سعدات وأسرار المواجهة

عمار علي الدقشة

الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 18:56
المحور: القضية الفلسطينية
    

عندما يقرر المرء موقفه مع أو ضد، عليه أن يقف وراء يقينه حتى النهاية؛ فإذا كان هناك ما يمكن التضحية به فإنه الحياة لا الشرف؛ لأن الإنسان لا يصغُر، ولو قطعوا رأسه.
هكذا رسّخ ووصف الأديب الشهيد يوليوس فوتشيك، حالة التماهي الفردي في الهم الجمعي، حين أرسى المداميك الأولى لأكاديمية الصمود، والتعالي على الأنا، والانصهار التام في هم الجماعة، بجدلية رائعة بين الفردي والجماعي، حيث يضحى الإنسان وعند التماس المباشر مع العدو خندقا متكاملا يعج بالثورة والممانعة وأسباب الصمود.
ولكن من أين تتأتي الطاقة والعزيمة والايثارية العالية، التي تصل بصاحبها لأن يتمدد صخرة صمّاء على فوهة محراب الحزب، ليحول دون الغرباء ودخوله؟
بالتأكيد لا تتفتق تلك التضحوية عن سبب غيبي خارق، ولا عن ناموس أعلى يحط على البشر. هي الجماعة.. أسرارها.. ولوغاريتماتها وأبجدياتها.
في جماعة الثوار المدرسة الأولى القادرة على أن تصنع من الفرد الأعزل هرما وجبلا لا يحاول مطاولته أو اعتلاءه أحد إلا وتحطم عنقه. مجموع الثوار المقتنعين تماما بأن الفرد جزء ديناميكي وأساسي في مكنون الجماعة، وأي ضرر يقع عليه أو يوقعه على نفسه ينسحب ضررا كاملا على المجموع، وأي ضرر يلم بالمجموع هو ضرر بحركة الشعب الذي نضحي أساسا لأجله.
وبذا، فإن اصطفاف الأفراد ينبت جماعة قوية، تلك الجماعة مسلحة بفهم واسع ومعمق لروح النظرية الماركسية، تشكل حزبا ثوريا صلب القاعدة، علّته الأولى اصطفاف نخبة وطليعة المجتمع في بنيان الحزب.
علميا وبكل ما سبق، فإن الفرد هو أساس الحزب، والحزب هو لبنة وربان معركة التحرر، والمعركة المذكورة هي جزء أساس في المواجهة المحتدمة بين قوى التقدم وقوى الهيمنة والاستعلاء.
إذن فعلى الفرد عبء ثقيل ومسؤولية أثقل؛ لأن أي ضرر يقع عليه أو يوقعه هو على نفسه من خلال التخاذل أو الضعف أمام العدو سينسحب ضررا فادحا على الحزب، ومن ثم حركة الشعب وحركة الإنسانية المقهورة جمعاء.
إذن فالفرد هنا أمام خيارين لاثالث لهما، إما أن يضعف لينجو بنفسه ويلحق الضرر والأذى والعطب في جسد الحزب، لينسحب بعد ذلك ضررا شاملا على جموع المقهورين الذين سيصبح المتخاذل جزءا أساسيا من أسباب ماساتهم؛ أو يتعملق، وتكون التضحية بالنفس؛ لإنقاذ الحلم والهم الجماعي ودفعه خطوة أخرى نحو النصر... وبذا يحظى بشرف رفاقية سعدات وفوتشيك.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل