نثر في حديقة نفسي ، بعد ألف سنة مما تعدون

فتحي المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 23:13
المحور: الادب والفن
    

من فتحي المسكيني
إلى العزيزالعزيز صلاح الداودي،
§1
اختصم الندم والحب يوما، فقال الحب:
- أيها الندم، أنت ذنبي الوحيد !
فقال الندم ضاحكا:
- أيّها الحب، أنت حنون جدا، ولكن لا تحسن الوداع. ألا تدري أنّ الندم ضرب من الوداع ؟ وفي ظني أنّه وداع مستحيل، لأن الذي يحبّ يخترع ذاكرة لمن كانوا قد رحلوا منذ وقت طويل.
§ 2
حين يكون المرء نبتة إلهية، هل يكون له من الوقت إلاّ ما يكفي بالضبط للاعتناء بحديقة نفسه ؟
§ 3
في ركن ما من أنفسنا يقبع تنين نائم. ولا تكفي أيّة يقظة لإيقاظه. ولذلك ليس من طريقة للإقامة بجواره إلاّ النوم. وهكذا ترى دول النوم تُقام في كل شبر من الأرض التي يتم تحريرها. أنت دولة من دول النوم، وعليك أن تزعم دوما أنّك حرّ.
§ 4
حين يولد الكبار بعد موتهم، تكون كارثة. إذ سيخيم دوما على العالم شعور بأنّ ثمّ جنازة لم تقع. وذلك حتى أيام الحب.
§5
من يحبّ يبتني في كل مرة حديقة لنفسه. ولكن ما إن يأخذ في الحرص على ألاّ يسكنها وحده حتى تتهدم عليه. في كل مكان ترى الحب مجرورا إلى لقاءات غير قادرة على الوداع.
§ 6
في حديقة نفسي توجد نباتات لا تحصى، لكنها كلها تعاني من الوحدة. وكلما حاولت أن أجمع بينها في باقة واحدة ماتت.

§ 7
يحاول الناس دائما أن يتعهدوك كحفلة خاصة. ولأنّ الحفلة هي أيضا استثمار، فأنت سرعان ما تصبح حديقة مشتركة يلقون فيها بكل ما هو أكبر منهم. حذار من المشترك إذا كان أكبر منا بلا رجعة.
§ 8
حين جروه إلى المقصلة، أفلت منهم موتُه. إذ ماذا يستطيع الجلادون إزاء من اختار موته الخاص كآخر شكل من الإفلات من بنفسه ؟
§ 9
لا يستطيع أيّ جلاد أن يقتل أحدا ويتحكم في معنى موته في نفس الوقت.
§ 10
في بلد صار فيه جمع الجثث في الصباح واجبا يوميا لعمال الشوارع، لا يستطيع أحد أن يكون بطلا.
§ 11
حين تبحث دولة ما عن شيء ضائع، تضطر آخر الأمر إلى اختراعه. حذار أن تضيّع عقلك فتضطر الدولة لاختراعه بدلا عنك.
§ 12
كنت أظن أنّ بين الهوية والحب شبه قاتل: فكل منهما استعمال مشطّ لمقولة التملّك.ولكني صرت الآن أدرك أنّ الهوية لا يمكن أن تحب أبدا. فالحب لا يعيش أكثر من حياته. في حين أن الهوية شكل من البعوض الذي يعمّر أكثر من الأعضاء التي يتكون منها.

#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل