أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار الجنيدي - المستنثع الصومالي















المزيد.....

المستنثع الصومالي


عمار الجنيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 9 - 16:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في هزيع متأخر من عام 2006، استباحت القوات الإثيوبية الصومال، بدعم وإسناد ورضى أمريكي، أقصت على أثرها قوات "المحاكم الشرعية الإسلامية" عن الحكم، التي تحولت إلى ميليشيا مسلحة مقاوِمة للاحتلال، وهروب زعيمها: شيخ شريف احمد إلى جيبوتي المجاورة لمدة عام ونصف قبل أن يُنتخب رئيساً ل"تحالف إعادة تحرير الصومال"، لينشط ويجاهد ضد الاجتياح الإثيوبي لبلاده، ثم يترشح لمنصب الرئيس ويفوز، في جو انتخابي غاب عن الصومال منذ عشرين عاما.

والصومال: هذا البلد العربي الأفريقي الغارق في غياهب الفقر والجوع والحرمان، رغم أن أراضيه الخصبة تعدّ من أغني مناطق العالم تأهيلا للإنتاج الزراعي والحيواني، ومخزون هائل من البترول الذي لم يستخرج لحد الآن.
لكن الحروب الأهلية الطاحنة التي تدور رحاها منذ حوالي العقدين، آتت على الكثير من الآمال بالاستقرار والأمان والحياة المتمدنة الهادئة للشعب الذي جوّعته الحروب وأرهقه النفوذ القبلي، حتى في العاصمة مقديشو وما حولها من المدن المكتظة بالقبائل المتشددة إسلاميا.
واستطاعت مجموعة من أبناء الصومال المتدينين أن يقفوا كمقاومة شعبية في وجه اللصوصية التي ينتهجها أمراء الحرب هناك، وان يؤسسوا لحركتهم مدّا شعبيا وجماهيريا مقبولا في سائر أنحاء البلاد بعد ما عانوه من ظلم وجبروت أمراء الحرب وميليشياتهم، آخذين على عاتقهم تحرير الصومال م وإنقاذه من الفوضى والبلاء الذي حل بهم، بعدما استغل أمراء الحرب الأوضاع التي تمر بها الصومال من فوضى وفقر وبؤس وعدم استقرار، ليهيمنوا على مقدّرات هذا البلد المنكوب مستغلين رضا الولايات المتحدة الأمريكية وسكوتها عما يحصل هناك من كوارث بحق الأرض والإنسان.
وأمريكا التي تحاول بجد وتجاهد من اجل السيطرة على الصومال من خلال دعمها بالمال والعتاد مليشيات أمراء الحرب ضد حركة المحاكم الشرعية المعروفة بتوجهاتها الأصولية الإسلامية، وهذه التوجهات هي الذريعة التي تتخذها الإدارة الأمريكية لشن حرب على الحركة بدعوى قربها من توجهات القاعدة، وبالتالي خوفهم من أن يجد تنظيم القاعدة ملاذا في الصومال، حيث لا دولة ولا قانون، وهذا ما ترفضه حركة المحاكم الشرعية وترفض وتستهجن أن يكون لها أي علاقة مع القاعدة.
أمريكا الما زالت تغذي وتدعم بالمال والسلاح أمراء الحرب، حتى غدت ميليشياتهم دولا داخل جسد الدولة، لها جيوشها وقوانينها الخاصة ؛ قد غيرت كثيرا من قواعد اللعبة عندما تدخلت لتغيير نظام الحكم في الصومال وإغراء أمراء الحرب بالاستيلاء على السلطة المتهالكة، فثارت الاحتقانات السياسية والقبلية والدينية.
وبعدما لجأ زعماء الحرب الصوماليين إلى إثيوبيا - التي وجدت في ذلك فرصتها السانحة، وهي التي تملك تاريخا طويلا من الحروب مع الصوماليين ومحاولة احتلالها قبل نحو ثلاثين عاما – وجدتها فرصة مواتية لبسط هيمنتها ونفوذها على الجارة العربية (الصومال)، باختراق فاضح للأمن القومي العربي واختراق سيادة واحد من منظومته الإستراتيجية، فحركت جيوشها لمقارعة ميليشيا المحاكم، الذين لا يملكون غير بضعة آلاف من المتطوعين غير المدربين وأسلحتهم الشخصية، لتسقط الصومال كلها تحت نير احتلال إثيوبي بدعم مادي ومعنوي ولوجستي أمريكي، فجاء الاحتلال على نفس السيناريو الذي غزت به الولايات المتحدة الأمريكية للعراق.
فميليشيا وقوات المحاكم الإسلامية أُغريت بالتطلع إلى العاصمة مقديشو، بعد أن ازداد نفوذها وشعبيتها بفعل انضباط خطابها السياسي والديني والإنساني، وحرصها على سيطرة القانون، خلال فترة سيطرتها على المدن التي كانت تسيطر عليها، وبعدما حققت انتصاراتها على زعماء الحروب في مدينتي جوهر وبيداوا (معقلهم الرئيسي)، الذين أرهقوا الشعب الصومالي بالفساد والفقر والمجاعة والتخلف والمعاناة وشظف العيش؛ هذا الشعب الرازح تحت وطأة أزمة سياسية تطحن هيبته منذ حوالي العقدين، حيث استنجد الشعب الصومالي بقوات المحاكم لتخليصهم من ظلم زعماء الحرب وتبعاته.

ولقد راود إثيوبيا حلم قديم بالسيطرة على القرن الإفريقي وبسط الهيمنة والنفوذ على الإقليم العربي هناك، فافتعلت الحروب مع جيرانها من اجل تحقيق حلمها، دخلت عش الدبابير طواعية باجتياحها الصومال، فمنذ اليوم الأول لدخولها واحتلالها الأرض الصومالية بدأت تتشكل خلايا المقاومة لطردهم وتطهير بلادهم من آثار الغزو الإثيوبي، حيث من المؤكد أنها ستغرق في المستنقع الصومالي، إلي أن انخرط الشعب فيه بمقاومة تأخذ شكل حروب العصابات الخاطفة.

ومع أن القوات الإثيوبية الغازية لأرض وشعب لصومال تكبّدت خسائر بشرية وعسكرية فادحة، وارتفعت الكلفة المالية جرّاء الغزو وتبعات بقائها، بفعل التطورات السياسية والعسكرية وتعاظم شأن المقاومة الصومالية، حتى أضحى بقاء القوات الإثيوبية في الصومال محض انتحار يومي لا بد من الخلاص منه.

وقد استفاد أمراء الحرب وميليشياتهم المدعومين من الغزو الإثيوبي ومن غيرهم، وعادوا أقوياء من جديد ؛ بإعادة المجد لقرصنة البحر؛ وأولئك المرابطين في المحيطات القريبة من مناطق النزاع والحروب، وبانتشارهم البحري الكثيف سواء على مقربة من سواحل شرق إفريقيا أو شواطئ الصومال أو في خليج عدن والبحر الأحمر، فراح يتصارع من جديد أمراء الحرب الصوماليين وبعض ميليشيا المتنفذين هناك واستفادوا من الحرب القائمة في الصومال، فاخذوا يموّلون أعمال القرصنة البحرية، مستغلين حالة الفوضى وانهيار الدولة لصومالية والغزو الإثيوبي، كذلك انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بحربيها الضروسين في العراق وأفغانستان، والتي ليس لديها مجال لفتح جبهات في مناطق ملتهبة مثل ما يحدث في الصومال وما نتج عن الحرب هناك من تجاوزات ترقى إلى مستوى الإرهاب لدولي، فتركت المجال لأمراء الحرب أن يستأنفوا نشاطاتهم التي اتخذت من القرصنة شكلا جديدا لأعمالها؛ فهؤلاء القراصنة يملكون عدّة وعتادا حديثا قد يفوق في بعض تقنياته ما بحوزة جيوش متقدمة، خاصة تلك المضادة والمراوغة للتجسس، وتلك التي تعتمد على تكنولوجيا متطورة وربما يعملون هم على تطويرها، فالإرهاب الدولي يشمل ما يقوم به أولئك القراصنة من أعمال ترهيب وترويع وارتهان واحتجاز سفن من اجل المطالبة بفدية مالية كبيرة لقاء الإفراج عمّن احتجزوهم، وقد تتطور طلبات الفدية لتشمل الإفراج عن بعض الإرهابيين أو المعتقلين في دول معينة، ومن ها تأتي المخاوف كي لا تصبح هذه الظاهرة عرفا يمارسه الإرهابيون في كل مكان على هذه المعمورة.
دول كثيرة استفزتها استشراء أعمال القرصنة وأساليبها المتماسة مع الإرهاب الدولي، مثل فرنسا وروسيا وأمريكا والهند، وهي الدول المتضررة من عمليات النجاح المستمرة لخطف السفن،لأنها باتت تهدد سلامة التجارة العالمية وسلامة ناقلات النفط المارة من هناك، فظاهرة القراصنة الجدد المتخصصون في اعتراض سفن تجارية وناقلات نفط وخطفها، والمتسمة بجرأة فريدة من نوعها، بدأت تقلق المجتمع الدولي وتستثير استياءه وانفعاله لما لها من نتائج قابلة لمدّ أمد الحرب الأهلية في الصومال من خلال تزويد أطراف النزاع بالأسلحة والمال المتوافر جرّاء عمليات الافتداء، وما يترتب على المشهد الملاحي من خطر الكوارث البيئية وضياع الأمان والاستقرار الذي يهدد بخطر الحروب الأهلية بسبب وتوافر السلاح والتمويل اللازمين لإشعال أوارها.

المجتمع الدولي ترك مشكلة الصومال بدون تدخل أو حلّ، وتقلّصت وانتصرت حسابات بعض الأطراف الدولية لطرف على آخر، وظل شعب الصومال يرزح وحيدا تحت وطأة الإرهاب الذي استفحل خطر داؤه، حتى بات يتشكل ويعاود الظهور من رماد الماضي، فلا يعني وصول زعيم قوات المحاكم الإسلامية إلى سُدّة الرئاسة في الصومال؛ أن المأساة الإنسانية قد انتهت هناك، فالعديد من القضايا والملفات الساخنة والشائكة في مهب المأساة والانشراخ والتشظّي عالقة على حالها؛ فما زالت الجماعات المسلحة المنشقة عن المحاكم وغيرها، وتواصل معارضتها بالعنف المسلّح، المبتغية تطبيق الشريعة الإسلامية كما يريدون، وكما يرون صواب التطبيق دون غيرهم، كحركة شباب المجاهدين الصومالية المنشقة عن حركة المحاكم الإسلامية، ثم أن ظاهرة القرصنة المتعاظم والمستفحل شانها، كذلك القضية والتحدي الأهم أمام الرئيس شيخ شريف احمد؛ وهي قضية جمهورية ارض الصومال التي انفصلت عن الصومال الأم، فهل يبقى الصومال وحيدا رغم ما يعنيه عربيا وأفريقيا؟!!!.



#عمار_الجنيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرلة القضية


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار الجنيدي - المستنثع الصومالي