عبدالله داوود -المنفي ابدا-

زهور شنوف

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 15:16
المحور: القضية الفلسطينية
    

عبد الله داوود•• المنفي أبدا
زهور شنوف
رجل وامرأة يفترقان
ينفضان الورد عن قلبيهما،
ينكسران•
يخرج الظلّ من الظلّ
يصيران ثلاثة:
رجلا
وامرأة
والوقت••
محمود درويش قطار الساعة الواحدة
انقضى الوقت، توقف مسار الرجل، وبقيت المرأة وحيدة•• تنقلب معادلة درويش•• فللوقت صبر يداويه لكن الفراق ما الذي يداويه؟ فالصبر الذي كانت تملكه السيدة كفاح حرب أرملة المناضل المرحوم داوود عبد الله وطفلاها وتغلبوا به على البعد في السنوات الثمانية الماضية التي خاضها عبد الله داوود في تجربة الإبعاد القسري عن عائلته وعن وطنه كانت نهايتها مأساوية، فحلم الأسرة طوال السنوات الماضية بالعودة تلاشى، كما تلاشت من قبل ألاف الأحلام الفلسطينية أمام الانتشار السرطاني لإسرائيل في الجسد الفلسطيني••
في آخر أيامه أسرّ المناضل الفلسطيني عبد الله داوود، الذي كان يقيم بالجزائر منذ أزيد من 5 سنوات، إلى مقربيه وهو على فراش المرض بالمستشفى العسكري بأنه سيحجز من أجل الذهاب إلى العاصمة عمان للعلاج يوم السبت، وفعلا صدق وعده، دون أن يعرف أن هذه السفرية بالذات ستحقق له حلم العمر، حلم الارتباط بالأرض إلى الأبد•• تلك الأرض التي دفع من أجلها كل سنوات عمره الـ ,48 من لحظة الميلاد في طيرة دندنة العام ,1948 وهنا كانت الهجرة الأولى من قضاء اللد بفلسطين، حيث سكنت أسرته المجاهدة بمخيم بلاطة للاجئين شرقي نابلس شمال الضفة الغربية•• لكن التغريبة ستظل اللعنة التي ستطارد السيد عبد الله وعائلته إلى الأبد، لكن أولئك المعجونين بماء الجهاد وتراب الأرض المقدس تكون لديهم القوة على مواجهة كل الصعاب التي تهدد الوطن بالفناء، بل حتى مواجهة الفناء نفسه، وهي سيرة داوود وأهله، فمن أزقة بلاطة التي شهدت سنوات شبابه الأولى يقرر الرجل بداية رحلة الكفاح العام 1976 حيث التحق بحركة فتح التي خاض معها المعارك الشرسة ودخل السجون مرات عدة، دون أن يؤثر الأمر على روحه الوطنية التي كانت حاضرة وقوية دائما كأي شهم تهون روحه من أجل الوطن، ففي العام 1980 كان من مؤسسي لجنة العمل النقابي والاجتماعي للحركة في فلسطين، وفي العام 1987 برز كواحد من أهم قادة فتح خلال الانتفاضة••
وللمناضل عبد الله داوود محطات كثيرة مع الإبعاد، كما سبق وأشرنا، منها في العام 1992 إثر حصار الجيش الإسرائيلي لجامعة النجاح الوطنية عدة أيام، لكن الإبعاد الذي كان أكثر قسوة عليه وعلى زوجته وأطفاله، وعلى الكثير من الفلسطينيين غيرهم، ذلك الذي جاء عندما كان يشغل منصب قائد لجهاز المخابرات العامة في محافظة بيت لحم، خلال الانتفاضة الثانية أو ما تعرف بانتفاضة الأقصى، حيث كان من بين مبعدي كنيسة المهد الـ 13 الذين رحلوا قسرا إلى خارج الأراضي الفلسطينية عام ,2002 وهنا كانت المرحلة الأكثر صعوبة في حياة الرجل وكل الذين هجروا في هذه القضية، ذلك أنهم فقدوا الكثير من حقوقهم الشرعية والأساسية، خاصة ما تعلق بالتواصل مع ذويهم وقهر المنفى الذي عاشوه، وما زال الباقون يعيشونه على أمل أن يكون اليوم الذي يقررون فيه العودة ليس كيوم المرحوم المناضل عبد الله داوود، الذي نقل فعلا في اليوم الذي اختاره للسفر إلى عمان السبت ، وبعدها إلى أرض الوطن لكن كان الذهاب قاسيا على الأحباب بل مرا على الجميع، خصوصا أن الرجل حلم طويلا ليكحل عينيه بتراب الوطن بعد سنين طويلة قضاها في المنافي، وهو لعمري مطلب شرعي وإنساني لشخص عاش ومات مناضلا•
زهور شنوف

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات