|
ماجرى للثقافة .. وماخفي كان اعظم
مناضل التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 17:03
المحور:
الادب والفن
تعتمد بعض التكهنات الآنية والبصريات الثاقبة على وضع الثقافة في العراق من خلال المشاهدات اليومية التي لم تنفك ولن تمرر وضعاً إيجابياً لاعمار الثقافة بشكل نهائي ملموس ، وقد اتفق مع من يقول إن الثقافة الحالية هي أسيرة المحن لمجتمعات شبه الإقطاعية والبدوية ، ذلك لان إمكانية أعمار الثقافة العراقية بوصفها وعياً ، ومؤسسات ، ومجموعة قيم تعرضت إلى الشرخ والتشويه بفعل عوامل كثيرة منها على سبيل المثال الاحتلال ، والحرب والصراعات السياسية والطائفية وأحيانا الاجتماعية فرضاً عن الإرث الثقيل الذي ورثته الثقافة من سياسية النظام الدكتاتوري السابق ، وان السبل الناجعة في مسألة الأعمار تتلخص في مشكلات كبيرة ينبغي مواجهتها بجدية ، وتثمل أولا وقبل كل شي في ضرورة بناء إستراتجية ثقافية عراقية وطنية شاملة ، قادرة على تحديد الأولويات والمهمات الآنية والبعيدة لعملية البناء والأعمار لثقافة عراقية خالصة ، أو لخلق ثقافة بديلة التي هي جزء من المجتمع العراقي وتحديداً من الوعي الديمقراطي الذي راح ينضج داخل بنية المجتمع العراقي ومؤسساته الثقافية ، إذ إن هذه المهمة هي مسؤولية جميع المثقفين العراقيين ومسؤولية جميع الاتحادات والنقابات والتشكيلات الثقافية الجديدة و منظمات المجتمع المدني وبالإضافة إلى مسؤولية الدولة العراقية الجديدة التي لم تؤشر لحد الآن إدراكا جدياً لرسم وبناء مثل هذه الستراتيجية التي ذكرناها سلفاً ، وعلى أساس ذلك ضلت الحياة الثقافية تأخذ منعطفاً مكسوراً ومتعثراً ، بل ظلت تنحو بشكل عشوائي وتواجه الكثير من الصعوبات ، وان الطامة الكبرى في هذه المعضلات هي قصور النظرة الحكومية ( السكواتزمية ) لواقع الثقافة الحالي ، كما أنها تفتقد إلى التمييز أو التميز بينما هو أولي وثانوي ، وان العمل على تفعيل المشروع الثقافي الحالي بالتأكيد القاطع يتطلب جهداً ودعماً حقيقياً للثقافة نفسها ومسؤساتها بصفها كما ذكرنا مكوناً أساسيا من مكونات الديمقراطية الجديدة التي لا يمكن إن تقوم وتنهض دونما هذا الوجه الثقافي الذي هو صورة المجتمع ومرآته ، بل يمكن القول إن مجتمعاً لا يعترف بدور الثقافة وقيمتها لا يمكن إن يكون مجتمعاً حديثاً متحضراً بل ينتمي إلى مجتمعات مثلما أسلفنا شبه الإقطاعية والبدوية إن صح التعبير . وان تشتت الثقافة العراقية واستبداديتها في صنع القرارات هو من اخطر المحن والانكسارات التي تواجهها الحياة الثقافية والأدبية في العراق والتي تعرضت إلى غبناً مزدوج من الداخل والخارج ، مثلما حدث في تعليق عضوية الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق من قبل الاتحاد العام لأدباء العرب ، ونحن نعي حينها إن الأسباب لهذا التكبيل هي سياسية لا علاقة لها بأي شروط ثقافية أو مهنية ، وان التهمة العامة والموجه إلى الاتحاد العراقي هي تكرار مقولات الكثير من الحركات السياسية والمحلية والعربية التي تزعم إن وجود الاحتلال يجرد الاتحاد العام لأدباء العراق وكل المؤسسات الثقافية من الشرعية ، والسبب الآخر أيضا تمثل في دعوى الأدباء العرب لدعم ما يسمى بالمقاومة العراقية بشكل صريح ، مع إن خطابات المؤسسات الثقافية في العراق أو من ضمنها خطابات الاتحاد العام للأدباء كانت تؤكد حضورها ونفوسها ضمن المقاومة الثقافية والسياسية للاحتلال ، وكانت ترفض الانضواء تحت لافتات مشبوهة لقوة سياسية وطائفية تمتلك أجندتها السرية الخاصة فضلاً عن بعض الاتجاهات الدينية المحلية التي تحمل السلاح لتحقيق برامجها الخاصة وليس حرصاً على السياسة الوطنية للعراق ولا لبناء مجتمع عراقي حديث ، كما إن المحنة الثانية أيضا تمثل في تجاهل معظم إطراف الدولة العراقية ، للأهمية الكبيرة التي تشكلها الثقافة في بناء مجتمعنا الجديد ، وعلى أساس ما تقدم ابيضا بقت الثقافة العراقية مشلولة ومهمشة وربما لأسباب غامضة ، لا تقتصر على الانشغال بالملفات الساخنة ، مثل الملف الأمني السياسي والاقتصادي بل ينطوي الآمر في الحقيقة على خوفهم من الثقافة التي هي نقيض الجهل وسياسة التجهيل التي تعمد بعض القوى السياسية لاستخدامها لاستبعاد جماهير الشعب بسياسات تظليلية وتخديرية مخجلة . [email protected]
#مناضل_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التلقي في محنة المفاهيم
-
ما فعلته الصحافة بالصبي ..!
-
نحن ويوسف في غبار الذئب الغليظ !!
المزيد.....
-
فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى
...
-
بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين
...
-
ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
-
فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
-
أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب
...
-
-يونيسكو-ضيفة شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
-
-ليالي الفيلم السعودي-في دورتها الثانية تنطلق من المغرب وتتو
...
-
أصداء حرب إسرائيل على غزة في الشعرين الفارسي والأفغاني
-
رحلات القاصة والروائية العراقية لطفية الدليمي
-
Batoot Kids..تردد قناة بطوط كيدز 2024 الحديد على النايل سات
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|