|
مزمار كفيف …. وعزف متواصل
(محمد رمضان الجبور(الصورباهري
الحوار المتمدن-العدد: 2974 - 2010 / 4 / 13 - 19:12
المحور:
الادب والفن
صخرة صلبة صماء تقتعدها أمام كهفك المهجور ، تتقوقع على نفسك ، وتتصلب فيك كل الأجزاء التي كانت قبل اليوم تتحرك ، تبحر عيناك في صحراء نفسك ، ثم ما تلبث أن تُخرج مزمارك الذي ورثته عن ابيك وتبدأ بالعزف ، تنتشي روحك وتفرح وأنت تلاعب أصابعك فوق الثقوب الكثيرة ، المنتشرة على طول مزمارك الجميل ، تسكر في نوبةٍ من العزف المتواصل و يخيل إليك أو يعتقد عقلك السخيف ، بأن عزفك قد أطرب جنوب أفر يقيا ، و حرّر العبيد ، و أطلق السجناء ، واستل أرواح المتخاذلين ، و أنهى الحروب …… و قتل البغايا و الزناة في كهوفهم الحمراء . عيناك تتعلقان بالسماء ، و هي تكبر … تكبر ، تصبح بحجم الخوف الذي في نفسك ، و أنت مكبل بالقيود ، يدفعك جندي أجرب برأس حربة حاقدة إلى داخل قبو مظلم . تصمت و تنظر إلى السماء مرة اخرى و هي عابسة غاضبة . تتمنى لو تسقط عليك قطرة ماء.. تعزف … تعزف حتى تتدلى شفتاك و يتصلب لسانك ، و يحمر وجهك و يتناثر شعرك ، والسماء لم تمطر بعد. تعود تجر أقدام خيبتك إلى كهفك المعتم الموحش و تنتظر غيمة جديدة تحمل المطر . تحاول النوم ، تغمض جفنيك ، تأمر نفسك التافهة بالحلم ، فليس لأمثالك إلا الأحلام و لكن عليك ألا تبالغ، فليس من حقك أن تحلم أحلام الأحرار … أو الأثرياء أو تضاجع امرأة ليست من طبقتك أو … ،احلم ما شئت ، تخيل ما تريد ، ولكن إياك أن تتعدى هذا الخط . خط اسود طويل … طويل … ، اطول من عمرك التعس … لك أن تحلم بقطيع من الغيوم الهاربة ، تقف فوق كهفك الأنيق الهرم . أو تناجي نفسا أحرقها الشوق إلى قطرة المطر . آه … آه … سماء دنيانا جافة ، نسيتها محاريثنا ، فازدادت يباسا ، و حجارتنا أصبحت هشة ، طرية ، طحلبية خضراء و نارنا امست بردا و سلاما … آه… آ ه … ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- نُشرت في مجلة ( صوت الجيل) التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة العدد الخامس والعشرون ، 1995
برد … البرد يقص رؤوس أصابع قدميك ، تتكور ككرة صنعت من قماش رديء ، تتلفع بالبؤس ، يحاصرك غراب مجنون ، يقف منتصبا متحديا ، ينقر جمجمتك المهترئة كلما حاولت النوم . آه … آه … لو ينزل المطر . جبال سأم تحط فوق صدرك الخرب ، صدى … صدى … صدى صوتك يتردد في جوف أنثى كرهت الدنيا ، مزمارك اصابه الخوف والصدأ فتوقف عن العزف في زمن مرّ ، الآن أنت بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى … من يقودك الى درب فيه ذرة نور كي ترى نفسك . آه … آه … مزمارك توقف حتى عن الأنين . تحتاج إلى غيمة تقودك إلى ارض أخرى ـ هل جربت السفر على غيمة ـ تحتاج إلى غراب ، و لكن ليس هذا الغراب ، ربما كان كالغراب الذي علّم قابيل كيف يواري سوءة أخيه . آه منك يا سياب ، مطر … مطر … مطر … لم تبق لنا مطرا ، أمطارك أغرقت الخليج ، لكنها عجزت عن ان تسقي بذرة قمح واحدة . آه … آه … لو ينزل المطر . ما أسخفك أيها المزمار وقد اصابك الخرس في زمن علا فيه الضجيج ، ها قد اصبحت قطعة نزين بها اكواخنا الرائعة ، حلمت اكثر من مرة بانك مكسور و لكني لم أحلم مرة واحدة بأنك قد توقفت عن الكلام . تشنق رغبتك بالعزف المرة بعد الأخرى . و لكن لا بد من العزف كي ينزل المطر … هكذا قال لي أبي . تعاود العزف ، و تحلم بقطرة صغيرة تقع على أرنبة أنفك فتحيي بك الاحساس أو تخلعك من حلمك القاتم الطويل . تحاول العزف و تمضغ هزائمك ، تجتر الأيام المرة العالقة في سقف حلقك الصدىء … تتعلقان بمزمار … و غراب … وسماء لا تريد أن تمطر . انتهت
عمان/ تموز/2003
#(محمد_رمضان_الجبور(الصورباهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في
...
-
جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا
...
-
مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين
...
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ
...
-
عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا
...
-
رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
-
تردد قناة سبونج بوب على النايل سات …. أجدد الأفلام وأغاني ال
...
-
الكشف عن القائمة القصيرة لجائزة -PublisHer-
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|