أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - حروف المنفى















المزيد.....

حروف المنفى


كاظم الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 14:48
المحور: الادب والفن
    



انا لا اجيد القول، قد أُنسيت في المنفى الكلام
وعرفت سر الصمت…. كم ماتت على شفتي

في المنفى الحروف؟

الصمت ليس هنيهة قبل الكلام،

الصمت ليس هنيهة بين الكلام،

الصمت ليس هنيهة بعد الكلام،

الصمت حرف لا يخط ولا يقال

الصمت يعني الصمت.. هل يعني الجحيم سوى الجحيم؟.


نجيب سرور


مرت الايام سريعا، هنا .. صار لي اكثر من شهر في هذا الفصيل، وفي غمرة العمل اليومي والوظائف اليومية المطلوبة، والتفكير بالكتابة والطباعة والرزم وغيرها يتسرب الوقت ومروره او زحفه عليك، وما ان ينتهي نهار وتنهال ظلمة المساء يبدا قلق اليوم الاخر، او احاديث الروح حين تبعث في نفسك المساءات احزانا ما، لا يعرف المرء مبعثها، لكنها تخرجه من المكان الى عوالم اخرى، لا استطيع الان تسجيلها، لابد ان اقوم بساعة الحراسة وبعدها ربما استعيدها على الورق.

في اليوم التالي، وبعد ان انتهينا من وجبة الغداء وتنظيف الصحون وتجميع الحطب لوجبة العشاء والتمازح مع السجان والاداري حول الحصص والاوقات وغيرها، نزل علينا وفد من الرفاق الجدد بالنسبة لي، من بينهم حيدر، الذي اعرفه من بغداد حين كان يعمل شغيلا في مؤسسة الحزب الطباعية، وفرحت به، وتصورت انه قادم جديد، ألا اني عرفت بعد ذلك ومن خلال صورة العلاقة والتحية مع الباقين انه مكلف بنقل البريد الحزبي، يزور المقر بشكل منتظم او كلما استجدت الحاجات والطلبات، وقبل ان يسلم ما يحمله من بريد حزبي (سري للغاية وخاص جدا) واسرار شفوية او هكذا يعتبرونها الى المسؤول الحزبي، جيراننا، سأله الذين يعرفونه جيدا عن موجز الاخبار، استمعنا له بانتباه قبل ان اعددت له وجبة الطعام والشاي. وبعدها كما قالوا لي سيدخلون بالتفاصيل في الغرف، فيعرفون عن طريقه امورا كثيرة قد تكون مهمة او لا تكون، ولكنها على كل حال اخبار جديدة عليهم. تحركات قيادة الحزب في الخارج، نشاطات ومؤتمرات المنظمات الحزبية في الخارج طبعا وايضا، ومنها اخبار الاحزاب الشقيقة والحليفة، احتمال مجيء اسماء معروفة من الرفاق للزيارة او للمكوث والاقامة، مطبوعات جديدة، رسائل الاهل والاحبة عبر البريد الحزبي. ومن بينها ذكر لي انه حمل مظروفا كبيرا معنونا باسمي، وانه عرف بوجودي هنا من خلاله، وعلق بعده هذه اول وآخر مرة، لانه متعب وقد يلفت الانتباه عند التفتيش، فالطريق ليست دائما مأمونة، والاوراق المكتوبة باللغة العربية تستفز بعض حراس الحدود او المفارز المتنقلة في الطرقات او على مداخل المدن المنتشرة في الطريق الطويلة من طهران الى هنا.

مساءا خرجت معه نتمشى على سطح المقر، وهي مساحة لاباس بها تصلح للتمشي والتشاور وتبادل الاراء والاخبار والهموم، تشرف على المقر ويتابع المرء التحركات وهو مشغول بغيرها بالتاكيد، يستخدمها المسئول باستمرار.

بحرقة يتواصل الحديث عن الاصدقاء وما حل ببعضهم، والرفاق وما تناثر من اوضاعهم، وبطريقته الساخرة وحركات يديه السريعة، ذكر : مرة مرت الطائرات الحربية في سماء هذه المنطقة، وكالمعتاد توجهنا الى الاماكن الامنة والمخفية وزوايا الاختفاء، وركضت الى حفرة لا تستوعب الا شخصا واحدا، فرميت نفسي فيها الا اني وجدت رفيقا قد سبقني وهرعت خلفنا زوجته التي كانت تعمل صحفية في الجريدة المركزية للحزب تناديه وتستنجد بنا، فما سمعت الا قول الرفيق لها:

ـ لك هذا ضرب صواريخ مو… روحي اختفي بمكان آخر، قبل ان يضربوننا بصاروخ.

ولم يجد لا حيدر ولا رفيقه مكانا للرفيقة الهاربة من بغداد عبر كردستان، المحطة الاولى للامان… الى الخارج …وبعدها لم يفكرا بقرارات الحزب ولا بالانتظار الممل، اليوم متاخر وغدا غير معلوم، اليوم خمر وغدا أمر، الى بيروت فورا حتى ولو زحفا على البطون، قبل الموت بصاروخ اعمى، لايعرف ضحاياه وما قدموا وما عانوا قبيل الوصول الى هنا … الى ما سمعوه من وعود المسؤولين من الاستقرار في بيروت او بمدارس حزبية في البلدان الاشتراكية، وهناك تطبيق الشعار: التفوق العلمي والعودة للوطن.

ومن طريفة الرفيقين الى نشاطاته في طهران حيث تنشط منظمة حزبية يعمل فيها اعضاء لجنة مركزية، اعتقل احدهم مرة، وخرج من الاعتقال باعجوبة، حيث كلما يتوسط له احد يموت باي سبب، ومن بينها التصفية الدموية، والرفيق الجديد ولجنته الحزبية يعرفون اللغة الفارسية ولديهم معرفة جيدة بالمدينة والعراقيين المهجرين لها من الوجبات الاولى في السبعينيات وما تلاها، خاصة الذين رتبوا اوضاعهم وكونوا انفسهم، واشتروا وعمروا لهم محالا وقصورا واسماء في عالم التجارة والسياسة والتدين مع القيادات الجديدة للثورة واحزابها، ومنهم من له علاقة بالحزب الشقيق، حزب الشعب "توده" الذي له مقرات وفعاليات شبه علنية.

وفي عاشوراء شاركنا في التعزية والمواكب، وكنت ضمن قيادة موكبنا، ولدينا الان تجمعا طيبا. وانتقل فجأة الى ان هناك مجموعات اخرى تنشط اكثر ولديها معارف وجماعات تساندها حتى بين الحرس الثوري، كما ان هناك جماعات يصلها دعم مالي من خارج ايران وتنوي تشكيل تجمعات مسلحة للمشاركة في الحرب واسقاط النظام في بغداد.

وشرح لي كيف يتحرك في السفر واطلعني على اوراق الهويات التي يحملها، والتزكيات من الاحزاب الكردية المسموح لها العمل وبناء المقرات في المناطق الحدودية، والطريف بالامر انه يتنقل بين مقرات لاحزاب كردية متناقضة الاهداف والدعم والسلاح، فالعراقية تتلقى الدعم والحظوة من السلطات الايرانية، والايرانية المعارضة لسلطاتها تتلقى الدعم والاسناد من السلطات العراقية ولديها مقراتها المتداخلة والمتقاربة فيما بينها وبين الحرس الثوري الايراني وحرس الحدود ومعسكرات الجيش الرسمي.

شددت على يديه ودعيت له بالسلامة والحياة الطيبة، فما يقوم به ليس هينا ويسيرا، ولابد له من الحذر والحيطة وتوقع كل تقلبات الاحوال والاقدار. ووعدني بان ينقل لي مرة اخرى بريدي الخاص اذا جاء باسمي، مهما كانت الامور فهو قادر على التحوط له وتدبير شؤونه رغم قسوة وصعوبة المسافات. وكانه نسي ما قاله لي سابقا بشأنه او عربون استمرار الصداقة والمعرفة القديمة.. ولسعتنا ضربات برد المساء فعدنا سوية الى الغرفة الدافئة مع باقي الرفاق واستمرار الاحاديث بالتفاصيل بعد ان سمعت موجزا قبل العشاء.

(قال صاحبي: ألا تتذكر حين سمعت قصص الرفيق حيدر ما قرأته من كتب الكتاب السوفييت عن وقائع الحرب والجنود المجهولين الذين قدموا وبذلوا اقصى غاية الجود في سبيل انتصار الشعب والوطن ضد الغزاة الالمان وكيف سجل الكتاب تلك البطولات بصفحات ما زالت عالقة في الذهن رغم مرور زمن عليها ليس قليلا، والفولاذ سقيناه، والجبهة .. هادئة هناك، وغيرها، هل ستسجل يوما مثل هذه البطولات الفردية والحميمية والنضالات الصغيرة والبسيطة في معناها والعميقة في مدلولاتها وتضحياتها في اعمال روائية مثلا؟.)



* فصل من كتاب بشت آشان.. فصيل الاعلام، صدر عن دار خطوات - دمشق



#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور عن مناضلات عراقيات
- توضيح
- رسالة الى الرفيقات النصيرات
- فرسان بشت آشان..!
- ريبازی پيشمه‌رگه‌
- -من يمضي وحيداً... ياخذ معه الاخرين-
- بشت آشان.. فصيل الاعلام


المزيد.....




- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - حروف المنفى