القرارات والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الصادرة عن المؤسسات الدولية أو الموقعة بين إسرائيل والدول العربية.
• لقد بدأت إسرائيل حربها الديموغرافية والتي أعدت لها منذ سنين عبر مؤتمراتها الصهيونية في هرتسيليا بهدف طرد السكان العرب الفلسطينيين من أرضهم وربما يكون القرار العسكري الإسرائيلي رقم 1650 والقاضي بطرد أبناء قطاع غزة من الضفة الغربية ،هو الترجمة العملية لهذه الخطط بعد أن أمعنت إسرائيل في أعمال القتل والتدمير بين صفوف أبناء الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى الحصار المستمر إلى يومنا هذا ، وبعد أن أيقنت أنها تسيطر تماما على جميع الأراضي الفلسطينية بحواجزها العسكرية ومستوطناتها التي تحاصر التجمعات السكانية الفلسطينية وباتت تتحكم في كل حركة من حركات الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية، وكل ذلك بهدف إقامة دولة يهودية خالصة على ارض فلسطين .
• عدم جدية إسرائيل في تحقيق السلام والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة .
• حالة الانقسام الفلسطيني من جهة وضعف الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية وهما عاملان لم نتطرق إليهما في هذه الدراسة إلا إننا نجد من الضرورة ذكرهما لأنهما احد الأسباب بل سبب رئيسي في التعنت الإسرائيلي ومراوغتها السياسية مستغلة حالة الضعف هذه لتنفيذ خططها ومشاريعها
وأخيرا إن كان لنا توصية فإننا نقترح تمسك وإصرار القيادة الفلسطينية بوقف التفاوض مع إسرائيل طالما أنها لم تلتزم التزاما تاما بوقف كافة النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطيني وليس التجميد ، وتوقف إسرائيل نهائيا عن الممارسات القمعية اليومية ضد الفلسطينيين والامتثال إلى قرار محكمة العدل الدولية حول جدار الفصل العنصري ، ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني

المصادر :
(1) عبد الرحمن أبو عرفة، الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الخليل- الطبعة الأولى- 1989 س41.

(2) عبد الوهاب المسيري، "الصهيونية" الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني، الدراسات الخاصة- المجلد السادس، دراسات في القضية الفلسطينية. بيروت 1995، س232.

(3) خالد عابد، التوسعية الصهيونية "إسرائيل الكبرى" مصدر سابق، ص534.

(4) المصدر السابق.

(5) المصدر السابق

(6) المصدر السابق.

(7) عبد الوهاب المسيري، مصدر سابق ص232.

(8) حبيب قهوجي إستراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين، مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية –بيروت 1978 ص 47.

(9) عبد الرحمن أبو عرفة- الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية – المؤسسة العربية للدراسات والنشر- دار الجليل- الطبعة الأولى 1981ص12.

(10) عبد الرحمن أبو عرفة – الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية المؤسسة العربية للدراسات والنشر- دار الجليل – الطبعة الأولى 1981ص12

(11) المصدر السابق .

(12) سمير أيوب – وثائق أساسية في الصراع العربي الصهيوني في الجزء الأول – بيروت 1984- ص153.

(13) حسن عبد القادر صالح الأوضاع الديموغرافية للشعب الفلسطيني –الموسوعة الفلسطينية – القسم الثاني –المجلد الأول الدراسات الجغرافية – ص1990ص304.

(14) محمد سلامة النحال-سياسة الانتداب البريطاني- حول أراضي فلسطين العربية-بروت1981ص75ب-بتصرف.

(15) حبيب قهوجي إستراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين، مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية –بيروت 1978 ص 47.
(16) مسح المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية 2008، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أغسطس 2009 .
(17) أكرم أبو عمرو ، المستوطنات الإسرائيلية وعملية الفصل المقترحة ، مجلة رؤية ، العدد السابع/ الهيئة العامة للاستعلامات ،آذار 2001 .
(18) معهد الدراسات التطبيقية ،أريج ، تزايد النفوذ السياسي للجماعات الدينية اليهودية في إسرائيل ، ديسمبر 2009 ،عن http://www.arij.org
(19) سياسة الاستيطان الإسرائيلي ،عمر عدس – صحيفة الخليج الإماراتية،20/1/2010 .
(20) معهد الدراسات التطبيقية ،أريج ، مصدر سابق
(21) الموقع الالكتروني للكنيست الإسرائيلي http://www.knesset.gov.il ، بتاريخ12/4/2010
(22) أكرم أبو عمرو ، المياه في الصراع العربي الإسرائيلي، مجلة رؤية ، الهيئة العامة للاستعلامات ، العدد الحادي عشر ، تموز 2001
(23) معهد الأبحاث التطبيقية – أريج ، السياسات والمخططات الإسرائيلية للعزل والاستيطان في الأراضي الفلسطينية ، آذار 2007
مصادر أخرى
• مركز الإحصاء الإسرائيلي ، عددا سكان المستوطنات في الضفة الغربية 2008
• Foundation Peace of Middle east ، قاعدة بيانات عن المستوطنات الإسرائيلية 2005
• خريطة الجدار ، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أيلول 2006
• المركز الجغرافي الفلسطيني ، خريطة البلدات الفلسطينية ، مقياس رسم 1:15000 سنة 2000
• الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، مؤشرات سكانية 2007 .





#أكرم_ابو_عمرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم ابو عمرو - الاستيطان الاسرائيلي بين الجغرافيا والديموغرافيا استراتيجية تحكمها الايديولوجيا