أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم داود الجنابي - خدود مُصَعّرة مُرصَّعة بالأحمر















المزيد.....

خدود مُصَعّرة مُرصَّعة بالأحمر


ابراهيم داود الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 3005 - 2010 / 5 / 15 - 14:23
المحور: الادب والفن
    


صفعةٌ لا تشبه صفعة المسيح ، أستبدت في غليانها و أستمر غلوائها الى ما لا نهاية ، يبدو الأمر كذلك ، في فيحاء من فيحاءات العراق تتكرر صفعات من نوع آخر ربما كان خدّها مصعّراً لضربات موقوتة ، مستمرة ، مؤثرة ، فاعلة وموجعة ، و لا احد يصعّر خده من اهل القرار والحكمة ، كلنا أعطينا ولم نأخذ ، كلنا تجاوزنا المخاطر ولا يخاطر أحدٌ منهم ، كلنا بصمنا ولا أحد يبصم معنا لا بل قطعوا أصابعنا الزرق ، ضحايانا سراب لا أفق لأنتهاءه ، وجع دائم يؤرخ نهايةً لا نهايةَ لها ، يؤثر في تباريح سلبت كل أوردة العناء ، وجع مستديم ونفقات دم لا صكوك لغفرانها ولا بنوك لصرفها ، إلاّ لقاطنيها الذين ما بَرِحوا يرجمون أرواحنا بسجّيل أحمر ينتهك حُرمات الأرواح دون أي وازع من رحمة مُنتَظرة ، في مدينتي الزرقاء التي يخترقها نهر أزرق وزورق بلا أجنحة وشعراء بلا شبق ، بحياة يرف نسيمها و تغرّد بلابلها وتُجالس ربيعها الوردي فينهال عليها رماداً أسود ..
ذات صباح مُبلل بالموت ، وفي يوم لا بل أسبوع ، لالالالالالا .. بل شهر... لالالالالالالالالالا .. بل سنة ، ينقطع سنام الأسئلة ويكاد اليوم الأسبوعي لا يُذكَر لأننا في أيام سالفة كنا نُسمي الأشياء بمسمياتها .... أحدٌ دامي .... أربعاءٌ دامية .. أو أو . أو ( سبت ... ثلاثاء ... أحد ) يبدو أنها أكتملت .. بل أكتملت حقاً وباتت تُحقق دورة إستحالتها وتبيض وجعها على وجه صباحات ومساءات عراقية فتفقِّس شرانق شرَّها بالونات حمراء تصبغ كرش أيامنا الممتلئة بالنفور ..
في ظهيرة عرجاء كان لمصاصي الأرواح الذين زرعوا رعبهم في كل الطرقات صولةً جديدة ... على من !؟ على أرواح تتعبَّد الوطن وتتلوا تواشيح صبره دون أي رجاء من أحد ، كانوا في غفلة من حبهم ، و في أمل للقاء أهليهم بعد عناء يوم لم يكن بحسبانهم أن نهاية الجرس اليومي كانت تُقرع لملاقاة حتفهم ، تلك بلية ، لم يَلُح في أفق تصوراتهم أن يكونوا ضحاياها لأن أنتماءاتهم وأعتقاداتهم لا تأخذهم الى حيز مثل هذا المنتظر ، لكنهم فعلوها أولاد الـ...................
كانت (نرجس)* بأيديها الناعمتين تشتبك مع أعمدة ذلك الشباك الذي يطل على بوابة الدخول والخروج لتلك الشركة فدارهم تقع مقابل تلك البوابه التي كان زوجها يدخل صباحاً ويخرج بعد الظهيرة منها وكان شباك غرفتها بمثابة برج مراقبة لخلَجات وسلوكيات حبيبها وقد أعتادت الأمر يومياً .. عيونها تترقب خروج حبيبها من تلك البوابة التي ما برحتها يوماً وأعتبرتها بماثبة شاشة روحية تُطالعها يومياً وهي تُراقب حركات و خطوات زوجها الحبيب وتسجل عليه مُداعَبة يومية بالكاد حضوره يُفتك بكل التصورات التي لطالما داعبتهُ بها ..
فجأة أطاح أنفجار هائل فأودى بحياة الرُؤى التي كانت تسرقها يومياً بعد أن تشـضّى زجاج الشباك في وجهها و تناثرت أشلاء و أجساد بريئة على أسفلت الشارع المقابل
مُخيف و مُرعِب منظر الموت وهو يستبد ويحرق وينهال بالحرق على أُناس لا حولَ لهم ولا قوةَ ، إلّا لأنهم يحاولون أن يرفعوا أعمدة الحياة دون أن تمسها نجاسات الكلاب السائبه التي تحاول نهش أردية الحياة وتُدافع عن سلوكيات القتل الجماعي لضمائر تُقِلُّ في زورقِها ديمومة الدعوة الى مغارة وحشٍ غائر على ساحل الدمار .
أنهارت لحظتها أجساد تحت وابل الأنفجارات وسُرفات الحرق ودوي الأصوات التي مزَّقَت طبول الحياة وغادرت (نرجس ) حينها دون وعيٍ شُـبّاكها لتُزِج روحها في أُتون المحرقة على أمل ان تجد (رامي )* حبيبها على قيد الحياة ، و هي تتنفس رُؤاها و تُكرر هذياناً أبله ، عسى أن يكون من المعوقين ، عساني أحظى بأنفاسه وهي تُداعِب مُقَلي فأضمّه الى صدري .. لا أن يكون ممن غادروا (المهجومة)*، فلم تَعُد معمورةً الآن
زَجَّت جسدها بين محرقة الموت على أمل أن تجده ، جعل منها الرعب مجنونه ، تمسكُ جَسَداً ، لا ليس هو ، لا هذا ، ربّي عسى أن أجد فيه رمقاً من حياة و أفتديه بروحي وعقلي ، و هي لا تدري أنها أضحت بلا عقل
هااا ... أنت ؟..... ربما تشبه ملابسه التي خرج بها صباحاً ؟ لالالا ..... ليس هو .... ربما الآخر ... وهي بين أتون المحرقة دوى أنفجار أنتحاري ثانٍ حصد كما أخيه أرواحاً جديده طازجة بالنسبة لمصاصي الأرواح ... فأزاحها العصف الى أبعد ما يمكن
صارت عباءتها مظلة طيران أقَلَّتها الى مكانٍ آخر .. ربما هول الصعقة والصدمه خذل آخر قطرة عقل كانت بمعيتها .... كان مستقرها التالي لايُنبيء عن عقل مُتزن فقد أخذتها الريبة الى خذلان عقلي لن يقودها الى مستقرٍ آمن .
قامت من رعبٍ صاعق لتحاول أن تُدرك هول المأساة وتؤكّد سعيها الى ما تصبو أليه ..
لاح لها في الأفق من بين الذين أحترق أخضرهم وسَنبلت جراحاتهم أن هناك شخص يحمل ملامح زوجها .. كان أحد الفارين من المحرقة و من هول الصاعقة ، صرخ أنفجار ثالث حصد نصيبه من أرواحهم كأقرانه ، تشوَّهَت كل الصور ، و أزدادَ العقلُ المُشَوَّش تدهوراً
رجعت وقد كانت أذيال عباءتها ترش دماً على الأسفلت كما رشاشات الزفت الأسود قبل عملية إكساء الشوارع ، وقعت نَظَراتها بمحض صدفة على رجل كان قد أسند ظهره على عجلة أحدى السيارات التي أرعبها هول المأساة فباتت واقفة دون أن يكون خلف مقعدها أحد ، رأسهُ كان قد تدلى ليخفي معالم وجهه ، لكنه يلبس قيمصاً كقميص (رامي) ...نعم هو حذاءه الذي إرتداه صباحاً وجلسته ، وأسناد ظهره على عجلة السيارة يُنبيء عن شخص مُتعب. أمسكت به وصاحت :- ( رامي) لم يَمُتْ ، أحمدُكَ يارب .. رفعت رأسه فلم تُشاهد جرحاً في وجهه ، فزاد يقينها أنه على قيد الحياة ، أستجمعت قواها لتوقفه فأمسكته من وسطه فأذا بيديها قد دخلتا في مغارتين أحدثتهما الشظايا في بطنه ، مبللةً سحبت يديها ، تبللتا بسائل الحياة و إنهارَ الجسد من جلسته التي يبدو بها كمن أتعبه الأعياء فأسند ظهرهُ لأقرب مسند .. ضربت على خديها بكلتا اليدين ، فبدت وجنتيها كخارطة العراق مرصّعة بوشاحٍ أحمر .....
* المهجومة مفردة يتداولها عامة العراقيين وهي عكس المعموره
*نرجس ورامي اسماء مستعارة لابطال حقيقيون
حادث تفجير عمّال مصنع نسيج الحلّه
بابل 11/5/2010



#ابراهيم_داود_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم داود الجنابي - خدود مُصَعّرة مُرصَّعة بالأحمر