باسم عبد العباس
الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 18:18
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
منذ أن أزحنا عن كاهلنا أزمة الدكتاتورية والحكم الشمولي في نيسان 2003 ،ما زلنا مخدوعين بمظاهر لم تتحقق ،مثل الحياة النيابية الدستورية وقواعد النظام الديمقراطي ،وأصول اللعبة السياسية،حتى أن الفرد منا حصد آلام وتجرع الاوهام،فقد أفسد عفاريت الظلام حياتنا بنشرها التشاؤم،النابع من حزنها المتراكم المنبعث من قبور التاريخ،حيث لطخت سجلاتنا في عصر التنوير المفترض ان نعيش تفاصيله،لكننا فقدنا ركائز مهمة (المعرفة ــ الدولة ــ المواطنة ــ الحرية ــ المعارضة السلمية ــ التربية والتعليم ــ الاخلاق الوطنية ــ القاعدة الانتاجية ،وغيرها كثير )،وهكذا بعد أن تخلصنا من جهنم الفردية والتعصب الشوفيني تدحرجنا بفضل السياسة الطائفية إلى وديان مسطحات خبيثة وقديمة من بداوة واقطاع وشدتنا ثلة الماضي بذرائع شتى حيث وجهت المجتمع إلى أتون الجوع الفكري إثر تعرضنا إلى فقر اقتصادي طيلة الحقبة المبادة.ومع إفتقادنا لعزيمة الوثوب بقوة لمعالجة وضعنا المتري،والذي عن طريقه نحقق ثورة قوامها،قفزة نوعية في مجمل النشاط العام (الزمن المنتج هنا) هو خلق القاعدة المادية كي يصاحبها توعية في السلوك الديمقراطي على كافة الأصعدة،ومن أهمها تسيس المجتمع وفق رؤى الدستور المتكامل،والفصل بين السلطات،وتهيئة أجواء تكوين الدولة المدنية،لكن إنحراف الأقطاب السياسية،وملف الارهاب صحبة الاسلام السياسي العنيف في محاوره ومنهجه والأصح ،هنا حدث شرخ واضح أعاق من داخل العملية السياسية بعدم المساهمة أو السماح بوجود ديمقراطية نامية في العراق،كل تلك العوامل مع تدخل دور الجوار وحتى أخطاء الأمريكان القاتلة التي ساهمت في هشاشة الوحدة الوطنية ،وعزوف المواطنيين عن الدفاع عن هويتهم العراقية،ساعد في ظل غياب المثقفين والمفكرين وحرية الاعلام المعدومة ،والتي من المفترض في رسالتها انها تنبة الشعب بالمخاطر الكامنة وتكشف الخديعة الكبرى التي روجت لها الأوساط بمعية دول الجوار لزجنا في حروب داخلية،مع أننا استطعنا،القضاء على هذا النهج القذر،لكننا غرقنا في تعصبنا،ونسينا أننا خرجبنا مجرمين عتاة لا يصلح معهم السلام والتسامح،وها قد عدنا إلى النفعية،وهي سمة اصحاب الامتيازات القديمة والجديدة،فما عدا مما بدا؟
ومن النافل توضيحه هنا،أن نتائج الانتخابات التي اضطلعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإلاشراف على إجرائها بتفويض من البرلمان المنتهية ولايته،وبمساعدة الحكومة المنتهية ولايتها أيضا،فما حدث ويحدث حاليا،يعد تقصيرا مؤكدا من قبل الجميع بما فيها الجانب الامريكي والامم المتحدة،وقد ثبت أننا بحاجة إلى مرحلة انتقالية أطول نسبيا،حيث تتنازع الكتل السياسية التي من الواجب واقعيا انها تسعى لخدمة المجتمع وترفع عن العراق الوصاية ،لكن الذي يجري من تهديدات باستخدام العنف والاضطرابات،ناتج من ارتباك السياسيين وما خططت له الدوائر الأجنبية يساعدهم في ذلك قصر عمر التجربة الديمقراطية وقلة الوعي،فقد صوتنا للفردية،تلك التي سلطت طغيان السلاطين علينا طيلة تاريخنا الدامي،والسؤال المهم هنا،إذا افتقدنا البيئة السياسية،فمن الطبيعي أن نلجأ لمفردة بغيضة (التعصب للطائفة) وهنا،نقول الشعوب تصنع حكامها،لكن أسوء وأخطر ما صنعنا اليوم ،القبول بالمحاصصة،وكلنا يعلم أنها منبوذة،وفي نفس الوقت إرتكبنا هذا الجرم بمعية الاحزاب ،وكاننا مقتنعين بما رسخه خطأ الأمريكان في أرضية لنمو هذا العفن،وهكذا أعلنا إصطفافنا مع أهداف هي في حقيقتها ضارة وضد إرادتنا الحرة،ولكن لماذا يتصارع المتنافسون،وجلهم وطني غيور على الكعكة التي سيقاسمونها بما ابتكروا من حيظ الماحصصة،وهم يعرفون أن المتخاصمين لن يقبلوا بحاكم ينفرد عنهم بالسلطة (الكعكة الدسمة بعيدا عن أعين الشعب)،وهو من الضعف بما يسمح ببقاء العراق خاملا والعراقيين فقراء،فبئس ما خطت أيدينهم بمعية الجهلاء في الداخل والخارج.نعم المعادلة بيننا وبين من يروج للحرب الأهلية وديان تسيل فيها دماء عراقية صابرت متصورة أنها تخطت المصاعب والأهوال،لكننا في الحقيقة ما زلنا في دور الرضاعة ،وهو دور يحتاج إلى رعاية وصبر جميلنكل امهاتنا مارسنه لكن في السياسة وبناء دولة وقيادة هذا الشعب المغلوب على أمره ،صار الفساد والنفع من المال العام نضالا،وصراعا في تقلد منصبا حساسا للغاية،وهو من اخطر المناصب السيادية،وعسى أن تنجلي هذه الغمة،وتهدىء العاصفة الهوجاء كي يستريح شعنا،وينتعش العراق بصدق الوعود والشعلرات ،ولكن هيهات مع هذا الصخب التلفازي والتشنج والانفعلات الفنطازية،فالكل يعلم ان الأمر لا يخلو من يد قابضة تحرك الأحداث،وعلى الجميع الايمان اننا بلد وليد بالديمقراطية ،وهي من توجه صناديق الاقتراع مثلما تفعل دول الجوار بشراء الذمم لهذا الطرف او ذاك،الذي كان وبالا علينا وهي متاكدةمن نجاح زرعها القميء في داخل أرضنا،وومن هنا صار وضعنا لايحسد عليه،اما كيف نجتاز هذا النفق المظلم،فتلك آمال مثل أمنياتنا الضائعة. فنحن نعيش تخبط سياسي لا تحمد عقباه ،وبات من الضروري تجنب المهاترات والعنتريات،باللجوء إلى العقل ،ولنفكر أولا وأخيرا كيف نخدم العراق ونرفه عن العراقيين.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟