أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمد الخالدي - الحضارات ومفهوم الصراع - إئئتلاف العروة الوثقى-















المزيد.....

الحضارات ومفهوم الصراع - إئئتلاف العروة الوثقى-


حمد الخالدي

الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الولوج لتناول موضوع نظري مطلق كموضوع دراسة الصراعات والنزاعات مسألة شاقة وشائكة، نظرا لشح الموضوعات التي تتناول أدبياتها، إضافة لحساسية موضوع الصراعات من الناحية الإنسانية فهناك صراعات عادلة وصراعات همجية إمبريالية ،منها من يذهب إلى تأكيد وتعزيز الحق الإنساني والحرية والعدالة، ومنها من يحاول تكريس العبودية والسير نحو سيطرة الأقلية المتوحشة على مقدرات الأكثرية المسحوقة.
والصراع هو حقيقة ثابتة في حياة الدول طوال التاريخ، فلا يمكن للدول أو الحضارات سوى أن تنشأ وتعيش في خضم الصراعات ،ومن الخيال القول بأن هنالك حضارة تستطيع العيش دون صراع مع غيرها، والصراع له درجات مختلفة وأشكال متنوعة فهو يبدأ بالتنافس السلمي بأدنى درجاته وينتهي بالحرب والصدام الدموي في حالة فشل إدارة الصراع بصورة سلمية فالحرب المسلحة تمثل نقطة النهاية في تطور بعض الصراعات الدولية(1)
إذن يمكن القول أن الصراع هو أعظم الظواهر التاريخية والإجتماعية لفتا للأنظار، فيقال أن ظاهرة الصراع هي التي أنجبت التاريخ انطلاقا من أن التاريخ برمته هو تاريخ لتدوين الصراعات المسلحة، فالصراع ظهر مع وجود الإنسان على سطح المعمورة، وهو يشكل جزءا أساسيا من علاقاته السوسيولوجية مع الآخر.فلذلك كان الصراع أقدم ظاهرة عرفها التاريخ
والمتتبع لتاريخ الصراعات يجد بأن هذه الظاهرة تعد بمثابة نقاط تحول في التاريخ السياسي والإجتماعي والإقتصادي للبشرية، فهي مراحل مفصلية نحو بروز قوة عظمى حديثة محل قوة كبرى بائدة، ونشوء حضارة إنسانية جديدة عوضا من حضارة أخرى عريقة.
أي أن الصراعات الحضارية تمثل ظاهرة الانتقال الرئيسية من حقبة لحقبة أخرى في التاريخ، وهي بذلك تصبح مدخلا لفهم ودراسة التحولات الاجتماعية والحضارية عبر التاريخ، مثل سيادة حضارة وانقراض أخرى، أو نشوء أنماط جديدة من الفنون والحياة والموارد العامة كما تشكل أيضا عاملا رئيسيا في التقليد بين الحضارات، لأن الميل التقليدي عند معظم الأمم والدول، باستثناء الأمم التجارية مثل الفينيقيين والإغريق والحقبة الليبرالية القصيرة التي عاشتها البشرية منذ مدة، يتجه إلى الإنطواء على الذات والإكتفاء بالمقدرات الذاتية .(2)
وفي هذه الحالة تؤدي الصراعات عاجلا أم آجلا إلى دفع الدول والأمم الأكثر عزلة وإنغلاقا إلى الانفتاح على الغير مجبرة كالصين واليابان والمغرب في القرن العشرين ،إذن يمكن القول أن الحروب والصراعات هي أكثر أدوات الإتصال الخارجي فاعلية بين الشعوب والحضارات وتحطيم عزلها التاريخية.
و العصر الحديث لم يكن إستثنائيا بالنسبة لظاهرة الصراع الحضاري بين الأمم ،فقد برز مفهوم الصراع بين الحضارات والتشكيلات البشرية بشدة خاصة مع منتصف القرن الأخير للألفية الثانية ،إذ مهدت الحروب الكونية التي عاشتها البشرية في النصف الأول من القرن الماضي الطريق معبدا أمام الأمم والحضارات المتمايزة أن تعيش مظاهر جديدة من مظاهر الصراع الحضاري والنزاع الأيديولوجي الثقافي ، تارة بقصد السيطرة والنفوذ وإلغاء الآخر وتارة أخرى بقصد كسر قيود هذه السيطرة والإنطلاق نحو فضاءات الحرية والإستقلال البعيد عن الوصاية والتحكم بالمصير(القرار الوطني)،لذا فقد شهدت مرحلة ما بعد الحربين العالميتين حالة من الإصطفاف الجغرافي ،قسمت العالم بموجبه إلى شطرين ،شطر شمالي ذهب نحو تعزيز سلطانه وزيادة رصيده من القوة والجبروت ،وشطر جنوبي هدف إلى البقاء بعيدا عن آليات التغير الثقافي والإجتماعي والإقتصادي للشطر الشمالي ،ووفق هذه المعادلة شهد النصف الثاني من القرن العشرين صدامات وصراعات بين حضارات الشمال والجنوب كانت أرض الأخير هي الحاضنة لها ،خاصة بعد أن أفاقت حضارات الجنوب من سباتها وقامت تطالب بإستقلالها وحريتها بعد عقود طويلة كانت تصدق خرافة "رسالة الرجل الأبيض"الذي حول شعوب الجنوب إلى وقود يشتعل من أجل بعث الدفء إلى أبناء حضاراته الشمالية المتجمدة.
وفي ظل هذا التناطح الشمالي الجنوبي ،وبعد التغيرات الجذرية في بنية السياسية الدولية وما خلفتها من تغيرات أحجام وأوزان القوى العالمية ومواقع الجدارة الدولية،بفعل نتائج الحربين الكونيتين ، برز نمط جديد من الصراع بين الحضارات كانا طرفا الصراع هذه المرة ،الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي أو ما يعرف إصطلاحيا صراع الغرب والشرق أو الرأسمالية والشيوعية ، وبموجب هذا الصراع الذي كاد أن يفتك العالم بأسره لو قام أحد المتهورين في أحد الجانبين بالضغط على زر السلاح النووي الفتاك ،إنشطر العالم نحو قبلتين ،قبلة غربية ورثت الشمال في المرحلة الماضية وضمت دول أوربا الغربية وأمريكا ومن يدور في فلكها ،وقبلة شرقية ضمت رأسها التلاميذ النجباء لكارل ماركس وضمت حركات اليسار العالمي المعارض للإمبريالية الغربية على حد تعبيرهم ،وقلة قليلة واقعيا من لم يحددوا موقعهم وسط هذا الصراع المخيف مما حذا بتاريخ هذه المرحلة أن يلفظهم بعيدا.ونجد هذه الحقيقة واضحة في فكر العلامة السياسي الشهير "فرانسيس فوكوياما "،عندما أرادت الفوكويامية إقصاء بقية العام الخارجة عن التصنيف الغربي ليس خارج التاريخ فحسب بل حكمت عليه بالسجن المؤبد داخل قفص التاريخ ودورته المغلقة (3)
وقد إكتسبت مرحلة التنافس الأيدلوجي الثنائي، صراعا حضاريا قويا ،إمتد ليشمل جوانب الثقافة والسياسة والإقتصاد ،حيث راحت كل حضارة وبما تملكه من وسائل تأثير وآليات تغير،تمجد تراثها وتفخر بنتاجاتها وتطوراتها على كافة الأصعدة ،حتى تحولت المنابر إلى ساحات قتال ،كل طرف فيها يبحث عن السيادة والتفوق وتهميش المقابل وإيقاع الهزيمة به.
وقد تحقق للحضارة الغربية ما أردات عندما أفل نجم المعسكر الشرقي مع البدايات الأولى للعقد الاخير للألفية الماضية ،بعد عن إعترى هياكل المركز الشرقي إختلالات مؤلمة في جوانب الإقتصاد والسياسة ،مما فرش الطريق بالورود للحضارة الغربية في بسط نفوذها وسيطرتها على كامل الفسيفساء العالمية ،متوجة بذلك نفسها كحضارة منفردة يجب على الحضارات الأخرى الدوران في فلكها على حد تعبير منظريها ، فحالة السقوط المروع للمارد الشيوعي خولت أتباع الحضارة الغربية إلى التكلم بصوت عالي حول سيادة الحضارة الغربية وإنتهاء التاريخ غربيا،وفي هذا الإطار نجد فوكاياما يبيح لنفسه القول بأن" نهاية التأريخ غربيا حقيقة مسلم بها ،ولا سبيل لأي نوع من أشكال مراجعتها والتيقن من دلالاتها " أوكما جاء في موضع آخر من كتابه المثير للجدل "نهاية التاريخ" حيث يذكر بأن" الديمقراطية الليبرالية تشكل فعلا منتهى التطور الأيدلوجي الإنساني, الشكل النهائي لأي حكم إنساني" في محاولة منه لإقناع الإنسان بنهاية التاريخ غربيا وحتميته.
لقد سمحت حالة التفرد للحضارة الغربية التي تمخضت بفعل حالة الإنهيار الشبه التام للشيوعية،بالتأسيس لنظام عالمي جديد "العولمة " هدف بعيدا عن المكاسب السياسية والإقتصادية إلى صهر العالم أجمع في بوتقة الحضارة الغربية أو بمعنى آخر نثر الأنموذج الغربي على كامل الفسيفساء العالمية ،بهدف الوصول إلى سيادة الحضارة الغربية وتفتيت الحضارات الأخرى وتغييبها عن المعترك الإنساني.
ويثار هنا سؤال مهم جدا هل أن حركة الصراع بين الحضارات ستتوقف وتصح نبوءة فوكاياما أما أن السنن الكونية ستستمر ،وتدور عجلة الصراع والنزاع بين الحضارات ؟.
وفقا للسنن التاريخية وأحكامها نلاحظ أن حركة الصراع بين الحضارات مستمرة ولا يمكن عرقلتها على الرغم من نجاح آليات العولمة وأذرعها المالية في فرض الأنموذج الغربي قسريا على شعوب العالم ،فلذا نجد العدد من المراقبين يعتبرون أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما أفرزته من تداعيات على كافة الأصعدة والمجالات هي عودة إلى حقبة صراع الحضارات ربما قد لا ترتدي ثوب الدول والتكتلات إنما تكون على شكل جماعات وتنظيمات أصولية آذنة بذلك لعهد جديد من صدام الحضارات ،يكون الجانب الديني فيها هو الباعث والمغذي الأساس لها،وحول هذا الموضوع يؤكد الدكتور صمؤيل هنجتون صاحب أطروحة "صراع الحضارات" في مقابلة له مع صحيفة دي تسايت الألمانية بأن أحداث 11 سبتمبر كانت أهم تطبيق لنظريتي، فهي لم تكن حربا بين دول كما في القرن الـ(19) أو بين أيديولوجيات كما في القرن الـ(20)، بل كان هجوما لمجموعة إسلامية منظمة ضد صورة الحضارة الغربية أمريكا وكان المنفذون للهجوم ينتمون للحضارة الإسلامية.
لذا فهنجتون يؤكد على أن الصراع القادم بين الحضارات يكتسي زيا عقائديا ،ينال المسلمون فيه النصيب الأكبر من الصراع إذ أعلنها صراحة أن القرن الحادي و العشرين هو عصر يبدأ فيه محاربة الحضارة الإسلامية،بل يذهب بأبعد من ذلك عندما يتحدث على أن الإسلام أو الحضارة الإسلامية هي عدو لكل الحضارات الإنسانية الأخرى يجب وقف عدوانيتها.(4)
ويذكر أن هنتنجتون صاحب نظرية صراع الحضارات قد لخص نظريته في أن العالم يتكون من 8 حضارات كبرى هي الغربية والأرثوذوكسية روسيا والصينية والفليبينية واليابانية والهندوسية والأفريقية واللاتينو أمريكية والإسلامية، وتعد الأخيرة العدو اللدود الأكثر خطرا على الحضارة الغربية حسب رأيه، وهو يرى أن هذه الحضارات في صراع أشبه بصراع البقاء حيث ان قيمها وأهدافها مختلفة، ولابد للحضارة الغربية من مواجهة هذا الصدام المنتظر من خلال تشكيل وحدة وتكتل غربي في مواجهة الحضارة الإسلامية التي هي محور الخطر لديه.

في النهاية يمكن القول أن حركة الصراع بين الحضارات قائمة بالرغم من كل محاولات المتحمسين في بناء اطر التعاون والتلاقح الفكري والثقافي بين مختلف الحضارات ،فالتاريخ يعطينا ابرز الدلائل والشواهد على هذه الحقيقة التاريخية التي ظلت تساير نمو وتطور المجتمعات والحضارات منذ الأزل.





المراجع :
1- مقلد إسماعيل ،الإستراتيجية والسياسة الدولية المفاهيم والحقائق الأساسية،مطبوعات جامعة الكويت 1987، ص99 .
2- محمود إسماعيل عبدالرازق ، مجلة الفكر،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 2008 ، ص 228.
3- فرانسيس فوكوياما ،نهاية التاريخ والإنسان الأخير،مركز الإنماء القومي،بيروت 1993 ص13.
4-
http://www.alarabnews.com/alshaab/GIF/27-09-2002/15.htm



#حمد_الخالدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الإحتلال والطائفية
- التدخل العسكري الاميركي في العراق


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمد الخالدي - الحضارات ومفهوم الصراع - إئئتلاف العروة الوثقى-