أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز جدة - العلمانية سلوك سوي وفطري















المزيد.....

العلمانية سلوك سوي وفطري


عزيز جدة

الحوار المتمدن-العدد: 2942 - 2010 / 3 / 12 - 14:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قدر العلمانية أنها غير مفهومة لدى المتدينين أو يراد لها سوء الفهم، فيظن عامة الناس (ممن أُخضعت عقولهم للتحكم من بعد) أنها ضد الدين ولكنها في واقع الأمر عكس ذلك خادمة للدين، إذ أنها وفي حدود القانون تعطي الفرد حريته في الاعتقاد ولا تمنعه من ذلك، ومن المهم إعادة تفسيرها لكل من أشكل عليه أمرها، فالعلمانية تطالب بفصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية (وليس الدين عن السياسة) وذلك بتنظيم العلاقة بينهما لكي لا يؤثر أحدهما على الآخر، ولا يعني ذلك أنها تطالب بإقصاء أو فصل الدين عن الحياة، والدليل وجود المعابد والأعياد الدينية والمواظبة على شعائرها في أكثر الدول تطبيقاً للعلمانية حتى أن بعض تلك الدول العلمانية أصبحت تشارك المسلمين في إقامة موائد إفطار رمزية بمناسبة شهر رمضان.
إن العلمانية سلوك سوي وفطري وقد مارسه جميع البشر بشكل أو بآخر سواء بإدراكهم أو بغيره، فالمسافرون على سبيل المثال للبلاد الغربية يلتزمون تلقائياً وبكل اقتناع باحترام قوانينهم (الوضعية) ويتعايشون مع الآخر في إطار مسالم دون فرض لآرائهم أو معتقداتهم على الآخرين، حتى المتدينين (في صورة من صور التناقض المعاش) يمارسون العلمانية ويطالبون بها خارج حدود بلدانهم، لكنهم سيعتبرونها كفراً بواحاً لو سمعوا بها في بلدانهم وأوطانهم! فهم يذهبون لمشارق الأرض ومغاربها ويسمحون لأنفسهم بالدعوة للإسلام وانتقاص الديانات الأخرى في بلاد الغير، لكنهم في بلادهم سيطبقون أقسى العقوبات بحق كل من يشتبهون أنه بشرَ لديانة أخرى أو انتقص من الإسلام ولو كان صادقاً! وتجدهم هناك يمارسون شعائرهم الدينية بحجة الليبرالية والعلمانية والديمقراطية دون اعتبار لشعور الآخرين، لكنهم في بلادهم يمنعون كل أتباع الديانات الأخرى من ذلك! وليت الأمر يتوقف عند ذلك بل تتعطل مصالح الآخرين أثناء أوقات الصلاة وتقفل في وجوههم المطاعم في شهر الصيام! تجد المتدينين يعمرون مساجد الله في أقاصي الأرض وإن مُنعوا من مجرد رفع صوت الأذان احتكموا للقضاء العلماني الوضعي لإنصافهم، وفي بلادهم يمنعون مجرد اجتماع ثلة من أتباع الديانات الأخرى لممارسة طقوسهم فما بالنا إذا فكروا ببناء كنيسة أو قرع جرس، حتى الشيعة أحد المذاهب الإسلامية مُنعوا من ممارسة شعائرهم إلا في حدود ضيقة!
نرى المتدينين المنتقدين للعلمانية يطالبون دائماً بترك الطب للطبيب والهندسة للمهندس والسياسة للساسة وصولاً إلى ترك الدين لرجاله، كم هي جميلة دعوتهم تلك إذ أنها تعدل المقولة القائلة (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، لكنهم يقولونها لا ليطبقوها بل ليمنعوا غيرهم من الخوض في أمور الدين، كما أنهم أول من يتمرد على تلك المطالبة! فأخذوا ما لقيصر وما لغيره، فتجد رجل الدين طبيباً يوهم الناس بقدرته على العلاج بالتفل على وجيههم مستغلاً جهلهم وحاجتهم! والآخر يأتي بوصفة عجيبة مكونة من حبات للتين والزيتون مستغلاً ذكرها في القرءان! أما كبيرهم فإنه يصرح بقدرته على علاج الإيدز وله سنون في إدعائه ذلك ومع ذلك لم نرى مريضاً ثابت المرض بالإيدز قد شُفي على يديه! والأدهى أن سماحته يرفض الكشف عن نوعية علاجه لكي لا يستفيد منها الغرب الكافر! (وفي الحقيقة هو يخشى أن ينكشف كذبه)، كما نجد رجال الدين أول من يخوضون في السياسة دون أن يتعلموا أدنى مبادئها أو فنونها، فيستغلوا المنابر ليعلنوا من خلالها إقامة الحروب وقطع العلاقات الدبلوماسية كلٌ على هواه وكيفما اتفق! بل ويخوضون في تحليل أحداث داخلية لبلاد بعيدة وقد يتجرءوا بإرسال الشباب لها لزرع الفتن والقلاقل فيها دون الرجوع للقيادة السياسية أو الأخذ في الاعتبار المصالح العليا للدولة، والعراق وأفغانستان كما الشيشان أمثلة بسيطة.
والمجالات لا تنتهي إذ لهم صولاتهم وجولاتهم في الاقتصاد وعلوم الاجتماع والثقافة والفلك حتى الأحوال الجوية تمرغوا فيها فالغبار سببه البعد عن الله، والسيول بسبب غضب الله! وهم بذلك أقرب لوصف الرويبضة المتدخلين في أمور العامة كما يقول الحديث، إذ لم يتركوا تخصصاً لم يتدخلوا فيه، فهم الأفهم والأجدر والأقدر! ومن كانت هذه صفاته فمن الطبيعي أن يشعر بفوقيته على الانتقاد!
إن العلمانية ليست شراً كما فهمها المتدينون، ففي البلاد المتعددة الأعراق والطوائف والأديان والمذاهب ستصبح فرضاً على الدولة لتطبيقها، وإن لم تطبقه فإن ميزان عدلها بين أبنائها سيختل لا محالة، إذ من الصعب التجانس والتناغم بيسر وسهولة بين أفراد الشعب لولا تطبيق العلمانية، فعندما تنجح أغلبية هندوسية بحكم أقلية مسلمة وعندما تنجح أغلبية مسلمة بحكم أقلية قبطية كما في الهند ومصر على التوالي فاعلم أنها تطبق العلمانية، وعندما ترى السني حقوقه مهضومة بين أغلبية شيعية كما في إيران والشيعي حقوقه مهضومة بين أغلبية سنية كما في السعودية فتيقن بتحكم الدين وغياب العلمانية، ولا أبالغ القول أنه لولا العلمانية في بعض البلدان لرأينا أنهاراً من الدماء تسيل بلا حساب أو عقاب.
إن العلمانية ليست بديلاً عن الدين بل هو نظام حكم وآلية حياة للدولة الحديثة التي تقوم على وجود المواطنين بمختلف أطيافهم لا كالدولة القديمة التي كانت تقام على الانتماء الديني، كما أنها لم تكن مستهجنة يوما ما في التاريخ الإسلامي القديم إذ يمكن اعتبار الحديث النبوي (أنتم أعلم بأمور دنياكم) دعوة صريحة لممارسة العلمانية.
وبنظرة سريعة على أكثر الدول الإسلامية تطوراً ورقياً نجدها دولاً علمانية كتركيا وماليزيا، أما أكثرها تخلفاً وفساداً فهي التي تدعي وصلاً بالإسلام والدين كجمهوريتي إيران وباكستان الإسلامية وبلادنا العزيزة، إن الفرق بين تلك الدول أن العلمانية منها لم تسمح بفرض معتقدات دينية معينة على بقية شعبها وأنها لم تحابي ديناً أو مذهباً على آخر ولو كان معتنقوه يشكلون الأغلبية من السكان، وهنا يمكن فهم سبب غضب وخوف المتدينين من تطبيق العلمانية، إذ أنها تحجم دور رجل الدين لحجمه الطبيعي وتبعد عنه الهالة المصطنعة والألقاب الرنانة والأموال الطائلة، فما هو إلا رجل متخصص في العقيدة والفقه ليس إلا، ويمكن الرجوع إليه عند الحاجة للتفاصيل والنصح والإرشاد في العقيدة والفقه لتخصصه فيما لا في غيرهما.



#عزيز_جدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيئة السياحة: للتقبيل بأعلى سعر


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز جدة - العلمانية سلوك سوي وفطري