أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل حورس - تفكيك المنظومة الاسلامية *















المزيد.....

تفكيك المنظومة الاسلامية *


محمد نبيل حورس

الحوار المتمدن-العدد: 2997 - 2010 / 5 / 6 - 23:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو قلنا "المنظومة الاسلامية" وسكتنا ، نكون قد وقعنا فى خطأ التفكير المطلق اللى** يعتبر سمة اساسية فى التفكير المثالى والدينى .
لكننا سنلزم التفكير العلمانى السليم ، لو حددنا المنظومة الاسلامية فى زمكانية معينة ، تكون نقطة الانطلاق لتفكيك المنظومة الاسلامية بشكل أوسع ، وهنا فى المقال ده*** ،سنعتبر أن زمن المنظومة الاسلامية هو الوقت الحاضر، و أن مكانها هو مصر .
وقد وجدنا ان المنظومة الاسلامية المحددة فى الزمكانية دى*** ، من الممكن تفكيكها ل تلات محاور ، تتشابه على المجاز مع محاور الجيوش القديمة فى العصور الوسطى : ميمنة وميسرة وقلب .
الميمنة : المحور الصوفى ، الجناح الشرقى للاسلام
الميمنة لأن بلد منشأ الفكر الصوفى تقع على يمين الصحراء العربية ، والجناح الشرقى لأن التصوف الاسلامى ليس الا نتاج للتأثير الشرقى فى الاسلام كما سنوضح .
لكن لازم أولا نفرق بين التصوف والزهد ، فالزهد ما هو الا ممارسات وسلوكيات انطوائية تقوم على التقشف وانكار الذات وقمعها، لكن التصوف نظرية وفكر ، فكر دينى شرقى ، هندى بالتحديد ، جذوره ترجع للديانة القومية الهندية او البراهمانية ، وهى تعتقد أن هناك طاقة خفية كامنة خلف كل مظهر من مظاهر الوجود، وتسميها طاقة البراهمن ، (اللى بتوازى فكرة الله فى النظرية الاسلامية) ، لكن البراهمن ده هو وجه العملة الآخر لقوة ثانية تسمى الأتمان وهى الطاقة الكامنة فى الذات الانسانية ، و طاقة الأتمان يمكن ان تتحد وتلتحم مع طاقة البراهمن فى وحدة وجودية واحدة ، (من هنا جاءت افكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود الصوفية ) ، لكن الاتحاد والالتحام ، لن يتموا الا اذا وصل الانسان لمرحلة التجلى وهى درجة عالية من الصفاء الروحى يتم الوصول لها عن طريق ممارسات وطقوس معينة 1 ، ( ودى فكرة الطرق الروحية الصوفية اللى غرضها النهائى هو هذا الاتحاد بين الذات الانسانية والله )
سمة الخطاب الصوفى الأساسية سمة وجدانية أنثوية ، ولغة الخطاب لغة رمزية مجازية ذات طابع شعرى تخيلى فضفاض .
و الطريق لمعرفة الله والحقيقة من المنظور الصوفى هو القلب أو الوجدان ، لذا فالمعرفة والخبرة الصوفية تميل الى الفردانية والخصوصية .
وعلاقة الانسان بالله فى التصور الصوفى علاقة عاطفية ، تشبه لحد بعيد علاقة الأنثى بالذكر ، اذ تتواتر داخل اللغة الصوفية مصطلحات شبقية ك "الوجد" و"العشق" ، و"التدله" و "الوصل"
والبنية الصوفية بنية لا عقلية ، بمعنى أنها لا تعتمد على الحواس أوالعقل وقواعده فى معرفة الحقيقة أو الله وانما على العكس ، ترى أن العقل والحواس حجاب الحقيقة ، وتلجأ للخيال أوالتخيل لأبعد مدى وهو ما وجّه بؤرة اهتمام الصوفية ناحية اللامرئى واللا معقول ، وجعل كلمة صوفى ترتبط دايما بما هو خفى وغيبى 2.
ان الانتصار الصوفى للعاطفة والخيال ، والنزعة الصوفية الدائبة فى كسر الحدود الحسية العقلية ، ومفارقة الصوفية للقوالب التشريعية الدينية السلطوية التقليدية ، كل ده كان السبب فى اقتراب الحالة الصوفية من الحالة الشاعرية بغموضها وتمردها وجموح خيالها ، ويفسر غواية الصوفية لعدد كبير من الفنانين والشعراء عبر التاريخ .
ولو افترضنا أن هناك سيكولوجية ما لكل بنية ، فالوظيفة السيكولوجية الأولى للبنية الصوفية هى الحدس وهى وظيفة لاعقلية ،لأنها لا تعتمد على التفكير المنطقى او الحواس ، و الحدس فى الحالة الصوفية لا يسير فى اتجاه انبساطى ، يعنى لا يتوجه ناحية العالم الخارجى ، وانما يتوجه ناحية العالم الداخلى للذات ، فهو حدس انطوائى .
من اشهر الطرق الصوفية : الطريقة المولوية ،الموجودة فى تركيا ، و الشهيرة بطقوسها الدورانية ، ففى معتقدها أن الدوران يؤدى لخروج الروح من الجسد واتحادها بالله (هو غاية وهدف أى طريقة صوفية ) ، لكنه من المنظور المادى العلمى ، يفسر الدوران ده على أنه وسيلة فيزيائية ينتج عنها اهتزاز سائل الاتزان الموجود اسفل المخيخ ، فيصبح ذهن الصوفى فى حالة يتكسر خلالها الوعى الحسى التقليدى ، وتتعطل آليات الكبت اللى بيمارسها هذا الوعى الحسى على عملية التخيل ، فيستطيع ذهن الصوفى ساعتها أن ينطلق فى خيالاته ، اللى من ضمنها اتحاده بقوة كلية ماورائية وهكذا
وعبر التاريخ الاسلامى ، كانت السلطة الدينية الاسلامية مناهضة للعديد من مشاريع الصوفية ، واضطهدت وقتلت عدد من رموز الصوفية الاسلامية ونكلت بهم أبشع تنكيل ، مثل الحلاج اللى تم اتهامه بالهرطقة وصلب، ومثل شهاب الدين السهروردى اللى أعدمه السفاح صلاح الدين الأيوبى على الخازوق ، وغيرهم ، وطبعا عمليات الاعدام البدنية دى ، صاحبتها عمليات اعدام معنوية وأدبية أبشع ، فرجال السلطة الدينية الاسلامية عبر العصور سعوا لمحو هؤلاء المتصوفة الكبار تماما من الذاكرة و التاريخ ، وكادوا أن ينجحوا بالفعل ، لولا بعض المستشرقين اللى أعادوا اكتشافهم من جديد ، وقدموهم الى الذاكرة الانسانية . فأنقذوهم من مصير النسيان اللى أراده لهم رجال السلطة الدينية الغاشمة .
الميسرة : المحور الازهرى ، الجناح الغربى للاسلام
الميسرة لأن بلد منشأ الفكر الأزهرى تقع على يسار الصحراء العربية ، والجناح الغربى لأن الفكر الأزهرى هو نتاج التأثير الغربى فى الاسلام .
فكلنا نعرف ، ان الازهر هى المؤسسة الاسلامية الوحيدة اللى بتدرس المنطق وعلم الكلام من بين موادها الدراسية ، لكن المنطق وعلم الكلام ليسوا مجرد مواد دراسية يلقنها الازهر ، وانما تعتبر الركيزة الاساسية للفكر الدينى الأزهرى ، يعتمد عليها فى تأسيس رؤيته ومنهجه وفقهه وفتاويه وأحكامه . ويتميز بها عن باقى محاور المنظومة الاسلامية .
والمنطق وعلم الكلام فروع تعتمد على العقل ، وهم أبناء المنجز الفكرى الغربى ، الاغريقي بالتحديد ، حيث كان العقل وحده هو الأداة والمرجعية ،اذ اعتقد الاغريق أن العقل مكان الحقيقة ، وأنه بالتفكير العقلى المجرد من المنفعة والأهواء يمكن للانسان بلوغ الحقيقة ، لذا اشتهروا بالفلسفة وهى التفكير العقلى النظرى الممنهج والمنظم القائم على البرهنة والمهتم بوضع القواعد والقوانين والنظريات ، و جاء ارسطو طاليس فى العصور المتأخرة للفلسفة الاغريقية ، ووضع قواعد للتفكير نفسه ، عرفت بقواعد المنطق الارسطى
الوعى الاسلامى تأثر بالمنجز الفكرى الغربى ده ، خلال حركة الترجمة الواسعة اللى بلغت ذروتها فى القرن الثالث الهجرى ، وأثمر التأثر ده عن مذاهب وعلوم ومباحث جديدة لم تكن معروفة من قبل ، فما يعرف بالفقه الاسلامى وقواعده وأصوله مثلا ، كلها مبنية على قواعد المنطق الأرسطى ، كما سعى بعض حكماء المسلمين ، للتوفيق بين الفكر الفلسفى الغربى و الفكر الدينى الاسلامى ، فظهرت الفلسفة الاسلامية وعلم الكلام وافراده من المتكلمة اللى حاولوا اثبات فروض النظرية الاسلامية بالعقل ، وقواعد العقل ، باحثين فى مسأله الوحى و وجود الله والعلاقة بين ذاته وصفاته ، بطريقة عقلية . فتنوعت فرقهم وجماعاتهم بين مشبهة مجسمة كانو يرون أن صفات الله حقيقية ومستقلة عن ذاته ، وبين معتزلة كانوا يرون أن صفات الله مجازية و هى عين ذاته،ومابين أشاعرة اتخذوا الموقف التوفيقى الوسطى بين الاثنين
التأثير اللى أحدثه المتكلمة فى الفكر الاسلامى يمكن تشبيهه بالتأثير اللى أحدثه توما الأكوينى فى الفكر المسيحى ، حين وفق بين الفلسفة الاغريقية والمنطق الارسطى من جهة وبين الفكر الدينى المسيحى من جهة أخرى . فأنتج المذهب المدرسى ، اللى يمكن مشابهته هو الآخر بالمنهجية المدرسية الأزهرية.
الخطاب الازهرى له سمة عقلية تقعيدية أى مهتم بالقواعد والأسس المنهجية للفهم والتنظير والحكم والافتاء وبالتالى لغة الخطاب لغة أكاديمية متخصصة ، تتواتر فيها مصطلحات عقلية مثل "الحجة " والدليل" و"البرهان" .
ومن المنظور الأزهرى- الكلامى ، الطريق لمعرفة الله والحقيقة هو العقل والتفكير ، وبما أن التفكيرالعقلى له طابع التعميم والشمول ، لذا فالمعرفة والآراء الازهرية لها طابع التعميم والشمولية .
وعلاقة الانسان بالله من المنظور الازهرى الكلامى علاقة عقلية ، تشبه- من وجهة نظرى الخاصة -علاقة التلميذ بالأستاذ
و طبعا البنية الأزهرية- الكلامية بنية عقلية ، وظيفتها السيكولوجية الأهم هى التفكير، لكنه تفكير انطوائى وليس تفكير انبساطى ، لا يفهم العالم بالذهاب اليه ومشاهدته وملاحظته ، انما يحاول فهمه عن طريق تفكير عقلى نظرى انطوائى ، يزيد من انطوائيته ، انحباسه فى إطار الكتاب المقدس الاسلامى.
والأزهر -كما هومعروف- ابن للسلطة منذ يومه الصفر ، أسسته السلطة الفاطمية الشيعية بغرض نشر الفكر الشيعى ، وبعدين حورب وأغلق فى زمن صلاح الدين الأيوبى ضمن محاولاته لمحو الشيعة والفكر الشيعى من مصر، وكانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة اللى حورب فيها الأزهر من قبل السلطة ، عاد بعدها الأزهر فى رعاية وكنف السلطة السنية .
ورغم مواقف الأزهر اللى كانت ولا تزال تميل فى غالبها مع السلطة الموجودة ، لكن للأزهر خروجاته التاريخية النادرة والاستثنائية .
و الأزهركان الساحة لأكبر مشروع اصلاح دينى اسلامى فى العصر الحديث ، وهو المشروع اللى قاده الشيخ محمد عبده أحد رجالات الأزهر ، اللى كان فى نفس الوقت، من أكبر منتقدى الأزهر وما أصابه من الرجعية و التزمت ، و بدأت عملية الاصلاح الدينى دى فى أواخر القرن التاسع عشر ، لكنها كانت كبارقة أمل خاطفة ، سرعان ما تلاشت ، وانتكس مشروع محمد عبده الاصلاحى وانتهى بانتصار التيارات الرجعية المتزمتة فى النهاية .
القلب : المحور السلفى ، الجسم الأصلى للاسلام
القلب لسببين : لأن المنطقة الراعية للفكر السلفى هى نفسها منطقة نشأة الاسلام ، ولأن القلب هو الجزء اللى كانت تسند له مهمة الهجوم الأساسية فى الجيوش القديمة ، وهو ما يتماشى مع الجلافة البدوية والعدوانية والشراسة اللى يمتاز بها التيار السلفى (الجهادى وغير الجهادى)
والجسم الأصلى للاسلام لسبب : أن المحور السلفى هو الاسلام الخام ، الاسلام الأصلى اسلام صحراء القحط والمحط العربية بدون أى اضافات أو تعديلات أو تأثيرات شرقية أو غربية .
عموما الأصولية أو السلفية هى أكثر المذاهب الدينية انسجاما مع طبيعة الدين نفسه ، فالدين يطرح نفسه دوما على أنه بناء من الحقائق الكلية المطلقة ، وده معناه 1- أنه مكتفى بذاته 2- أنه متجاوز للمحددات الزمكانية لنشأته وتشكله ، يعنى صالح لكل زمان ومكان . والأصولية السلفية هى الراعي الأول للمفاهيم دى وهى الأكثر التحاما بها وتلبية لها ، اذ هى الأساس التحتى العميق لأى نزعة أصولية سلفية . مفهوم الاكتفاء الذاتى للدين يعنى أنه مكتمل ، وأى تمازجات أو تأثيرات خارجية أو تطويرات لشكله الأصلى ، معناها اعتراف ضمني بحاجة الدين لغيره ، و ده انتقاص منه ، ونقض لفكرة اكتفائه الذاتى ، لذا تأتى مواقف الأصولية السلفية شديدة العدوانية ناحية هذه الإضافات والتأثيرات ، شرقية صوفية كانت أم غربية عقلية ، واصفة لها بالبدع والمحدثات الدخيلة اللى يجب تطهير الدين منها ، واللى مثاليا يجب محوها تماما من الوجود . أما القول بصلاحية الدين لكل زمان ومكان يعنى بالضرورة إنكار حقيقة الجدل والتغير ، و تجريد أحكام الدين وآرائه وتعليماته من شروطها الزمكانية النسبية ، ومد تاريخ صلاحية هذه الأحكام والتعليمات لمالانهاية ، مما يفسر رفض السلفية لوضع أى تفصيلة فى الدين داخل اطارها الزمكانى ، مثلا عندما أعطى النبى لاتباعه فى يثرب تعليمات بحف شورابهم واطلاق لحاهم ، فعل ده حتى يميزهم عن يهود يثرب اللى كانوا يفعلون العكس أى يطلقون شواربهم ويحفون لحاهم ، دى تعليمات ارتبطت بمكان معين وهو يثرب وزمان معين وهو فترة اقامة النبى فى يثرب ، لكن مع العقلية السلفية وتفعيلها الشديد للنقطة رقم 2 ، فان التعليمات دى خرجت عن سياق الزمان والمكان والتاريخ ، لتتحول الى أيقونات مطلقة واجبة الاتباع فى كل مكان وزمان ، منعزلة عن الظروف اللى أفرزتها ، وكل من يحاول ارجاع التعليمات دى وما شابهها لسياقها الزمنى والمكانى ، تخرجه الأصولية السلفية نظريا من سياق الدين ككل ، ثم تخرجه عمليا من الحياة برمتها .
الأصولية السلفية فى الاسلام ظهرت على تلات موجات ، الموجة الأولى جاءت كردة فعل انتكاسية على سيادة المذهب العقلى ذو الأصول الاغريقية أيام الخليفة المأمون ، ردة الفعل جاءت على يد رجل دين اسلامى يدعى أحمد بن حنبل ، نضرب به نحن المصريون المثل بقولنا " دا أنت حنبلى" اذا اردنا استهجان أى انسان يظهر تشددا وتزمتا فى موقف ما ، ببساطة ، الرجل ده ، دعا لغلبة النقل على العقل ، والأخذ بظاهر النصوص وقطع الطريق على احتماليات تأويلها ، اتفق معه الأمام أبو حامد الغزالى رغم أصوله الصوفية وألف كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة" يهاجم ويكفّر أصحاب المحور العقلى الكلامى ، وبعدين جاء ابن تيمية اللى عاش أيام سقوط بغداد على يد التتار ، يمشى على نفس الخط لكنه كفّر الجميع المرة دى ، المتصوفة والمتكلمة واتهمهم بالتسبب فى الهزيمة لأنهم افسدوا العقل المسلم وانحرفوا به عن الطريق السليم ودى كانت الموجة الثانية ، أما الموجة التالثة للسلفية الاسلامية فقد جاءت مع "محمد بن عبد الوهاب" الرجل البدوى السعودى اللى عاش أواخر الامبراطورية العثمانلية
واذا كان المحور الصوفى يتمركز حول العاطفة والخيال ، والمحور الأزهرى يتمركز حول العقل والتفكير فالمحور السلفى لاعقل فيه ولاعاطفة ولا خيال ، فقط هناك النقل والاسناد ، لا يعترف بغيرهم .
بالتالى ، الخطاب السلفى سمته الأساسية سمة نصية آلية جامدة ، ولغة الخطاب هجومية عدوانية ويقينية حدية ، اذ تتواتر داخلها مصطلحات قطعية استعلائية مثل " تصحيح عقيدة كذا" و " الجواب الصحيح لكذا" أو "الرد الأقوم على كذا" .
الطريق لمعرفة الله والحقيقة من المنظور السلفى هو النص المقدس وظاهره ، لذلك ، تتميز الآراء والفتاوى السلفية بالشمولية المطلقة .
علاقة الانسان بالله فى السلفية علاقة مغرقة فى الهيراركية بالغة الصرامة ، علاقة عبد بسيده الاقطاعى .
ممكن نشبه البنية السلفية بجهاز أو ماكينة يخرج منها ذراعان ، الأول ينتهى بعدسة كاميرا حساسة تقرأ كل ما يصل لها ، وبعدين تقارنه بنموذج معين موجود فى ذاكرة الماكينة ، فاذا لم تجده مطابقا تمام التطابق مع النموذج ده ، تناوله للذراع الآخر اللى بينتهى بسيف بتار يمزق هذا الشئ الغير المطابق تمام التمزيق .
الوظيفة السيكولوجية الأولى للسلفية هى الشعور ، وهى الوظيفة السيكولوجية اللى بتحكم على الاشياء من حيث كونها جيدة أم سيئة 3، وده هاجس السلفية الرئيسى ، الحكم على السلوكيات حلال أم حرام وعلى العقيدة صحيحة أم ضالة وهكذا ، كما أن توجه الشعور السلفى ناحية الخارج الاجتماعى يجعلنا نقول أنه شعور انبساطى .
المحور السلفى ليس عميقا عمق المحورين السابقين ، لايعنيه الاستغراق والتعمق فى المسائل النظرية الفكرية المجردة كما هو الحال عند محور المتكلمة الأزهرى ، ولا الاستغراق والتعمق فى المسائل النفسية أو "الروحية" كما هو الحال عند محور المتصوفة ، المحور السلفى أكثر عملية ، صحيح أن له نظريته ، لكن ما يهمه فى المقام الأول هو الـتأثير المباشر فى الواقع الاجتماعى وتغييره لصالحه بشتى الوسائل بما فيها العنف والقوة ، من هنا جاءت جماعة الاخوان المسلمين وما خرج منها من جماعات ارهابية مسلحة ، فهى كلها تمثل الجانب التطبيقي أو الذراع العملى للمحور السلفى .
دى ببساطة محاور المنظومة الاسلامية المصرية الحالية بعد تفكيكها ، لكن ليس هناك مانع أن ينطبق التفكيك ده على المنظومات الاسلامية فى بلاد أخرى غير مصر وفى أزمان أخرى غير الوقت الحاضر
فالصوفية لا تقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر
والكلامية الأزهرية لاتقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر
والسلفية لا تقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر
فالتلاتة أبطال الدراما الاسلامية عبر التاريخ ، وبينهم يدور الصراع الداخلى الاسلامى – الاسلامى ، ونظرة خاطفة للكتب والمطبوعات والمنتديات والمواقع الاسلامية تكفى لإثبات حقيقة الصراع ده ، وإن كانت كفة الصراع حاليا تميل لصالح المحور السلفى صاحب دور البطولة المطلقة ، بسبب ما يدعمه من أموال نفطية فلكية العدد ، الا أن الأمل لا يجب أن يفقد فى اندحار الهوجة السلفية الكابوسية .

الهوامش :
(*) هذا المقال مترجم فى أغلبه الأعظم الى اللغة الفصحى (القرشية) عن نصه الأصلى المكتوب باللغة العامية المصرية وذلك لضرورات النشر وطبيعة المتلقين المستهدفين المنتمين لقوميات شرق أوسطية متعددة .
(**) اللى : اسم موصول فى اللغة العامية المصرية يكافئ كل الأسماء الموصولة فى اللغة الفصحى (القرشية)
(***) (ده) و( دى) اسماء اشارة فى اللغة العامية المصرية مذكرة ومؤنثة على الترتيب ، تكافئ كل اسماء الاشارة فى اللغة الفصحى (القرشية) .
المصادر :
1 جفرى بارندر ، المعتقدات الدينية لدى الشعوب ، ت : امام عبد الفتاح امام ، م : عبد الغفار المكاوى سلسلة عالم المعرفة ، الكويت 1993
2 أدونيس ، الصوفية والسوريالية ، دار الساقى
3 ماجى هايد - مايكل ماكجنس ، أقدم لك يونج ، ت : محى الدين مزيد ، م : امام عبد الفتاح امام ، المشروع القومى للترجمة ، القاهرة 2004



#محمد_نبيل_حورس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- جدل في مصر حول من يحق له الإفتاء.. والأزهر يحسم الأمر
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...
- حدثها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل ...
- الفاتيكان يلغي رمزين من رموز سلطة البابا فرنسيس
- بنعبد الله يستقبل وفدًا روسيًا والمتحدث باسم جماعة “ناتوري ك ...
- الاحتلال يعتدي على أحد المعالم التاريخية الملاصقة لأسوار الم ...
- المسجد التذكاري.. رمز لبطولات المسلمين
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...
- طريقة تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات والعر ...
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية انعقاد المجمع المغلق


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل حورس - تفكيك المنظومة الاسلامية *